قراءة في كتاب :”تهافت التهافت” لابن رشدِ…بقلم الاستاذ عبد القادر طلحة

بقلم الاستاذ عبد القادر طلجة – جريدة البديل السياسي 

قراءة في كتاب :”تهافت التهافت” لابن رشدِ

بين الامام الغزالي واين رشد او بين “تهافت الفلاسفة وتهافت التهافت” ؟

الحلقة السابعة:

==============================

قلنا انه اذا كان كتاب “تهافت الفلاسفة” هو كتاب في نقد الفلسفة والفلاسفة في قضايا محددة كما سيأتي اثناء تناولنا لكتاب” تهافت الفلاسفة” لابي حامد الغزالي فان كتاب “تهافت التهافت” الذي يتوجه به ابن رشد الى الغزالي لدحض مزاعمه سيكون كتابا في نقد النقد.

يخصص محمد يوسف موسى صاحب كتاب” بين الدين والفلسفة” مع عنوان فرعي :”بين ابن رشد وفلاسفة العصر الوسيط”، الفصل الاخير من الكتاب للحديث عن المسائل التي “اشتد من أجلها الخلاف بين الغزالي والفارابي وابن سينا، وكانت سببا في ان كتب الغزالي كتابه المعروف” تهافت الفلاسفة

كما كانت أيضا سببا لأن قام ابن رشد برد على الغزالي بكتابه المعروف :”تهافت التهافت”. 1

يصف محمد يوسف موسى الكتابين بأنهما:

“عنيفين” ويضع منهجية لتناول هذا الصراع في حلبة الدين والفلسفة بين اثنين من ابرز الفلاسفة العرب المسلمين. فيقول:” من الطبيعي لذلك أن نبدأ بماكان من الغزالي وننتهي بما كان من ابن رشد” 2 وسبق لي ان أشرت انه لن يتيسر لقارئ” كتاب تهافت التهافت” فهم مضامينه ان لم يتقدم ويقرأ اولا كتاب “تهافت الفلاسفة”

واذا كان ابو حامد قد مهد لهذا الصراع بأن كتب كتاب :”مقاصد الفلسفة” فلأجل ان يعلن فيه تمكنه من المتون الفلسفية اليونانية وعند تابعيهم من فلاسفة العرب المسلمين وخاصة عند الفارابي وابن سينا. ويريد ان يخبرنا ايضا بان هجومه على الفلسفة والفلاسفة يأتي عن سعة معرفة وتمكن وتدبر الشئ الذي يسهل الكشف عن “اباطيلهم”ِ

ان كتاب مقاصد الفلسفة يعتبر من “من أحسن الكتب التي تلخص وضع الفلسفة الى عهده” 3و هو توطئة لكتابه النقدي الذي ندب نفسه فيه الى الكشف عن مزاعيم واباطيل الفلاسفة . كتاب “:رد فيه على اقوال الفلاسفة ونقض تعاليمهم وأبطل حججهم وأظهر ما فيها من تناقض ومخالفة للعقل”4

نعلم ان الغزالي توفي سنة 505 هجرية بينما توفي ابن رشد سنة 595 هجرية اي ان هذا الحوار الفلسفي بين ابن ارشد والغزالي جاء بعد حوالي قرن من وفاة الغزالي الشيئ الذي يعطي لهذا الحوار بعد تاريخيا وفلسفيا خاصين، فاضطهاد الفلسفة والفلاسفة كان قائما في عهديهما، كما الانتصار للفسفة او الدين كان حاضرا ايضا. ولكن مما يمكن ان يلاحظه الدارس ان هناك ابداع فلسفي وفكري في هذا الحوار.

انتصر الغزالي للدين بمتون دينية صرفة كما في كتابه الكبير” :احياء علوم الدين”وحين خاصم الفلاسفة انتصر للدين و خاصمهم بالروح الفلسفية اليونانية وقد ابدع الغزالي بان انتج نصا فلسفيا رائعا وهو :كتاب تهافت الفلاسفة.

اما ابن رشد فقد التمس طريقا اخرى، وربما شخصيته كفقيه، الى جانب ظروف مجتمعه خاصة من الناحية الفكرية، املت عليه ان يعالج موصوع الفلسفة في مجتمعه من الزاوية الفقهية ولكن هنا الفقيه المسلح بادوات البرهان والممسك بحكمة اليونان في اقوى تجلياتها عند ارسطو.

كيف دافع ابن رشد عن الحكمة في مجتمعه؟

الى الحلقة الثامنة ان شاء الله

المراجع:

1=بين الدين والفلسفة :ابن شد وفلاسفة العصور الوسطى :محمد يوسف موسى ص:296

2=نفس المرجع ص:296

3=مدخل لدراسة الفلسفة:ص613

4=نفس المرجع ص613

ملحوظة:تحذف الحلقة بعد 48 ساعة