الرئيسية صوت المواطن سيناريوهات الصراع العربي الاسرائيلي.. فادي حمدان الصاوى

سيناريوهات الصراع العربي الاسرائيلي.. فادي حمدان الصاوى

كتبه كتب في 23 سبتمبر 2023 - 4:50 م

 فادي حمدان الصاوى  – جريدة البديل السياسي 

سيناريوهات الصراع العربي الاسرائيلي

 

أصبح التطبيع السعودي – الإسرائيلي المركز الرئيسي للتغيرات الكبرى المتوقعة، حيث يُعبر عن إصرار أمريكي للتقدم في منطقة الشرق الأوسط، وعن رغبة إسرائيلية في تحقيق تطهر سياسي لحكومتها. تأتياللحظة السعوديةبأبعادها الإصلاحية الداخلية والرغبة في تحقيق الاستقرار الإقليمي الخارجي، مما يجعل من التعامل مع حقائق الصراع واجبًا لازمًا

برغم أن الصراع امتد عالميًا عبر فترة الاستعمار وحتى فترة التحرر والاستقلال، ومن الحرب الباردة وما بعدها، ومن العولمة وبعدها العولمة، وحتى الحرب الأوكرانية، فإن الحقيقة الأولى هي أن هذا الصراع مستمر وأبدي، مثل القدر المحتوم والقضاء النافذ. استمرار التناقض العربي – الإسرائيلي يشير إلى طاقة كامنة تجعله يستمر منذ نهاية القرن التاسع عشر وعلى مدار القرن العشرين، وحتى القرن الحادي والعشرين. مثل الزواحف التي تتواءم مع بيئتها، إن الصراع يعيد تشكيل نفسه وفق ظروف العالم الحديث بعد حادثة سبتمبر (أيلول) واشتعال حروب المقاومة والانتفاضة وحروب لبنان وغزة. ومع إضافةصراع الحضاراتإلى القائمة، أصبح الصراع قادرًا على استيعاب العلاقات الجديدة الملتهبة، إذ كان الدين حاضرًا منذ بداية هذا الصراع وكان للمناسبة دورها في إيقاظ فتنة كانت نائمة ولم يكن لها نهاية

تواجهنا في الواقع الثاني هو أن الصراع يتم على مستويات متعددة، وتتداخل بها عناصر دولية وإقليمية ومحلية التي اشتبكت مع بعضها البعض في صراع يحير المؤرخين وعلماء السياسة بسبب تداخلها وتعقيدها وارتفاع التكلفة الاقتصادية والنفسية وحتى الأخلاقية، ولا يمكننا أن ننسى تكلفة الفرصة البديلة، وعلى الرغم من مدى خطورتها لم يظهر أبدًا في موقف يشير إلى حدوث تسوية قريبة

الحقيقة الثالثة هي أنه لا يوجد سيناريو واحد للتعامل مع هذه المسألة، بل هناك عدة سيناريوهات ممكنة، وعلى الحصيف أن يبحث حول أي منها يجب الانتقال إليه. يمكن أن يكون السيناريو الأول هو الاستمرار في الوضع الحالي، حيث يُعتبر هذا السيناريو باطلاً ويروى أن هذه القضية انتهت بالأصل وأن كل من يحدث الآن من جهود دولية وإقليمية لبدء المفاوضات بين الإسرائيليين والفلسطينيين لن يؤدي إلى أي آثار إيجابية، لسببين. الأول هو رؤية حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن الوضع الحالي الذي يتمثل في الانقسام العنيف بين حركةفتحفي الضفة الغربية وحركةحماسفي قطاع غزة هو مثالي بالنسبة لها، وبالتالي حاولت السير في اتجاهين: عدم تقديم أي تنازلات رئيسية في ملف الفلسطيني بسبب عدم إقتناعها بجدوى ذلك، بالإضافة إلى إمكانية أن تؤدي هذه الخطوة إلى انفراط عقدها نتيجة وجود تيارات متشددة داخلها تعارض تقديم أي تنازلات حقيقية. والآخر هو صعوبة التوصل إلى مصالحة بين حركتيحماسوفتحلإنهاء الصراع القائم بينهما، خاصة بسبب اعتماد كل منهما برنامج سياسي مختلف عن الآخر، بالإضافة إلى تدخل قوى إقليمية متعددة ذات مصالح متباينة لضبط تفاعل الجانبين وتحقيق أجندتها الإقليمية في المقام الأول

السيناريو الثاني هو أنه على الرغم من جميع الصعوبات، فإنه ممكن أن يتم استعادة حل الدولتين المتجاورتين في حالة سبات ونمو وسلام وازدهار عن طريق إجراء مفاوضات تتوقف فيها العنف وبناء المستوطنات، وذلك عن طريق استعادة ما كان معروفًا بـخريطة الطريقتحت إشرافالرباعية الدوليةالتي تتألف من الولايات المتحدة وروسيا والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي. هذا الأمر كان حلمًا في العشرينات الأولى من هذا القرن، والتوافق الدولي الذي كان يمكن أن يحدث الآن أصبح مستحيلا في ظل التحضيرات لمواجهة حرب عالمية ثالثة

السيناريو الثالث هو تأسيس دولة واحدة تسمى بعض الناس بأن تكون ديموقراطية علمانية تجمع الإسرائيليين والفلسطينيين في وعاء واحد، وتحكمها الإطارات القانونية والدستورية كأكثر الحلول مناسبة لحل النزاع الأطول في العالم. في رؤية هؤلاء، فإن سيناريوالدولة الواحدةسيتحقق قريباً أو لاحقاً؛ بسبب عدم وجود مؤشرات تشير إلى تحرك الوضع الحالي في المفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين، بالإضافة إلى وجود مستوطنات كبيرة في الضفة الغربية التي تجعل فكرة إنشاء دولة فلسطينية غير منطقية. ومع ذلك، تواجه هذه الاتجاهات صعوبات كبيرة أيضاً، بما في ذلك إصرار التيارات المتطرفة داخل إسرائيل على ضرورة تطهير الدولة الإسرائيلية من أي عنصر غير يهودي، بالإضافة إلى معارضتها لمبدأ الديموقراطية العلمانية بسبب الأعتبارات الديموغرافية لغلبية العنصر العربي؛ وهذا قد يؤدي إلى سيطرة الأغلبية العربية على موارد هذه الدولة. يواجه هذا السيناريو بشكل عام مشكلة كبيرة وهي تحويل القضية الفلسطينية من قضيةتحرر وطنيإلى قضيةتمييز عنصري، وهذا بالطبع سيتم رفضه من قبل إسرائيل لأنه سيعرضها لاتهامات بأنها نظام عنصري وسيؤدي إلى توتر علاقاتها مع المجتمع الدولي 

السيناريو الرابع يسعى لتلبية المطالب الأساسية لكلا الجانبين؛ الإسرائيلي الذي يرغب في وجود دولة حيث يكون اليهود هم الأغلبية الدائمة، والفلسطيني الذي يرغب في أن يحصل على دولة مستقلة؛ من خلال وجود دولة كونفدرالية تكون عاصمتها القدس، وتشمل كلا الدولتين المقيمين على الأرض في كلٍ منهما. المواطنة في هذا السيناريو تكون لدولتين، واحدة كونفدرالية والأخرى إسرائيل وفلسطين وفقًا للإقليم الجغرافي

السيناريو الخامس يتناسب مع العصر الحالي ويستحوذ على آفاق زمنية جديدة لم يتناولها أحد سابقًا. وهذا نقاش مختلف تمامًا

تواجه إسرائيل محنة تاريخية ووجودية، حيث أُقِيمت المستوطنات وجُرِّدَت الضفة الغربية حتى أصبح إقامة دولتين شبه مستحيلة. إذا استمرت في الحفاظ على الوضع الحالي، فسيزداد عدد المنظمات الدولية التي تتهمها بأنها دولة تفصل عنصري، وسيضطر حلفاؤها الأقربون، بمن فيهم الولايات المتحدة، حتى وإن كانوا مرغمين، إلى إدانة أفعالها، وهذا ما حدث بالفعل، وربما يحدث بكثافة أكبر. وإذا قامت بخطوة جنونية وضمت الضفة الغربية، فإنها بلا أدنى شك ستكون في وضع قانوني لا يمكن سوى وصفه بأنهأبارتيد، حيث يتحول الفصل العنصري إلى دستوري ورسمي تماماً

على الرغم من كل المقاومة التي تقوم بها إسرائيل في جميع أنحاء العالم ، إلا أن منظمةأمنستيتصر على أن نظام الفصل العنصري ليس مقبولًا في أي مكان في العالم. فلماذا يقبل العالم تطبيقه على الفلسطينيين؟

“منذ سنوات، ووفقًا لمنظمة هيومن رايتس ووتش، تتهم السلطات الإسرائيلية بارتكاب جرائم ضد الإنسانية، بما في ذلك العنصرية والاضطهاد، عبر سياسات القمع المنظمة والأفعال اللا إنسانية

تعليقات الزوار ( 0 )

أضف تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية) .