الرئيسية ضيف البديل ما هي الفلسفة؟…….إعداد عبد المجيد طعام

ما هي الفلسفة؟…….إعداد عبد المجيد طعام

كتبه كتب في 10 أبريل 2024 - 4:22 ص

جريدة البديل السياسي 

ما هي الفلسفة؟

إعداد عبد المجيد طعام

لو طرحنا السؤال على الفيلسوف، قد نتيه وسط يم من التعريفات والإشكالات دون أن نحصل على جواب واضح، ومع ذلك يمكن أن نجد في بعض التعاريف المختصرة ما يشفي ظمأنا لمعرفة ماهية الفلسفة ، يمكن أن نستعين مثلا بما قاله جيل ديلوز وفيليكس جواتاري في كتابهما ما هي الفلسفة؟، منشورات دو مينوي، 1991 يقول المؤلفان إن الفلسفة هي “نشاط ابتكار المفاهيم” لماذا هذا التعريف؟ تعد المفاهيم أساس الفلسفة والمادة التي تشتغل بها ، لا يمكن إخضاع المفاهيم بمقياس الصحة أو الخطأ، نعرف فقط أمها ضرورية للتفكير، هذا تعريف ممكن، لكن هذه الإجابة بعيدة كل البعد عن أن يتفق عليها الجميع ، لذا سنقترب من تعاريف أخرى ، من خلال مفكرين درسوا تاريخ الفلسفة ، وحاولوا أن يحددوا إجابات عن السؤال : ما هي الفلسفة ؟

بيير هادوت، اهتم كثيرا بالفلسفة ، هادوت فيلسوف فرنسي وُلِد في 21 فبراير 1922 وتوفي في 24 أبريل 2010 معروف بأعماله في دراسة الفلسفة القديمة، صاحب مفهوم “الفلسفة ،نمط حياة” لوصف الفكر الفلسفي في العصور القديمة، اعتبر أن الفلاسفة القدماء كانوا يسعون للحصول على الحكمة وتحقيق الاتحاد مع الحقيقة ، من خلال التدريب الفلسفي والممارسة الروحية، بالإضافة إلى الدراسة النظرية. يرى بيير هادوت أن الفلسفة القديمة بالنسبة للإغريق والرومان كانت تختلف في مفهومها مع تصوراتنا الحالية ، كانت تعتبر في المقام الأول فنًا للعيش. كان الفيلسوف “حكيمًا”، يُعرف بلحيته، وارتدائه للثوب خاص، ويعبر عن رغبته في حياة تمثل مثالًا من الفضيلة التي تليق بالإنسانية، كانت هذه “الحياة الجيدة” التي يختارها الفيلسوف ، تتضمن الدراسة والتمارين الروحية المصممة خصيصا لبناء جمالية النفس . رغم تصوير الفيلسوف كشخصية “قديس مدني”، وخبير في فن العيش، إلا أن بيير هادوت أهمل جانبًا آخر من الفلسفة ، هو السعي الى المعرفة ، لأن الفيلسوف في العصور القديمة، كان ينعت أيضًا بسيد الحقيقة ، نتيجة حرصه على امتلاك المعرفة الأكثر سموا، إضافة إلى معرفة فن العيش كان الفلاسفة يمارسون الميتافيزيقا، وهي نوع من الرياضة العقلية ، تقوم على التفكير في أسس كل الأشياء: الكائن، الزمان، العدم، الروح، السببية، أو الحركة ….. لتحقيق هذه الدرجة العالية من المعرفة، كانوا يرون ضرورة إتقان الرياضيات ، كتب على مدخل أكاديمية أفلاطون : “لا يجوز لأحد أن يدخل هنا إلا إذا كان جيومتريًا) هندسيا أو مهندسا ( “،إضافة إلى الرياضيات على الفيلسوف أن يمارس علم الفلك، والطب، والعلوم الطبيعية، كان الفيلسوف مهتمًا أيضًا بشؤون البشر، كان عليه أن يكون عارفًا بالبلاغة لمناقشة العدل والظلم، كان يدرس العواطف، كان يسعى لفهم كيفية عمل العقل ، كما كان يقارن أنظمة الحكم لمعرفة الأفضل إلخ. في تلك الحقبة، كانت الفلسفة تضمُّ ليس فقط ما نعرفه اليوم بعلوم الطبيعة ، بل كل ما نطلق عليه اليوم اسم العلوم الإنسانية، بمعنى آخر، كان الفيلسوف نوعًا من المفكر الموسوعي ، يمارس المنطق والهندسة والبلاغة ، بالإضافة إلى علم النفس وعلم السياسة .

بحكم تمركز كل هذه المعارف في الفيلسوف ، يمكن أن نفهم لماذا كان يشعر بأنه أفضل من الناس العاديين والمتخصصين في نوع معين كالطب، أو الهندسًة، أو النجارة أو الفلاحة … الأخ بالنسبة لأفلاطون، كان الفيلسوف هو الشخص الوحيد الذي يمكنه الوصول إلى سماء الأفكار الصافية ، وهذا ما يؤهله ليكون أستاذًا ، ليس بمعنى المعلم فقط ، وإنما بمعنى السيد في الفكر، يسعى لجمع التلاميذ حوله ، وتأسيس مدرسة باسمه، في هذا السياق، يكون الفيلسوف أيضًا مرشدًا روحيًا، لهذا عرَّف سيسيرو الفلسفة بأنها “الطب الحقيقي للروح”.

تعليقات الزوار ( 0 )

أضف تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية) .