أخبار عاجلة

الرئيسية كتاب وآراء استغلال كورونا لتصفية الحسابات بين الأحزاب السياسية (مشروع قانون 22.20 نموذجا)

استغلال كورونا لتصفية الحسابات بين الأحزاب السياسية (مشروع قانون 22.20 نموذجا)

كتبه كتب في 3 مايو 2020 - 9:06 م

البشير الحداد الكبير – جريدة البديل السياسي:


لازال الحديث يدور عن مشروع القانون 22.20 المتعلق بوسائل التواصل الاجتماعي، نظرا لما أثاره من ضجة وعدم القبول بين عموم المواطنات والمواطنين، سنعمل من خلال هذا المقال على تحليل بعض المقتضيات.
إن الأسئلة المطروحة عن هذا المشروع، كثيرة ومتعددة، ويصعب حصرها، لكن يبقى السؤال الأهم، من قام بتسريبه؟ ولماذا في هذه الظرفية بالذات؟ ولمصلحة من؟ فكما هو معلوم أن مشاريع القوانين يتم تنزيلها بالطريقة المتعارف عليها دائما، لكن مشروع قانون 22.20،طريقة تنزيله لم تكن عادية تماما، فقد تم تسريب بعض مقتضياته، لماذا هذه العجلة في تسريبه؟
هناك احتمالين لا ثالث لهما، الإحتمال الأول،هو أن هذا المشروع كان سيتم إيداعه بالبرلمان كما هو قبل تسريبه، والاحتمال الثاني، هو فقط لتشويه سمعة حزب الإتحاد الإشتراكي، نظرا لإشرافه على قطاع العدل، فهذا الإحتمال وارد بشدة، فهذا المشروع قانون،مسربه متيقن أن هذا المشروع لن يقبله عموم المواطنات والمواطنين، ولكنه قام بتسريبه لأن هدفه واضح، وهذا ما تم بالفعل،فبعد تسريبه لهذا المشروع الكل وجه أصبع الإتهام لحزب الإتحاد الإشتراكي،نظرا لعدم إطلاعهم على الوثيقة الدستورية، فالمتخصصون في الشأن القانوني، أثناء تسريب هذا المشروع، قاموا بتحليل الأمر من الناحية الدستورية، فحزب الإتحاد الإشتراكي نحن في هذا المقال لا ندافع عنه، وإنما نحلل من المنطق القانوني، فالفصلين 89 و93 من دستور 2011 (1) واضحين وضوح الشمس، فالمسؤولية تتحملها الحكومة بكاملها حسب هذين الفصلين من الدستور، وإقدام وزير العدل الإتحادي على تقديم هذا المشروع ما هو إلا تفعيلا للفصل 93 بالضبط.
إن إختيار هذه الظرفية بالذات، وتسريب هذا المشروع، لها دلالتها، خصوصا وأن المغرب مقبل على انتخابات جماعية جهوية وانتخابات تشريعية، وبالتالي حسب رأينا، نلاحظ أن هذا المشروع قانون ما هو إلا تصفية حسابات بين الأحزاب السياسية، ومحاولة تشويه سمعتها أمام المواطنات والمواطنين حتى لا يصوتوا عليها، فجلالة الملك محمد السادس نصره الله بمعية رجال الدولة والمؤسسة الأمنية يفكرون ليل نهار كيف سيخرجون المغرب من أزمة كورونا ويفكرون في الحلول الناجعة، والسياسيون يفكرون في الإنتخابات المقبلة، هذا المشروع خير دليل على ذلك، ما هو إلا وسيلة لتشويه حزب الإتحاد الإشتراكي من طرف خصومه السياسيين، فهذا المشروع، بقراءة مقتضياته خصوصا الشق المتعلق بإنتقاد الشركات، من قام بتسريبه يعلم أن المواطنات والمواطنين لن يقبلوه، ولن يتم المصادقة عليه في الشكل الحالي، لكنه قام بتسريبه، للسباق نحو الإنتخابات على حساب تشويه سمعة حزب آخر، فاللعبة السياسية بين الأحزاب السياسية واضحة وضوح الشمس، هذا المشروع كان ورقة رابحة لأحزاب معينة ونقطة تشويه لحزب الإتحاد الإشتراكي، لكن الدستور المغربي واضح، وبمجرد تعيينك وزير تنتقل من السقف الحزبي إلى السقف الدستوري، بمعنى أنك تنفذ البرنامج الحكومي في إطار المسؤولية المشتركة.
رغم أن مشروع قانون 22.20 لن يخرج إلى حيز الوجود بصيغته الحالية، وجميع الأحزاب السياسية التي اجتمعت في المجلس الحكومي َصادقت عليه كانت تعلم أن الشعب لن يقبله بخصوص انتقاد الشركات ومنتوجاتها، ولكنها صادقت عليه، لتظهر أن الأمور عادية، ولكن بقراءة داخلية نجد أنها كانت متفقة تماما لتشويه سمعة حزب الإتحاد الإشتراكي وجعله يفشل في الإنتخابات المقبلة، فهذا المشروع أبان أيضا أن وسائل التواصل الاجتماعي أصبحت قدرا حتميا وأصبحت وسيلة للتعبير وللضغط في نفس الوقت، وكما قال الباحث "هيدر بروك" :"مطبعتنا هي الإنترنت، ومقاهينا هي شبكات التواصل الاجتماعي".
وقبل الختم،سنذكر الأحزاب السياسية بهذا الخطاب الملكي السامي لصاحب الجلالة الملك محمد السادس أعزه الله بمناسبة عيد العرش المجيد لسنة 2017:"… ولم يخطر لي على البال، أن يصل الصراع الحزبي، وتصفية الحسابات السياسوية، إلى حد الإضرار بمصالح المواطنين.
فتدبير الشأن العام، ينبغي أن يظل بعيدا عن المصالح الشخصية والحزبية، وعن الخطابات الشعبوية، وعن استعمال بعض المصطلحات الغريبة، التي تسيئ للعمل السياسي.
إلا أننا لاحظنا تفضيل أغلب الفاعلين ، لمنطق الربح والخسارة ،للحفاظ على رصيدهم السياسي أو تعزيزه على حساب الوطن، وتفاقم الأوضاع… " وبالتالي يجب على الأحزاب السياسية أن تفكر في مصلحة الوطن والمواطنين، وألا تستغل مثل هذه الظروف لتصفية الحسابات السياسوية، فنحن في هذه الظروف في غنى عن مثل التصرفات، فيجب على الأحزاب السياسية التحلي بروح المواطنة وأن تقف وراء قائد البلاد جلالة الملك حفظه الله لإنقاذ المغرب من تداعيات فيروس كورونا،وهذا المشروع بالضبط في هذه الظرفية لا يحتاجه المغاربة، هناك أولويات، فمن الأجدر ومن الأحسن تأجليه إلى ما بعد كورونا، المطلوب من الأحزاب السياسية الآن هو الإبتكار والبحث عن الحلول الناجعة لتجنيب المغرب الآثار السلبية لهذا الفيروس. 
الهوامش:
1-ظهير شريف 1-11-91 الصادر بتنفيذ دستور 2011، بتاريخ 29 يوليوز 2011،الصادر في الجريدة الرسمية عدد 5964 مكرر، بتاريخ 30 يوليوز 2011،الصفحة 3600.

تعليقات الزوار ( 0 )

أضف تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية) .