أخبار عاجلة

الرئيسية ضيف البديل عبد المجيد طعام: أسطورة الخلق الإغريقية ( 1 )

عبد المجيد طعام: أسطورة الخلق الإغريقية ( 1 )

كتبه كتب في 28 مارس 2024 - 12:29 ص

الاستاذ طعام عبد المجيد – جريدة البديل السياسي 

في البداية كانت الفوضى LE CHAOS، فراغ فارغ. ثم أنجبت غايا، الأرض، وتارتاروس منطقة الجحيم تحت الأرض، وإيروس إله الحب والجاذبية.
توحد إريبوس، ظلام العالم السفلي مع  الليل، ظلام الأرض ، فأنجبا النور السماوي، والنهار النور الأرضي.

وفي وقت لاحق، أنجب الليل القضاء والمصير والموت والنوم والأحلام ،وقائمة طويلة من الفظائع التي أصبحت تقظ مضاجع  الناس في الليل والنهار. كما أنجبت غايا بمفردها أورانوس، النجوم، والجبال،والبحر العقيم. وفقًا للأسطورة، كان أورانوس وغايا من الأجناس الإلهية الأولى. وكانا يمثلان القوى الأولية في الكون،كانت تربطهما علاقة زواج أنجبا على إثرها العديد من الآلهة والكائنات الأخرى كما أنجبا العمالقة ، ومنهم الكيكلوبس والسنطور والسيكلوبس والهيدرا ، وأنجبا أيضا العمالقة الأربعة والخمسين (التيتانز) ومن بين التيتانز الأكثر شهرة: كرونوس (الذي أطاح بأبيه أورانوس)، وأوكيانوس (إله البحار)، وثيا (زوجة كرونوس)، وبروميثيوس (خالق البشر وسارق النار).
كان أورانوس زوجًا وأبًا قاسيًا، كانت تربطه بالسيكلوب علاقة كراهية ،والسكلوب (Cyclops) في الأساطير اليونانية،  كائنً ضخمً متوحشً، له عينً واحدة كبيرة في وسط جبينه.  وفقًا للأسطورة، كان أورانوس يخشى قوة السيكلوب، فقام بسجنهم في الجوف العميق للأرض، كما سج باقي أبنائه في بطن زوجته غايا. بدأت غايا تفكر في الانتقام من زوجها أورانوس ، لجأت إلى ابنها كرونوس الذي نجا من بطش ابيه ، وطلبت منه مساعدتها على قتل أبيه  .


اعتق كرونوس السيكلوبس وساعدهم على الهروب من السجن ، ليكون معهم حلفا قويا هدف محاربة أورانوس والقضاء عليه ، وإزاحته عن عرش الألوهية . لتنفيذ خطة التخلص من أورانوس ،صنعت  غايا فأسا حادة وطلبت من أبنائها التياتانز أو الجبابرة والسيكلون قتل أبيهم  ، لكنهم خافوا من بطش والدهم ورفضوا أن يساعدوا أمهم ، لكن كرونوس أصغر التايتانز سنا واشجعهم ، أفصح لإمه غايا بأنه على استعداد لاغتيال أبيه أورانوس.
ليلة تنفيذ الاغتيال / الانتقام ، دخل أورانوس إلى غرفته طلبا للسكون والراحة ، بينما كان كرونوس مختبئا يتحين فرصة الانقضاض على والده. حينما حانت الفرصة استغل استغراق أبيه في النوم ، فأمسك بأعضائه التناسلية وقطعها بفأس أمه، ثم رمى بها في البحر، ومن الرغوة التي أحدثتها خلقت أفروديت، إلهة الحب الجميلة ،.بعد أن تم نشويه أورانوس انسحب من الساحة إلى الأبد ، وهو يتوعد كرونوس والتايتانز بانتقام شديد.


وطد كرونوس حكمه ثم تزوج شقيقته ريا، فحملت منه ، وأنجبت معها العديد من الآلهة زيوس (ملك الآلهة)، هيرا (زوجة زيوس)، بوزيدون (إله البحار)، هادس (إله العالم السفلي)، ديميتري (إلهة الزراعة والحصاد)، هيفايستوس (إله النار والحدادة)، أبولو (إله الشمس والفنون)، وآرتيميس (إلهة القمر والصيد  ، لكنه أبعدهم عنه مخافة أن تتحقق نبوءة إزاحته من السلطة من طرف أحد أبنائه ،بلع كل أولاده ليوقف النبوءة  ويتقي شرهم .

غضبت ريا من كرونوس غضبا شديدا، وبذلت جهدا كبيرا لإنقاذ طفلها السادس زيوس ، أخفته على كرونوس ،وقدمت له  حجرًا ملفوفًا في ملابس رضاعة ، فابتلعه معتقدا أنه تخلص من آخر أولاده.
أبعدت ريا زيوس عن ابيه ، وأخفته وسط الطبيعة ووضعته تحت رعاية النيمفات les nymphes ، وهي كائنات خرافية في الأساطير والتراث الشعبي، وتعتبر من أنواع الكائنات الروحية ، في العديد من الثقافات يعتقد أن النيمفات هي روحانيات الطبيعة، وتتألف عادةً من الأشجار والينابيع ،والبحيرات والغابات، والجبال وغيرها من العناصر الطبيعية.

 

وفقًا للأساطير، تعتبر النيمفات حارسات ومحافظات على الطبيعة، ويتم تصويرها عادةً ككائنات جميلة ورقيقة. تختلف تصورات النيمفات من ثقافة إلى أخرى،في بعض الأساطير الإغريقية، تعتبر النيمفات آلهات صغيرة تأخذ صورة الأشجار والينابيع.
نشأ زيوس في كريت تحت رعاية النيمفات ، لما كبر انشغل بالتفكير في الانتقام من أبيه ،وإسقاطه من عرش الألوهية ،فطلب المشورة  من التايتانز ميتس لعله يمنحه النصيحة لينتصر على ابيه كرونوس.
التاينانز LE TITAN ميتس ، هو الشريك الأول لزيوس ، وأحد الآلهة القديمة في الأساطير الإغريقية ، وهو إله الحكمة والمشورة والمكائد الذكية والذكاء الحاذق . دبر ميتس خطة لإخراج إخوة زيوس من بطن كرونوس، أعد مشروبًا مسهلًا، وطلب من زيوس أن يتنكر في صورة خادم ويقدمه له ، شرب كرونوس المشروب ، فتقيأ إخوته وأخواته التي كان قد ابتلعهم بعد ولادتهم مباشرة ، كما تقيأ الحجر الذي أعطته ريا له.

لم تصب الآلهة الصغيرة  بأي أذى ، كانت كلها على قيد الحياة، فتحالفت مع زيوس ضد أبيهم ، نشبت الحرب بينهم ودارت معارك كثيرة  ،انتهت بانتصار حلف زيوس وإلقاء القبض على كرونوس ، وحبسه في تارتاروس العالم السفلي.
لم يكن انتصار زيوس على كرونوس، نهاية للحرب من أجل السيطرة على الحكم ، ذلك أن زيوس سواجه تمرد  التيتانز LES TITANS الموالين لكرونوس، باستثناء بروميثيوس وأوكيانوس.

استمرت المعركة عشر سنوات، هزت كل الكون ، وكأن الفوضى عادت من جديد لتخلخل توازن الكوسموس. كان من الصعب أن يتحقق الانتصار لطرف من الأطراف المتصارعة ،لأن القوتين المتصارعتين كانتا متكافئتين .في الأخير حسم زيوس أمر المعركة عندما نزل إلى العالم السفلي تارتاروس وأطلق سراح السايكلوبس ،و الهيكاتونكيريس الوحوش بمئة يد وخمسين عين.
ساعد السايكلوبس زيوس، منحوه قدرة التحكم في البرق والرعد،وقام الهيكاتونكيريس بقذف التيتانز بالصخور، وهكذا انتصر زيوس وانهزم التيتانز، وتم حبس المتمردين في تارتاروس، وحكم على أطلس التيتانز المتمرد بأن يقف إلى الأبد على حافة العالم ويحمل الأرض على كتفيه.
لم تستسغ غايا انهزام أبنائها التيتانز، فتوحدت مع تارتاروس، وأنجبت وحشا مرعبا اسمه تيفويس، (Typhoeus). يُعتبر واحدًا من العمالقة، إنه وحش مرعب وضخم ، يحمل مئات الرؤوس الثعبانية وينفث النار.حارب تيفويس الآلهة في معركة عنيفة استخدم فيه كل رؤوسه ، أمام قوته الهائلة هربت معظم الآلهة، كما تم أسر زيوس ، إلى أن هب هرميس لنجدته ، فتمكن من إطلاق سراحه .

عاد زيوس إلى المعركة ليخوض آخر لقاء حاسم ضد تيفويس ، في الأخير تمكن زيوس من الانتصارعلى وحش غايا بفضل قدرته على التحكم في الصواعق واستخدامها في المعركة ، وأمر بدفن تيفويس وحش غايا المرعب تحت جبل إتنا في صقلية.
لم يرض العمالقة التايتانز  LES TITANSالذين تجري في عروقهم دماء كرونوس وغايا بانتصار زيوس ، فقاموا بمحاولة جديدة لتجريده من السلطة ، حاصروا جبل الأولمب بوضع الجبال فوق بعضها البعض لبلوغ قمته ، لكن آلهة الأولمب جمعت كل قدراتها، صدت هجوم العمالقة بمساعدة هيراكليس، وهكذا قضى زيوس على كل محاولات التمرد ، وبسط نفوذه و حكم آلهة  الأولمب على العالم.
هذه النسخة من أسطورة الخلق مستمدة بشكل كبير من قصيدة هيسيودوس، وهو شاعر يوناني من القرن السابع قبل الميلاد، وتعد هذه القصيدة من أكثر النسخ المنتشرة في العالم قديما وحديثا ، ولكن هناك قصة خلق أقدم منها، غير معروفة كثيرا ولكنها موجودة  ، ومختلفة عن القصة المتداولة .
تحكي الأسطورة الثانية أن يورينوم وهي إلهة كل الخلق، خرجت من الفوضى وفصلت البحر عن السماء، ثم خلقت راقصة عارية على أمواج البحر ، فركتها الرياح بين يديها ليخرج منها  الثعبان أوفيون.
ستتوحد أورينوم مع أوفيون لتحمل وتبيض  بيضة ، التف حولها أوفيون ، فخرج منها الكون وكل ما فيه.

ثم استقرت يورينوم وأوفيون على جبل الأولمب.
من على جبل الأولمب  أعلن  أوفيون نفسه الخالق الوحيد، فطردته يورينوم إلى العالم السفلي ، لتنشغل بإتمام خلق الكون ، خلقت الكواكب السبع، وعلى  كل كوكب وضعت تايتانز لحكمه ، في الأخير ستخلق الإنسان من التراب.
تفتقر هده القصة إلى الدراما، نلاحظ فيها هيمنة إلهة أنثوية لها السلطة المطلقة، وربما هي تعكس مجتمعًا أميسي، الإلهة الأنثى تخلق شريكا لها من الرياح ،تتحد معه و تتخلص منه عندما ادعى أنه هو الخالق الوحيد.

 

تبدو يورينوم إلهة شرسة ، تستطيع أن تعيش بدون الإله الذكر، لأنها ذات مكتفية بوجودها  . في هذه الأسطورة، يبدو أن الأمور تحدث بشكل عرضي ، من ولادة يورينوم إلى خلق الإنسان، وبهذه الخلاصة نفهم سبب انتشار أسطورة الخلق التي وردت في قصيدة  هيسيودوس.
بعد أن استتب الأمر لزيوس وبسط هيمنته على الآلهة بدأ يفكر بجدية في خلق كائنات تستوطن العالم ومنها الإنسان .
إن قصة خلق الإنسان في الأساطير اليونانية غريبة جدًا ،  فبعد أن قضى زيوس على كل حركات التمرد ، وسجن معارضيه في تارتاروس  العالم السفلي ، نصب نفسه إله الآلهة ، واستحوذ على قمة جبل الأولمب، اخترع لنفسه أحلاما جديدة ،لأنه لم يعد يجد متعته في حكم الآلهة ، أراد خلقا جديدا يتسلى بالتحكم في مصائرهم وتوجيه حياتهم ، فكر في خلق كائنات حية مختلفة عن الآلهة  ،في الأخير استقر على خلق  البشر والحيوانات على الأرض.

عندما استبد الحلم بزيوس، استدعى بروميثيوس وشقيقه إبيميثيوس إلى جبل الأولمب ، أطلعهما على حلمه الجديد ،وكلفهما بمسؤولية تحقيق الرغبة التي أصبحت تسكنه. ، أكثر من رغباته الجنسة وخياناته ومغامراته مع جميلات الأولمب,
قبل الشقيقان التحدي وقررا أن يخوضا سيخوض مغامرة الخلق ، لكن بروميثيوس منح لتجربة الخلق أبعادأ نفسية وفلسفية وجودية وملحمية ، معه ستتحول أسطورة خلق الإنسان إلى موضوع تأمل وتفكير فلسفي في الطبيعة التي تعتبر من ملحقات الإنسان ، وسينضج وعي جديد وعميق يحيل على  قيمة  المعرفة في بناء الكائن الحي ، إلى درجة أننا نخلص من هذه الأسطورة إلى قناعة تجزم أن لا وجود للإنسان في دلالته الراقية بدون معرفة .
أعطى زيوس توجيهاته لكل من بروميثيوس وإبيميثيوس وأمرهما بمباشرة  خلق البشر والكائنات الأخرى ، كانت رغبات زيوس أوامر ، لذا رحب الأخوان بالمهمة واعتبراها تشريفا ، على الرغم من أن بروميثيوس كان يدرك جسامة المهمة وخطورتها ، ومنذ البداية تعامل مع مهمته بجدية كبيرة جدا .ونظرا لأن زيوس كان هو الآخر يرى هذه المهمة صعبة، فقد قدم للأخوين كل اللوازم الضرورية التي سيحتاجانها أثناء عملية الخلق.
قبل أن يشرعا في عملية الخلق قال لهما زيوس :”

يجب أن تمنحا لكل مخلوق اللوازم الضرورية التي تسمح له بالبقاء على قيد الحياة ، لا تغلبوا كائنا على آخر ، وفروا للجميع فرصا متكافئة للحياة ”  وفر زيوس للأخوين ، الأظافر الحادة والأسنان والأصداف والبصر الحاد والذكاء وحاسة شم والريش، والجلد ،والصوف والأنياب والسرعة والحوافر…إلخ  .

كان التحدي كبيرا ، والرهان أكبر ، والنجاح صعبا لأن الاختلاف كان صارخا بين الأخوين ، من حيث البناء النفسي والسلوكي والتفكير ،  تحكي الأسطورة أن بروميثيوس Prométhée كان يلقب بالمتبصر ، واسمه يدل على صفاته وقدراته الفكرية والتنبؤية. يُعتبر بروميثيوس المتبصر واحدًا من أبطال الأساطير الذين يتميزون بالحكمة والذكاء الاستثنائي ،ويعتقد أنه كان يتمتع بقدرة على رؤية المستقبل والتنبؤ بالأحداث المقبلة بشكل دقيق. إن قدرته على التفكير المستقبلي والتخطيط الذكي سمحت له بتوقع الأحداث قبل وقوعها ،واتخاذ القرارات المناسبة لتجنب الفشل  والاستفادة من الفرص المتاحة ، ويعتبر مثالًا للعبقرية والقدرة على استخدام العقل والحكمة لتحقيق النجاح والتفوق، واستثماره لقدراته الفكرية والتنبؤية، نجح في تحقيق العديد من الإنجازات والتغييرات الإيجابية لصالح الآلهة والبشر.
إبيميثيوس (Epimetheus) ، هو شقيق بروميثيوس ونقيض له في الصفات ، اندفاعي ومتهور ، مشدود إلى الماضي ، لا يهتم بالمستقبل ، غير قادر على التخطيط، ويغيب عنه بعد النظر.  يعمل إبيميثيوس بمبدأ التجربة والخطأ ، يتصرف بشكل غير حكيم ومتسرع ولا يقوم بالتخطيط للمستقبل..
انطلاقا من النظر في الصفات المميزة للشقيقين ،تظهر اختلافات صارخة بينهما ، لهذا نقول ، إن تكليف شخصيتين متناقضتين بهذه المهمة ،سيجعل من عملية الخلق جد صعبة ، ولن تكون بالسهولة التي تصورها  إيبيميثيوس، وما سيزيد من تعقد العملية أن إيبيميثيوس طلب من أخيه بروميثيوس أن يترك له مسؤولية الإشراف على كل العملية .
باشر إبيميثيوس عمله و بدأ بخلق الحيوانات ، وكلما انتهى من صنف ، وزع عليه شيئا من اللوازم التي وضعها رهن إشارتهما زيوس ، كان إيبيميثيوس منهمكا بالخلق ومنشغلا بتوزيع اللوازم الضرورية التي تمكن كل صنف من البقاء ، و دون أن يعتمد على نظرة استشرافية ، كان يوزع لوازم البقاء على الحيوانات بسخاء مبالغ فيه ، دون أن يفكر في انعكاسات اختياراته على الصراع الذي سيحتدم بين الكائنات الحية الجديدة، التي ينتظرها زيوس بفارغ الصير .

نتيجة التسرع وغياب رؤية مستقبلية وحضور الغباء ، قام إبيميثيوس بخلق مجموعة من الحيوانات والطيور ، وزع  عليها لوازم البقاء بدون رؤية متبصر،إلى أن نفذت كل اللوازم التي منحها لهما زيوس ، ولم يبق منها شيء يقدمه للبشر .
كان إبيميثيوس يمارس مهمة الخلق باندفاع عاطفي،  دون التفكير في ما يمكن أن تحدثه اختياراته من كوارث ، بينما كان بروميثيوس منهمكا في تشكيل كائن جميل ، شكله على هيئة  الآلهة، وأطلق عليه اسم الإنسان ، وهبته الإلهة  آثينا الصفات العقلية ، وتعتبر أثينا “Athéna”  واحدة من الآلهة الرئيسية في الميثولوجيا الإغريقية ، هي إلهة الحكمة والحرب و العدالة والاستراتيجية والحرف اليدوية والحربية، أما هرميس فقد وهبه المخلوق الجديد العدل والضمير.

ويعتبرهرميس  “Hermès” من آلهة الأولمب  المقربين لزيوس ، جعل منه رسوله الخاص إلى البشر ، عرف بخداعه وسرقاته  وهو إله التجارة والحماية والسفر والحرف والحيلة.
رحب بروميثيوس بهذه الهبات الإلهية ،ولكنه لم يستطع أن يخفي قلقه على مصير مخلوقه المختلف عن كل الكائنات الحية ، لأن شقيقه ابيميثيوس وزع امتيازات زيوس على كل الكائنات التي خلقها ونسي الإنسان الذي بدا ضعيفا عاريا، بدون قوة لا يستطيع أن يضمن بقاءه في هذا العالم العنيف والشرس .
نظر بروميثيوس بشفقة وحيرة إلى إنسانه العاري ، فقرر أن يتدخل ليصلح  أخطاء شقيقه ابيميثيوس ، بادر لصالح الإنسان عدل قوامه ، أوقفه على رجليه ، حرر يديه ومنحه القدرة على رؤية السماء، والنظر نحو الأفق البعيد، لقد جعله يمشي على رجليه ليحرر يديه اللتين ستصبحان امتدادا لفكره وخياله .

أصبح الإنسان قادرا على أن يحول يديه إلى أداة عمل وسلاح في نفس الوقت ، لكن رغم ذلك ظل بروميثيوس قلقا على مصير الإنسان فقال في نفسه :”  يجب أن أجد حلا ناجعا يمنح  للإنسان فرصة التفوق على كل الكائنات الأخرى ”  ثم فكر بصوت مرتفع  فقال: ”

لا يمكن للإنسان أن يعيش عاريا مجردا من لوازم البقاء ، ليت زيوس يمنح الإنسان  القليل من النار ”
لكن  لماذا لم يثق في هبة أثينا وهيرمس ؟ لماذا أراد بروميثيوس أن يمنح النار للإنسان ؟
من كتاب أسطورة الخلق للأستاذ عبد المجيد طعام

تعليقات الزوار ( 0 )

أضف تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية) .