الرئيسية ضيف البديل قراءة في كتاب “تهافت التهافت” لابن رشد. بقلم الأستاذ عبد القادر طلحة

قراءة في كتاب “تهافت التهافت” لابن رشد. بقلم الأستاذ عبد القادر طلحة

كتبه كتب في 16 مارس 2024 - 4:35 ص

 الاستاذ عبد القادر طلحة -جريجة البديل السياسي 

قراءة في كتاب “تهافت التهافت” لابن رشد.

=اضطهاد “الرشدية” او نكبة ابن رشد:

الحلقة الثالثة:

===+++========++==============

بعد التفسير التاريخي الذي قدمه الدكتور طيب تزيني للنكبة موضحا اسبابها السياسية والاجتماعية والفكرية اعود الى ما أجمع عليه المؤرخون كأسباب ذاتية او شخصية.

يوثق المؤرخون لموقف المرابطين منذ عهد يوسف بن تاشفين من فكر الامام الغزالي و الاشاعرة عموما، موقف كان يضع هذا الفكر في خانة الفكر الرجعي والمحافظ وعد الغزالي ابو حامد رجعيا و”زنديقا” والمعلوم ان الغزالي هو الذي قاد حملة عنيفة على الفلسفة والفلاسفة وعلى الفكر العقلاني عموما في المشرق. وقد الف في ذلك كتابه الشهير:”تهافت الفلاسفة” ،ونعلم ايضا من مصادر تاريخية متعددة ان خلفاء الدولة الموحدية الاوائل عملوا على التأسيس لنهضة فكرية وعلمية في المغرب والغرب الاندلسي على غرار ما قام به المأمون في المشرق العربي. فحاولوا كما فعل المأمون نشر الحكمة اليونانية بصفة عامة والعناية لفلسفة ارسطو بصفة خاصة ولاجل ذلك رحبوا بالفلاسفة والاطباء وعلماء الفلك والرياضيات في بلاطهم. ومنذ عهد المهدي بن تومرت لوحظ التاثير المباشر للخلفاء الموحدين على النهظة الفكرية والثقافية.

فابن باجة. كان مرحبا به في بلاط المرابطين وهو :”اول من اشاع العلوم الفلسفية في الاندلس بغير نزاع” 1

وهو الامر نفسه بالنسبة لابن طفيل وابن رشد في بلاط الموحدين.

من كل هذا يتبين ان الاسباب الذاتية للنكبةوالحملة ضد الفلسفة والفكر العقلاني ليس له تاثير كبير، كيف يعقل ان يستعدى الحكماء وان يحارب مشروع فكري ممن حاول استنباته؟ في هذا الجانب هناك اشارة بالغة الاهمية للدكتور الطيب بن بوعزة في احدى محاضراته التي تناول فيها هجوم الغزالي على الفلسفة فقال ما معناه :ان الشخص مهما بلغ من قوة القول لايمكن له ان ان يقضي على اي حقل معرفي في اي سياق ثقافي او فكري. وهو ما يحيلنا الى القول ان نكبة ابن رشد واضطهاد الفلاسفة لايكون فيه لشخص المنصور الموحدي الا تاثير قليل، وهو ما يرجح عندي الاسباب الموضوعية التي ذكرتها.

من الضروري التعرف على هذه الاسباب الذاتية للاحاطة بالسياق في شموليته.فمما يذكره المؤرخون الدور الذي لعبه حساده من فقهاء ومتكلمي الاشاعرة وعلماء الدين المحافظين الذين نقموا عليه افكاره الثورية واراءه الفلسفية، بل انكروا عليه الاشتغال بالفلسفة واتهموه بالمروق والزندقة والخروج عن الدين. ومما ذكره المؤرخون ايضا غضب المنصور عليه اذ كان ابن رشد يخاطبه بان يقول”اسمع يا أخي” اي ان ابن رشد كان لايهاب ولي امره ولايمنحه ذلك التبجيل الذي يمنح لولاة الامر، فوجد خصومه في ذلك فرصة للنكاية به لدى المتصور شخصيا.

ويذكر المؤرخون ايضا ان ابن رشد في شرحه لكتاب “الحيوان” لارسطو قال:”رايت الزرافة عند ملك البربر” ووجد خصومه في ذلك فرصة للوشاية به لدى المنصور واعتبروا ذلك”مسا بالذات الملكية”.ونسبوا له قوله “ان الزهرة احد الالهة” وايضا نسبوا له انكار وجود قوم عاد، بينما يتحدث القران عن هذا القوم وهلاكهم بريح صرصر عاتية ويترتب عن ذلك انكار ابن رشد لهذه الواقعة والتشكيك في القران فنشر خصومه في العلن ان مثل هذه الزلة وهذا القول لايصدر الا “عن صريح الكفر والتكذيب لما جاء في القران” 2

ويذكر الدكتور عبد الرحمان مرخبا ان من بين الاسباب هو الهجوم الذي شنه ابن رشد ” على المتكلمين من الاشاعرة هجوما لاهوادة فيه وهم الذين كانوا يمثلون السلطة الديتية في الاندلس” 3.

وامعانا في تشويه نسبه وعقيدته، فقد اعتبروا نفيه الى” اليسانا”هو رد ابن رشد الى اصله وتفاه في بلد قومه لانه ينسب في بني اسرلئيل ولا تعرف له نسبة في قبائل الاندلس” 4

انتهت نكبة ابن رشد بطلب العفو عنه من طرف بعض وجهاء، أشبيلية لدى المنصور، وقيل ان ذلك تم بامر من المنصور نفسه بعد ان استتب له الامر، فنفوا عنه كل التهم التي وجهت له وعاد الى بلاط الموحدين معززا مكرما الى ان القدر لم يمهله كثيرا فمات في سنته التي نفي فيها وقد بلغ الخمسة والسبعون سنة ودفن في قرطبة.

المراجع

1 تاريخ فلاسفة االاسلام في المشرق والمغرب.

محمد لطفي جمعة ص98

2مدخل لدراسة الفلسفة :الدكتور عبد الرحمان مرحبا ص724

3مدخل لدراسة الفلسفة س724.

4تاريخ فلاسفة الاسلام ص134

ملحوظة:تسحب كل حلقة بعد مرور 48 ساعة

والى الحلقة الرابعة بحول

تعليقات الزوار ( 0 )

أضف تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية) .