الرئيسية ملفات ساخنة هل تصمد الهدنة طويلا أمام تعارض المصالح ؟

هل تصمد الهدنة طويلا أمام تعارض المصالح ؟

كتبه كتب في 29 نوفمبر 2023 - 10:51 م

إبراهيم حسين- جريدة البديل السياسي 

كاتب صحفي ومحلل سياسي

هل تصمد الهدنة طويلا أمام تعارض المصالح ؟

في الوقت الذي أسهم النجاح الديبلوماسي في تمديد الهدنة ليومين آخرين بالشروط نفسها لوقف إطلاق النار السابق الذي استمر أربعة أيام ومقابل صفقة ثانية من تبادل الأسرى، تباينت الآراء مابين هشاشة الهدنة وتأهب طرفي الحرب لخوض جولة ثانية من التصعيد وبين امكانية تحقيق المزيد من التقدم والنجاح في الوصول الى وقف دائم لاطلاق النار، وفيما يرى البعض أن قطر قد وجدت تجاوبا من الجناح السياسي لحركة حماس مكنها من المضي قدما في حل أزمة الرهائن وتحقيق أول اختراق في مسألة انهاء الحرب، ترى أوساط أخرى بأن الجناح العسكري قد لايبدي استعداد كاملا للسير على نفس خطة قادة حماس في الخارج وذلك نظرا لأن المسألة مرتبطة بموقف ايران من الهدنة وتأثيرها على مكتسباتها  السياسية والاقتصادية والاستراتيجية  من طوفان الأقصى .

ولنفهم كيف تسير الامور من الداخل وجب علينا فهم لديناميات التفكير السياسي والإيديولوجي لكل جناح من حركة حماس وعلاقته الخارجية مدى تأثيرها على القرار السياسي، كان الجناح العسكري لحماس دومًا الأكثر حماسًا لتعزيز العلاقة مع إيران، بسبب طابع الاعتبارات البراغماتية التي تحكم مواقفه ومقارباته. فنظرًا للحاجة للتمويل اللازم ، وهي المتطلبات التي توفرها إيران للجناح العسكري لحماس لهذا ظلت العلاقة مع طهران مطلبًا استراتيجيًّا لقادة الداخل، امام الجناح السياسي فيرى أن قطر لاتمثل فقط الداعم المالي والسياسي بل هي في نفس الوقت الحاضنة الأكثر قربا من البعد العربي والحليف الموثوق الذي يمكنه لعب دور الوساطة والاستفادة من موقفه القوي وارتباطاته المتينة مع الادارة الأمريكية التي تصنفه كحليف استراتيجي أول في المنطقة .

الجناح السياسي ومند بداية الأحداث في السابع من أكتوبر وما سمي بطوفان الأقصى كان قد رسم الخطوم العريضة لمطالبه واعلن عن قائمة من الشروط مقابل تنفيذ صفقة تبادل أسرى بينما الجناح العسكري فكان في انتظار اشتعال ساحة لبنان التي ستعزز حسب نظر قيادات حماس في الداخل من موقف الحركة التفاوضي وهو الأمر الذي رغبت فيه ايران من أجل اشراك ساحاتها في طوفان الأقصى، لكن دخول واشنطن على الخط وتحرك اسطولها الخامس في مضيق هرمز وهو ما جعل المسؤولين في طهران يعيدون قراءة الموقف ويتراجعون بالزج بالجبهة اللبنانية في مواجهة موسعة قد تمتد شظاياها لتصيب مصالح ايران الاستراتيجية في مضيق هرمز وتهدد حزب الله بمعركة مع القوات الأمريكية في جنوب لبنان .

ايران تقول أنها ترحب بالهدنة وتأمل أن تستمر من أجل ألا يتسع نطاق الحرب ومع ذلك فان الذي يجري على الأرض يتبث عكس ذلك فالفصائل المسلحة المرتبطة بالحرس الثوري ليست لها علاقة باتفاق الهدنة في غزة وتبادل الأسرى بين حماس وإسرائيل ويتضح ذلك من خلال استهداف القواعد الأمريكية قبل هدنة والتهديدات التي أطلقها حزب الله العراقي عبر المتحدث باسمها محمد محي بمواصلة استهداف القوات الأميركية وتوسيع نطاقه وربما استخدام أسلحة جديدة، بينما تصارع قطر الزمن من اجل تمديد أطول للهدنة وذلك بعد أن تحصلت كارت أخضر من قيادات جناح حماس في الخارج بممارسة ديبلوماسيتها لفك الخناق على غزة والحصول على مكتسبات من صفقة تبادل الأسرى تنقذ الوضع الانساني من الانهيار .

هذا الشد والجذب بين الجناجين العسكري الموالي لقطر والسياسي الموالي لقطر لاينبغي أن يلقي بظلاله على الديناميكيات الداخلية لصناعة القرار داخل حركة حماس والا فانه سيكون لغم الكبير الذي يهدد بنسف صفقة تبادل الأسرى ومصير الهدنة، وهنا أصبح  التحدي الأكبر لقيادات الخارج هو اقناع قيادات الداخل بعدم اتخاد اي خطوة تصعيدية من شانها أن تقطع الطريق على الجهود اليبلوماسية التي قطعت شوطا طويلا من اجل الوصول الى هدنة انسانية تراعي مصالح الناس والاوضاع الصعبة التي ترتبت عن هذه الحرب   .

إبراهيم حسين

كاتب صحفي ومحلل سياسي 

 

مشاركة
تعليقات الزوار ( 0 )

أضف تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية) .