الرئيسية صوت المواطن السرى ….. بقلم ذ.محمادي راسي

السرى ….. بقلم ذ.محمادي راسي

كتبه كتب في 4 نوفمبر 2022 - 1:05 ص

جريدة البديل السياسي :

السرى

بقلم ذ.محمادي راسي

السير ليلا، يفاجئك بمناظر جديدة غريبة في بعض الأحيان، نتيجة ممارسات مختلفة عن النهار، ومن جراء عقد نفسية مكبوتة، وتستر خوفا من الآخرين وليس خوفا من الله، في يم الليالي، تظهر الخفافيش الآدمية التي قد تصادفك في الطريق المظلم، وأنت عائد إلى المنزل أو ذاهب إلى العمل، ستبتز ما في جيوبك، وستمتص دمك، تستبيحه وتجعله حلالا، ولا أحد يساعدك، وفي النهار تجدها في المساجد تصلي، وفي المقاهي تفتي وتعظ وتنقد وتوجه، وتجول وتسعد بما تغنمه، وفي الليل تعاقر الخمرة وغيرها من المحظورات التي توجهها إلى سلوكات لا إنسانية، فتقدم على النهب والنهم، لأن الناس نوم ، ولا أحد يراها أثناء السرى.

يتغير وجه المدينة، في الليل تظهر محطات جديدة لسيارات خاصة، تقف منتظرة لقضاء لُبَانَات الفؤاد المتيم المعذب، الكل ينتظر ويتهاتف كأنهم في مؤسسة برصة القيم بدون مكاتب ولوحات وحواسيب وجدران… البعض يخرج من أزقة مظلمة خوفا من الظهور والاتضاح، نسوا أن يلبسوا ما يلبس في حفل “هلاوين” أو “الكرنافال” أو “باشيخ”، أو جلود الحيوانات للاطمئنان والأمان.

في السرى أشباح مشفرة، لا تظهر في الليل البهيم، تحب سجفته وسدفته، وتتستر ليتسنى لها إرسال إشارات مورسية ويدوية، تشبه لغة الحيوانات أو لغة الخرسان.

وبالألوان كلغة الأسماك، للاستمتاع وتقصير الليل الطويل في الأوهام والأباطيل والخزعبلات، ومغازلة الريح والجدران، تحب اللذة المحرمة شرعا وطبا، فهذه الغسة ستقع في غصة لا دواء لها، تحب السرى ولا تخاف أن تقع في حفر ومصائد، كالحفر المتواجدة اليوم في الطرقات، بسبب تهاطل الأمطار بضآلة، فما بالك حينما ستكون بغزارة؟؟

ومن عجائب السرى أن جماعة اليوم، أبدعت شيئا جديدا، لتمويه الساكنة التي تحارب كتابة، وبمراسلات الجهات المختصة، مثل هذه البدع التي تبدو في اتخاذ المنازل المواخير، كالزوايا، يقصدونها بالجلابيب والعباءات والعمام، وفي أيديهم بركات تصلح “للحضرة” والهز والرقص وبض أوتار العود ثم بمها، والجيران لا يحركون ساكنا، وكذلك يفعل أهل الشيشة ينزلون الآلة من السيارة، وهي مخبأة، في قمطر شبيه بمحفظة الإنترنيت لتمويه المغفلين…

في المدن الديمقراطية، الجار يحترم الجار، يخفض حتى من صوت الأثير والتلفاز ليلا، ويسير بحذر وهو في بيته، كي لا يزعج الجار الساكن في الطابق دونه، ربما له مريض، ولتفادي الضرر والإزعاج، هذه الشرذمة لم تجد من يردعها، ويضع حدا لتصرفاتها الهوجاء، ولغياب ثقافة الاحتجاج، تفعل ما تشاء، وتستمر في هذا الاتجاه الخاطئ، لأن لها حاميها، لا إنسانية فيها، لا شفقة ولا ورحمة بالمواطنين، لأنها خالية من ثقافة المدنية والمواطنة، وستندم في المستقبل حيث لا ينفع الندم، والظفر بالضعيف هزيمة، وظلم المرء يصرعه، ولكن العبد يقرع بالعصا والحر تكفيه الإشارة، والنصيحة لا بد منها، يتقبلها الإنسان الواعي المتشبع بالثقافة الإسلامية والسلوكات الحميدة، وحتى الثقافة الغربية النافعة الناجعة، ويتقبلها المطلع الخبير، والمجرب المحنك.

هذه الثلة أن تقرأ كثيرا لتتعظ وتفكر في المستقبل وما سيأتي… لأن الحياة ما دمنا على قيدها تأتي بالمفاجآت، ولا ندري كيف ستكون نهايتنا، ونهاية الذين أتحدث عنهم بدافع الظلم الصادر عنهم، وأقول فيهم هذه الحكمة: “أعط أخاك تمرة فإن أبى فجمرة” من باب التربية الحسنة: التدرج من الحسنى واليسرى، فإن أبى فالتنبيه بالعنف والعسرى، ومن عجب العجاب أن هذه الفصيلة تكون في الليل كالذي أدبر غريره، وأقبل هريره، و “إن سفاه الشيخ لا حلم بعده “، كما قال زهير الجاهلي أو الفني المحنك الحكيم.

مشاركة
تعليقات الزوار ( 0 )

أضف تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية) .