الرئيسية كتاب وآراء القفة الرمضانية : حرص ملكي على ترسيخ ثقافة التضامن

القفة الرمضانية : حرص ملكي على ترسيخ ثقافة التضامن

كتبه كتب في 8 أبريل 2023 - 11:29 م

البشير الحداد الكبير ،باحث بسلك الدكتوراه بكلية الحقوق بطنجة

 

سنبدأ هذا التحليل بمقتطف من الخطاب الملكي السامي بمناسبة ذكرى عيد العرش المجيد سنة 2019 حيث قال صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده :” كما يشهد الله أنني جعلت من خدمتك شغلي الشاغل، حتى ينعم جميع المغاربة، أينما كانوا، وعلى قدم المساواة، بالعيش الحر الكريم.”، منذ إعتلاء جلالة الملك أسماه الله وأعز أمره عرش أسلافه الميامين وهو يولي عناية خاصة بالقطاع الإجتماعي،إذ أن المتتبع للشأن العام يرى الإهتمام المتزايد للدولة بهذا القطاع من خلال اعتماد مجموعة من السياسات العمومية الإجتماعية.

إن القفة الرمضانية التي تشرف عليها مؤسسة محمد الخامس للتضامن تحت الرعاية الرسمية لجلالة الملك حفظه الله ورعاه تعتبر ترجمة فعلية وحقيقية للمفهوم الجديد للسلطة،حيث نلاحظ أن جلالة الملك هو من يشرف على الإنطلاقة الرسمية لهذا المشروع التضامني، وتتولى السلطات العمومية تفريق الدعم الغذائي في كافة أنحاء التراب الوطني لتكريس العدالة الإجتماعية والمجالية، وما يمكن ملاحظته أن السادة الولاة والعمال ورجال السلطة بمختلف رتبهم يشرفون بأنفسهم على هذا الدعم الإجتماعي، إذ منذ تولي جلالة الملك أسماه الله وأعز أمره العرش غير السلطة من طابعها التقليدي المتمثل في الحفاظ على النظام العام إلى طابع جديد يتمثل بالأساس في المساهمة في التنمية الإقتصادية والإجتماعية.

إن القفة الرمضانية التي تتضمن موادا غذائية هدفها بالأساس تكريس للقيم الإنسانية والتعاون والتضامن، فالغاية منها مساعدة الأسر المعوزة لمواجهة التكاليف وتغطية حاجياتها وتخفيف العبء عليها.

لقد عملت الدولة المغربية على إعطاء الأولوية للقطاع الإجتماعي، وهذا ما يتجلى لنا في سياستها العامة المترجمة في شكل سياسات  وبرامج ومشاريع عمومية، كما أن هناك إقرار دستوري بالعمل الإجتماعي من خلال ديباجة دستور 2011 والفصول 31، 34 و35.

لاحظنا بأن الدولة المغربية سايرت الإتجاه العالمي كباقي الدول، إذ أن هناك إجماع دولي بضرورة العناية بالقطاع الإجتماعي، فالعالم بأسره قد تضرر من مخلفات الحرب العالمية الثانية والحرب الباردة، وبالتالي القرن العشرين كان قرن المآسي، وانتشرت الأمراض والأوبئة والفقر والبطالة والهجرة غير المشروعة والإرهاب، وبالتالي اتفق العالم بأسره على ضرورة توحيد الرؤى والنهوض بالرأسمال البشري وبالأوضاع الإجتماعية لتحقيق التنمية،وبما أن المغرب عضو نشيط في المنظومة الدولية، انخرط بكل عزم والتزام تام لتحقيق التنمية الإجتماعية.

إن القفة الرمضانية ما هي إلا سلسلة من الأوراش الإجتماعية التي نهجها المغرب في العهد الجديد تحت القيادة المتبصرة للمؤسسة الملكية وتأكيد على أن المغرب دولة إجتماعية بإمتياز، ومن بين التدخلات العمومية نجد ما يلي:

+ المبادرة الملكية للتنمية البشرية،التي أطلقها جلالة الملك نصره الله وأيده في 18 ماي 2005، والتي عرفت ثلاث نسخ، ونحن اليوم في النسخة الثالثة منها (2019-2023)؛

+ صندوق التكافل العائلي؛

+صندوق دعم الحماية الإجتماعية والتماسك الإجتماعي للعناية للأشخاص في وضعية إعاقة تماشيا مع الفصل 34 من دستور 2011؛

+ العناية المولوية السامية بصندوق المقاصة،وقد أكد جلالة الملك حفظه الله ورعاه في الخطاب الملكي السامي بمناسبة ذكرى عيد العرش المجيد سنة 2022 أنه خصصت له ميزانية أكثر من 32 مليار درهم وأكد جلالته في نفس الخطاب بأن هذا ليس بكثير في حق المغاربة، وهذا تأكيد من جلالته بأنه يريد الأفضل للشعب المغربي؛

+ برنامج تيسيير؛

+ الدعم الإجتماعي في فترة جائحة كورونا من خلال صندوق تدبير جائحة كورونا الذي أحدث بتعليمات ملكية سامية تماشيا مع الفصل 70 من الدستور الجديد وكذا المادة 26 من القانون التنظيمي 130.13 المتعلق بالمالية العمومية ،ويعتبر عبقرية ملكية في تدبير الأزمات؛

+ ورش تعميم الحماية الإجتماعية الذي جاء تجسيدا للإرادة الملكية السامية بموجب خطابي العرش وافتتاح البرلمان سنة 2020،ويعتبر ثورة جديدة للملك والشعب،وقد قام على أربعة مرتكزات، تعميم التأمين الإجباري الأساسي عن المرض AMO َوالذي شمل 22 مليون مغربي بمن فيهم المستفيدون من نظام المساعدة الطبية راميد، وكذا تعميم التعويضات العائلية لتشمل 7 مليون طفل في سن التمدرس، وكذا 3 ملايين أسرة لا تتوفر على أطفال في سن التمدرس، ثم تعميم التعويض عن فقدان الشغل وأخيرا التقاعد؛

+ اعتماد آلية السجل الإجتماعي الموحد كآلية للإستهداف في البرامج الإجتماعية وضمان نجاعتها، وجاءت تجسيدا للخطاب الملكي السامي بمناسبة ذكرى عيد العرش المجيد سنة 2018 وكذا سنة 2022.

لقد لاحظنا بأن مؤسسة محمد الخامس للتضامن التي أحدثت في عهد جلالة المغفور له الملك الحسن الثاني طيب الله ثراه تعتبر أسلوبا ملكيا عبقريا تم نهجه  لتحقيق مجموعة من الأهداف، إذ أن عملها لا يقتصر فقط على توزيع المساعدات الغذائية في رمضان بل حتى في تنظيم عملية مرحبا لإستقبال المغاربة المقيمين بالخارج، كما أرينا تدخلاتها بتعليمات ملكية سامية لمساعدة ساكنة الأطلس لمواجهة البرد القارس والتساقطات الثلجية، ولديها العديد من التدخلات تشمل العديد من المجالات كالبيئة ودعم التمدرس.

وفي الختام نقول على أن القفة الرمضانية تعبر على العناية الكبيرة التي يوليها جلالة الملك أسماه الله وأعز أمره للشعب المغربي وكما قال جلالته في الخطاب الملكي السامي بمناسبة ذكرى عيد العرش المجيد سنة 2018 :” شعبي العزيز، إن طموحي للنهوض بالأوضاع الإجتماعية يفوق بكثير وضع آلية أو برنامج مهما بلغت أهميته”.

تعليقات الزوار ( 0 )

أضف تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية) .