الرئيسية البديل الثقافي اخر ما كتب قبل رحيله من اسبوع عضو النافذة والاعلامي والاديب العراقي احمد الجنديل

اخر ما كتب قبل رحيله من اسبوع عضو النافذة والاعلامي والاديب العراقي احمد الجنديل

كتبه كتب في 21 مايو 2023 - 3:05 ص

جريدة البديل السياسي :

اخر ما كتب قبل رحيله من اسبوع

رحمك الله اخي وصديقي الغالي

عضو النافذة والاعلامي والاديب العراقي

احمد الجنديل

مدير النافذة: خالد بوزيان موساوي

ويسألني امام القبر ظل ..لماذا لا يزور الموت اوطانا سوانا ؟

في الوقت الذي تقرأون فيه هذا المقال ، اكون انا على الضفة الاخرى ، على سواحل جزر الغيب ، في ليلة من ليل البنفسج ، اقرأ رسالة جبران التي لم تقرأها مي بعد ، وانعم بالهدوء والعزلة التي قضيت نحوا من العمر ابحث عن قبضة منها.

عندما تقرر ان تبدأ الرحلة سيظهر الطريق، لكن الطرق تبدو طويلة عندما يقطعها الانسان وحده .

75 عاما مرت كأنها ومضة برق ، ثم ماذا؟ البحر من امامكم ، البحر من خلفكم ثم ينتهي الامر عاجلاً ام اجلاً.

75 عاما وهذا الرأس المحشو بورق الجرائد والمنقوع برائحة التبغ والمتخم بعنفوان الروايات والمنحوت بوهج الوحي والمسقى برذاذ الاشعار والضاج بصخب الاحاديث والامسيات والمثقل باعباء الحياة لا زال في جعبته الكثير ولازال معشوشباً بالف فكرة ولا زال يأبى الانقياد والخضوع فالحالمون لا يمكن ترويضهم ابداً.

75 عاما لم تكن كافية للعزف ولا للنزف وسكب النفس بوحاً استثنائيا فوق الاوراق.

75 عاما قضيت نصفها في القراءة ونصفها الاخر بالكتابة والان حانت مرحلة الفهم.

الجو غائم هنا ولا مسافة بين السرد والنقد الا من خلال ثقب ابرة .

حتى وانا هنا لازالت همزة الوصل تأبى التخلي عن مكانها الى دائرة السكون ، اذ لا فائدة من اغلاق النوافذ ما دام المشهد يدور في الذهن كالعاصفة.

بعد هذه الرحلة وهذا المسير ..تبدو الحياة كلعبة شطرنج وقطعة حلوى وعاشقة حتى الفجر طفقت تخصف على نفسها من ضياء الصبح لتواري عن فتنتها على استحياء عند الشروق

اشتاق لمكتبتي الشهية حيث يصطف حنا مينا بجوار جبران ، وتنشأ الفة بين الماغوط ودرويش ، ويتسامر العليان الوردي وشريعتي ، ويتحاور عبد الرحمن الربيعي ومنيف ، ويلتقي مكسيم بتولستوي ودستوفسكي بماركيز ليحتدم الجدل كما كان وتنثلم العزلة.

حين استعلمت عما جرى بعد الرحيل قيل لي انه كان مأتماً يليق بفارس ، شكراً لكم جميعاً.

منزلي .. اسرتي .. اصحاب العمر، رفاق الدرب .. قراء الكلمات .. ساشتاقكم حقاً

كم احزنني اني افجعتكم بالرحيل لكن ليس باليد حيلة وما كان بالامكان افضل مما كان

في هذه اللحظة لا استطيع قراءة ردودكم ولمس تعابير وجوهكم لكني استطيع تخمينها على نحو ممتاز.

هنا حيث انا الان ، لا مكان الا للحقائق المطلقة ، لكني على ثقة اني سأظل متأرجحاً على حبال الذاكرة لأمد غير قصير ، اذ ان الحياة لا تبدأ بالولادة بل بالوعي ولا تنتهي بالموت بل بانطفاء الروح ..

الى اللقاء

تعليقات الزوار ( 0 )

أضف تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية) .