الرئيسية كتاب وآراء دور المجتمع المدني في الحد من الفساد الإداري

دور المجتمع المدني في الحد من الفساد الإداري

كتبه كتب في 19 مايو 2021 - 4:17 م

بقلم: : ياسين بويطة – خريج ماستر :العلوم الادارية و باحث: في العلوم الإدارية و المالية

مقدمة :

يعد الفساد أفة تهدد كيان المجتمع و نموها وهو اسهل طريقة للانهيار ولم يعد الفساد مشكلة خاصة بمجتمع او دولة معينة بل اصبح هما دوليا مشتركا تتضافر من اجل مكافحته  جهود كل الشرفاء في كل مكان في العالم ، و عليه فقد ظهرت العديد من المنظمات و الهيئات الدولية المعنية بمكافحة الفساد .

و اصبح المجتمع المدني في ظل الأدوار الجديدة التي خولها الدستور دورا اساسيا في الدفع نحوى عقلنة العمل الجماعي و تطوير أداءه ،وقد حضي هذا الأخير باهتمام خاص في الخطب الملكية وفي هذا الصدد جاء الخطاب السامي لجلالة الملك محمد السادس “أن المغرب في حاجة لكل ابنائه و لجميع القوى الحية المؤثرة ، وخاصة هيئة المجتمع المدني التي ما فتئنا نشجع مبادرتها الجادة ،اعتبارا لدورها الإجابي كسلطة مضادة وقوة اقتراحية تسهم في النقد البناء و توازن السلط” .

كما ان المجتمع المدني هو ذلك الحيز أو المجال العم المتكون من مجموع المنظمات غير الربحية و الغير الحكومية أو غير الحكومية ، و هي كل منظمة لم تنشأ بواسطة الدولة ولتوجد مباشرة من قبلها و لديها اهداف اجتماعية و نشاط يخدم غرض المجموعة كما يخدم المجتمع عموما ،ويحيل مفهوم المجتمع المدني الى قطاع وسيط مركب ، يشمل مجموعة من الهيئات و الجمعيات النشيطة في مجالات التنمية ،و الثقافية و حقوق الانسان ،و اهم مكونات المجتمع المدني هي النقابات المهنية و العمالية ، و الحركات الاجتماعية و الجمعيات التعاونية و الصحافة المستقلة و الجمعيات الثقافية .

يستمد المجتمع المدني أهميته من تنامي دوره في صنع السياسات العمومية ، و ترسيخ قيم الديمقراطية من خلال استثمار قوته، وتأثيره لفرض اصلاحات على الدولة ، و مجال تخليق الفساد لايشد عن هدا الوضع ،فالجمعيات الحقوقية و جمعيات محاربة الرشوة و الفساد أسهمت في بلورة العديد من الاصلاحات في هذا المجال لتجويد تدخلات المرفق العام .

وتلعب الهيئات المدنية دورا محوريا في تعزيز النزاهة و الشفافية في الحياة العامة ،لايقل عن أهمية دور الحكومة و القطاع الخاص فبالإضافة إلى دورها في رفع الوعي بموضوع الفساد و محاربته و الرقابة على القطاع العام كما تساهم الجمعيات المهتمة بقضايا الشأن العام و المنظمات الغي الحكومية في اطار الديمقراطية التشاركية .

إذن من خلال ما سبق و التطرق إليه نطرح التساؤلات التالية :

  • ماهي عوامل تدخل المجتمع المدني في السياسات العمومية كاليه لمحاربة الفساد الإداري؟
  • كيف يصبح المجتمع المدني أداة لتخليق الفساد الاداري؟

المحور الأول:عوامل تدخل المجتمع المدني في السياسات العمومية وتزايدها

ترجع بواعث إنشاء جمعيات المجتمع المدني إلى صراعات السياسية التي عرفتها الاحزاب السياسية و فشلها في تحقيق نتائج ملموسة على امتداد السنوات الماضية ،وهو مايفيد أن ضعف أو غياب “شرعية الانجاز” لدى الاحزاب السياسية هي التي دفعت الى البحث في البديل الممثل في تنظيمها المجتمع المدني على هذا الاساس ،يمكن اعتبار المجتمع المدني بديلا لتجاوز إخفاقات المجتمع السياسي .

إلى جانب ذلك، ففاعلو السياسات العمومية أصبحوا يتوفرون على امكانيات أكبر للمشاركة حتى بطريقة غير تمثيلية في بناء الأجندة من خلال مختلف ميكانيزمات التشاور، اعادة تحديد  دورها ترتب عنه  تقسيم ضمني للعمل بين الدولة و الجمعيات خاصة العاملة في مجال التنمية الاجتماعية.فضلا عن دلك ، فالتدبير التشاركي للشأن العام يفرض اشتراك تنظيمات المجتمع المدني في تخطيط البرامج التنموية و تدبيرها،من منظور عدد من الجمعيات ،فإن طلب المجتمع المدني على المشاركة في السياسة العمومية يعني ايضا و بشكل اساسي اعترافا بتعدد مصادر السلطة و بشرعيات كعنصر من عناصر الحكامة .

إن المجتمع المدني يلعب دورا اساسيا في تعزيز العمل الميداني، فميثاق الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، الذي صادق عليه 80 بلدا لغاية هذا التاريخ، يمتلك طاقة كامنة هائلة لخلق إطار عمل عالمي و قومي للإصلاح، غير ان التجارب مع المواثيق الأخرى تظهر بوضوح أن ميثاق الأمم المتحدة سوف ىيحتاج الى عملية متابعة فعلية لتعزيز التطبيق، فكما أشارت إلى ذلك  “ترانسيبرانسيانترناشنال” في توصيتها إلى مؤتمر فرقاء الدول أن المكونالأساسي لمثل هذه العملية سوف يكون الشفافية و الفرص الواسعة و الموثوقة لمشاركة المجتمع المدني .

و رغم كون الشفافية وفرص المشاركة و الرقابة للمجتمع المدني ضروريين ، إلا ان هناك افتراضا بأنه متى حقق المجتمع المدني ذلك سوف يملك القدرة على القيام بوظائفه الحيوية .

و على الرغم من الجهود الرامية إلى تعزيز القدرة الفنية و المالية و الحكومية، فإن الجهود الماثلة لدعم المجمع المدني، بالمعنى الأوسع لاتزال بعيدة عن حجم النطاق المطلوب،فثمة مزيدا من العمل الضروري في الميادين التالية.

  • الشفافية في الوظائف الحكومية ،و صنع القرارات و النفقات و الوصول للمعلومات بما في ذلك الوصول الغير المقيد للأنترنيت، وفرض المشاركة و التعليق يجب أن يصبح مؤسساتية ومزودة بصورة روتينية .
  • التدريب اللازم لكي يتمكن المجتمع المدني، ومن ضمنه المنظمات المدنية والجمعيات المهنية ، ووسائل الإعلام ، من استخدام المعلومات بصورة فعالة .
  • التدريب مهم ايضا لتعزيز الحكم الصالح و الشفافية و المساءلة داخل المنظمات المدنية
  • الموارد المالية بدون قيود سياسية ضرورية لتمكين المجتمع المدني من القيام بوظائفه: جمع المعلومات، و تثقيف الناس بناء، بناء التحالفات و الاستفادة من مستوى الخبرات المطلوبة لتحليل المعلومات مثل عائدات الصناعات الاستخراجية ، و الموازنات القومية المشتريات العامة.
  • منظمات المجتمع المدني المسؤولة يجب ان كون حرة في التنظيم و الخطاب العام ،دون حظر قانوني يقيد قدرتها في العمل أو في تأمين التمويل من مصادر قانونية.
  • نشطاء المجتمع المدني المنخرطون في الاشراف، ومن ضمنهم وسائل الاعلام، يجب حمايتهم من دعاوى القدح و الذم ومن تهديدات العنف و التوقيف.

عموما فوجود مجتمع مدني قوي و متماسك يشكل ضمانة لدولة قوية بمؤسساتها، و أفرادها كما انه أداة لتفعيل الديمقراطية الحقة ومشاركة المواطنين في الحياة العامة، بالإضافة إلى كونه يساعد على علاج التشويهات الاقتصادية و الاجتماعية التي فرضتها العولمة و سياسة الأسواق المفتوحة.

المحور الثاني: تعزيز دور المجتمع المدني في مجال محاربة الفساد أداة للتخليق الفساد.

تشكل تنظيمات المجتمع المدني أحد المتدخلين في محاربة معضلة الرشوة بالمغرب،  يعتبر تشاور الحكومة “خاصة الوزارة الأولى ووزارة تحديث القطاعات العامة” المتفاوت الانتظام مع جمعية ترانسبراني المغرب حول الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة بمثابة مسار تشاوري.

فمنذ إحداثها سنة 1996، بعد عدة محاولات وصراع مع السلطة، شكلت الجمعية المغربية لمحاربة الرشوة ترانسبرانسي المغرب  “أبرز الفاعلين الجمعويين في هذا الميدان، وفي اطار أنشطتها التحسيسية و التوعوية لم تتوازن عن التعريف بخطورة هذا الوباء ، و ضرورة التصدي ، وتقديم بشكل مستمر مقترحاتها  لعم منظومة النزاهة .

كما قامت “ترانسبرانسي  المغرب “سنة 2009 بإحداث مركز الدعم القانوني ضد الرشوة الية لتحسين المواطن و توجيهه فيما يتعلق بقضايا أو الفساد فعمل هذا المركز ينحصر في التوجيه القانوني لضحايا الرشوة ،أو الشهود على حدوثها ،أو المبلغين عنها فإلى حدود أكتوبر 2009تمكن المركز من معالجة 142 ملفا من أصل 226 قضية التي عرضت عليه ، فيما تبين أن الباقي أي 84 قضية لا علاقة لموضوعها بالرشوة.

دون ان ننسى دور الجمعيات الحقوقية في هذا المضمار ،حيث لاتتوانى بدورها عن كشف حالات الفساد و تقديم مطلب لحماية حقوق المواطنين من كل اشكال الشطط و التعسف.

عموما فمشاركة المجتمع المدني في بلورة سياسة الرشوة و الفساد يعد مكسبا مهما للمنظومة الوطنية للنزاهة غير ان تنظيمات المجتمع المدني نفسها مطالة بإعطاء القدرة في الحكامة الجمعوية المرتكزة على شفافية التدبير.

فالنسيج الجمعوي في حاجة ايضا إلى الرفع من جودة الشفافية في ادائه، و هذا لن يأتي غلا من خلال ضبط عملياتها المالية و المحاسباتية و تدقيقها، هذه الأخيرة تعرف مجموعة من الإشكاليات و مظاهر الضعف  و لعل اهمها اهتزاز الشفافية اضعف الشرعية و المشروعية و المحاسبية .

هذا و يلعب المجتمع المدني على وجه الخصوص دو  التنمية من خلال

–  ضمان اسماع اصوات الفقراء و المهمشين إلى الحكومات و كذا ضمان الأخذ بوجهات نظرهم في القرارات الخاصة بالسياسات العامة التي تهم كل الفئات.

–  تشجيع المساءلة و الشفافية في القطاع العام عن طريق زيادة الضغوط الممارسة في اتجاه الحكامة الرشيدة .

– بناء اسس مشتركة من خلال نهج تشاركية و تعزيز استراتيجية التنمية و المبادرات الوطنية  الرامية الى تخفيض أعداد الفقراء.

– تقديم الخبرة الفنية اقتراح حلول مبتكرة تتسم بفاعلية التكلفة الاحتياجات المحلية .

– المشاركة مع الحكومات لتقديم خدامات اجتماعية خاصة في المناطق التي تحتدم فيها الصرعات و تعاني هشاشة في اساليب إدارة الحكم و تدبير الشأن العام .

  خاتمة

لقد اتضح بعد مرور أزيد من سبع سنوات على الربيع الديمقراطي ببعض البلدان العربية ، وقد رفع من بين شعارته محاربة الفساد أن المغرب قد انتهج نهج الديمقراطية و بطريقة مغايرة عن باقي الدول ، حيث عمل على اصدار تشريعات عديدة للحد من استفحال ظاهرة الفساد كما عمل على ارساء مؤسسات بهدف الانخراط في محاربة هذه الظاهرة ،حيث ان هذه المؤسسات الهيئة الوطنية للنزاهة و الوقاية من الرشوة ، و مؤسسة الوسيط و مجلس المنافسة، و الجمعية المغربية  لمحاربة الرشوة، و كذا العمل على تنزيل الاستراتيجية الوطنية لمحاربة الفساد.

مقتطف من نص الخطاب الذي القاه الملك محمد السادس، في إفتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الرابعة من الولاية التشريعية التاسعة بتاريخ 10 أكتوبر 2014

صلاح بشرى” دور المجتمع المدني في تفعيل الاصلاح الاداري بالمغرب” رسالة لنيل دبلوم العليا المعمقة في القانون العام، كلية الحقوق أكدال– الرباط،2006-2007 ص 56.

ندير المومني :”مشاركة المجتمع المدني في السياسات العمومية ،دراسة حالات” مجلة الأبحاث العدد 59،فبراير،2010 ص147.

محمد زين الدين “مداخل محاربة الفساد بالديمقراطيات الناشئة مقاربة قانونية وسياسية في التجربة المغربية”،مجلة مسالك في الفكر و السياسة و الإقتصاد العدد السابع،2007ص26.27.

محمد أعراب باعسو :” تخليق الحياة العامة و التنمية الشاملة” بحث لنيل دبلوم السلك العالي للمدرسة الوطنية للإدارة 2005- 2006 ص 110.

ندير المومني :امشاركة المجتمع في السياسات العمومية ،دراسة حالات ،مجلة ابحاث العدد 59،فبراير ،2010،ص:160

مصطفى دليل :مدير مركز الدعم القانوني ضد الرشوة في حوار مع جريدة المصباح العدد223- 21 نونبر2009،ص:7

زهير لخيار ” المجتمع المدني و الحكامة “مجلة مسالك ، العدد8،2008،ص21.

تعليقات الزوار ( 0 )

أضف تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية) .