الرئيسية كتاب وآراء خرافة الإعتقال السياسي بالمغرب

خرافة الإعتقال السياسي بالمغرب

كتبه كتب في 8 يونيو 2023 - 4:28 م

البشير الحداد الكبير،باحث بسلك الدكتوراه بكلية الحقوق بطنجة

 

إن المتتبع للأحداث الوطنية وما يروج له في وسائل التواصل الإجتماعي يلاحظ أن المغرب يتعرض لهجمات عدوانية،تروج لأفكار مغلوطة وتحاول تشويه المسار الحقوقي المتميز الذي تشهده المملكة المغربية الشريفة تحت القيادة الرشيدة للمؤسسة الملكية، فما يحاول الترويج له أعداء وحدتنا الترابية بأن المغرب يشهد أزمة حرية التعبير وحرية الصحافة، ويقوم بالإعتقال السياسي من طرف ما يطلق عليه أعداء الوطن بمصطلح “البوليس السياسي” ،كل هاته المغالطات هدفها استهداف الأمن والإستقرار الذي تنعم به المملكة المغربية الشريفة .

إن المغرب وجد نفسه مهاجم من طرفين، أولهما أعداء وحدتنا الترابية الذين يقومون بشراء بعض المنظمات الدولية لكتابة تقارير سوداء عن المغرب، وثانيهما الخونة الذين غادروا التراب الوطني وبدأوا بمهاجمة المغرب من خلال نشر فيديوهات كلها مغالطات وأكاذيب.

لقد سبق لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده في الخطاب الملكي السامي بمناسبة ذكرى المسيرة الخضراء المجيدة سنة 2013 أن قال:”وإن المغرب بقدرما يحرص على التعاون والتفاعل الإيجابي مع المنظمات الحقوقية الدولية،التي تتحلى بالموضوعية في التعامل مع قضاياه، ويتقبل بكل مسؤولية، النقد البناء، فإنه يرفض أن تتخذ بعض المنظمات، في تقارير جاهزة، بعض التصرفات المعزولة، ذريعة لمحاولة الإساءة لصورته وتبخيس مكاسبه الحقوقية والتنموية.

فهناك مثلا من يصدقون، ظلما وعدوانا، أي شخص يدعي أنه تم المس بحق من حقوقه، أو أنه تعرض للتعذيب ولا يأخذون بعين الإعتبار أحكام العدالة، بل وما يقوم به المغرب على أرض الواقع “.

لقد لاحظنا أن منظمة العفو الدولية تحاول في كل مرة تشويه صورة المغرب دوليا، عبر تقارير كلها مغالطات وأكاذيب وخرافات، كما لاحظنا منظمة مراسلون بلا حدود التي قامت عن سبق إصرار وترصد تبخيس الوضع الصحافي المتيمز بالمغرب عبر تقريرها الأخير الذي صنف المغرب في المراتب الأخيرة في ميدان حرية الصحافة، وهذا التصنيف يفتقد للموضوعية ويفتقر لأدنى المعايير الدولية، وبالتالي نستنتج أن بعض المنظمات الدولية أصبحت أبواق مأجورة تكتب تقارير مليئة بالمغالطات مقابل العديد من الدولارات، وكما قال جلالة الملك نصره الله وأيده في خطاب المسيرة الخضراء 2013 :”إن بعض الدول تكتفي بتكليف موظفين بمتابعة الأوضاع في المغرب، غير أن من بينهم، من لهم توجهات معادية لبلادنا، ومتأثرون بأطروحات الخصوم. وهم الذين يشرفون أحيانا، مع الأسف على إعداد الملفات والتقارير المغلوطة، التي على أساسها يتخذ المسؤولون بعض مواقفهم…. غير أن السبب الرئيسي في هذا التعامل غير المنصف مع المغرب، يرجع، بالأساس، لما يقدمه الخصوم من أموال ومنافع، في محاولة لشراء أصوات ومواقف بعض المنظمات المعادية لبلادنا… “،إن هذه المنظمات المعادية تارة تتهمنا بإنعدام حرية التعبير في المغرب وتحاول تسويق صورة مغلوطة وكأن المغرب يعيش في عصر الجاهلية وتارة أخرى تهاجمنا من باب الصحافة وتارة أخرى تتهمنا بالتجسس أو ما يعرف ببيغاسوس، وبالتالي في كل مرة تستعمل وسيلة ما وتبدأ في شن حرب على المغرب، فهدفها واحد خدمة أجندة أعداء وحدتنا الترابية.

سنحاول من خلال هذا التحليل الوقوف على أهم النقط التي دفعتنا لكتابته، كيف لمتهمين في قضايا الإغتصاب والإتجار في البشر أن يتحولوا إلى مناضلين أو حسب ما يروج له أعداء وحدتنا الترابية ب”معتقلي الرأي” أو “المعتقلين السياسيين”؟ وهنا نقصد عمر الراضي وسليمان الرايسوني وتوفيق بوعشرين، هؤلاء تم سجنهم لكونهم ارتكبوا جرائم جنائية وتمت معاقبتهم من طرف العدالة المغربية، فكيف تسمح عائلتهم بأن تروج لأفكار مغلوطة بأنهم معتقلين سياسيين، هؤلاء مجرمون وتمت معاقبتهم طبقا للقانون، كما أن من يروج لفكرة الإعتقال السياسي، لم يطلع على القانون، فالمغرب حذف العقوبات السالبة للحرية في حق الصحافيين،فعمر الراضي ،الرايسوني وبوعشرين لم يتم إعتقالهم لكونهم صحافيين، وإنما بناءا على جرائم جنائية ارتكبوها، وبالتالي لاداعي للمغالطات، فالقانون فوق الجميع.

إن المغرب قام بإصلاحات جوهرية في المنظومة الحقوقية تحت الرعاية السامية لجلالة الملك حفظه الله ورعاه، فالباب الثاني من الدستور الجديد جعل فقهاء القانون الدستوري يطلقون على دستور 2011 بدستور الحقوق والحريات،فالمشرع الدستوري قد نص في الوثيقة الدستورية على عدد هائل من الحقوق والحريات، في مقدمتها،حرية الفكر والتعبير (الفصل 25)،حرية الصحافة (الفصل 28)،حرية الإجتماع والتجمهر والتظاهر السلمي وممارسة الإضراب(الفصل 29)،إعطاء مكانة مهمة للمعارضة البرلمانية (الفصل 10)،من حق المجتمع المدني تقييم السياسات العمومية والمشاركة إلى جانب المواطنات والمواطنين في تقديم ملتمسات التشريع والعرائض في إطار الديمقراطية التشاركية وتعزيز دولة الحق والقانون، كما أن أولئك الذين يروجون لمغالطات من قبيل “الإعتقال التعسفي” أو “الإختفاء القسري”،لا بأس أن نذكرهم بالوثيقة الدستورية، فالمغرب بلد الحقوق والحريات وليس بلد الشعارات، نجد الحق في الحياة (الفصل 20)،السلامة الجسدية والمعنوية لأي شخص (الفصل 22)،اعتبار الإعتقال التعسفي أو السري والإختفاء القسري من أخطر الجرائم ومنع التعذيب (الفصل 23)، دون أن ننسى بأن المملكة المغربية الشريفة قد صادقت على جميع الإتفاقيات الدولية المعنية بحقوق الإنسان(الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، العهد الدولي الخاص بالحقوق الإقتصادية والإجتماعية والثقافية، الإتفاقيات الخاصة بمناهضة التمييز،الإتفاقيات الخاصة بردع الإبادة ومناهضة التعذيب والإختفاء القسري، الإتفاقيات الخاصة بحماية الفئات “الطفل، المرأة، المهاجرون،اللاجئون،الأشخاص المعاقون” ،الإتفاقيات الخاصة بالرق والإتجار بالأشخاص”، بالإضافة إلى مصادقتها لإتفاقيات تهم القانون الدولي الإنساني، كما عملت على ترجمة مبادئ باريس على أرض الواقع من خلال إحداث المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان والتنصيص عليها في الباب 12 من الدستور الجديد والتي تحظى بالعناية المولوية الملكية السامية، بل أكثر من ذلك إن أعداء وحدتنا الترابية والخونة الذين غادروا أرض الوطن ويستغلون اللجوء وحصولهم على الجنسية الأجنبية وتواجدهم بالخارج فيحاولون المساس بالمؤسسات الأمنية والإستخباراتية المغربية،التي يشهد لها العالم بالمصداقية والإحترافية والمهنية العالية، وخير دليل على ذلك توافد عدد من الدول الكبرى لإبرام إتفاقيات وشراكات معها(الولايات المتحدة الأمريكية، إسبانيا، ألمانيا، إسرائيل… إلخ) ،دون أن ننسى بأن المديرية العامة للأمن الوطني قامت بإبرام شراكة مع المجلس الوطني لحقوق الإنسان وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على تشبع الشرطي المغربي بثقافة حقوق الإنسان وتكريس الحكامة الأمنية الجيدة فالشرطة القضائية تعمل وفق مقتضيات الدستور الجديد وقانون المسطرة الجنائية وتحت رقابة النيابة العامة (السلطة القضائية) ،أضف إلى ذلك مواصلة تنظيم “الأسد الإفريقي” بالمغرب بمشاركة الولايات المتحدة الأمريكية، وبالتالي نلاحظ أنه رغم ما يحاول أعداء وحدتنا الترابية الترويج له من مغالطات فإن ذلك يزيد من قوة وصلابة المغرب في ظل التلاحم القوي بين العرش العلوي المجيد والشعب المغربي.

إن المسار الحقوقي المتميز بالمغرب يحظى بالعناية الملكية الفائقة بإعتبار أن جلالة الملك أسماه الله وأعز أمره هو الراعي الرسمي للمسار الديمقراطي والحقوقي بالمغرب بموجب الفصل 42 من الدستور الجديد، وسنختم بمقتطف من الخطاب الملكي السامي بمناسبة ذكرى المسيرة الخضراء المظفرة لسنة 2014 :”لقد سبق لنا في خطاب المسيرة سنة 2009، أن عبرنا عن رفضنا القاطع لهذه الممارسات، ونبهنا إلى أن “أي شخص إما أن يكون وطنيا أو خائنا. فليس هناك مرتبة وسطى بين الوطنية والخيانة“.

كما أنه ليس هناك درجات في الوطنية، ولا في الخيانة. فإما أن يكون الشخص وطنيا، وإما أن يكون خائنا.

صحيح أن الوطن غفور رحيم، وسيظل كذلك. ولكن مرة واحدة، لمن تاب ورجع إلى الصواب. أما من يتمادى في خيانة الوطن، فإن جميع القوانين الوطنية والدولية، تعتبر التآمر مع العدو خيانة عظمى.

الخيانة لا تغتفر

إننا نعرف أن الإنسان يمكن أن يخطئ، ولكن الخيانة لا تغتفر. والمغرب لن يكون أبدا، مصنعا “لشهداء الخيانة”.

أما الشهداء الحقيقيون، هم الذين وهبوا أرواحهم في سبيل حرية واستقلال الوطن، والذين استشهدوا دفاعا عن سيادته ووحدته.

لهذا أقول: كفى من المزايدات على المغرب. وكفى من استغلال فضاء الحقوق والحريات، التي يوفرها الوطن، للتآمر عليه.

إن المغرب يتوفر على آلياته ومؤسساته الخاصة، المشهود لها دوليا بالالتزام والمصداقية، لمعالجة كل القضايا المرتبطة بحقوق الإنسان.

والمغرب هو البلد الوحيد بالمنطقة، الذي يتعاون مع الآليات الخاصة للمجلس الأممي لحقوق الإنسان.

كما أنه مستعد للانفتاح أكثر على مختلف الهيئات والمنظمات الحقوقية الدولية، التي تعتمد الحياد والموضوعية، في التعامل مع قضاياه”

تعليقات الزوار ( 0 )

أضف تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية) .