الرئيسية أسر ومحاكم هكذا حول شهود الزور تقديم إفادات كاذبة إلى مهنة لكسب الأموال

هكذا حول شهود الزور تقديم إفادات كاذبة إلى مهنة لكسب الأموال

كتبه كتب في 17 نوفمبر 2023 - 2:21 م

جريدة البديل السياسي 

يتربص أشخاص يحترفون مهنة “شاهد الزور” قرب عدد من المحاكم في المغرب إلى حد أنهم باتوا معروفين في الأماكن والمقاهي التي يرابطون فيها بالقرب من المحاكم من أجل الإدلاء بشهاداتهم المزورة في ملفات قضائية مقابل مبالغ مالية يحصلون عليها من المستفيدين.

. وشهدت محاكم مغربية أنباء حول تزايد أعداد من يحاولون التأثير في مسار العدالة بغية الحصول على مكسب مادي، الأمر الذي دفع السلطات القضائية المعنية في بداية الشهر الحالي إلى إقرار آلية رقمية في المحاكم تروم الكشف عن شهود الزور وإلقاء القبض عليهم.

. وترتكز الآلية الرقمية الجديدة على “إمكانية البحث بواسطة رقم البطاقة الوطنية للتعريف أو الاسم العائلي والاسم الشخصي، عن مختلف الملفات والمحاضر والشكايات التي يمكن أن يكون الشاهد الماثل أمامها سبق أن أدلى فيها بشهادته”.

. ووفق قرار المجلس الأعلى للسلطة القضائية، أعلى مؤسسة للقضاء بالمغرب، فإن هذه الآلية ستمكن من المساعدة في ضبط الأشخاص الذين يحترفون شهادة الزور، بالتالي الإسهام في ردع هذه الظاهرة المشينة.

حوادث وضحايا قبل أيام قليلة، اعتقلت الشرطة شخصين من داخل جلسة في المحاكم في شهادة زور أدليا بها بملف يتعلق بالاعتداء الجسدي بين متقاضيين، بعد أن تراجعا عن شهادتهما الأولى أمام القاضي.

وفي محيط محكمة الناظور ، أوقفت الشرطة شهود زور متخصصين في الإدلاء بشهاداتهم الكاذبة لمصلحة من يطلبون خدماتهم، بعدما اعترف أحد المتهمين أمام القاضي بأنه جلبهم لنيل حكم قضائي لفائدته. يحكي ، أحد المتخاصمين في قضية، أن خلافاً نشب بينه وأحد جيرانه في خصوص حدود قطعة أرض، ووصل هذا الخلاف إلى ردهات المحاكم، غير أنه فوجئ بشهود لا يعرفهم استقدمهم خصمه ليشهدوا لمصلحة الأخير.

وتابع أنه عندما بحث في الأمر اكتشف متأخراً أن الذين استنجد بهم خصمه في المحكمة هم شهود زور يمنحون شهاداتهم لكل من يقدم لهم مالاً أكثر، مبرزاً أن شهادة هؤلاء الأشخاص كانت مؤثرة في مسار الحكم الذي جاء في صف الخصم.

. واسترسل المتحدث بأن “شهود الزور هؤلاء كانوا يتحدثون أمام القاضي بكل أريحية كأنهم يعرفون المتخاصمين ويعلمون أدق حيثيات الملف، مما يوحي بأنهم بالفعل شهود حق جاؤوا لتنوير العدالة، غير أن الذي حصل هو العكس تماماً”.

. ويقول مواطن آخر إنه وقع أيضاً ضحية شاهد زور، مؤكداً “هذا الشاهد يمكنه أن يدخل بريئاً السجن، أو يبرئ متهماً يستحق العقاب، فقط لأن شهادته أمام المحكمة كانت مطلوبة لحسم الملف.

“. وبحسب معرفته ومعاناته السابقة مع شهود الزور، يقول المتحدث نفسه إن “العمل كشاهد زور ليس سهلاً كما قد يبدو لبعض الناس، إذ يجب أن يكون رابط الجأش ولا يهاب أجواء المحاكم وأن يحفظ دوره جيداً عبر الإلمام بجميع تفاصيل القضية كي لا يفضح نفسه أو من قام باستئجاره.

“. قوانين وعراقيل يعرف القانون الجنائي المغربي شهادة الزور بأنها “كل شهادة تضلل العدالة بشكل عمدي، وتزور الحقائق، شفوية كانت أو مكتوبة، لمصلحة أحد الخصوم أو ضده، بعد حلف اليمين في قضية جنائية أو مدنية أو إدارية متى أصبحت أقواله نهائية

ويعاقب القانون الجنائي في المغرب على جريمة شهادة الزور بالسجن والغرامة المالية، بحيث تنص المادة 369 على أن “من شهد زوراً في قضية ما، سواء شهادة مع الجاني أو ضده، يحكم عليه بالحبس مدة من سنة إلى خمس سنوات ودفع غرامة مالية قدرها من 10 إلى 100 ألف درهم (بين 1000 ووفق المادة القانونية ذاتها، فإنه “في حال ثبت أن شاهد الزور تسلم أموالاً أو مكافأة أياً كان نوعها من المتهم مقابل هذه الشهادة، تكون العقوبة بالسجن مدة من خمس إلى 10 سنوات ودفع غرامة مالية من 20 إلى 200 ألف درهم وفي حال تم الحكم على الجاني بعقوبة أكثر من العقوبة المقررة المعروفة في القانون يتم الحكم على شاهد الزور بالعقوبة نفسها”. وتنص المادة 370 من القانون الجنائي المغربي على أن “من شهد زوراً في قضية جنح، سواء كانت الشهادة مع المتهم أو ضده، يحكم عليه بالحبس من سنة إلى ثلاث سنوات ودفع غرامة مالية مقدارها من 10 إلى 500 ألف درهم  ، وفي حال ثبوت أن شاهد الزور شهد مقابل المال أو الجوائز أو وُعد مقابل شهادته هذه بمنصب أو مال أو ترقية، تكون عقوبته الحبس خمس سنوات”.

من جهته يفيد المحامي بهيئة  الناظور بأن “وصم طرف لشهادة خصمه بأنها مزورة مسألة متوقعة، إذ يسعى كل متقاض إلى دحض دفاع وأسانيد وشهود الطرف الآخر بهذا الاتهام”، مؤكداً أن “الشهادات التي تقدم أمام المحاكم تبقى شهادات حقيقية، وإثبات شهادة الزور ضد شخص أمر صعب للغاية

“. من يحتكر الحقيقة؟ وزاد أن انتشار أخبار عن وجود شهود زور أمام المحاكم مستعدين للشهادة بمقابل مادي استنفر وزارة العدل وجعلها تنكب على وضع منصة بيانات خاصة بكل الأشخاص الذين ربما يكونون قدموا تصريحات في جرائم أو شهدوا في ملفات أمام المحاكم، بهدف ضبط من يحترفون الشهادة ومحاربة هذه الظاهرة التي قد ترمي بأبرياء في السجن أو تنقذ متورطين في جرائم من العدالة

“. لكن يلفت إلى أن “النظام الجنائي المغربي يعتبر الشهادة من أهم وسائل الإثبات، وكل تخويف للشهود وتسطير للمتابعات ضدهم من دون وجود أدلة وانتشار خبر هذه المتابعات، سيؤدي إلى انصراف عموم الناس عن الشهادة التي قد تكون صادقة وحاسمة في بعض الجرائم الخطرة مثل القتل

“. ويؤكد أن “معالجة ظاهرة شهود الزور تقتضي السير قدماً في وضع آليات تقنية للاعتماد على الشهود الذين لا يكذبون، ولا مصلحة لهم مع أي كان”، مبرزاً أن “الكاميرات وحدها هي التي تنقل حقيقة ما جرى صورة وصوتاً”.

مشاركة
تعليقات الزوار ( 0 )

أضف تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية) .