الرئيسية كتاب وآراء قصة قصيرة: رحيل البحر…بقلم: خالد بوزيان موساوي

قصة قصيرة: رحيل البحر…بقلم: خالد بوزيان موساوي

كتبه كتب في 28 سبتمبر 2023 - 9:07 م

بقلم: خالد بوزيان موساوي- جريدة البديل السياسي 

 

قصة قصيرة: رحيل البحر

الشمس على أهبة وداع لتغيب… إلى أن يأذن لها الغد بالعودة لأجل ميلاد متجدد، إن بقينا على قيد الحياة.

والبحر كان ينتظرني، حتى أنه بسط أمواج المد كما جناحين ليضمني.

هي صداقة روحانية صوفية تجمعنا منذ ان رقصت اول مرة عاريا، إلا من نفسي، على إيقاعات كره وفره، وموسيقى هيجانه وسكونه.

استقبلني على غير عادته بصمت رهيب…. ذاك الصمت الذي يخفي سرا تعجز مجرد أصوات وتحركات وتلونات الإفصاح عنه بلغة مفهومة.ثم همهم وكأنه يتواصل مع اعماقه ليقول ما مفاده:

– أنا مغادر شطآنكم يا صديقي … لقد قررت الرحيل… ما تشاهده الآن هو المد الأخير… سأنسحب الجزر تلو الجزر.. حتى أغيب عن أعين السماء وقاع الأرض… وداعا صديقي…

كان القمر حينها في كمال غرته يستحم كما على الضفة المقابلة ليبدأ رحلته نحو الأعالي… لا اعرف لماذا يذكرني القمر بحساب البدايات والنهايات، ألأن حساب الشهور والسنين بالقمر وليس بالشمس؟!!

غمز لي بنصف عين كأنه يستهين بقرار البحر… كأنه يردد عبر صعوده المتأني نفس الاستفهام الاستنكاري المرسوم على شفتي:

– وهل يرحل البحر ؟!!!..

بغتة… بدأت المياه تنسحب وكأنه الجزر العظيم… تحضن وتقبل حبات الرمل ايذانا بالوداع الأخير …

صرخت في وجهه:

– تمهل… تمهل يا صديقي! … لمن ستتركني؟! .. أنا لا ارغب بدررك وبصدفاتك وبفواكهك… وإن احتجت… وكم أنا محتاج!!!…. لكن أنت أولى… إن كان لا بد من الرحيل ، دعني أركبك … نرحل معا، او احملني الى ضفاف أتطهر فوق ترابها من أحزاني، ومن كل المآسي…حيث ابدأ من جديد…لعل هناك القادم أجمل…

غمز لي البدر وهو في ابهى حلته… ولسان حاله يقول:

– لا تحزن يا شاعري!… قرار المد والجزر بيدي… والاقدار مكتوبة في سدرة منتهى بامر من ربك وربي… فقط حذاري… ان لم يرحل البحر هذه المرة فقد يفعل يوما ما… تعلم فقط أن لا تثق كثيرا في البدايات ولو أحلى، قد تكون النهايات حبلى… وان كنت عاشقا، فاحضن حبيبتك، وعش فوق هذه الشطآن ما تبقى.

* الصورة من الارشيف بمدينة الناظور

تعليقات الزوار ( 0 )

أضف تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية) .