الرئيسية البديل الثقافي فقرات رمضانية…تستضيف الغني عن التعريف عضو النافذة الشاعر والقاص والناقد المغربي استاذ الاجيال صديقي الأستاذ بلقاسم سداين

فقرات رمضانية…تستضيف الغني عن التعريف عضو النافذة الشاعر والقاص والناقد المغربي استاذ الاجيال صديقي الأستاذ بلقاسم سداين

كتبه كتب في 30 مارس 2023 - 2:42 ص

 

فقرات رمضانية

تعود فقرات رمضانية لهذا العام 2023 في أبهى حللها

وفقرة: اجمل ما قرات اليوم (اليوم السابع)

تستضيف الغني عن التعريف عضو النافذة الشاعر والقاص والناقد المغربي

استاذ الاجيال صديقي

الأستاذ بلقاسم سداين

من خلال هذا النص القصصي البديع الشيق الهادف

قراءة ممتعة اتمناها لكم

خالد بوزيان موساوي

النص القصصي:

اَلسّمَاءُ تَفْقِدُ زُرْقَتَهَا..!

( قصة قصيرة ) بلقاسم سداين –المغرب –

اِرتمََى (يُوسفُ عَبدُ اَلمَعطِي ) عَلى سَريرِ نومِ قَديمِ، مهترىءٍ وغيرِ مريحٍ، فَقَدَ هذا السّريرُ من خصوصيّاتِهِ الشّيءَ الكَثير َجِدّاً..اِستلقَى بكُلّ ثقلِهِ عَلَى ظهرهِ يعانق الصّمت..وهو يحملُ جَسداً مثقلاً بجراحٍ غائرةٍ..بدأَ يتأمّل باسترخاءٍ شديدٍ، سقفَ اَلغرفةِ، سقفٌ يقطرُ بإيحاءاتٍ تفيضُ بدلالاتٍ فلسفيّةٍ عميقةٍ حيثُ تَبدُو لَهُ أشكالٌ هندسيّةٌ مُتداخلةْ، ورسُوماتٌ أُخرى مُبعثرةٌ لأشخَاصٍ تبدُو إنسانيّةً..وقد تتشكّل لشخوصاتٍ حيوانيّةٍ..تمرّ في مخيّلتهِ مرّةً تابثةً، وتارةً أُخرى يراهَا مُتحرّكةً..يخلدُ هذَا الطّالبُ لعلومِ الفلسفةِ بطواعيّةٍ معهودَةٍ إلى وَحدتِهِ داخلَ فضاءِ هَذا المكانِ اَلمتواضعِ جدّاً كُلّما أَحسّ بارتِفاعِ درجةِ يأسٍ يَدقُّ جميعَ مناطقِ ذاتِهِ..ويحتل بشراسة محيط عائلته..وقع تسترجع صداه مكوناتُ عناصِر أخرى تؤتّثُ مَشهداً مُزريّاً لهذا المكانِ، ذِي الإيحاءاتٍ الدّلاليّةٍ الكُبرى، والعميقَة..تُؤطّرُها أبعادٌ سياسيّةٌ، وحُمُولةٌ ثقافيّةٌ، ورؤى اِجتماعيّةٌ، ثمّ معتقدات عقائديّةٌ..

لم يكنْ (يوسفُ عبدُ المعطي) الوحِيد داخل المجمع العائلي الّذي يتكوّنُ من أبٍ مُياومٍ (طَالب مْعَاشُو )..خطواتُ عمرهِ تتشعبطُ بنفسٍ ضَعيفٍ مُنتصفَ عِقدِهِ السّادسِ أو يزيد بكثيرٍ، أويقلّ بقليلٍ، وأمّ عليلة تشكُو من مرضٍ مُزمِنٍ عمّر جسدَهَا النّحِيفَ زمناً طويلاً ألزمها الفراشَ، (لعالية لَمرِيضَة)..وثلاثِ أخواتٍ مُجازاتٍ في شعبٍ مختلفةٍ بتفوّقٍ حصلنَ عليها ألزمهُنّ مُستواهُنّ الدّراسي الجامعِي كلّ العطالةِ، ومكنهُنّ تحصيلهنّ المعرفِي المكوثَ المستمرّ بمنزلهن شبه البدائي..وأخوين يُتابعانِ دراستهما أحدهما بالمستوى، الإعدادي..والآخر بالتّعليم العالي الجامعي..

كان(يوسفُ عبد المعطي ) واسطة عقدِ هذهِ العائلةِ اَلّتِي تعيشُ على هامشِ حياةِ الحياةِ..وتُقصفُ يومياً، لَيْلَ نَهَار بوابلِ كثيف من التّهمِيشِ، واللاّمبالاة..

  • تسمّرت عيناهُ في فراغِ متدفّق..فحاول بعد جهد جهيد نقلَ عينيهِ بتثاقلٍ شديدٍ من هنا، وهناك لكنّه لم يقو على لم شتات دماغه، أو اِيقاف تصارع أفكار مهاجمة تطوف بمخيلته..فاضطرّ أن يفرّ إلى داخلِهِ بسرعةٍ خاطفة هارباً من زمانِهِ، ومكانِهِ..ومن قوافل أفكاره..فلم يعد له اتّصال مباشر بهما أبداً..ثم ربط الاتصال بنفسه فجأة ..فوجد أناه على كرسيّ بالقربِ من طاولةّ مستديرةٍ فوقها يافطاتٌ بأسماءِ الجالسِين ركّز بشدّة على اِسمِهِ (يوسفُ عبد المعطِي)..مكتوبٌ بخطٍّ واضحٍ، ومضغوطٍ..دحرج بصرهُ ببطءٍ شَديدٍ علَى يمينِهِ..ثُمّ علَى يسارِهِ..فأحسّ بِطَاقَاتِ المكانِ تضمُّهُ إِلَيْهَا ضَمّاً..وتشدّهُ إليها شدّاً..وفجأة تتراخى إلى بصره أسماء يافطات المشاركين في هذا اللقاء تباعاً..وقف كثيراً عند إسم مثير لفت انتباهه فردّد تهجي ونطق حروفه وقراءته القراءة السليمة إنه مسير، ومنظم حضرة هذا اللقاء..إنّهُ أبوه (طالب معاشو) الذي أعلن بث ندوة صحفية على أثير القوانين الدولية، والمنظمات الحكومية، وغير الحكومية..والهيئات الحقوقية، والمؤسسات الدستورية..وهيئات المجتمع المدني الإنسانية..و التنظيمات السياسة، والنقابات العمالية..تشارك فيها أطر حاملة لشواهد تعليمية، وتقنية عليا..تعيش ظروفاً عائلية، واجتماعية مزرية

نطق لسانُ الأب( طالب معاشو):

– كيفَ لِي أنْ أُوجِزَ، وَأُطَوّقَ زُرقةَ سماءٍ لها ظلالٌ سَوداءُ..؟

– كَيفَ لِي أَنْ تَغْمُرنِي قَناعَةٌ لأمل قادم ، وأنا أصلّي ليلَ نهار للخُروجِ من بَوْتقَةٍ تُصْهَرُ فِيها أوضاعي، وأوجاعي منذ ولادَتِي..ومع تقدم سنّي تضاعف تسخينها إلى درجاتٍ عاليةٍ من الحرارة فَانْصَهَرْتُ أنا وأبنائي وزوجتي في بوتقة ظلمٍ إجتماعي جاثمٍ…

ثم أُحِيلتِ الكلمَةُ مباشرة (ليوسفَ المعطِي):

تسعٌ وعشرونَ سنةً من التّحصيل المعرفي توزّعت أيّامها بين أنفاقٍ مظلمةٍ من المعاناتِ الكُبرى، والصُّغرى حصلتُ على شهادةِ الإجازةِ، فأجازونِي مُباشرةً إلى الدّخول بامتياز إلى نفقِ العطالةِ، ورتابةِ التّهميشِ، والفراغِ..ثمّ افقدونِي إنسانيَّةَ اِنسانيتِي..

علّمتني عُلومُ الفلسفةِ، ومنطقُها العقلانِي:

أنّي إِنسانٌ..

وَلَوْنِي يُغنِي كُلّ الأيادِي الشّادّةِ بزمامِ أمرِي عَنِ البيَانِ..

أنا إِنْسانٌ..بلا كرامة إنسان..

رقمٌ تائهٌ بلاَ حرّية، وشارد بلا عُنْوانٍ..

بعقلٍ مسؤولٍ أثبتَ عن قُدراتِهِ الفائقة على التّفكيرِ..وصِراعٍ مُستمِرٍّ من أَجلِ اَلتّغيِيرِ..وقد قال لنا فريدريك نيتشه:

( لا نمش في طريق الحياة إلاّ ومعنا سوط العزيمة، والإرادة لنلهبَ به كلّ عقبة تعترض طريقنا..)

اِنتفضت( رفيقة عبد المعطي ) البنتُ البكرُ في السّجل العائلي لأسرة (عبد المعطي)، وألقت بظلالها على حضرة المكان، ونطقتْ أسفاً على مراحلِ عمرِها منذ أن قَدِمت إلى الحياةِ، وغيّرت بنية أسرتِها من مجرّد ثنائي متزوّج، تحول من إسعاد الذّات إلى نسيان الذّات..ساهمت في إثراء الخزينة العامّة وتوفيرِ المالِ العُمومي للبلادِ منذُ ولادتِها..

فكلّ المقتنيات الّتِي اُقْتُنِيَتْ لها أو اِقْتَنَتْهَا كانت تضخّ بميزانية البلد أموالا عن طريق الرسومات، والضرائب المباشرة، وغير المباشرة..والتّي بدورها هذه الخزينة تضخّها بطرقٍ مباشرةٍ، وغيرِ مباشرةٍ فِي حسابات خصوصيّة ينعم بها بسخاء وطني أصحابها، في أعلى عليين في جنات النّعيمِ وعيشِ حياةِ البذخِ، والثّراءِ، وحياةِ ما فوق عالمِ الحياةِ..في جنات النعيم

فجأة اِرتفعت من كلّ اِتّجاه وتيرة ترديد عبارات مختصرة..وذات دلالة..فصفّق لها الكل، وأطالوا التّصفيق..ثم قف الجميع، ووقفت بالقرب منهم شعارات تحمل في أكفها

حرية..كرامة..عدالة اجتماعية..

إلى إنِ احتل الوضعَ تسرّبُ نداءٍ أجمع الجميع أنّه ل (نصيرة عبد المعطي ) وهي تقول

أنا هنا..! أنا هنا..! أنا ها هناك..!

(نصيرة عبد المعطي) حصلت على شهادة الماستر في العلوم القانونية

ثم ضج المكان…بترديد شعار:

حقوقي..حقوقي

دم في عروقي ..

لن أنسها..

ولو أعدموني..

أوقفت (رائدة عبد المعطي ) صخب الشّعارات وأخذت الكلمة وقالت:

انا حاصلة على شهادة الإجازة في العلوم الفزيائية بامتياز..

ثم اسهبت في تفسر الوضع معلنة بشجاعة تاريخية، وثقة خالصة وهي توضح مقولة فزيائية :

( إِنّ الظّغط يولِّدُ الاِنفجار َ).

  • يشدّ (علي عبد المعطي) الطالب الجامعي بكلتا يديه على جبينه.. وهو يوزع حيرته..ويلفه اندهاش شامل يميناً، وشمالاً، اندهاش مسيطر، ممتد..وبعيد..في الزمان، والمكان..ثم ارتمى في حضن أخيه الصغير (عبد المعطي عبد المعطي) الذي يتابع دراسته بالسلك الاعدادي..

مشاركة
تعليقات الزوار ( 0 )

أضف تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية) .