الرئيسية كتاب وآراء “خطاب ثورة الملك والشعب 2021: التأكيد على الإلتحام القوي بين العرش والشعب لمواجهة التحديات “

“خطاب ثورة الملك والشعب 2021: التأكيد على الإلتحام القوي بين العرش والشعب لمواجهة التحديات “

كتبه كتب في 21 أغسطس 2021 - 4:53 م

البشير الحداد الكبير،باحث بسلك الدكتوراه بكلية الحقوق بطنجة

أكد صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده في بداية الخطاب الملكي السامي بأن ذكرى ثورة الملك والشعب ليست فقط محطة تاريخية بل هي ثورة متجددة ومستمرة وينبغي استحضار روحها للدفاع عن الوطن ومصالحه العليا،وأضاف جلالته بأننا أمام مرحلة جديدة من المشاريع والأوراش الكبرى لاسيما تنزيل النموذج التنموي الجديد الذي دعا جلالته في خطاب العرش لهذه السنة إلى انخراط جميع القوى الحية بتنزيله بكل مسؤولية ثم تفعيل الميثاق الوطني للتنمية الذي نص عليه تقرير اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي الجديد،والذي يعد إطارا مرجعيا للمبادئ والأوليات التنموية وتعاقدا إقتصاديا وإجتماعيا جديدا يؤسس لثورة جديدة للملك والشعب.

اعتبر جلالة الملك أعزه الله أن تنظيم الإنتخابات التشريعية والجهوية والمحلية في نفس اليوم دليل قاطع على عمق الممارسة الديمقراطية والنضج السياسي ،وأضاف جلالته أن الإنتخابات المقبلة ليست غاية في حد ذاتها وإنما وسيلة لبناء مؤسسات ذات مصداقية لخدمة الوطن والمواطنين، وهنا نجد أن جلالته منذ إعتلاءه عرش أسلافه الميامين وهو يؤكد على هذا المعطى ويعطي إشارات قوية لعموم السياسيين من أجل الإرتقاء بالعمل السياسي، ففي خطاب افتتاح البرلمان 2014 أكد جلالته أن الإنتخابات ليس فيها رابح وخاسر فالرابح الأكبر هو المغرب وفي خطاب العرش 2016 شدد جلالته بأن الهدف من الإنتخابات هو خدمة المواطنات والمواطنين والكف عن بعض الممارسات التي تسيئ للعمل السياسي وتجعل الإنتخابات وكأنها يوم القيامة.

أكد جلالته حفظه الله بأن الدولة تكون قوية بمؤسساتها وبوحدة مكوناتها الوطنية للدفاع عن الوطن لاسيما في الأزمات وهذا ما اتضح بالفعل هذه السنة أن المغرب قوي بمؤسساته رغم الأزمات لاسيما الأزمة المغربية الإسبانية والأزمة المغربية الألمانية والهجمات التي يتعرض لها من طرف بعض المنظمات المعادية للمغرب والتي تعتبر أقلاما مأجورة هدفها واضح المس بإستقرار المملكة خدمة للأجندات المعادية للمغرب.

أكد جلالة الملك بأن المغرب مستهدف لأنه دولة عريقة ولما يتمتع به من الإستقرار والأمن والأمان لاسيما أنه تجاوز مرحلة “ثورات الربيع العربي” بفضل عبقرية وحكمة المؤسسة الملكية، فالمغرب في فترة 2011 انخرط في ثورة جديدة من الإصلاحات تحت القيادة الرشيدة للمؤسسة الملكية.

إن المغرب يتمتع بصيت وسمعة دولية ويحظى بالمصداقية ولديه العديد من الشركاء وهذا ما أكد عليه أيضا جلالة الملك في خطاب العرش 2016، وقام بترجمة ديباجة دستور 2011 (1) التي تؤكد على إقامة علاقات تعاون وَشراكات مع مختلف دول العالم، فالمغرب شريك قوي للولايات المتحدة الأمريكية وللإتحاد الأوروبي ولبريطانيا كما أنه قام بشراكات جديدة مع العديد من الدول كروسيا والصين دون أن ننسى دول أمريكا اللاتينية، فتأكيد جلالته على السمعة المغربية إشارة قوية للديبلوماسية المغربية القائمة على الشفافية والوضوح والمصداقية.

أكد جلالة الملك في خطاب ثورة الملك والشعب أكثر من مرة على أننا أمام مؤامرات وهذه إشارة قوية من جلالته بأن نستحضر روح ثورة الملك والشعب للمزيد من اليقظة لمواجهة هذه المؤامرات والتهديدات،فالمغرب قوي بملكه وبمؤسساته وبشعبه، فهذه المؤامرات لا تستهدف فقط المغرب بل العديد من دول المغرب العربي، وأشار جلالة الملك بأن العديد من الدول الأوروبية لم تستوعب بعد بأن مغرب اليوم ليس هو مغرب الأمس، وهو ما سبق أن أكدت عليه وزارة الخارجية المغربية بأن منطق الأستاذ والتلميذ لم يعد قائما،فالمشكل كما قال جلالة الملك أعزه الله يكمن في بعض الأنظمة الأوروبية.

ومن بين الأساليب المعتمدة في المؤامرات كما جاء في الخطاب الملكي السامي لهذه السنة الإعتماد على أسلوب تشويه سمعة المغرب ونشر تقارير مغلوطة لتضليل الرأي العام الدولي وإقحام ملف حقوق الإنسان مع العلم أن المغرب مع دستوره الجديد الذي يوصف بدستور الحقوق والحريات يحترم حقوق الإنسان وجميع الإتفاقيات والمعاهدات الدولية بهذا الصدد،كما يحاول أعداء المغرب إدخاله في خلافات مع بعض الدول هدفهم واضح هو المس بإستقرار المملكة المغربية، عوض أن يقوموا بدعم جهود المغرب في خلق التوازن والإستقرار في المنطقة،فجلالة الملك في خطاب العرش لهذه السنة أكد أن المغرب يسعى جاهدا لتوطيد الأمن والإستقرار بإفريقيا وبجواره الأورو متوسطي وبجواره المغاربي أيضا.

أكد جلالة الملك بأن المؤسسات الأمنية المغربية تتعرض لهجمات للتشويه بسمعتها مع العلم أن العالم بأسره يشهد بنزاهتها وعملها الجاد ويقظتها المستمرة وقوتها وحكمتها واحترامها لحقوق الإنسان، فهذه المؤسسات الأمنية هي التي أنقذت العديد من الدول من حمامات من الدماء، فالمديرية العامة للدراسات والمستندات (لادجيد) والمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني (الديستي) ساعدوا العديد من الدول الأوروبية في تفكيك خلايا إرهابية وفي تفكيك منظمات إجرامية تنشط في المخدرات وفي التهريب الدولي وفي الإتجار في البشر… إلخ،دون أن ننسى أن العديد من المبحوث عنهم تم إلقاء القبض عليهم بالمغرب من طرف المديرية العامة للأمن الوطني وتسليمهم للدول المعنية، ومع ذلك نجد أن هناك من اتهم هذه المؤسسات الأمنية بالتجسس،محاولة منهم للتشويه بسمعتها، فالنجاح له أعداء.

اعتبر جلالة الملك أن المغرب تغير فعلا لكن ليس كما يريدون وهذه إشارة واضحة وقوية من جلالته بأن المغرب دولة ذات سيادة وغير خاضع لأحد وقد سبق لجلالته أن أكد على هذا في الخطاب الذي ألقاه في القمة الخليجية سنة 2016.

أشار جلالة الملك في خطاب ثورة الملك والشعب للأزمة المغربية الإسبانية وأنه يتابع شخصيا هذا الملف بحكم موقعه الدستوري كرئيس دولة بموجب الفصل 42 من الدستور الجديد ثم بحكم الإختصاصات الدستورية الموكولة إليه في مجال السياسة الخارجية،وأكد جلالته بأن الأزمة في طريق الإنفراج، فالعلاقات المغربية الإسبانية تاريخية والمغرب يعد شريكا إستراتيجيا لإسبانيا لاسيما في المجال الأمني والإقتصادي والتجاري، فالهدف كما قال جلالته ليس هو الخروج من الأزمة بل إعادة النظر في الأسس والمحددات التي تحكم هذه العلاقات أساسها الإحترام المتبادل والوفاء بالإلتزامات والثقة والشفافية،فالمغرب كان ولازال ملتزما بجميع مبادئه ويتصرف بالحكمة والمصداقية، فإسبانيا سنة 2017 حينما كانت تواجه أزمة داخلية(كتالونيا وإقليم الباسك) المغرب لم يدعم الإنفصال ولن يدعمه أبدا ورغم أن إسبانيا استقبلت زعيم البوليساريو ظل المغرب متشبتا بمبادئه ولم يعاملها بالمثل فهو دولة ذات مبادئ ومصداقية إلا أنه كان لابد من الدخول في الأزمة من أجل إعادة النظر في العلاقات لتعرف إسبانيا إلتزاماتها جيدا،فالإلتزام المغربي تجاه إسبانيا هو نفس الإلتزام تجاه فرنسا رغم مؤامرات أعداء المغرب من أجل خلق جو من التوتر بينه وبين فرنسا من خلال قضية “بيكاسوس” لكن جلالة الملك نصره الله يؤكد أن علاقة المغرب مع فرنسا مبنية على الصداقة والشراكة والتضامن والتقدير المتبادل، فالمغرب ملتزم بتعهداته الدولية تجاه جميع دول العالم، فالمؤسسة الملكية هي الساهرة على هذا المجال بموجب الفصل 42 من الدستور الجديد.

وفي الأخير أكد جلالته أن ثورة الملك والشعب اليوم أمام مرحلة جديدة تتطلب الوطنية الصادقة والحقة من أجل مواجهة جميع التحديات، فالمغرب يحتاج اليوم وأكثر من أي وقت مضى إلى وطنيين حقييين دافعهم الغيرة على مصالح الوطم والمواطنين وإلى رجال دولة صادقين يتحملون المسؤولية بكل التزام ونكران ذات كما أكد على ذلك جلالة الملك في خطاب افتتاح البرلمان 2018 ،فالرؤية الملكية السديدة والمتبصرة هي الدفع بالمغرب إلى مصاف الدول المتقدمة.

الهوامش :

1-ظهير شريف رقم 1.11.91 الصادر بتاريخ 29 يوليوز 2011 بتنفيذ نص الدستور الجديد،الصادر في الجريدة الرسمية عدد 5964 مكرر بتاريخ 30 يوليوز 2011،الصفحة :3600.

تعليقات الزوار ( 0 )

أضف تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية) .