الرئيسية ملفات ساخنة خطاب حسن نصر الله ومعادلات الحرب

خطاب حسن نصر الله ومعادلات الحرب

كتبه كتب في 3 نوفمبر 2023 - 9:57 م

فادي حمدان الصاوى  -جريدة البديل السياسي 

خطاب حسن نصر الله ومعادلات الحرب

 

في العادة، يلجأ المفلسون سياسياً إلى استخدام الشعارات والخطاب الديني والمذهبي والعرقي كوسيلة لتحقيق السلطة والبقاء فيها. لقد تعبنا من بيع الشعارات والاستفادة من القضية الفلسطينية كتجارة تخدم مصالحكم ومصالح أعداء القضية الفلسطينية. هذه التجارة قتلت الشعب الفلسطيني وقواه الوطنية الأصيلة، وقد لا يكون هذا غريباً على تنسيق بينكم والغرب. لقد تعبنا من كذبكم وضلعكم الذي اعتادناه منذ توليكم السلطة بعد سرقتكم الثورة من الثوار الوطنيين في إيران بدعم من الغرب.

في ظل سلسلة العقوبات الاقتصادية التي تفرضها الدول الغربية على إيران، ووجود قوى سياسية داخل المجتمع الإيراني تعارض النظام وتتلقى دعماً خارجياً (خصوصاً بعض الأقليات مثل البلوش والعرب والأذريين والأكراد وبقية أتباع النظام القديم …إلخ)، كل هذا لا يجعل إيران ميالة للتصعيد. فالحلفاء الكبرى لإيران (خصوصاً روسيا والصين) يتمنون استنزاف الأمريكيين في المنطقة لجعل تصرفاتهم في أوكرانيا وتايوان أسهل، لكن التقدير الإيراني لمدى استعدادهم لدعمها يختلف نظراً لتورط روسيا في أوكرانيا والتزامها الصيني الاستبدادي في سياستها الخارجية

هذا يعني أن إيران قد تكون أقرب للانخراط في المواجهة أولاً، وإذا كانت هناك حاجة للمواجهة، فلتكن عن طريق حلفائها الإقليميين مع الدعم اللوجستي والإعلامي بقدر ما تسمح به إمكانياتها، وقد يكون حزب الله في صدارة تلك المهمة. لكن امتناع إيران عن المشاركة له ثمناً باهظاً، حيث يجعل شكوكاً حقيقة في موقفها الحقيقي من المشروع الغربي الإسرائيلي في المنطقة، وهذا ما يفتح الباب لتشقق جدار بنتها في فلسطين والعراق واليمن ولبنان وسوريا، وهذا يشكل خسارة استراتيجية كبرى لإيران.

على المستوى العالمي، يشعر الغرب بشكل عام، وخاصة مع زيادة المعروض من العنف الإسرائيلي، بأن فتح المواجهة على المستوى الإقليمي سيؤدي إلى خسائر بشرية غربية (خاصة بالنسبة للأمريكان في العراق وسوريا) واضطراب في الشحن البحري (عند احتدام الوضع في مضيق باب المندب ومضيق هرمز وعلى طول البحر الأحمر) وارتفاع في أسعار النفط، ومنح روسيا فرصة للسيطرة الحصرية على أوكرانيا لفترة طويلة، بالإضافة إلى منح الصين فرصة للتدخل في الشأن التايواني في ظل تمددها الزائد وفق تعبير بول كينيدي. لا بد لي كقائد لحزب الله أن أضع في اعتباري أن الأداء الفلسطيني المقاوم يعد أداءً رائعًا جدًا، ولكن النزيف الداخلي وإغلاق طرق الإمداد العسكري وضغوط الحرب الإعلامية الكثيفة لا تسمح للحزب بالانتظار براحة

فإذن، أين الوسط في كل هذا؟ إنها عندما يطرح السيد نصرالله في خطابه اليومشروطًاتستقطب المجتمع الدولي الرسمي والشعبي والمجتمع العربي والمقاومة في غزة وسكانها. فهذه الشروط تظهر نزعة السلام الظاهرة فيها وتستخدم تبريرًا للمشاركة في المعركة. ومن بين هذه الشروط، تبرز وقف إطلاق النار والسماح بفتح المعابر بشكل كامل وقد يتم طرح حل سياسي للمشروع الفلسطيني الكياني بمواصفات غامضة وقابلة للتفسير. وإلا فلنشهد الحرب. لكن ما هي مقدمات هذه الحرب إذا لم تجد آذانًا استيعابية لشروطها؟ لا أعتقد أن استهداف حزب الله لمواقع المراقبة والاستطلاع الإسرائيلية بشكل متكرر منذ 7 أكتوبر كانت مجرددعايةسياسية لمواجهة نداءات النجدة من جانب باقي محوره، بل قد تكون تسهيلًا لحركتهم، لكن إلى أين؟ أعتقد أن هدف تحرير مزارع شبعا – أو منطقة أكبر أو أصغر من المناطق اللبنانية المحتلة – يمثل نقطة جاذبية مهمة لحزب الله إذا قرر المشاركة للأسباب التالية

لمواجهة الأوضاع الداخلية في لبنان، استغلت الفرصة لتحرير الأراضي اللبنانية. لم يكن هدفي النخوة والشهامة ، بل كان هدفي تحرير الأراضي التي تم احتلالها لعقود طويلة. لذا ليس لي علاقة بلبنان. محاولة الدخول إلى مزارع شبعا ستضعف مقاومة الجيش اللبناني وقد تجبره على المشاركة إما رمزياً أو فعلياً. وبغض النظر عن مستوى تدخله ، فإن ذلك سيمنح الحزب الشرعية لأعماله. استغلال دخول مزارع شبعا ، حتى في حالة الفشل ، سيعفي الحزب من أي اتهامات بالتقصير في دعم المقاومة. بعد الخطاب ، لا شك أن ما يأتي بعده يعتمد على ما قبله. لكل بديل في قرارات حزب الله تبعاته ، إذا استمرت القرارات في الحفاظ على مستوى التدخل الحالي ، ستخيب آمال قاعدة عريضة وتفتح المجال للتشويه. وإذا واجه الموقف وفقًا لمبدأالشهامةفقط ، قد يفقد ظهره. لذا سيتجه نحو المواجهة بعد تحديد الشروط التي تروق لجميع الأطراف ، بما في ذلك شركاء الحزب في المحور. أما خيار البجعة السوداء ، فهو أصعب من العثور عليه في وقت قصير ومع معلومات غامضة وفي إقليم لا يعرف الحركة المنظمة منذ قرون

 فادي حمدان الصاوى 
كاتب وصحفي فلسطيني مقيم في لندن

تعليقات الزوار ( 0 )

أضف تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية) .