الرئيسية كتاب وآراء أوروبا بين تهديدين : تفشي الوباء وتفشي الإنقسام :

أوروبا بين تهديدين : تفشي الوباء وتفشي الإنقسام :

كتبه كتب في 10 أبريل 2020 - 4:43 م

جريدة البديل السياسي – رشيد واعراب

أوروبا بين تهديدين : تفشي الوباء وتفشي الإنقسام :
الشوارع خالية والمقاهي مغلقة والساحات الكبيرة مهجورة تماما ومظاهر الارتباك واضحة في التعامل مع الازمة فالدول الاوربية تواجه الوباء بشكل منفرد ومتأخر أحيانا بالنظر الى تفشي الوباء بشكل متزايد ارتفعت الأصوات المنددة بتسهيل الاتحاد الأوربي للأمر في بداية الازمة وغياب القرارات الموحدة في الوقت المناسب ،ما فتح باب التساؤل عن جدوى الاتحاد الذي بدا غير متحد في مواجهة هذه الازمة ،إنها اوروبا التي تحتاج ان تأخذ بعين الاعتبار بأننا نعيش اليوم ازمة استثنائية تحتاج ردود فعل استثنائية ،غير ان الحقيقة في بداية الأزمة انه لم يقم أي بلد بمساعدة إيطاليا بشكل عملي للحصول على الكمامات وأجهزة التنفس ، وبينما تواصلت الانتقادات للاتحاد الأوربي لعجزها عن العمل الموحد كان الناس في دول متل إيطاليا واسبانيا يخرجون الى شرفات منازلهم ويصفقون بشكل جماعي لتوجيه التحية الى الكوادر الطبية التي تعمل في ظل نقص غير متوقع في معدات الوقاية اللازمة أي أن الرد الأول كان وطنيا ولم يكن هناك رد فعل اوربي موحد ضمن ردود الأفعال الأولى . لقد شهدنا لدى الجميع اسوء رد فعل ممكن ويظهر ذلك في إجراءات منع تصدير الأجهزة الطبية فيما بينهم ، وإجراء إغلاق الدول لحدودها بشكل كلي او جزئي ما يؤثر على اتفاقية شينكن التي تسمح بإلغاء عمليات المراقبة على الحدود بين البلدان الاوربية الشيء الذي أعطا الانطباع بأن الدول ليست معا وكل واحدة تفكر لنفسها وكمثل على ذلك البنك المركزي الدي بدأ غالبا وكانه غير معني بإيجاد الحلول المالية لمواجهة تفشي فيروس كورونا خصوصا في الأيام العشرة الأولى .


على الرغم من أن اول حالة إصابة بالفيروس كوفيد 19 كانت في فرنسا الا ان إيطاليا كانت اول دولة تأثرت بانتشار سريع للفيروس ، فمع نهاية الأسبوع الأول من مارس كانت إيطاليا اول بلد اوربي يعلن اغلاق حدود مناطق شماله مع الدول ، الوضع سيء بفرنسا مما حدا بالسلطات الى تنفيذ إجراءات صارمة للحد من التنقل ، في اسبانيا خاصة في مدريد ارتكبت السلطات خطئا فادحا عندما أجازت لعدد غفير من المواطنين الاحتفال ياليوم العالمي للمرأة علما بان انتشار الوباء قد بدأ وكان مفروضا ان تمنع مثل هده التجمعات الجماهيرية . حاولت اسبانيا تدارك الامر بعد الهفوة الخطيرة المرتكبة وأقدمت مدريد على تنفيد قرارات صعبة فأغلقت جميع مدارسها وجامعاتها مدركة ان الصحة العامة تظل فوق كل شيء آخر . في 11 مارس وصفت منظمة الصحة العالمية انتشار الفيروس كوفيد 19 بأنه وباء بعدها بيومين أعلنت اسبانيا حالة الطوارئ الصحية مما أدى الى تفشي الدعر لدى الشعب الاسباني وتزايد الضغط على محلات بيع المواد الغذائية تماما كما حصل في إيطاليا وعلى الرغم من ان تفشي الوباء كان بسرعة رهيبة إلا ان التنسيق كان بين دول الاتحاد الأوربي غير فعال وكانت الاستعدادات لمواجهة الوباء دون المستوى وظل الناس الجنوب اوربيين ينتظرون اتخاد إجراءات مشتركة فيما كانت دول شمال اوربا تعتقد ان بإمكانها ان تمنع الفيروس من دخول أراضيها ، ووصل الامر بأن طلبت إيطاليا مساعدات من الاتحاد الأوربي ولم تحصل عليها كما لم تحصل عليها خلال ازمة اللاجئين سنة 2015 وتبين لها واقعيا أنها لا تتلقى تضامن من طرف الأعضاء في الاتحاد . مع حالة الطوارئ المعلنة في اسبانيا وإيطاليا كانت فرنسا تتجاهل التحذيرات على الرغم من بدء إصابة مواطنيها لكنها تداركت الامر فرفعت مستوى الحذر واليقظة والغيت الانتخابات البلدية وصرح الرئيس بان في طليعة أولوياته ان يحمي الفرنسيين ويضمن ان تقف فرنسا بقوة ضد هد الوباء . إدا عدنا للوراء سنستنتج بأنه تم اتخاد إجراءات غير مسؤولة تمثلت في السماح للمواطنين في 8 مارس بالقيام باحتفالات في اسبانيا وانتخابات محلية في فرنسا شكلتا الظروف المواتية لانتقال العدوى الى اكبر عدد ممكن . في الوقت الذي كان يتم فيه بناء مستشفى ميداني مدينة ووهان الصينية في بضعة أيام لاستقبال الآلاف من المرضى المصابين الذين لا يمكن لمستشفيات مدريد ان تستوعبهم .


بعد الاحتفال بعيد المرأة ،اعترف المسؤولون باسبانيا بان العدد الكبير من المصابين سببه الاحتفالات الجماهيرية السابقة واستمرت الانتقادات للسلطات في اوروبا التي يحملها الكثيرون مسؤولية آلاف الوفيات بسبب ضعف الإجراءات التي تم اتخادها في الأيام الأولى من شهر مارس ووصل الامر في فرنسا إلى أن ثلاثة أطباء تقدموا بشكوى ضد رئيس الوزراء ووزيرة الصحة لفشلهما في اتخاد إجراءات في الوقت المناسب كان من شأنها إيقاف زحف وباء كورونا ،

 


مند بداية الازمة الصحية تجاهلت بريطانيا ما يحدث في دول الجوار وعندما قررت دول الاتحاد الأوربي مجتمعة القيام بعمليات شراء كبيرة لأجهزة التنفس الاصطناعي ومستلزمات الوقاية الصحية رفضت الحكومة البريطانية المشاركة في تلك المبادرة وقررت التصرف بمفردها وكان ذلك خطئا لا يغتفر ،وفي 23 مارس خضع رئيس الوزراء البريطاني للأمر الواقع الذي لا مفر منه حينما قرر الإغلاق التام للحد من تفشي الوباء ثم بعد بضعة أيام كشفت التحاليل عن اصابته بكوفيد 19 وتفشى الذعر في بريطانيا بدورها وبدا واضحا للعيان خلو المحلات من المواد الغذائية ومستلزمات الوقاية الصحية ، وفي حين يستمر عدد الوفيات في الارتفاع فإن اسبانيا وإيطاليا تؤكدان ان الارتفاع فيهما يعود أولا الى صدق البيانات الصحية المتعلقة بالوباء وثانيا الى الكيفية التي يتم بها احتساب الوفيات وتقولان بأن عدد الوفيات القليل في المانيا يرجع الى عدم احتساب المتوفون في منازلهم وليس له علاقة بنجاعة الإجراءات المتخذة وعلى الدول الاوربية توحيد بياناتها الصحية وإلا فإن الاتحاد الأوربي لا ينبغي ان يكون له وجود .
بينما يواجه العالم بأسره اليوم عدوا واحدا بدا الانقسام في الاتحاد الأوربي لافتا بين شماله وجنوبه وبرز ذلك في رفض المانيا وهولاندا وعدد من دول الشمال تقديم المساعدات اللازمة واتخاذ الإجراءات الموحدة مما دفع بإيطاليا واسبانيا وبدعم من فرنسا الى توجيه إنذار الى المجلس الأوربي ومنحه مهلة لاتخاذ التدابير اللازمة لمواجهة الوباء ويعترف بأن الازمة استثنائية وفجائية .


في الوقت الذي ينبغي فيه على الاتحاد الأوربي ان يتحد في مواجهة هدا الاختبار الاستثنائي ارتأت بعض دوله الانكفاء على نفسها مما أثار مجموعة من التساؤلات حول مدى قدرته على الاستمرار وقد تفشى الفيروس وتفشى الانقسام بين أعضائه .

#ايمولان_تيفي
#كورونا
#بقا_فدارك_او_احمي_بلادك

مشاركة
تعليقات الزوار ( 0 )

أضف تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية) .