الرئيسية قضية و تعليق المناطق المقدسة نقطة تصعيد محتملة في التوتر الإسرائيلي الفلسطيني

المناطق المقدسة نقطة تصعيد محتملة في التوتر الإسرائيلي الفلسطيني

كتبه كتب في 16 سبتمبر 2023 - 2:12 م

جريدة البديل السياسي 

فادي حمدان الصاوى 
كاتب وصحفي فلسطيني مقيم في لندن

المناطق المقدسة نقطة تصعيد محتملة في التوتر الإسرائيلي الفلسطيني

 

في الوقت الحاضر، لا يتم بث نشرة إخبارية أو برنامج سياسي في وسائل الإعلام الإسرائيلية دون مناقشة المواجهة العسكرية المرتقبة في المنطقة. يتم تداول سيناريوهاتها المختلفة وتأثيراتها المحتملة، سواءً في المناطق الحدودية الشمالية المقابلة للبنان، أو في المنطقة الجنوبية المحاذية لقطاع غزة، أو حتى في المناطق الفلسطينية الداخلية. يُبرز وسائل الإعلام الإسرائيلية هذه المواجهة بطريقة تؤكد وقوعها، مما يُشعر بالأجواء التي سبقت الحرب بين إسرائيل ولبنان في عام 2006

تشير التقارير المختلفة إلى وجود سيناريوهات مختلفة لقتل قادة فلسطينيين، وتتهم إسرائيل بتحفيز النشاط العنيف في الضفة الغربية. تشير التقارير أيضًا إلى إمكانية تدخل حزب الله اللبناني واستعداده للمشاركة في أي اشتباك يحدث في الأراضي اللبنانية. تمت ملء هذه الأحداث وغيرها في وسائل الإعلام العبرية. ومع ذلك، هناك اختلافات كبيرة بين هذا الاشتباك – إن حدث – والصراع الذي حدث في عام 2006 من حيث الظروف السياسية المحلية والإقليمية. ومن أهم هذه الاختلافات هو نوعية النظام الحاكم في إسرائيل اليوم، حيث يتم قيادتها بقوة من قبل التيار اليميني المتطرف والصهيوني الديني بزعامة الثنائي سموتريتش وبن غفير. يعتقد هذا التيار أن الحرب الدينية المقدسة هي الوسيلة الوحيدة للخلاص والتي يؤمن بها من الناحية الدينية. وهذا يعني أن الأماكن المقدسة يمكن أن تكون نقطة تصعيد للتوتر في المنطقة قبل أي اشتباك من هذا النوع، وربما تستخدم كمنطقة تأثير رئيسية في نفس الوقت

تمت مناقشة موضوع المواجهة العسكرية الشاملة في الفقرة السابقة، وفي نفس الوقت، يستعد القدس لموسم طويل من الاقتحامات والاعتداءات على المقدسات. يبدأ هذا الموسم في 16 سبتمبر الحالي ويستمر لمدة 22 يومًا حتى 7 أكتوبر المقبل. يبدأ الموسم بعيد رأس السنة العبرية، حيث تسعى الجماعات المتطرفة لنفخ البوق داخل المسجد الأقصى. ثم تأتيأيام التوبةحيث تؤدي صلوات معينة بملابس محددة داخل المسجد. وبعد ذلك، يأتييوم الغفرانالذي يُعتبر الأهم في السنة بأكملها. وأخيرًا، تأتي أيام عيد العرش من نهاية سبتمبر حتى نهاية الأسبوع الأول من أكتوبر المقبل

ويُنظَر إلى الجماعات المتطرفة في المعبد، التي تشكل الركيزة الأساسية للتيار الكهنوتي والصهيونية الدينية، أنها تَعَدُّ موسمها السنوي بمثابة شهر رمضان المبارك السنوي للمسلمين، بسبب مدة الفترة الطويلة وارتباط الطقوس الدينية التي تُقام في المسجد الأقصى بهذه الجماعات، بهدف السيطرة على المكان وفرض وجودها فيه. وعادةً، تتخذ قوات الأمن الإسرائيلية تدابير خاصة في هذه الفترة لمنع تطور استفزازات تلك الجماعات إلى موجة احتجاج فلسطينية تركز في القدس. ولذلك، أذنت شرطة الاحتلال، على سبيل المثال، لأعضاء تلك الجماعات بالتزمير في عيد رأس السنة العبرية داخل المسجد الأقصى المبارك مرتين متتاليتين خلال السنتين الماضيتين، مع الحذر الشديد من عدم توثيق الحدث أو تصويره بأي شكل، سواء من قِبل حُرَّاس المسجد الأقصى والمُصَلِّين فيه، أو من قِبل أفراد تلك الجماعات المتطرفة، وتم تحظير أي تغطية إعلامية لذلك بشكل كامل، خوفًا من أن يُؤدِّي ذلك إلى اضطرابات واسعة في المنطقة

في هذا الموسم من هذا العام، يهدف وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير إلى إظهار قوته وسيطرته على الشرطة كما هو معتاد. ويرغب في تصعيد الأوضاع في الأراضي الفلسطينية بأي وسيلة ممكنة، حتى لو تطلب ذلك الاصطدام مع المؤسسة الأمنية، كما شاهدنا في قراره بتغيير تواريخ زيارة الأسرى لتصبح مرة كل شهرين بدلاً من مرة كل شهر، وهو قرار تم رفضه من قِبَلِ مجلس الأمن القومي الإسرائيلي. ونتيجة لذلك، لا يمكن استبعاد محاولة بن غفير لتصعيد الوضع في المسجد الأقصى خلال هذه المناسبات الدينية التي تستمر لمدة 22 يومًا، من خلال السماح بأعمال إثارة الاستفزاز

في نفس الوقت، قد تقوم جماعات المتشددين في المعبد باتخاذ إجراءات استفزازية بدون توجيه مباشر من قِبَلَ بن غفير، حيث تتلقى الدعم الغير محدود من وزارة الأمن القومي التي يقودها بن غفير. تعتمد هذه الجماعات على ثقتها الكاملة بولائها له واستعدادها لحماية أي إجراء يتخذها ضد المواقع المقدسة في القدس. هناك عدة إشارات اليوم تشير إلى هذا المسار، ومن أبرزها التصعيد الأخير ضد مصلى باب الرحمة، حيث اقتحمت قوات الاحتلال هذا المكان فجر الجمعة الأول من سبتمبر الحالي، وهاجموا محتوياته بشكل غير عادي ودمروه. وتعكس هذه الأحداث نية سلطات الاحتلال في تجهيز المنطقة لفرض رؤيتها حول مصلى باب الرحمة، خاصة بعد عدم نجاحها في إغلاقه أو استعادة السيطرة عليه بعد حملة باب الرحمة في عام 2019

تُعد هذه التصاعدات أحد الأسباب الرئيسية – على الرغم من كونها غير مباشرة – في زيادة التوتر وتصاعد الأوضاع في المنطقة، وتوجيهها نحو صدام عسكري واسع في عدة جبهات. قد تكون هذه المواجهة أكثر تعقيدًا من المواجهة في عام 2021، خاصة إذا تورط حزب الله اللبناني في النزاع. إذا حدثت مثل هذه المواجهة، فلا شك أن القدس ستكون جزءًا من المشكلة. لستُ أعني بالضرورة الصراع العسكري داخل القدس، ولكن التركيز العالمي على الصراعين اللبناني والفلسطيني يمكن أن يحفز بعض اليهود المتطرفين لاتخاذ خطوة جريئة وخطيرة، مثل محاولة فرض تقسيم المسجد الأقصى، أو السيطرة على أحد المباني أو المواقع مثل باب الرحمة، أو الساحة الشرقية، أو التصويرة الجنوبية الغربية بغرض تحويلها إلى مواقع لأداء طقوس دينية للمستوطنين. وقد يستغل بعض قادة الصهيونية الدينية هذه الفرصة للسيطرة على الهيمنة الكبيرة في إسرائيل، خاصة مع اقتراب انتخابات الهيمنة الكبيرة في نهاية هذا العام العبري في شهر سبتمبر الحالي

يمكن تجنب محاولات الجماعات اليمينية الإسرائيلية للاستيلاء على المسجد الأقصى بواسطة سيناريو يعتمد على التحركات الشعبية، والتي ثبتت فعاليتها في السنوات السابقة في مدينة القدس. فأي حراك شعبي عام يعتبر بالفعل ملجأ اجتماعيًا للأماكن المقدسة، وهذا يثير تخوف السلطات الأمنية الإسرائيلية بالنظر إلى أن القدس تعتبر نقطة ضعف لإسرائيل على وجه التحديد. لذا، استخدام سيناريو التحركات الشعبية يعتبر التوجه المنطقي الذي يمكن أن تتخذه الأحداث في القدس، عندما تكون هناك دلائل واضحة على أن الاحتلال يستعد للاستيلاء بشكل كامل أو جزئي على المسجد الأقصى قبل أو أثناء أي تصعيد عسكري محتمل. وهذا يعني أنه يجب أن يبقى الانتباه متوجهًا دومًا نحو الصراع الرئيسي في القدس كأكثر المناطق حساسية بالتأكيد بين جميع مناطق التوتر. فأي اعتداءات في القدس قد تؤدي إلى تفجير الوضع والمساهمة في تصعيد أي توتر عسكري في المنطقة بشكل عام، وليس فقط في القدس.

تعليقات الزوار ( 0 )

أضف تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية) .