الرئيسية سـياسـيات الإنـتـخـابـات والــوعــود الــكــاذبــة….؟؟؟؟

الإنـتـخـابـات والــوعــود الــكــاذبــة….؟؟؟؟

كتبه كتب في 4 سبتمبر 2021 - 2:32 ص
الانـتـخـابـات والــوعــود الــكــاذبــة
بقلم: عمر دغوغي الإدريسي مدير مكتب صنعاء نيوز بالمملكة المغربية. جريدة البديل السياسي :                              omar.dghoughi1989@gmail.com
السياسة ليست دائما لعبة قول الحقيقة، والكذابون بمناسبة الانتخابات، يشبهون مسيلمة بن حبيب الملقب بالكذاب، والذي لم تقطع وفاته دابر الكذابين، بعد أن مارس أحفاده كل أشكال الكذب، حيث جرت العادة على أن المرشحين خلال الحملات الانتخابية بالمغرب، يطلقون الكثير من الكذب، لدرجة أصبح معها الكذب “ملح الانتخابات”، حيث يجد الناخب المغربي نفسه اليوم حائرا أمام الوعود العرقوبية المتشابهة التي يقدمها المرشحون، خلال الحملة الانتخابية لاقتراع السابع من أكتوبر 2016، بغية استمالة الناخبين للوصول إلى كرسي البرلمان، والحظوة بلقب حضرة ” سعادة البرلماني” وما فيه من مظاهر الرفعة والنفوذ.

وفي أجواء الانتخابات تنفتح شهية المغاربة على تبادل النكت، وآخر نكتة سمعتها في هذا الإطار، أن أحد الآباء اكتشف ابنه الصغير وهو يمارس الكذب، فزجره، ثم سأله: هل تعرف أين سيكون مصير الواحد لمّا يكذب؟.

ضحك الولد الصغير وقال: ربما يصبح برلمانيا يا أبي. ولا غَرو في ذلك إذا علمنا أن الناس تعودوا في مواسم الانتخابات كثيرا من السلوكيات التي تعارفوا عليها حتى صارت من التقاليد إذا ذكرت الحملات الانتخابية، حيث تتحول البرامج السياسية إلى مُزحة، خاصة حين يتعلق الأمر بوعود تشغيل المعطلين، ومحاربة الغلاء، والرفع من النمو، وتوفير الصحة للجميع، وإصلاح التعليم والتقاعد، وغيرها من الوعود التي تظهر في الحملات الانتخابية، ثم تختفي ضاربة لنا موعدا مع الكذب في الانتخابات القادمة.

وهي وعود عرقوبية، لا أحد من المرشحين أعطى التفاصيل حول كيفية تحقيقها، تتراوح بين الوهم والمفترض حدوثه. وتُصور تلك الوعود المُتلفزة والميدانية، كل شبر من المغرب كأنه ” الجنة المهملة” التي تنتظر فوز صاحبها بالانتخابات كي ينطلق في مهمة تغييرها.

والمرشحون الكذابون جاهزون دائما للإجابة على كل الأسئلة وإطلاق الوعود بسخاء، لأنهم يملكون قدرات خطابية حفظوها لما يناسب المقام.

ويمارسون حالة من التزلف والوله والتقرب من الناخب، “يبوسون” يديه ورجليه، ويقبلون جبينه، ويلقون التحايا حتى على الحمقى.

فترى المرشحين يبتسمون في وجه كل الناس، ومن يقابلونه يأخذونه بالأحضان كأنه صديق حميم، في مسلسل انتخابي ببرامج تستخدم كطعم لناخب يؤرقه تغيير واقعه المعيش، وجعله ضحية للوعود الكاذبة، مثلما يحدث للظامئ في الهجير إذا مد يده إلى سراب، إذ غالبا ما يفشل المرشح الذي يصبح برلمانيا أو حتى وزيرا فيما بعد بالوفاء بوعوده.

وما أن يفوز المرشح حتى يختفي عن الأنظار ويلوذ بالفرار، ويتعامل مع ناخبه كأجرب غير مرغوب فيه، حيث يغلق هاتفه، أو يغير رقمه، وربما حتى محل سكنه، ومع تكرار الوعود الكاذبة من أحزاب متعددة وساسة من كل الاتجاهات، يبدأ الناخبون في فقدان الثقة في العملية السياسية برمتها.

ويتضح ذلك جليا، في تدني مستويات المشاركة في الانتخابات، وتراجع معدل ثقة المواطنين في الساسة والعملية السياسية.

ولم يصل العلم حتى الآن إلى طريقة تكشف الكذاب من الصادق، ومن الناذر أن تجد سياسي يقول الحقيقة، وهو أمر يعرفه الناخبون “المنتفعون”، ممن اعتادوا الحصول على بعض ” مطالبهم” أثناء الحملات الانتخابية، لعلمهم بأنهم لن يروا المرشح مرة أخرى إلا في الانتخابات التالية، خاصة أن هناك شبه إجماع على أن المال يلعب دورا في الانتخابات المغربية.

وليس هناك طريقة لكشف هذه الأمور التي تتم بتراضي الأطراف ويصعب إثباتها.

ولا يوجد حتى الآن كشف طبي عن الكذب السياسي، ولو حدث وتم عرض المرشحين على جهاز كشف الكذب، ربما لن يكون هناك إمكانية لترشح الغالبية الساحقة منهم.

ورغم أن وعد الحر دين عليه، إلا أن فواتير ذلك الدين ستظل عالقة بدون تحصيل، ذلك أن غالبية هؤلاء الذين يقدمون الوعود الزائفة، سيتنكرون لمنتخِبيهم بعد أن يَحطوا الرحال في قبة البرلمان أو الحكومة، ويتبنون برامج لا علاقة لها بما تعاقدوا به مع الناخب.

والسبب راجع لكوننا لم نَعْتَد بعد ببلادنا على سماع وزير أو برلماني أو مسئول قد قدم استقالته لأنه لم يف بمطلب شعبي وتنموي يستحق أن يدفع وظيفته ثمن تأخره في إنجازه.

وقد سخر العرب منذ القديم من الوعود الكاذبة، حتى تحولت إحدى القصص إلى مثل سائر، حيث يقال للذي لا يقوم بتنفيذ وعوده “وعد عرقوب”، فأصبح موعد عرقوب مثلا. ويقول العرب في من كان دأبه عدم الوفاء بالوعد: “أخلف من عرقوب”.

وأتمنى في الأخير أن تكون كلماتي بمثابة مصل واق، تعزز حصانة المواطن ضد الكذب الانتخابي، وتقوي جهاز المناعة عنده ضد الوعود العرقوبية، حتى لا يُصاب بصدمة الإحباط بعد ارتفاع منسوب العشم في العيش الكريم، يقول الفرنسيون ” عطاء من دون وعد خير من وعد من دون وفاء”.

مشاركة
تعليقات الزوار ( 0 )

أضف تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية) .