الرئيسية صوت المواطن مآسي المواطنون مع النقل العمومي والنقل السري في غياب الحلول وإنعدام إرادة السلطة بإقليم الناظور.

مآسي المواطنون مع النقل العمومي والنقل السري في غياب الحلول وإنعدام إرادة السلطة بإقليم الناظور.

كتبه كتب في 13 أبريل 2024 - 9:29 م

عن// جمعية الريف الكبير لحقوق الإنسان- جريدة البديل السياسي 

مآسي المواطنون مع النقل العمومي والنقل السري في غياب الحلول وإنعدام إرادة السلطة بإقليم الناظور.

 

حوادث خطيرة ومآسي متعددة يتسبب فيها سنويا أصحاب النقل السري، أو كما يسميهم البعض “الخطافة”… سواء باستعمال السيارات الشخصية أو الدراجات ثلاثية العجلات (التريبورتور). تحقيقنا اليوم سيكون من اقليم الناظور، إحدى المدن التي بدأت تعاني كذلك من هذا النوع من النقل، خصوصا بمداخل ومخارج الجماعات الترابية المكونة الإقليم . فلماذا يلجأ عدد من المواطنين إلى النقل السري؟ وأين تكمن خطورته؟ وما هي تبعاته القانونية؟

عبد الرحمان ، مواطن في عقده الرابع، من ساكنة حي ااثران جماعة بني شيكر ، يروي قصة عناء وتحديات يعيشها يومياً بسبب اعتماده على وسائل النقل السري للوصول إلى مكان في ميناء بني انصار. هنا في ضواحي جماعات بني شيكر، كما في باقي هوامش الجماعات الترابية والقروية المكونة لإقليم الناظور، يشهد النقل السري، الذي يعرف أيضا بـ « الخطافة »، تنامياً ملحوظاً بسبب نقص وسائل النقل العمومي وفشل السلطات الإقليمية في تحديد تعريفة النقل العمومي حيث يتحكم فيه لوبيات الفساد الذين نصبوا انفسهم بدون حق في مكان عامل إقليم الناظور ويحددون التعريفات على هواهم منذ سنين.

يحكي عبد الرحمان “بائع سمك” يبتدئ صباحي قبل فجر كل يوم ، حيث أستيقظ وأستعد للبحث عن وسيلة نقل توصلني إلى ميناء بني أنصار لأقتني السمك وأعيد بيعه ، يقول عبد الرحمان بحسرة. لسنوات طويلة، اعتمد على سيارات النقل السري للتنقل، وذلك نتيجة لندرة وسائل النقل العامة وغياب بدائل موثوقة في منطقته. ويجزم أن مشكلة النقل السري تعود للواجهات التوسع العمراني والاحتكام لهذا النوع من النقل في ظل النقص الحاد اوغياب خدمات النقل العام.

ومع ذلك، يؤكد عبد الرحمان أن الطريق ليست مليئة بالورود. يقول: العراقيل والمخاطر التي كنت أواجهها يوميا كانت مروعة، كان يصعب علي الوصول إلى العمل دون مواجهة مواقف صعبة ومحفوفة بالمخاطر. ويشير إلى أن السائقين في هذا النوع من النقل غالبا ما يتجاوزون الحدود السرعة المسموح بها ويسيرون بشكل متهور، مما يضع حياة الركاب في خطر.

وما يجعل الأمور أكثر تعقيدا هو تأثير النقل السري على صيرورة العمل. يقول عبد الرحمان : كثيرا ما واجهت مشاكل في عملي بسبب التأخير الذي كنت أعانيه بسبب غياب بدائل التنقل. يضيف: كان علي التحمل والمشي على الأقدام ليكلوميترات لأجد تقلا مرخص لضمان سلامتي ولكي لا أفقد يوم عملي مما يجعلني أفقد وقد مهما من راحتي التي قد اكتسبها في النوم القليل الذي استفيد منه يوميا.

ليس وحده عبد الرحمان من يضطر إلى استخدام النقل السري في تنقلاته، إنما غالبية سكان إقليم الناظور حيث أن انقل العمومي يتمركز فقط في وسط الحواضر خصوصا سكان هذه المناطق النائية كلهم مجبرون على ذلك، كما لو كان قدرهم المحتوم.

انتقلنا إلى مناطق أخرى مثل بويافر وبني سيدال الجبل وبني سيدال لوطا وحاسي بركان وزايو واولاد ستوت وقرية اركمان وبوعرك وبني انصار إلخ…، التي ينتشر فيها هذا النوع من النقل السري بكثرة… ووفق ما استقيناه من عين المكان، فبالرغم من أن النقل السري يحل عددا من المشاكل التي تعاني منها ساكنة تلك المنطقة النائية، إلا أنه بالمقابل يطرح مشاكل عديدة، أبرزها نقل المواطنين بشكل عشوائي دون مراعاة لسلامة الركاب، حيث يتم شحن السيارات المخصصة لهذه الأغراض بما يزيد عن طاقتها الاستيعابية ليصل عدد الركاب في كل سيارة إلى 7 أشخاص، إلى جانب السير بسرعة قصوى تتعدى السرعة المسموح بها، ناهيك عن خرق القوانين مثل خرق الإشارات الضوئية أو السير في الاتجاه المعاكس للطريق من أجل الوصول بسرعة، والأدهى من كل ذلك أن بعض السائقين لا يتوفرون على رخصة السياقة فبالأحرى تأمين السيارة…

وقال أحد سكان المنطقة، إننا نعاني من هذه الظاهرة بشكل يومي، حيث أصبحنا نخاف من تنقلنا مع السائقين المتهورين، وسياراتهم التي لا تتوفر فيها شروط الأمن والسلامة الملائمين لنقل المواطنين، وعدم تحملهم المسؤولية في حالة وقوع حادثة أو شيء من هذا القبيل.

كما، أوضح متحدث آخر، بأن سكان المنطقة يضطرون إلى التنقل عبر هذه المركبات للوصول إلى مقرات عملهم وغلى منازلهم وقضاء مئاربهب ونقل النسوة الحوامل والمرضى للمستشفيات إلخ… نظرا لغياب بدائل، حيث يغامرون بأنفسهم رغم الخطورة التي تشكلها على حياتهم.

وأضاف المتحدث: إلى جانب تصرفات بعض سائقي سيارات النقل السري، فبعضهم يسوق وهو ما يزال تحت تأثير السكر، والبعض الأخر يقوم بالسياقة بدون توفره على رخصة، زد على ذلك السير في الاتجاه المعاكس للطريق، وعدد من السلوكات التي تشكل خطرا كبيرا على الركاب.

.

كما تحكي نجاة “اسم مستعار”، وهي وإحدى سيدات المنطقة، كيف أنها تعرض لحادثة سير خلال تنقلها مع أحد أرباب سيارات النقل السري. وتقول إنها تتذكر جيدا ذلك اليوم، عندما تعرضوا لحادثة كادت تزهق أرواحهم بسبب السرعة المفرطة، ليقوم السائق المتهور بإنزال الركاب قبل أن يلوذ بالفرار دون الاطمئنان على صحة وسلامة الركاب.

جمعية الريف الكبير لحقوق الإنسان تؤكد ان الظاهرة معروفة منذ القدم واستفحلت جراء التوسع العمراني لإقليم الناظور بجماعاته الترابية والقروية وانتشار الفبطالة بعد اغلاق الحدود مع المدينة المحتلة مليلية والنقص الحاد في فرص الشغل وكذلك قيام سيارات الأجرة الكبيرة والصغيرة برفع تعريفاتهم خارج القانون وعدم تعليق التعريفات ولا تسليم الفواتير إلخ… بسكون ممثلي الدولة على الإقليم الموكل لهم تطبيق القانون رغم تنبه جمعية الريف الكبير لهم في عدة مناسبات بأن سيارات الجرة أقدمت على الرفع من تعريفة النقل بدون قرار وهذا يعتبر حرق للقانون وتمرد على القرارات التنظيمية لممثلي الدولة.

جمعية الريف الكبير لحقوق الإنسان ترى انه رغم خطورة استعمال النقل السري من قبل المواطنين والمواطنات نجد أن النقل السري بإقليم الناظور يعرف انتعاشا وارتفاعا يوميا ونجد المزيد من السيارات تتجه لامتهان هذا النشاط، رغم أن الفصل 24 من مدونة السير المتعلق بالعقوبات والغرامات، أقرت أنه يعاقب بغرامة تتراوح بين 200 و10.000 درهم وبالحبس من ستة أيام إلى 6 أشهر أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط، كل من يستغل مصلحة عمومية لنقل المسافرين أو البضائع بواسطة سيارة دون أن يكون مقبولا لهذا الغرض أو بواسطة سيارة غير مرخص لها أو مخالفة للشروط المبنية في بطاقة رخصة العربة.

وكذا كل من يقوم بمخالفة الفصل 21 من الظهير الشريف أو للنصوص المتخذة لتطبيقه باستغلال مكتب للنقل أو إسداء مساعدة لهذا الاستغلال بأي وجه من الوجوه، أو ممارسة مهنة وسيط بين الناقل والزبون بأي صفة من الصفات، وكل من له صفة ناقل واستعمل مكتبا للنقل من هذا القبيل.

وفي حالة العودة إلى المخالفة، فإن القدر الأدنى للغرامة الواجب الحكم بها يبلغ 4.000 درهما دون تأجيل التنفيذ، ويمكن علاوة على ذلك مضاعفة القدر الأقصى للغرامة ويعتبر المقترف قد عاد إلى المخالفة التي صدرت عليه خلال الثلاثمائة والخمسة والستين يوما السابقة للمخالفة عقوبة من أجل مخالفة من نفس النوع بمقرر اكتسى قوة الشيء المقضى به.

وبصرف النظر عن الأحكام السابقة فإن كل عربة تقوم بالنقل وتوجد عبر الطريق العمومية مخالفة لمقتضيات الظهير الشريف هذا أو للنصوص المتخذة لتطبيقه تساق على نفقة وعهدة المخالف إلى المستودع البلدي أو إلى مرأب تعنيه السلطة الحكومية المكلفة بالنقل.

كما استقينا رأي عدد من المسؤولين النقابيين الذي تنضوي تحت غطائهم النقابي العديد من سيارات الأجرة من الصنفين الكبير والصغير، وتجدر الإشارة أن غالبية هذه السيارات تتواجد خارج القانون لوفاة أصحاب المأذونين مما يجعلهم في خانة الخارجين عن القانون بتستر من قبل السلطة.

ح.م ، نقابي لسيارات الأجرة منضوي لنقابة كبيرة وتاريخية بإقليم الناظور أكد، إن ظاهرة النقل السري انتشرت بشكل كبير على مستوى إقليم الناظور والدريوش ، وأثرت بشكل قوي على مدخول السائقين المهنيين وأصحاب سيارات الأجرة بصنفيه الكبير والصغير بنسبة 70%، خصوصا في الفترة الأخيرة التي شهدت زيادات متتالية في مادة الغازول مع العلم انه لا يستفيد الجميع من الدعم الذي خصصته الحكومة لعدم استيفاء الشروط القانونية.

وأوضح ح.م ، بأن مهنيي القطاع بإقليم الناظور، يعانون من عدة مشاكل، أبرزها النقص الحاد في الطرقات وارتفاع فاتورة النقل جراء ارتفاع الغازوال ، والتي أثرت بشكل كبير على مهنيي القطاع، وعرقلت وصولهم لمجموعة من النقط لنقل الزبائن، وهو ما شكل فرصة سانحة لأصحاب النقل السري وأصبحوا ينقلون المواطنين بدون رخصة، خوصا بالمناطق الهامشية لجماعات الإقليم وفي الكثير من الأحيان في وسط المدارات الحضري.

وأشار النقابي، إلى أن السائقين المهنيين يقعون يوميا في مواجهة مع أصحاب النقل السري، بحيث يتم تبليغ الأمن الوطني والدرك الملكي لحجز السيارات الغير المرخصة ووضعها بالمحجز البلدي مع تحرير محاضر الضابطة القضائية لنقل الركاب بدون رخصة.

وارتباطا بالموضوع، قال النقابي، إن المهنيين وإلى جانب سيارات النقل السري، أصبحوا يعانون أيضا في الآونة الأخيرة من انتشار بعض الدراجات ثلاثية العجلات والتي تستعمل بدورها في النقل السري للمواطنين، وتعتبر أكثر خطورة.

النقابي ، أفاد أن من الحلول لمحاربة هذه الظاهرة هي تطوير خدمات المهنيين لهذا القطاع وعدم رفض الرحلات التي يطلبها المواطن وتوفير جودة في الخدمات عكس سيارات النقل السري التي تشتغل بعشوائي وهنا نحتاج إلى إرادة السلطات في احتواء الظاهرة.

بعدما كانت ظاهرة النقل السري متفشية في الوسط القروي نظرا لغياب بدائل، انتقلت لتنتشر في المدن، ورغم مجهودات السلطات العمومية لمحاربتها إلا أنها آخذة في التنامي خصوصا في بعض المناطق التي تعاني من قلة وسائل النقل العمومي أو الازدحام في أوقات الذروة وجراء التلاعب في التعريفة من قبل الطاكسيات بنوعيها الصغير والكبير وانعدام المراقبة من قبل السلطات المحلية ولجان المراقبة.

ومع استمرار تنامي هذه الظاهرة في الضواحي، يبقى الناس في انتظار حل جذري من قبل عامل اقليم الناظور السيد: جمال الشعراني ورؤساء الجماعات المحلية لمشكلة النقل السري والنقل بصفة عامة. ومن المهم أن تتحرك الجهات المسؤولة بسرعة لتحسين وضع النقل العام وتوفير بدائل آمنة وفعالة للمواطنين، من أجل تخفيف العبء عن كاهلهم وتوفير بيئة تنقل أفضل.

وتناشد جمعية الريف الكبير لحقوق الإنسان الجهات المعنية والسلطات المحلية بتحسين الوضع، وتوفير وسائل نقل عامة موثوقة وآمنة للمواطنين. ونقول نحن بحاجة إلى حل حقيقي لهذه المشكلة، نحن نحتاج إلى وسائل نقل تسهم في تحسين حياتنا وتجعل من التنقل تجربة آمنة وسلسة.

تعليقات الزوار ( 0 )

أضف تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية) .