الرئيسية كتاب وآراء   من وحي الصيف ـــ3ــــ….. بقلم ذ.محمادي راسي :

  من وحي الصيف ـــ3ــــ….. بقلم ذ.محمادي راسي :

كتبه كتب في 20 أغسطس 2019 - 10:57 م

 

جريدة البديل السياسي :                     بقلم ذ.محمادي راسي :

 

من الأرشيف        

 """""""""                         

                    من وحي الصيف ـــ3ــــ

                  &&&&&&&&&&&  

تمهيـــــــــــــــــــد

"""""""""""""

                     تزامن شهر رمضان وفصل الصيف ومع أوائل  شهر يوليوز الشهر الذي هبط فيه نيل أرمسترونغ على سطح القمر،  يعتبر الهبوط أكبر حدث في تاريخ الإنسانية ، وإن كان جولي فيرني هو السباق أدبيا إلى فكرة الرحلة إلى القمر الذي عبده الإنسان جهلا ودهشة ،وتغزل فيه الشعراء بجماله و نوره وغرته ، كقول ابن المعتز :

انظر إليه كزورق من فضة //قد أثقلته حمولة من عنبر. 

              وبعيدا عن الجمال والتغزل قال قسطنطين زريق بهذا المعنى :"ماذا بقي للأدباء وللشعراء أن  يصفوه ، فقوس قزح الذي وصفوه قد حلله العلماء ، والقمر الذي تغزل فيه الشعراء غدا سنسكنه " ، وفي مثل هذا الشهر ، انتصر الزعيم الريفي والمجاهد الكبير محمد عبد الكريم الخطابي في معركة أنوال الشهيرة على الاستعمار الإسباني الغاشم  المنهزم حيث نال خسائر فادحة في الأرواح والعتاد ، وقد شبهت بغزوة بدر من حيث قلة عدد المجاهدين ، وكثرة عدد الأعداء الإسبانيين ، وفي مثل هذا الشهر ولد وانتحر الكاتب العالمي إرنيست هيمنجواي صاحب جائزة نوبل حول روايته "العجوز والبحر " وغيرها من الوقائع والأحداث التاريخية داخل الوطن وخارجه .

                     بجل ،  تزامن شهر رمضان مع  حلول فصل الصيف ، ناتج عن الشهور القمرية  التي تختلف عن الشهور الشمسية ، وهذه سنة الكون ودورة الطبيعة ،ودوران الأرض حول نفسها وحول الشمس ،ودوران القمر حول نفسه والأرض ،  فنسمع الصبح والشروق والظهر والعصر والمغرب والعشاء ،وهذا التوقيت يتغير ، كما أن شهر رمضان قد يحل في فصل الصيف أو الخريف أو الشتاء أو الربيع ، وحلوله مرتبط برؤية الهلال "صوموا لرؤيته وافطروا لرؤيته "

                 وللقمر منازل يسير وفقها بانتظام لا باعتباط   ، وعددها ثمانية وعشرون منزلا ، لا داعي لذكرها نظرا لكثرتها وقوله تعالى :"والقمر قدرناه منازل حتى عاد كالعرجون " وهو يدور حول نفسه وحول الأرض ،  ويستمد نوره من الشمس ، فيكون جميلا بغرته وهالته وساهوره ، حتى إن يوم الاثنين عند النصارى بالإسبانية يسمى " لونيس"نسبة إلى" لونا " الكلمة اللاتينية " لونا "أي القمر  ،وعند العرب كان يسمى في الجاهلية ب "أهون " والقمر معناه :كامل ،فيقال بدر القمر أي تم ،وامتحق القمر إذا اختفى نوره .

وشهر رمضان إشارة إلى أنه يرمض الذنوب أي يحرقها ،أتى من الرمضاء وهي شدة الحرارة ،والأرض الحامية من شدة حر الشمس ،والرماضة الحدة وشدة الوقع     وفي الرمضاء قال الشاعر :

المستجير بعمرو عند كربته 

كالمستجير من الرمضاء بالنار

إشارة إلى قصة كليب حين طعنه عمرو الملقب جساس فألقاه على الأرض ،فقال كليب يا عمرو أغثني بشربة ماء فأجهز عليه .

وذهب البعض إلى شرح دلالة حروفه : الراء= الرضوان ، الميم= المغفرة ،الضاد=الضمان ،الألف = الألفة ،النون النوال .

ويرى بعض الباحثين أن اسم" رمضان " من أسماء الله ،وأن  يذكر معه شهر رمضان كما يرفض أن يجمع ويصغر ، والبعض جعله ممنوعا من الصرف ،  لزيادة ألف ونون ، ولكن المنجد في اللغة والأعلام ،ذكر جمع رمضان :رمضانات ،رماضين ،أرمضاء وأرمضة  ، على وزن جمع المؤنث السالم وعلى أوزان جموع التكسير ،وقد روى صاحب لسان العرب عن مجاهد أنه كان يكره أن يجمع رمضان إذ يجمع على ما ذكر سابقا …. وقد ورد ذكره في اللغة الأرامية باسم رمع أي رمض لأن الضاد العربية تقابلها العين الأرامية ، وما زالت في عامية لبنان "رمعان " على وزن رمضان …

والشهر يقسم ثلاثا ثلاثا  ،الثلاث الأولى من الشهر تسمى :غرر ثم نفل / تسع / عشر /بيض / درع /ظلم /حنادس /دادىء ثم محاق .

                        هذا الشهر العظيم ؛شهر الصبر والنصر والخير والتهجد والأدعية  والتراويح والمغفرة والرضوان والابتلاء والامتحان لمعرفة أثر الجوع ،والإحساس بالجائع الذي يصبر عدة أشهر ، الشهر الذي يهتم فيه الإنسان بالأيام يحسب ساعاتها ،وينتظر المغرب ،ويقوم بالعد العكسي ،بسبب عامل الجوع ،إنه شهر التروي وتذكر الفقراء والمساكين والأقارب والراحلين إلى دار البقاء ،شهر الانضباط والاعتدال والحمية .." 

قال الشاعر :

منعت شيئا ،فأكثرت الولوع به

وحب شيء  إلى الإنسان ما منعا

وقد حذفت الهمزة في "حب" لأن الأصل أحب وهو اسم تفضيل حذفت الهمزة لكثرة الاستعمال ودورانها على الألسنة كما يرى أهل اللغة والنحو .

وقال آخر :

 والنفس راغبة إذا رغبتها /وإذا ترد إلى قليل تقنع 

وهذا البيت شاهد في النحو لأن "إذا "غالبا تدخل على  الفعل الماضي فتحوله في المعنى إلى المستقبل ،وقد تدخل على المضارع وقد اجتمعت الحالتان في البيت أعلاه .

                    إذا استظهرنا التاريخ الإسلامي نجد أن أهم الفتوحات  الإسلامية وقعت في شهر رمضان كفتح مكة ، انتصار طارق بن زياد على الملك رودريك ،نزول المسلمين إلى الشاطئ الجنوبي لبلاد الأندلس وغزو بعض الثغور، وغزوة بدر الشهيرة التي تغنى بها الشعراء .

كقول حسان بن ثابت :

وخبر بالذي لا عيب فيه /بصدق غير إخبار الكذوب 

بما صنع المليك غداة بدر /في المشركين من النصيب 

وقال أيضا :

لقد علمت قريش يوم بدر/ /غداة الأسر والقتل الشديد

بأنا حين تشتجر العوالي //غداة الأسر والقتل الشديد

إلى أن يقول :

لقد لاقيتم خزيا وذلا  // جهيزا باقيا تحت الوريد

كما أسلم  فيه كثير من الكفار كوفود ملوك حمير يعلنون إسلامهم و غيرها من الوقائع الكثيرة ،ومن الجانب الديني ، نزل   فيه القرآن على الرسول صلعم ، وفرض فيه الصيام إلى جانب شؤون أخرى …

              

رمضان في مدينتي على مدى أربع وعشرين ساعة :

"""""""""""""""""""""""""""""""""""""""

1ـــ تكون المدينة بعد الشروق خالية ،بينما الحركة تبدأ مباشرة  بعد السحور المتجلية في اتجاه السيارات والدراجات النارية والعادية  والراجلين نحو الميناء ،لاقتناء الأسماك من طرف التجار ،ولتفقد شباك الصيد من طرف الصيادين ،  وحركة أخرى نحو مليلة المحتلة ، للعمل والتهريب المعيشي ، ويلاحظ اكتظاظ في الدخول والخروج خلال هذا الشهر ومدة الصيف ،  والذي يفضي إلى اختناقات ومشجارات بسبب الازدحام والتدافع ، وأحيانا استدعاء رجال الوقاية المدنية للإغاثة ونقل المتضررين إلى قسم المستعجلات ،ومن المؤسف جدا أن مدينتنا لا تتوفر على قسم للمستعجلات للقيام  بالإسعافات الأولية ، ولا يقوم المسؤولون بتنظيم حملات تحسيسية قصد التوجيه والإرشاد ، وسرد فوائد شهر رمضان ، وتقديم النصائح للمرضى ، ولا ندوات دينية ، تعرف بقيمة ومكانة وعظمة شهر رمضان الفضيل ، شهر الصيام والغفران  والتعبد والابتعاد عن الفحش والمنكر، وما لا يحل من أمور منافية للشريعة ،أما في المساء ، وأنت ذاهب في الشارع ، فلا تسمع إلا الكلام النابي الساقط ، ولا ترى إلا الشجار والضرب واللكم ، كأنك في مقابلة الملاكمة بدون حلبة ولا  منصة ولا حكم ، ولا أحد يستطيع أن ينهي المقابلة لغياب رجال التدخل السريع ،أما إذا ولجت داخل السوق للتبضع فأنت بالهرب أحق وأحسن ،وإطلاق ساقيك للريح أجدى وأفضل ، من رؤية تلك المشاهد التي لا تمت بآداب التجارة ومعاملاتها .

                     قبل الغروب  ، بعض المقاهي تنشر كراسيها في الحديقة اللاحديقة ، لأنها شخماء خمجاء  جلحاء مليئة بالخموش والقسطان ، استعدادا لفترة ما بعد المغرب لاستقبال الزبن ، بعضهم  لا يبارحون المكان إلى أن يؤذن المؤذن للسحور ،من جراء إقبالهم على تعاطي الشيشة وما يشبه الشيشة أمام الجيران والمارين بل ؛ بعضهم يقومون بالاستفزاز والتحرش ،    وهم مغذمرون ، كلام أعور فاحش ، فيه توضيع ،وأمر شنيع ، وخطب فظيع وفعل وضيع ، ولا يدرى ما مقامهم في نفس المكان والزمان وخلال شهر رمضان ،ويمتد المقام مدة دوام الكراسي في الحديقة اللاحديقة   الممروتة …..اااا

                    السلطات المحلية والأمنية والمجلس البلدي  ، وكل المسؤولين وبعض الفعاليات المدنية والجمعيات بأنواعها    ،رغم المقالات والرسالة المفتوحة الموجهة أخيرا إلى السادة : الباشا والعميد ورئيس المجلس  ،لا تحرك ولا يحركون ساكنا وهم يغضون الطرف عما نكتب عنه ونطالب به ، كأننا نحن رعناء وأطفال صغار ،   ونصبح مثقفين مهمشين نعيش على الهامش ، حتى يقال فينا :إن هؤلاء متعلمون وأشباه مثقفين وأغبياء ، وما يكتبونه عبارة عن أضغاث أحلام وضغث على إبالة ،وصيحة في واد  ، وزابور داوود ،وسحابة صيف ،ويبولون في الرمل "….. أنو أخوانو أمن والو " "ربراقي أوكشوض ….." أظن أنهم لا يقرأون ولا وقت لهم للقراءة ،فهم يكتفون بالدردشة ، والتجوال ،والتنقل من مقهى إلى مقهى  لتجزية الوقت والحديث عن المشاريع الخاصة ……،والهروب من المكاتب بسبب العجز ،وعدم القدرة على استقبال المواطن والاستماع إليه ….ولا يستطيعون حل ما يحل بالمدينة من معضلات ، والقضاء على بعض الممارسات المشينة المخزية المقيتة ….

                   جير، إننا نعيش في هذه المدينة اللامدينة أزمة مرفوعة إلى أس ما لا نهاية ، بل أزمات ..أزمة القراءة والثقافة وأزمة الكتابة  وأزمة النظافة وأزمات سياسية …وأزمة الإنسان نفسه وما يتعلق بأزماته الذاتية والنفسية والمادية ،والمدينة كذلك لأنها نفسها هي الإنسان  ، والإنسان نفسه هو المدينة ….أستسمح القارئ الكريم لقد تهت في يم بدون ريف ، حتى نسيت نفسي ومكاني وزماني ،وهل أنا في الصيف أم في الخريف ، ؟؟وهل هذا الشهر شهر رمضان  أم شعبان ؟؟ لأن القلب أصابته جروح غائرة لا تندمل من جراء ما يحس به ،والعين ما ترى من مشاهد لا تمت بالإنسانية والمدنية والتمدن والتحضر والتساكن والتجاور والتآزر والإيثار والتضامن ،،،،،، واللسان الحسير الجريح لا يستطيع الجهر بالحق والاحتجاج ، ورفض كل فساد وفسق وسلوك دخيل  ،،،، كأنه أصابه الخرس ،،،،،،إلى أن عددنا في عداد الأوخاش والأوغاد من طرف الذين يعتبرون المدينة بقرة حلوب ونحن أبقار مع أنهم يعيشون ــ "وقد نزلوا ما لهم حلب ولا جلب " ــــ بحليب هذه البقرة المتجلية في الهبالة الباردة التي يستغلها الهبال النشال العتال الآتية من جميع الجهات وفي كل الأوقات والساعات ليل نهار سرا وجهرا وعلانية وتحديا وتبجحا ……ويطمعون حتى في البقرة التحلابة من جموم طمعهم وجشعهم نظرا لفاقتهم وتسلطهم واستبدادهم …..

                     نعم مسرحيات في هذا الشهر مدتها أربع وعشرون ساعة ، من السحور إلى السحور ،وقبل السحور نشاهد مشاهد مخجلة مخلة تتنافى والشريعة والشهر المعظم ، وحتى الأسر،  لا ترتاح وهي تخرج للاسترواح بعد العشاء والتراويح ، من جراء كثرة الاعتداءات والسرقات والسلوكات الصادرة عن المتسكعين والمشردين والمهلوسين ، يجب إعادة النظر في هذه الأمور، لأن بعض المقاهي فقدت مصداقيتها ،من مقهى إلى ملهى وو…إلى أن تصيب الزبناء البلاهة والخبالة والهبالة ، إن روائح الشيشة تصل إلى بيوتنا فنصاب وتصاب الصبية  بالشخم من شدة الروائح الممزوجة بين الشيشة والأزبال ،وهذا تلوث خطير ،جدير بمحاربته لأنه مضر ومهلك ، أضف إلى ما سبق هناك المرضى بالحساسية والربو … 

               أما عن التنزه ،فما نوع الإنسان الذي سيتنزه في الظلام في مدينة التجاهل والتغافل والتغاضي  والإهمال ،؟؟ يقتلون الطبيعة والإنسان ، يلوث المنسدحون الحديقة بالحثامة والقشامة والفتاتة ، وبقشور المكسرات ولفافات السجائر وما يشبهها ،وروائح الشيشة والحشيش ،علاوة على ما  تدعه عانة من الحمير والبغال ، وثبة من الشياه ولمة من الكلاب من روث وسرجين وبراز، وما يسقط من نسال ونسيل وفرو ووبر حينما تتمرغ في البستان الخم ذي أشجار سلب من جعاثنها .

              أرصفة محدودبة محفرة ، الناموس منتشر ، واللصوص في تكاثر وازدياد ، والمعربدون  البلهاء يثبتون ذواتهم بالفوضى أمام العقلاء ،النافورات قاحلة ماحلة ، قحطاء جدباء ، كلاب ضالة  مسعورة ، وحمر وبغال ونعاج تحج إلى المدينة وهي متضورة ، مشتاقة لزيارة حاويات الأزبال ، تحل بالنهار وبعد السحور أي : بعد انسحاب  بعض الجالسين المهطعين الحالمين الخاملين التائهين الموسوسين والممسوسين والمألوقين والمألوسين وهلم قعودا وانتظارا وألقا وألسا …وهم في  هينوم أي:في كلام غير مفهوم ،وهينمة أي: في أصوات خفية وهي شبه قراءة غير بينة ، وينشد للشاعر الكميت :

ولا أشهد الهجر والقائليه /// إذا هم بهينمة هتملوا 

وفي نسخة هتلموا .

                   إن التنزه   يا ساكنة المدينة  ممنوع لأنه مقدر  ، منع من ظهوره التعذر  تارة والاشتغال والاستثقال والإعلال والإبدال والاستقبال  ولزوم ما لا يلزم والتنازع وفرض كفاية ،و"عين الميكة " تارة أخرى ، وغياب  الديدبان كليا وقطعا وبتا وإبتاتا وبدون رجعة ومراجعة وترقب تارات أخرى .

2ــــ في ليلة جبار أو اليوم السابع من  شهر رمضان ، 

تلبدت السماء بالغيوم وكان الجو باردا ،فحشكت السحب ماء ،ثم أرسلت حفشة من المطر والذي كان أوله رش وطش وطل إلى أن نزل رذاذا ،فكر على جميع الجالسين أهل الشيشة وغيرهم  من الحالمين والمناخيب الينخوبين اليراعين المدعين العظمة الفارغة ،إذ قطرات من سحابة صيف جعلتهم يهرولون ،فما بالك لو نزل المطر مدرارا ووابلا ، لأطلقوا سيقانهم للريح ولاستفاقوا من أحلامهم ،بل لذهب بهم إلى البحر، ولذهبت ريحهم ولبقيت   نخباتهم تطفو فوق الماء ،كالسمك الطافي ، لقلة حيائهم ، والمطر ناب عن كل شيء ، في ثني هؤلاء الذين تشكو وتضجر منهم الحديقة التي تضرعت إلى الله طالبة النجدة ،للتغلب على الذين يدهسونها فنزل الحياء فأحيا الحديقة بعد موتها ،وأغاثها الغيث من المحالة ،إن السماء استجابت للحديقة ولم يستجب لها الإنسان ولم يعبأ بها بالرعاية والحنان والتقدير والتشذيب والتهذيب ،بل جعلها منديلا يتمسح به مخاطه ، ومرحاضا يقضي منه حاجته ،وملهى يلهو فيه لينال منه أوطاره ،ومقهى يقهي  فيه لتحقيق بغيته ،كأنه ملكه الخاص ،وليس ملكا عاما للجميع …

3ـــ وفي صباح مؤنس المصادف لليوم التاسع من شهر رمضان ،وصل إلى علم  الأمعز بواسطة مصادر حيوانية أن الحديقة مكان جميل للحيوانات، منبسط سهل أفضل من الأماعز ، فقررت النزوح والنزول من النجاد ذات الصلدح والصلودح والجلمود إلى الوهاد ذات الانبساط والنعومة  والنعيم والسهولة ،وهي أفضل من العسر والخشن والحرش ، فجاءت مترادفة مسرعة متسابقة كالسوابح ،أو أنها هاجرت من الشمال في هذا الصيف الحار إلى الجنوب ، حيث الهواء اللطيف والاعتدال .. أو أنها  فرت من بعض الأفارقة المتواجدين في جبال كوركو وغيرها ، لأنهم يطاردونها قصد الصيد ، لأكل لحومها كما كان يفعل الإنسان البدائي ….اا وهم بدورهم هاجروا عكسيا من الجنوب إلى الشمال ، أو طبقوا عنوان رواية الروائي الراحل الأستاذ الطيب صالح "موسم الهجرة إلى الشمال "، أو أنها ملت روائح الأعشاب الطبيعية ذات فوائد صحية ،فأرادت أن  تشم روائح الشيشة و"أجوانات " السلبية المهلكة ،أو أرادت أن تهاجر هجرة سرية إلى ديار المهجر مع الأفارقة من باب الاستئناس والألفة …ولما وصلت إلى الحديقة الكاحطة ، وجدت المكسرات والمقشرات والمناديل الورقية والعلب الفارغة ولفافات السجائر وغيرها ، فرعت ما رعت من المتروكات من الفضالة والحسافة والقشامة ، ثم تاهت ولم أدر اتجاهها ،هل رجعت إلى مكانها المعتاد ،أم ضلت عن طريقها ،  أم انحرفت وزاغها ما رعته ،أم سافرت ،أم سرقت ،أم ذبحت ؟؟؟لأنها مرت مر الكرام ولم ترجع من حيث أتت … فمرت كسحابة صيف والكل سيمر كعابر سبيل … وسيفنى مهما تجبر وتكبر وتحشش "وتشيش" و"تجون" و"استجون" وتدنجون " .وتدندن ووو…..ااا. وسيبقى الصيف صيفا ..والخريف خريفا والشتاء شتاء والربيع ربيعا …..والزمان هو الزمان الذي ليس فيه أمان ،وسيتغير المكان ….إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها ، وذلك قوله تعالى :"كل من عليها فان ،ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام ".صدق الله العظيم

مشاركة
تعليقات الزوار ( 0 )

أضف تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية) .