الرئيسية كتاب وآراء الصيف مقبل ؛ “ثيزرث أو بوقانا ” بين السياحة والتنمية …بقلم ذ :محمادي راسي

الصيف مقبل ؛ “ثيزرث أو بوقانا ” بين السياحة والتنمية …بقلم ذ :محمادي راسي

كتبه كتب في 3 يوليو 2021 - 1:07 م

بقلم ذ :محمادي راسي – جريدة البديل السياسي :

الصيف مقبل ؛ “ثيزرث أو بوقانا ” بين السياحة والتنمية 

=============================

يرجع استقرار بعض الأسر التي كانت تعد على رؤوس الأصابع ب “ثيزرث “إلى أواخر القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين ،كان عدد السكان لا يتعدى  مائة شخص ، أما اليوم فهو في تزايد مستمر نظرا للنمو الديموغرافي ، وكذلك تزايد العمران لازدياد أفراد العائلة الذين يحتاجون إلى السكن وهم في حاجة أيضا إلى تكوين عائلة وبناء منزل ، لقد عاشت الأسر السابقة في غناط ونغص وغنص وشظف في العيش ،قلة المواصلات في ذلك العهد وقلة الإمكانات ، وانعدام الوسائل حتى الضروريات ، فزورق صغير من خشب يكون بمثابة رأسمال بعض أفراد الأسر،  به كانوا يعيشون ،ثم كانوا يغرسون العرصات ،ويربون المواشي والدواجن ، عاشوا منسيين  مهمشين كأنهم غرباء، وليسوا من بني انصار ،بينما هم نزحوا من فرخانة وعمرانة وأولاد زهرة ؛مداشر تابعة لبني انصار .

        بوقانا قبلة للمصطافين ،بشاطئ يربو على عشرة كيلومترات ، سهل الولوج إلى البحر، لأنه جغرافيا منبسط رملي بدون أحجار وحوادر  وأجراف ومهاو وهضاب وجبال ، بوقانا يقصدها  العديد من السياح والزوار من جميع النواحي ، وخصوصا أهل بني انصار ، فالشاطئ هو متنفسهم الوحيد والقريب بدون كلفة مكلفة ، يتجه إليه الفقراء والأغنياء ، فيمكن التوجه إليه مشيا، وفي المشي رياضة صحية وعقلية ،فاعتدال الجو، والشمس  الساطعة ، وصفاء السماء ، والجو المعتدل ، والنسيم العليل ،والسكون في الليل ؛هذه العوامل كلها  تساعد على الاصطياف والاستجمام ،والترويح عن النفس لنسيان الرتوب والهم والغم ، ولكن سياحيا يلزم العناية بالشاطئ من حيث النظافة والمراقبة والحراسة والإغاثة ، أحيانا يبتلع البحر الذين لا يتقنون السباحة ، فتنقلب المسرات إلى أحزان ، ففي السنة الماضية غرق أربعة  من الشبان ، منهم شاب ورجل في يوم عيد الأضحى  ….ويلزم تشجيع الشباب على إيجاد ما يحتاج إليه السائح من كراسيّ وموائد ومأكولات خفيفة ومشروبات باردة ومثلجات ،ولا يتم ذلك إلا بنصب أخبية متواضعة على طول الشاطئ ،وبالقرب من أشجار الأثيل التي بظلالها  يمكن التفيؤ بها وقت الزوال والهاجرة ،لأن الشمس تكون حارة ، تجنبا لضربة الشمس المضرة والتي غالبا ما تحدث الدوار والدوخة .   

إن ثقافة الاصطياف في الشاطئ كانت غائبة عن أذهان أهل بني انصار ،اهتم الناس بالاصطياف في بداية الاستقلال في عهد الاستقرار ، ونهاية عهد الاستعمار ،وكان النصارى القاطنون بمليلة يأتون إلى الشاطئ  القريب من بني انصار، فأطلقوا  عليه اسم “ميامي ” لجماله وصفاء مائه تشبيها ب “ميامي”  بأمريكا ، ولكن اليوم يقولون “بوقانا ،”و”بوقانا “هي الترعة البعيدة عن بني انصار بأزيد من عشرة كيلومترات ، والتسمية أيضا إسبانية لأن الإسبان  كانوا يقطنون بها في القرن الماضي في أكواخ ومخيمات لم تبق ، واليوم وكالة مار تشيكا هي التي تقوم بمشاريع مهمة وستكون مجدية مستقبلا تنمويا وسياحيا ، وثقافة الاصطياف والاستجمام والتنزه والخروج إلى الطبيعة ،أصبحت عادة جديدة عند معظم الأسر التي تعرف قيمة الترويح عن النفس ، كلما حل اليوم السادس من كل أسبوع ،أفراد العائلة يفرحون بقدومه للترفيه والتنزه ،قصد نسيان الرتوب والسجن بين الجدران الأربعة ،وخصوصا في زمن الحجر الصحي والتباعد الاجتماعي ؛ زمن الضيق والحزن والقلق . 

              بوقانا تحسنت شيئا ما ،وخصوصا حينما زودت بالكهرباء في ماي 2019م، وستزود مستقبلا بالماء الشروب ، ومشروع الإنارة كان منذ 2003م بالأعمدة الخشبية ،ولكن بعد الدراسة تبين أنها غير صالحة ،ربما لا تناسب التربة ،ثم عوضت بالأعمدة الإسمنتية في 2005م ،وقد طال انتظار الساكنة أربعة عشر عاما ،إلى أن زودت بوقانا في التاريخ المذكور أعلاه ،بواسطة وكالة مارتشيكا ميد التي ستأتي من خلال مشاريعها الحالية والمستقبلية ؛بالخير العميم للساكنة التي أصبحت سعيدة بالإنارة ، وزادت سعادتها بالطريق المعبد بتربة خاصة ،وقد استغرقت الأشغال فيه أزيد من سنة ، ولكن يلاحظ أن السائقين من فرط السرعة ،يثيرون النقع على الساكنين والراكبين والراجلين ، لذا يجب نصب المحدودبات بالقرب من الأحياء ،للتقليل من السرعة التي يقوم بها بعض المتهورين الذين لا يقدرون المسؤولية ،ولا يحترمون الآخر ، وتنقصهم ثقافة الاحترام والإيثار ،ولابد من إيجاد حل للغبار الذي يصل إلى المنازل ثم يستنشقه القاطنون وخصوصا حينما تهب الرياح القوية ،وفي هذا تلويث للبيئة والإنسان والحيوان ، الغبار الذي تثيره السيارات يذكرنا بسباق  “رالي”  في الصحراء .

إن التنمية القروية برنامج وطني ، يجب تفعيله وتنفيذه من جميع النواحي سياحيا اقتصاديا اجتماعيا صحيا ثقافيا تعليميا …، ونحن اليوم في النموذج التنموي الجديد الذي دعا إليه صاحب الجلالة الملك محمد السادس ملك المغرب من أجل الكرامة ،والعيش الكريم ،والسكن اللائق ، والحق في العمل ، والتغطية الصحية للجميع وغيرها من الأمور التي تخدم الوطن والمواطن ، وعلى المسؤولين اليوم أن يخدموا المواطن وأن يفكروا في بناء الإنسان ، فالوطن أو المجتمع يتكون من الأفراد، فلا مجتمع بدون أفراد . 

بعض الشباب متشائمون متذمرون من العطالة والبطالة ، يريدون العمل والقيام ببعض المشاريع في بوقانا سياحيا ،فالبحيرة الصغيرة عنصر هام سياحيا في وقت  الصيف ،لذا يجب أن تستغل في القيام برحلات ترفيهية لنقل السياح والمصطافين من بوقانا إلى بني انصار / الناظور / قرية أركمان / إلى الترعة الجديدة التي تفصل بين ثيزرث والمهندس ، ولا يتم ذلك إلا بتشجيع شباب بوقانا بدعمهم بزوارق صغيرة للقيام بذلك النشاط لكسب القوت اليومي ، ويضاف إلى هذا استغلال شاطئ بوقانا في إنشاء أخبية وخصاص  لتقديم الأكلات الخفيفة للسياح ، وتوظيف بعضهم في حراسة الشاطئ للوقاية من الغرق في البحر ،لأنهم يجيدون العوم .

           بوقانا تفتقر إلى خط للحافلات لنقل السكان ،بعضهم يذهبون إلى بني انصار مشيا على الأقدام ،يقطعون ما يربو عن عشرة كيلومترات ذهابا وإيابا ،لا يستطيعون تغطية مصاريف النقل ، ويلزم إنشاء مستوصف وقسم للمستعجلات ،وحتى قسم للولادة إذا ما طرأ طارئ يستدعي التعجل والاستعجال ،لأجل الإغاثة والإنقاذ فورا،وأيضا بناء ملاعب رياضية لكل الفئات ذكورا وإناثا ،لتجزية الوقت الثالث فيما  يفيد أفضل من ضياعه في التفاهات ،والإقدام على تناول السموم الفتاكة القاتلة والتي لا علاج لها ، ولا دواء لها مستقبلا، قد تفضي إلى الموت أو السجن أو مستشفى المجانين ، ونحن لا نريد الشر لأطفالنا وشبابنا ،وأيضا إحداث دار المرأة  لمحاربة الأمية ،كي تتعلم المرأة  بعض المهن التقليدية ؛كالخياطة والحياكة والتطريز وغيرها من المهن ، وأيضا إنشاء ثانوية إعدادية ،ومكتبة صغيرة ليتجه إليها التلاميذ للتثقيف والتهذيب ،قصد غرس ثقافة القراءة التي هي عنوان التواصل والحضارة والمعرفة ،وكسب التجارب والمعرفة والخبرة في ميدان الحياة التي هي أيضا مدرسة أخرى ،فيها معلومات لا توجد في أمهات الكتب والمصادر و المراجع .

كلما حل فصل الصيف ، يكون الماء ضحلا  ومنعدما أحيانا ، لذا من أجل التنمية والإغاثة والعيش الكريم ،يلزم إيجاد حل عاجل ناجع ، للقضاء على العطش الذي يفضي إلى الموت في الصيف الصائف ،ويؤثر على المواشي والسكان والمصاييف لانعدام الأمطار، حتى الآبار التقليدية التي كانت عذبة أصبحت مالحة ، بسبب الرمال التي نهبت في السنوات السالفة .

يلزم إثارة انتباه المسؤولين بالإشارة ،إلى أن الطريق الممتد من الميناء إلى ترعة بوقانا ، يحتاج إلى الإنارة ،وبعض المحدودبات لدحر سلوك المتهورين الذين يحبون  السرعة الطائشة المفرطة المهلكة ، وكذا تزويد بعض الأحياء بالإنارة التامة الشاملة ،لأن بعض المنازل محرومة من الإنارة ، كما يجب تهيئتها بالأرصفة والطرق المعبدة ، وتخصيص مساحات خاصة  للحدائق ، فالتنمية تكون بالاهتمام بما هو في الأرض ؛من إنسان وحيوان ونبات ومنشآت ،كمجال للتنمية والاستثمار ، فالسياحة تكون بجمال الطبيعة والبيئة النظيفة والمنشآت السياحية والمراحيض وباحات الاستراحة والترفيه ، وسلوك الإنسان ومعاملاته مع السياح والزوار سواء كانوا مواطنين أو أجانب ، كيف نطلب من بوقانا أن تكون جميلة ـــ هي جميلة خلقة ونحيرة ــــ وكل صيف يقتلها العطش ، ويعمها الظلام في الليل ، ؟؟ ،كيف سيتم استغلالها واستثمارها سياحيا ووسائل السياحة منعدمة ، ؟؟ فالحضارة تقوم على الماء والأنهار والواحات ، فلولا النيل لكانت مصر صحراء ، والواحات هي الحياة لسكان الصحاري ، والبحيرات والأحواض هي الحياة لسكان البوادي .

إن بوقانا عانت من التهميش والإقصاء والإهمال منذ أمد بعيد ، ومنذ أن ظهرت بني انصار كجماعة قروية ،وعود عرقوبية حربائية لكسب الأصوات كلما دنت الانتخابات ، وما زال بعض الانتهازيين على سيرتهم الأولى وعلى مزنهم ودأبهم وديدنهم ودندنهم ،يعرفونها كلما اقتربت الانتخابات وحلول فصل الصيف ، وينسونها كلما فازوا وحل فصل الشتاء ، يتركونها بين التسويف والإمهال والوعود إلى أن يتم الإهمال والإغفال والنسيان والإقصاء ، تمر أيام وشهور وأعوام ،ولا يتم أي شيء مما ذكر في المنابر والخطب الرنانة المليئة بالنفاق والابتسامة الصفراء ، تظن أن لهم رأيا ضاحكا ، ويسيرون في ضحّاك واضح ، بينما هم يضحكون  على المواطنين الأبرياء الشرفاء الضعفاء . ويكون المستمع ضاجعا إليهم  ،كمثقل استعان بذقنه ، أو ذليل يعوذ بقرملة ،بل يكون أذل من بساط ووتد ونعل وشسع ،وكأنه ليست له عضد ،ومن قل ذل ومن أمر فل .

        إن سكان بوقانا بالتجربة ومرور الأزمنة ،وتكرار نفس البرنامج ،وتكرار نفس الأقوال ،كالاسطوانة المشروخة وبدون أفعال وأعمال  ؛لا ينتظرون أي شيء من المنتخبين والمسؤولين ،  كان الصيادون ينتظرون بعض الوعود الكاذبة كتزويدهم بالزوارق والمحركات ،كلام ذهب مع أدراج الرياح ،كالكتابة فوق الماء ……اليوم ينتظرون مشاريع مارتشيكا ميد ، وخصوصا بناء قرية الصيادين ، ومدينة بين البحرين ، ومدينة النحام  مستقبلا وغيرها من البنايات والمنشآت ، لخلق فرص الشغل وتشجيع الرواج التجاري ، كما ينتظرون النموذج التنموي الجديد الذي دعا إليه صاحب الجلالة الملك محمد السادس ملك المغرب . 

بوقانا حائرة كالبغلة الحرون ، لا تعرف مصيرها ولا تطمئن لحالها ، ولا تعرف إلى أين تتجه ؟ …،فهي دائما في شأن وحال وأحوال ، تعيش عيشا موسميا ؛تارة يمنع الصيد التقليدي بشبكة الجر، وتارة تفرض الراحة البيولوجية ، حتى الأرض لم تعد صالحة للغرس كما كانت سابقا ، فأين تلك الغلات التي كانت في العرصات حينما كانت مياه الآبار عذبة ، ؟؟وهي أي بوقانا  في وجل من ترحيل الأسر إلى جهات أخرى كما تردد بعض الألسنة ، ولا شيء من ذلك مادام ليست هناك الرسميات …..، فهذا الحي الذي له أزيد من قرن ، أهله  عاشوا في قساوة وظلام وشظف ، وصبروا على فيضان و هيجان البحر ، امتهنوا الصيد والجلفظة أو الجلفطة ، وكونوا أسرا امتهنت نفس المهنة ـــ وهناك من أهل بوقانا  من يمارس  التدريس ووظائف أخرى ـــــ وحافظوا على التربة بإقامة الخنادق وغرس الأشجار ،وإنشاء عرصات للغرس والزرع …..فهل يعقل أن يرحّل أهل الحي إلى جهات أخرى ؟؟؟،  فلمن بني المسجد ؟ ولمن بنيت المدرسة الابتدائية مدرسة .كم ؟ولمن عبد الطريق ؟ ولماذا زودت المنازل بالإنارة ،ولمن مد  أنبوب الماء الشروب ؟؟…فهل هذا الحي  ليس له الحق في العيش كباقي الأحياء التابعة لبني انصار ، أم هذا من باب أكذب أكذب حتى يظن أنك صادق ، أم من باب الإشاعات كلما اقتربت الانتخابات …..؟؟؟

تعليقات الزوار ( 0 )

أضف تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية) .