الرئيسية دين و دنيا مهنة المحاماة.. حلال أم حرام……؟

مهنة المحاماة.. حلال أم حرام……؟

كتبه كتب في 14 أبريل 2024 - 5:21 م

   الداعية د. راشد العليمي -جريدة البديل السياسي / متابعة 

العليمي: قد يكون الرجل عليه الحق وهو ألحن بالحجج من صاحب الحق فيسحر القوم ببيانه فيذهب بالحق إليهعلى المحامي أن يسعى إلى رضا الله قبل رضا الناس بتحري الحق والتمسك بهليحذر من استخدام عبارات التدليس والتزوير والتفنن في الكذبهناك من يجعل من مهنته قنطرة لبلوغ المحرمات وقضاء الشهوات

هل العمل في المحاماة حرام أم حلال؟ وهل المشكلة في الانسان الذي يمارس المهنة هل يذهب الى الحلال أم الحرام، وهل فقدان ضمائر بعض المحامين في الدفاع عن الحقوق لطمس الحقوق واهدارها لدى الكثيرين جعل طريق المحاماة محفوفا بالمخاطر مع أن المحاماة مثل أي عمل يوجد فيه الحلال والحرام، هذا ما يوضحه لنا الداعية د. راشد العليمي.

ماذا تقول عن عمل المحامي؟

٭ حين يأتي إلى اذهاننا وصف «المحامي» يتبادر الى انفسنا ذاك الانسان الذي نصب نفسه حاميا ومدافعا عن حقوق الناس، والمتكلم لهم في سبيل رفع الظلم عنهم، والساعي الى انصافهم والقائم انابة عنهم في البيان لان هناك من الناس من يخونه التعبير، ويرتج لسانه عن بيان الشهادة الواضحة لحقوقه المقنعة للقاضي، لذا يستعين الكثير من الناس برأي ولسان المحامي ليكون في صفه في الانصاف وارجاع الامور الى اصحابها، والغالب ان يكون كلامه مؤثرا فعن ابن عمر قال: «جاء رجلان من المشرق فخطبا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «ان من البيان لسحرا» رواه البخاري، ومعنى قوله: ان من البيان لسحرا أي ان الرجل يكون عليه الحق وهو ألحن بالحجج من صاحب الحق فيسحر القوم ببيانه فيذهب بالحق اليه.

ما الواجب على من يمتهن مهنة المحاماة؟

٭ على المحامي ان يسعى الى رضا الله قبل رضا الناس، لهذا واجب عليه تحري الحق والتمسك به ونبذ الباطل ولو كان عليه وعلى موكله، هذا لو كان بالتقاضي عن الناس او عن مصالح الدولة، جاء في الحديث الشريف ان النبي صلى الله عليه وسلم قال: «القضاة ثلاثة، قاضيان في النار وقاض في الجنة، رجل قضى بغير الحق فعلم ذاك فذاك في النار، وقاض لا يعلم فأهلك حقوق الناس فهو في النار، وقاض قضى بالحق فذلك في الجنة»، رواه الترمذي، ونحن نعلم ان المحامي له مثل منزلة القاضي من جهة الحكم على موكله بأنه مظلوم، وعلى الخصم بأنه ظالم، فعليه ان يتقي الله حين يترافع عن موكله، ويشهد له بانه مظلوم وصاحب حق، ويسعى الى صياغة المذكرات القانونية وتلمس الثغرات في صحيفة الخصم نصرة لقضية موكله، فهذا له مثل حكم القاضي الذي اوضحه لنا النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: «قاضيان في النار وقاض في الجنة» فليختر أي صنف هو من أولئك الثلاثة.

محاذير

وما المحاذير؟

٭ على المحامي أن يحذر من أن يقوده زخرف القول الى التطاول والافتراء بالجور في الحكم في سبيل جني المال والأتعاب، ولهذا نسمع من يشهد زورا وظلما لموكله بان الحق له فيفتري على الخصم بانه ظالم وآكل لحقوق الناس في صحيفــة الدعوى من غير دليل، فعليه ان جاءتـه مثــل هـذه القضايــا ألا يفرح بما كسـب من مــال، لان هذا المــال سيكون نقمة عليه لا نعمة له، فعن ام سلمة رضي الله عنها ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قـال: «انكــم تختصمــون الي، ولعل بعضكم ألحن بحجته من بعض، فمن قضيت له بحق أخيه شيئـا بقوله فانما اقطـع له قطعة من النار فلا يأخذها» رواه البخاري.

وليحذر المحامي من قضية الكذب حين يترافع عن موكله باستخــدام عبــارات التدليس والتزوير، ومع تقــادم الوقت واحترافـه هذه المهنة نجده اصبح متقنا للكذب في مهنته وترافعه عن الناس وهذا الصنف من النـاس له وعيــد شديــد من النبي صلى الله عليه وسلم، فعـن عبدالله رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ان الصدق يهدي الى البر، وإن البر يهدي الى الجنة، وان الرجل ليصدق حتى يكون صديقا وان الكذب يهدي الى الفجور، وان الفجور يهدي الى النار، وان الرجل ليكذب حتى يكتب عند الله كذابا» رواه البخاري.

وعلى المحامي ألا يكون فرحا وحريصا على تفاقم واستمرار المشاكل والخصومات بين الناس، وعلى وجه الخصوص بين الازواج، فيكون معلما للمتخاصمين سبل دمار الاسرة بكيفية رفع القضايا على الطرف الاخر، والواجب عليه ان يصلح ويأمر بالمعروف وان استمر الأمر على الشقــاق والنفــرة بين الزوجين فعليـه ان يكون باذلا للجهد في الوصول للحق باعتدال وانصاف، قال تعالى: (لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس ومن يفعل ذلك ابتغــاء مرضاة الله فسوف نؤتيه أجرا عظيما.. سورة النساء 114).

غضب الرب

وما الذي يجلب على المحامي غضب الله وسخطه؟

٭ نسمع عن ذاك المحامي الذي جعل مهنته قنطرة الى بلوغ المحرمات وقضاء الشهوات في سبل كثيرة منها انه يتعمد تأخير النظر في القضية وعرضها على القاضي في سبيل اخذ الاموال او انه يبتز من اموال الناس لعلمه بأسرارهم الخاصة، او يتقاضى امواله من خلال الحرام فلا يأخذ اتعابا لكنه يأخذ الحرام والفاحشة من تلك المرأة الشاكية، وهناك من يحث بعض الشهود على قول الزور او يملي على موكله الأقوال الباطلة الكاذبة ليؤثر على مجريات القضية، كل ذلك في سبيل المال الباطل الذي هو سحت، او في سبيل الشهرة التي تعلي من ذكره بين الناس لكنها تحط من قدره ومكانته عند الله سبحانه.

ما نصيحتك للعاملين بالمحاماة؟

٭ اقول: المحامي له مهنة كريمة شريفة، ينبغي عليه ان يسأل الله سبحانه دائما ان يجعل على يديه وفي لسانه قول الحق والانصاف، ووضع الحق في موضعه، واعطائه لمستحقه وعليه ألا ينبهر ببريق المال الحرام، فيتطاول الى الحرام وبعد ذلك يغفل عن قضية مهمة وهي طلب الرضا من الله وليتذكر هذه المقولة اخرج الترمذي بسنده: كتب معاوية رضي الله عنه الى عائشـة أم المؤمنين رضي الله عنهــا: ان اكتبي الي كتابا توصيني فيه ولا تكثري علي، فكتبت عائشة رضي الله عنها الى معاوية رضي الله عنه: سلام عليك، اما بعد فاني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من أرضى الله بسخط الناس كفاه الله الناس، ومن اسخط الله برضا الناس وكله الله الى الناس».

فالمحاماة سبيل الى نصــرة الحـق، وكسـب للمـال بما يرضي الله، وليس دربا الى الانغماس في الباطل، وحب الظهور، والتعالي على الناس ونشر الكذب، ومن ثم اكل المال بالباطل وسعي الى نشر الرذيلة باعانة أهل الفساد والاجرام باعانتهم على باطلهم عن طريق نصرتهم في المحكمة.

حكم الإسلام في المحاماة

يقول العلامة ابن باز – رحمه الله – في حكم الإسلام في المحاماة : المحامين والمحاماة لها خطر عظيم، وهي وكالة في المخاصمة عن الشخص الموكل، فإن كان الوكيل وهو المحامي يتحرى ويطلب الحق ويحرص على إيصال الحق إلى مستحقه ولا يحمله كونه محاميا على نصر الظالم وعلى التلبيس على الحكام والقضاة ونحوهم فإنه لا حرج عليه، لأنه وكيل، أما إذا كانت المحاماة تجره إلى نصرة الظالم وإعانته على المظلوم أو على تلبيس الدعوى أو على طلب شهود الزور أو ما أشبه ذلك من الباطل فهي محرمة وصاحبها داخل في عداد المعينين على الإثم والعدوان، وقد صح عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أنه قال: «انصر أخاك ظالما أو مظلوما».

قالوا: يا رسول الله! نصرته مظلوما فيكف أنصره ظالما؟ قال: «تجزه عن الظلم» يعني تمنعه من الظلم «فذلك نصرك إياه»، فهذا هو نصر الظالم أن يمنع من الظلم وألا يعان على الظلم، فإذا كان المحامي يعينه على الظلم فهو شريك له في الإثم وعمله منكر وهو متعرض لغضب الله وعقابه، نسأل الله العافية، وهكذا كل وكيل وإن لم يسم محاميا ولو سمي وكيلا إذا كان يعين موكله على الظلم والعدوان وعلى أخذ حق الناس بالباطل فهو شريك له في الإثم وهو ظالم مثل صاحبه، نسأل الله للجميع العافية والهداية والسلامة.

يقول مقدم البرنامج: كأني بسماحة الشيخ ينصح بعدم الاشتغال بهذه المهنة؟ نعم، أنصح بعدم الاشتغال بها إلا لمن وثق من نفسه بأنه يتحرى الشرع ويعين على تحقيق الشرع وينصر المظلوم ولا يعين الظالم، أما إذا كانت نفسه تميل إلى أخذ المال بحق وبغير حق وإلى مناصرة من وكله وجعله محاميا عنه هذا لا يجوز له، بل يجب الحذر.

شرع الله

هل مهنة المحاماة حلال وأجر العمل منها حلال أم حرام؟

٭ يرى الشيخ عبدالرحمن السحيم انه إذا كان المحامي يتحاكم إلى القانون فلا يجوز العمل في المحاماة فإن رضي بالتحاكم الى غير شرع الله فقد كفر بالله، وإذا كان المحامي يدافع عن المجرمين أو المفسدين فهو شريك لهم في الإثم ولا يجوز أن يدافع عنهم مع علمه بجرائمهم، وإذا كان عمله في المحاماة سيدفعه الى كثرة الحلف بالله كذبا فهذا جرم آخر فلا يجوز الإكثار من الحلف بالله وإن كان الإنسان صادقا فكيف إذا حلف كاذبا؟ ثم انه إذا حلف على مال مسلم فاقتطعه أو أخذ لموكله مال امرئ مسلم بغير حق فإنه شريك لموكله في الإثم وعليه مثل وزر موكله، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من حلف على يمين وهو فيها فاجر ليقتطع بها مال امرئ مسلم لقي الله وهو عليه غضبان» رواه البخاري.

وقال صلى الله عليه وسلم: «إنكم تختصمون إلي ولعل بعضكم ألحن بحجته من بعض، فمن قضيت له بحق أخيه شيئا بقوله فإنما أقطع له قطعة من النار فلا يأخذها». رواه البخاري.

 

تعليقات الزوار ( 0 )

أضف تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية) .