الرئيسية كتاب وآراء هــواجس وانطباعات حول؛ / كو/ بي/ د/19… بقلم ذ.محمادي راسي –

هــواجس وانطباعات حول؛ / كو/ بي/ د/19… بقلم ذ.محمادي راسي –

كتبه كتب في 10 مايو 2020 - 1:07 ص

 

بقلم ذ.محمادي راسي – جريدة البديل السياسي :

 هــواجس وانطباعات حول؛ / كو/ بي/ د/19

  &&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&

 تــوطئــة 

=====

                        قد أكون فضوليا أو طفيليا أو أشعبيا أو رويبضة أو مسيلمة، أو أكون سرعان ذا إهالة ،أو ضغثا على إبّالة ؛وأنا أريد أن  أكتب عن بيروس جديد غريب حار فيه العلماء والأطباء … أن أكتب عن شيء لا علم لي به ،وأنا لست متخصصا في علم البيروسات والأوبئة ،ثم لا أرى هذا الفيروس كي أصف شكله وتحركاته وتنقلاته واتجاهاته ،  وإن كان إيتمولوجيا كلمة  بيروس من حيث الاشتقاق كلمة لاتينية تعني ؛عصير نبات مضر أو مؤذ / أو السم ، أو سم نوعي وهوveneno     أوponzona ; وحرف n الأخير في كلمة ponzona هو "إيني " بالإسبانية فوقه علامة وتعني أيضا السم ،حتى حروف بيروس باللغة اللاتينية واللغة الإغريقية معقدة من حيث الكتابة ، وكو ؛ تعني كورونا أي التاج ، وبي ؛ تعني بيروس ،  ود؛ تعني المرض بالإنجليزية diseas  و19 أي تاريخ ظهور هذا المرض الجديد في دجنمبر2019م في منطقة ووهان الصينية ، أما إيتيولوجيا فلا أعرف شيئا عن هذا الفيروس .                  

             من باب المنطق و الإيطيقا أو الأخلاق ، يجب ترك الأمر لأهل التخصص والتجربة والدربة والدراية والحنكة في الميدان ،والذين ما زالوا يبحثون ويجتهدون لإيجاد اللقاح لهذا الوباء الجديد ،إنه من باب الخرف والهرت والخرص والهرط أن يبدي الرأي ،ويفتي الفتوى ، ويدلي بالدلو كل من هب ودب حول هذا المرض الغامض ،وهو لا يفرق بين هراق وأراق من حيث الإبدال . 

 

هــــواجـــس وانطبــاعــات 

===============

1 / هذا المرض كما يقول أطباء علم البيروسات والأوبئة ؛قد تحس به ،وتظهر بعض أعراضه ،أو لا تظهر ،  ولكن لا تعرف أنه هو ذلك المرض الفتاك "كوبيد19"إلا بعد التحليل ….ثم لا ترى البيروس الذي يحدثه ، كالهجس تسمع الصوت الخفي ولكن لا تفهمه ، وكالريح تحس بها ولا تراها ،وبالتالي تقع في مهجوس من الأمر ، وتزيدك الهجارس هما وغما وقنوطا خلال الحجر الصحي ، فعليك بالصبر وحمد الله ،واتخاذ  الحيطة والحذر ، والاعتماد على الوقاية التي هي خير من العلاج ، والقيام بالنظافة التي هي من الإيمان.

2/ الإيمان بالله وبعلمه والله عالم بذاته ، علم الله واسع شامل جامع مانع ،خير دليل على ذلك الإعجاز العلمي في القرآن "وما أوتيتم من العلم إلا قليلا "،بغض النظر عن الإعجاز البياني /البلاغي /اللغوي / اللفظي / النحوي /البديعي ، وقليل من الناس من يعرف نجائبه ونواجبه وقوارعه وعزائمه وفواتحه وخواتمه، ثم عدم فهم معاني حروف بداية سوره ،كما حصل للدكتوراة عائشة عبد الرحمان المعروفة  ببنت الشاطئ في إحدى محاضراتها في القرن الماضي ، بجامعة سيدي محمد بن عبد الله كلية الآداب / فاس ، صرحت بأنها لا تفهم معاني بعض الحروف ــــ ربما لها علاقة  بعلم الفلك ـــ مع أنها شرحت ربع القرآن ،واستغرقت في ذلك خمس عشرة  سنة ،فالمعرفة صفة في الإنسان، والعلم صفة في الله كما يرى أبو حيان التوحيدي .

3/ ظهرت أوبئة كثيرة منذ القدم بأسماء مختلفة ؛الوباء /الطاعون /الجدري / انفلوانزا/ السارس التاجي / إيبولا/ التهاب السحايا / السل/ التيفوس / ملاريا / الكوليرا / وغيرها من الأمراض والأوبئة …. وأخيرا كورونا ،كما أن بعض الأوبئة حدثت في نفس السنة من كل القرون الآتية ؛ 1720/ 1820/ 1920/ وأخيرا دجمبر 2019 ، وما زال الإنسان تباغته أوبئة غريبة يصعب علاجها في وقت وجيز ،وهناك أمراض مزمنة حظها  في العلاج قليل وضئيل ، رغم المجهودات الجبارة والأبحاث المستمرة .

4 / الإنسان لم يتعظ بعد ، ولا يعبأ بالأمراض الفتاكة ، رغم أنه خلق ضعيفا ،ولكنه يطغى يدعي العلم ، يتفجس /يفتخر يرغي /يزبد / وأحيانا لا يرغي ولا يثغي ، وبعض القادة يعلنون الحرب مع ادعاء القوة والعظمة ،قلوبهم فارغة من الرحمة ،يقتلون الأبرياء والأطفال والشيوخ والشباب والنساء والحيوان والطبيعة،يخربون العمران والبنيان ،يبيدون  حضارات سادت عدة قرون ، يلوثون المحيطات والبحار ،  بدلا من نشر السلم والقضاء على الأمراض و الجوع ، ومقاومة الظواهر الطبيعية من فيضانات وزلازل وأعاصير وعواصف ، إنهم يساهمون في التأخر و تخريب اقتصاد البلاد ، وقتل  الشغل ، ونشر البطالة والعطالة ، ولم يتعظوا  من الحربين العالميتين ونتائجهما .

5/ هذا المرض الجديد ؛لقن درسا لجميع الطغاة المتجبرين ، اليوم يفكرون في الإنسان ، يهتمون به وبالفقير والمسكين والمتسكع والمتشرد،يحفلون بالأطفال من حيث التطبيب والتلقيح ، لأنهم أي الأطفال هم رجال المستقبل وهم الوطن ، اليوم الإنسان هو ثروة عظمى وكنز ثمين، ورأسمال لا مادي نفيس ، لذا يلزم بناء الإنسان وخدمته والاهتمام به ، على المسؤول أن يخدم المواطن والوطن . 

6/  هذا المرض غير نمط عيش الإنسان ،سجنه في بيته ، بلا تواصل واتصال وزيارة الأقارب ، ومنعه حتى من تشييع الأهل وتقديم العزاء ، علمه المكوث في المنزل ، والابتعاد عن التسكع في الشوارع بدون هدف وغرض . ومنعه من ممارسة أنشطة رياضية جماعية ، وتنظيم حفلات وسهرات وأنشطة أخرى ، دفعه إلى الإبداع والابتكار والاختراع ، والتعبد والتضرع إلى الله ،والتدبر في عظمته ،وفي كل ما خلقه في هذا الكون ، والاهتمام بأولاده ،وتلاوة القرآن والأدعية ،وإقامة الصلاة ، والإحساس بالفقير والمسكين والجائع وحتى الذي لا مأوى له .

7/ ضعف الإنسان دليل واضح ، وبرهان ساطع ،وإن كان يصنع الأشياء الضخمة الثقيلة ،إلا أنه لا يستطيع أن يقاوم هذا الفيروس الذي لا يراه ، ولا يستطيع أن يصنع أصغر حشرة كالبعوض والناموس .

8/ هذا درس مفيد  لبعض العلماء المغرورين المتعنتين ، كما حصل لعالم يريد أن يطلق الموجة المغناطسية في الهواء الطلق ، ليتوقف كل ما فيه حركة ؛ الإنسان / الحيوان / السيارات / الطائرات /….يريد أن يسيطر على العالم بأنانيته ،وهو لا يعرف أنه ضعيف وفاشل ، ولا يعرف أن الفرد وحده في الكون لا وجدود له .

9/ ما يصرفه الإنسان  من أموال اليوم من أجل الرحلات إلى القمر والمريخ  والقيام بالحفلات والمهرجانات ، عليه أن يصرفها في إنقاذ المرضى واختراع أدوية نافعة ناجعة للوقاية والعلاج حاليا ومستقبلا . 

10/ هذا البيروس الجديد علمنا اليقظة والحذر والاحتياط والانتباه ،والاستمرار في البحث في ميدان الطب والعلوم الأخرى ،والتفكير في الإنسان والوطن والبشر من أجل إنقاذ الجميع  من الأوبئة الفتاكة والتي لا نعرف متى ستحدث من جديد ؟؟اا، ثم علينا نشر السلم والسلام ، وترك الحروب والضغينة والعنف والميز العنصري  والحزازات …..كلها تساهم في إشعال الفتن ،والفتنة أشد من القتل ،بل تفضي كلها  تدريجيا إلى الحروب . 

11/ ثقافات ومعاملات جديدة ؛التقاضي عن بعد/التعليم عن بعد/ التباعد الاجتماعي / التواصل الجديد عبر الإنترنيت / الإدارة الرقمية /البريد الإلكتروني / خدمات التوصيل إلى المنازل /استعمال وسائل للحماية من البيروس / احترام الطبيعة / المحافظة على البيئة / احترام متبادل بين الناس / ثقافة  تدبير الاحتراز والاستباق / الالتزام بالحجر الصحي / التقيد بالطوارئ الصحية  المعلنة / التفكير في دعم الفئات الهشة / مساعدة ذوي الاحتياجات الخاصة …..

12/ المدينة بلا إنسان عبارة عن فلاة قاحلة ماحلة ،وقلادة بلا واسطة ، هي  مدينة جامدة ،بل ؛هي مدينة ميتة لا وجود لها ، وجودها مرتبط ومستمر بوجود الإنسان القاطن بها ، كما أن الأرض بدون شجر وحيوان ونبات لا قيمة لها ، بل هي أرض موات ، فهي تحتاج إلى فلاح ليحرثها ويزرعها ويغرسها ليبعث فيها الحياة ، فالحيوان وحده لا يكفي ، لو كانت الحياة هي الغاية لاستطاعت الحيوانات تكوين دولة كما قيل قديما .

13/ ستتغير حياة الإنسان ؛سيكون أكثر وعيا وأشد حزما وإقداما وإسهاما لما  هو صالح  للإنسان ، سيهجر عادات سيئة ، سيدحر أفكارا غير نافعة  ، سيدحق بدعا غير مجدية ،عبارة عن تمثيليات عابرة ،وكليشيهات مبتذلة  ، وموجات زائلة  ،وموضات مرفوضة ،لا تترك أثرا طيبا ، فاليوم المبادرة المبادرة ثم المبادرة لفعل الشبر ، والقول الجميل ، ودرء الشر ، وتوخي الحيطة والحذر . 

14/ إذا توقفت المعامل والمصانع ــــ ولا نريد ذلك ــــ  سنرجع إلى الوراء إلى العهد الزراعي أو الفلاحي ، ونطلب من الله أن  يرحمنا بأمطار الخير لتكون المنتوجات الفلاحية متوفرة ، لنضمن قوت يومنا ولو بخبز وزيتون وحليب ….وسنعتمد على الدواب في المواصلات من جديد ، والحضارة كما ذكرت في مقالة سابقة ؛ تتعرض للانهيار بسبب الترف والبذخ والإسراف والمبالغات ، ولأنها عبارة عن عجلة  تدور ، وتتوالى هذه الأدوار على شكل دائرة ، ويتصل منتهى الدور الثالث ببداية الدور الأول ، وهكذا تسير عجلة الحضارة ،  وهناك روايات تشير إلى عدم دوام الحضارة والنعم منها ؛  "اخشوشنوا فإن الحضارة لا تدوم "،اخشوشنوا فإن النعم لا تدوم "….؟؟؟.

                  وبعد ؛ خلال هذه الجائحة الجديدة التي ألمت بأرجاء العالم ،جعلتنا نحن إلى أماكن كنا نتردد عليها بين آونة وأخرى ؛الحدائق /الشواطئ  /الجبال/   وخصوصا في فصل الربيع الذي تغنى به فطاحل الشعراء قديما وحديثا ….ثم المقاهي/ الأسواق / الساحات …كنا نتجاذب أطراف الحديث في مختلف الميادين والمجالات ،ونحن في أماكن مختلفة ، نلقي السلام ،ونبدي التحية مع التواضع تارة ، وتارة نسخر / نفتخر /نغضب / نحقد على الآخرين ، ولا نقدر؛ لا الإنسان ولا الحيوان ولا الجماد ، ولا نولي أي اهتمام لما يحيط بنا من ظروف ،ولا نشعر بالآخر، ولا نأبه به ،ولا نريد له الخير ، ولا نسأل عن أحوال معيشته وصحته ، واليوم بسبب هذه الجائحة النازلة ؛طفقنا نغير سلوكنا شيئا فشيئا ،لأن الموت يقهر كل متجبر،  ونخاف منه بسبب حبنا للحياة ومتاعها، بعد أن وصل الإنسان إلى حياة فيها كماليات عديدة ومتنوعة ، وفرتها الأجهزة المخترعة التي توفر الراحة والرفاهية للإنسان، ثم الحصول على أشياء في ظرف وجيز ،بدون جهد جهيد ،ومشقة مضنية مفنية .

وختاما لا بد من تقديم تحية إجلال وإكبار واحترام وتقدير إلى جميع الأطباء والطبيبات والممرضين والممرضات ـــ العاملين في قطاع الطب المدني والعسكري والخصوصي ــ  وجميع المسؤولين كيفما كانت درجتهم ومرتبتهم ،والسلطات المحلية ،ورجال الأمن ، والقوات المساعدة، والقوات المسلحة الملكية ،والدرك الملكي، والوقاية المدنية ، والعاملين بالمختبرات الطبية ،والجمارك ، ورجال النظافة ، والصيادلة ، ورجال الإعلام ،وجميع الجمعيات المدنية ، والمحسنين ،وكذا المحسنين الذين خصصوا فنادقهم  للعلاج ،وكذا الأطباء  أصحاب المصحات الذين خصصوا مصحاتهم للمرضى بهذا المرض المستجد ،وجميع المواطنين المنضبطين الذين لهم غيرة على وطنهم ،وجميع الشباب المخترعين لبعض الآلات ،والجامعات القائمة بالأبحاث العلمية لدراسة وتحليل هذا المرض قصد إيجاد العلاج الناجع ، وجميع المساهمين تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس ، وقيادته الرشيدة ،وتوجيهاته السديدة ،وهو أول المبادرين والمساهمين والمتطوعين في إحداث الصندوق الخاص بتدبير جائحة كرونا ،في وقت مبكر بعقله الثاقب ،ونظره السديد ، ورأيه الصائب ، ذلك الصندوق صندوق التضامن بمعنى الكلمة ،أصبح مجديا ونافعا في مساعدة المواطنين الفقراء والمعوزين ،وذوي الاحتياجات الخاصة ،والفئات الهشة ، والقاطنين في الأماكن البعيدة ،والعمال العاطلين، والمواطنين المتوفرين على بطاقة راميد ، وجميع مختلف شرائح المجتمع المغربي ، وأيضا أدى الصندوق دوره الناجع الفعال في توفير الكمامات ومحاربة فيروس كورونا المستجد ،بإيجاد أسرة وأجهزة ومستلزمات طبية وأدوات التحاليل  في مختلف المستشفيات ، كما أقام صاحب الجلالة مستشفيات ميدانية تشرف عليها المؤسسات العسكرية ،لأجل تعزيز إجراءات مكافحة بيروس كورونا ،ودعم ومساعدة القطاع الصحي بالبلاد ،وتقريب تلك المستشفيات من المواطنين والتي ساهمت بدورها الفعال في العلاج والقيام بالتحاليل المخبرية  إلى جانب المستشفيات العمومية .

             نرفع أكف الضراعة إلى الله العلي القدير راجين منه ؛أن يشفي جميع  المرضى ،ويرحم جميع الموتى في مشارق الأرض ومغاربها ، ويبعد عنا هذا المرض/الوباء  المستجد الغريب الخبيث النبيث،المعدي  المنتشر بسرعة بين الناس ،النازل بأنحاء العالم والذي شغل بال قادة الدول ،وقاد العلماء والأطباء وأساتذة الطب والباحثين في جميع أقطار العالم إلى المزيد من البحث والتنقيب ،لإيجاد دواء ناجع، ولقاح نافع بحول الله وقوته ،ونقول لهذا البيروس الذي لا نعرفه ولا نراه  : "أعشبت فانزل " ،و"إذا ظفرت فأحسن العفو "، وأيضا ما قالت عائشة لعليّ :" ملكت فاسجح".

مشاركة
تعليقات الزوار ( 0 )

أضف تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية) .