الرئيسية كتاب وآراء شهادة في حق الشاعر العربي السوري صديقي حسان عزت .. بقلم: خالد بوزيان موساوي/ ناقد مغربي.

شهادة في حق الشاعر العربي السوري صديقي حسان عزت .. بقلم: خالد بوزيان موساوي/ ناقد مغربي.

كتبه كتب في 8 مايو 2024 - 2:20 ص

بقلم: خالد بوزيان موساوي/ ناقد مغربي.- جريدة البديل السياسي 

شهادة في حق الشاعر العربي السوري صديقي حسان عزت

 

تعرفت إلى الشاعر والمفكر والاعلامي السوري القاطن بدولة الإمارات العربية المتحدة عبر الفضاء الأزرق منذ أكثر من خمس سنوات ؛ وسرعان ما تحولت هذه المعرفة الافتراضية إلى صداقة حقيقية متينة أفتخر بها.

قرأت له الكثير من النصوص الشعرية، ومقالات الرأي، والتأملات عبر صفحته الفيسبوكية، لكن ما استوقفني كقارئ وكناقد في بدايات تعارفنا إلى حدّ (الدهشة) وما يفوق، قصيدته الطويلة “نقار الخشب” (التي) أطلقتُ عليها اسم ملحمة “الأوديسا الجديدة”. نص استأثر بكلّ اهتمامي حتى خصصت له قراءة بآليات نقدية منهجية حديثة أخذت منّي أكثر من أسبوع تحت عنوان: ماهيّة الكتابة كتمايز في الوجود الوجداني ـ مقاربة أسلوبية و دلالية ـ نص ـ ترنيمة نقار الخشب ـ نموذجا.

. وقد جاء في مقدمتها:” مشروع هذه القراءة ينتمي للدراسات التي تقوم بتحليل نصوص بأكملها، و أغلبها طويل (نص “ترنيمة نقار الخشب” نموذجا ـ أكثر من عشر صفحات من الحجم المتوسط ـ). و هو ما يترك فجوات في تحليل النص المفرد، ويكون التكثيف، كما يشير إلى ذلك الناقد المغربي محمد بنيس، وحده مشيراً لاستحالة ملء الفجوات و سدّ الثغرات… و رهان هذه القراءة هو أن نستهدف استقصاء و مساءلة عناصر نصية و خارج نصية تستحوذ على البنية المشتركة في التجربة الشعرية لحسان عزت بانتقالنا من الخصوصية المفردة التي يتكفّل بها النص الواحد على حدة إلى مشترك سؤال الكتابة الشعرية في باقي نماذج نصوص حسان عزت…”

لكنّني لما هممت لترجمة نصه “القطار” إلى الفرنسية (41 سطرا ـ شعر حديث) وبتوافق مسبق مع الشاعر حسان عزت، ورغم تخصصي في الترجمة الأدبية، رفعت الراية البيضاء عالياً مستسلما منهزما لثلاثة أسباب:

1 ـ الانزياحات اللغوية والبلاغية في النص لا يوجد لها مقابل في اللغة والثقافة الفرنسيتين.

2 ـ عجز إيقاعات الجملة الفرنسية على مجارات الإيقاعات الموسيقية العربية/ السورية في نص “القطار”.

3 ـ النص الأصلي بالعربية مفتوح على تعدد القراءات والتأويلات كما في حالة توالد مستمر للمعاني والدلالات مع كل قراءة؛ وبالتالي يصعب على النص المترجم أن يؤدي نفس الوظيفة؛ يبقى مجرد قراءة من بين أخريات.

يذكرني الشاعر حسان عزت من خلال شعره في منفاه بِ “الأمير الضّليل” ليس مقارنة بامرئ القيس (إنسانا وشاعرا)، بل بذاك الشاعر والمثقف والمفكر البوهيمي ، والحكيم، والمتمرد، والخجول، والمندفع… حسان الفارس/ حسان الطفل ـ حسان الإنسان/ حسان الشاعر… شاعر فقد إمارة الشام فهام داخل منفاه بين( الغربة) والاغتراب في عشقها ومناجاتها والحنين إليها عبر محطات من الذاكرة والخيال والحلم والكابوس والحاضر بكل تمظهراته …

في ديوانه الأخير “سباعية خلق” نستمتع بإيقاعات بعيدة عن أوزان (الفراهيدي) ، وحتى عن المتداول من الإيقاعات التي روج لها نزار قباني ومحمود درويش وغيرهما… شعر حسان عزت يقرأ سِرّاً للغوص في عوالم تشكيل البُنى الدالة (بمفهوم لوسيان غولدمان)، ويُقرأ جهراً بصوت حسان لأنه وحده يستطيع ترتيله كما أناشيد وترانيم تسكنها أوزان الموروث الغنائي الشعبي السوري ك “النايل”، و”العتابا”، و”السويحلي”، و”الميجانا”، و”السبعاوي” وغيرها، مع دمجها مع التراتيل الصوفية العريقة؛ لذا لما نستمع للشاعر حسان عزت يقرأ نصوصه لا نعرف إن كان يقرأ أو يغني أو يرتّل أو ينشد… إن كان يبكي، أو كان يضحك سخرية من زمن يوجد فيه عن طريق الخطأ…

المقامات الموسيقية في النصوص الشعرية لحسان عزت هي “علامات” (بالمعنى السيميولوجي) توحي ولا تصرّح، مثلها مثل كل الذكريات من الماضي أو من الحاضر القريب التي يسردها شعرا على شكل “ومضات” فتلتقي النبرة الصوتية،مع المشهد البانورامي/ الدرامي، مع اللوحة التشكيلة ليشكِّل الكل صورا شعرية متفردة… وكأننا في عوالم الروائي الفرنسي مارسيل بروست في مجموعته الروائية “البحث عن الزمن الضائع”( يتكرر) عبر تقنية “الومضات” ما يربط لوحة فنية، مع نغمات سوناتا على البيانو، مع أحداث ما من الماضي البعيد أو القريب. وكأن كل نص يكتبه حسان عزت هو في حد ذاته “حفر في المعرفة” (بتعبير ميشال فوكو)، وفي نفس الوقت “رؤية للعالم” (بتعبير لوسيان غولدمان…

وتتناغم كل نصوص الشاعر حسان عزت مع مشروعه الذي انخرط فيه كتاب وشعراء ونقاد وفنانون من الوطن العربي ومن خارجه؛ مشروع “حركة الشعر الثالثة”… وسنعود إلى هذا المشروع في كتابات مقبلة… وخيرما يمكن أن نختتم به هذه الشهادة في حق الرائع والشهم والشاعر والانسان الصديق حسان عزت ما خطه نفسه بيده؛ يقول:

“حيث يكون الشعر

حيث يكون الشعر أكون

وان لم يكن.. وكنت صدفة لا اكون

اقصد الذوق.. الحنية.. اللطف.. التحضر اللمة..خطف الروح والجمال

قالوا انت كائن شعري

قلت انساني حضاري بجمال

فالحضارة لولا ذلك ماكان لها ان تكون الا حيوانية

الكلَمة وجود والكلمة الموسيقا والفن حضارة

والحضارة موقف عز وعطاء

ودفاع عن الإنسان وامنا الارض وغير ذلك لانكون ولا نكون

تعليقات الزوار ( 0 )

أضف تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية) .