السرديات الدعوية الموجهة إلى الاطفال…. الاستاذ عبد المجيد طعام

عبد المجيد طعام – جريدة البديل السياسي 

السرديات الدعوية الموجهة إلى الاطفال

حكاية الذبابة الملحدة والكتكوت المؤمن

اغتيال العقل في المهد

على الأثير في برنامج ديني، حذر المشرف على البرنامج الأطفال من خطر الإلحاد ،ودعا إلى ضرورة تجنبه في الكبر ،كما اهتم بغرس الايمان في نفوسهم .. لتمرير هذه الرسالة الدينية اختار سردية صنع لها أبطالها واختارهم من عالم الحشرات والحيوانات …في سرديته هذه أعطى البطولة لذبابة ملحدة… نعم ذبابة ملحدة .!!

كانت هذه الذبابة الملحدة لا تهتم بأي شيء .. كانت متكبرة متجبرة ،متعجرفة … كان طنينها يعبر عن عدم إيمانها بالله … لكن في يوم ما وبينما هي على زجاج نافذة اصطادت بعوضتين أكلتهما .. لم يخبرنا صاحب السردية عن البعوضتين ، لا نعرف هل كانتا مؤمنتين أم ملحدتين … لم يخبرنا ولكن نرجح أنهما ملحدتان أيضا .. شبعت الذبابة الملحدة بعد التهامها البعوضتين الملحدتين ،ثم طارت وملأت الدنيا بطنينها المزعج … في نفس الوقت وبالقرب من الذبابة الملحدة كانت تستقر بيضة بطة ، فجأة بدأت تهتز لأن الكتكوت بداخلها شرع في نقر غلاف البيضة من أجل الخروج إلى الدنيا …

استطاع الكتكوت أن يكسر أعلى قشرة البيضة ،وأخرج رأسه ليرى الوجود ، في تلك اللحظة مرت الذبابة الملحدة أمامه، فأطبق عليها بمنقاره الصغير ،وقبل أن يغلقه بقوة قالت الذبابة الملحدة :” عفوك يا ربي إني أومن بك ”

ابتلع الكتكوت الذبابة التي لم تمت ملحدة ، وإنما آمنت في لحظاتها الأخيرة وهكذا لم تمت كافرة … لكن لا أحد يعلم هل ستدخل الجنة أم لا ؟

هذه القصة فعلا أذيعت عبر الأثير وهي موجهة إلى الأطفال من أجل أن تربيهم على قيم الدين .. تهدف إلى أن تغرس فيهم الإيمان وتجنبهم السقوط في الإلحاد …

القصة تطرح إشكالات كثيرة تدفع إلى مناقشة المنهج التربوي الذي يعتمده بعض الدعاة ، منهج يتعمد إقصاء العقل في الفرد منذ الطفولة، كل ما قدمه صاحب البرنامج لا يستقيم على منطق ويناقض الحقيقة العلمية ، ويعطل الخيال القصصي، ويخلق في الطفل تناقضات رهيبة ،تجعل منه كائنا ستاتيكيا غير قادر على التفكير والتحليل والنقد ، بل تجعل منه فردا يقبل التفاهة على أنها هي الحقيقة، خاصة وأن صاحب هذه السردية التافهة يمرر أخطاء على أنها حقائق … الذباب لا يأكل الباعوض … الذباب يفرز سائلا يصبه على المواد الصلبة لتذوب ثم يمتصها … الذباب لا يصطاد لا الباعوض ولا النمل ،قد يصطاد العقول المعطلة وهذا ما وقع مع صاحب هذه السردية .. لقد تحول المربي إلى ذبابة دعوية ،امتص مخ الاطفال وعطل ملكة التفكير لديهم وأصبح يوجهم ليعتمدوا الخرافة كأداة للتعامل مع الواقع