الرئيسية روبورتاج و تحقيق الناظور …مراهقات يعلقن تحقيق أحلامهن على ممارسة الشعوذة بحي لعري الشيخ وشارع طوكيو

الناظور …مراهقات يعلقن تحقيق أحلامهن على ممارسة الشعوذة بحي لعري الشيخ وشارع طوكيو

كتبه كتب في 1 نوفمبر 2022 - 3:05 ص

جريدة البديل السياسي :

ممارسة السحر والشعوذة من الظواهر المنتشرة داخل المجتمع. فضمن كل فئاته ثمة من يعتقدون أن أهدافهم لا يمكن أن تتحقق إلا عبر الاستعانة بالأرواح، الشريرة منها والخيرة.

عدد من الفتيات، بدافع الحب الجنوني والغيرة وحب التملك، لجأن إلى الشعوذة من أجل الظفر بمن تخفق قلوبهن لهم ولها.

جريدة البديل السياسي زارت عدة أوكار لتجار الأوهام، لتنقل قصصا لمراهقات تحولن إلى خادمات مطيعات لمسيري بيوت الشعوذة، رغبة في جعل محبوبهن كالخاتم في الأصبع. تفاصيل صادمة في التحقيق التالي.
قضت «جريدة البديل السياسي » أياما من البحث عن مراهقات مهووسات بالشعوذة، لكن أغلبهن كن أكثر حرصا في كشف أسرارهن، مكتفيات بالقول إن لكل فتاة ظروفا قاهرة ترمي بها في أحضان المشعوذين. لكن بمساعدة إحدى السيدات بمدينة الناظور  تعرفنا على فتاة تعيش حالة إدمان مع السحر، وطلبنا بإصرار مرافقتها إلى بيوت المشعوذين الذين تقصدهم بشكل شبه يومي، وبفضلها نجحنا في اقتحام عالم مليء بالغرائب التي لا يمكن لعاقل تصديقها، ووقفنا عند عقليات تخجل الأقلام في وصفها.

ضحايا الحب عند تجار الأوهام

عقارب الساعة تشير إلى الثانية زوالا من أحد أيام الأسبوع الماضي. كنا على موعد مع سعاد  (اسم مستعار) وهي طالبة في العشرينات من عمرها تتابع دراستها بشعبة القانون امتطينا وإياها سيارة أجرة إلى منطقة «شارع طوكيو »، حيث يقطن «الفقيه االمشعوذ بجوار مقهى ساندريلا».
ونحن في الطريق سألنا سعاد  كيف اقتحمت مجال السحر، فردت وهي ترسم ابتسامة على محياها أنها بعد حصولها على شهادة الباكالوريا قررت الالتحاق بسلك التمريض ، لكن الحظ وقف حاجزا أمام حلمها، مما جعلها تتعرض للنصب من طرف أشخاص زعموا أنهم يملكون نفوذا ونهبوا مالها بدون فائدة.

وتضيف الطالبة في حديث لـ»لجريدة البديل السياسي » أن اكتشاف الشعوذة جاء عن طريق والدتها المهووسة هي الأخرى بزيارة الأضرحة والفقهاء، والتي اقترحت عليها مشعوذة يقال عنها إنها «تجمد» الماء، من أجل إعطائها «القبول» الذي سيخول لها دخول مهنة الأحلام، ومنذ ذلك الحين أصبح المشعوذون ملاذها في كل مشكلة تصيبها.

سألناها إن كانت قد التحقت بوظيفة التمريض ، لكنها ردت أنه في كل سنة يتم رفض ملفها لنفس السبب، ولم تفلح «حجابات الشوافة» في شيء مما جعلها تتخلى عن حلمها، فاستفسرناها عن سبب الزيارة التي سنقوم بها اليوم لـ«الفقيه المشعوذ » فقالت إنها وقعت في حب محامي  وسيم، لكنه صعب المنال، ولن ترتاح إلا حين يقع في شباكها.

سعاد  كشفت أن صور «معذبها» جالت بها كل المشعوذين الذين تعرفهم في مختلف المناطق  وقامت بأبشع التعويذات، وأغربها تلك التي أمرها بها أحد السحرة بمدينة سلوان ، إذ طلب منها الإتيان بشعيرات كلب ضال وترديد إحدى التمائم السحرية عليها، ثم إحراقها.
بعد مرور نصف ساعة، وصلنا إلى منطقة « شارع طوكيو »  حتى بدأت صيحات الشباب تلاحقنا، عباراتهم كانت واحدة »مقصدكن الفقيه إنه عندنا» فأخبرتنا الفتاة أن الطريق التي نسلكها تؤدي مباشرة الى بيت الفقيه، وكل من يمر منها يعرف مشواره.

وأخيرا وصلنا إلى بيت «الفقيه المشعوذ »، كما يصفه السكان المجاورون، وما إن تجاوزنا عتبة الباب حتى فوجئنا بتجمع نسائي من كل الفئات العمرية، لكن أغلبهن كن مراهقات بوزراتهن المدرسية وبمكياج صارخ كأنهن في حفل وكل واحدة منهن تحكي للأخرى سبب زيارتها، لكن هدفهن واحد إما البحث عن زوج أو الإيقاع بعشاقهن، فيما أخريات جئن فقط من أجل استطلاع حظ مستقبلهن.

جلسنا دون أن نكشف عن صفتنا فأثارت انتباهنا فتاة تقضم أظافرها، وكانت تبدو عليها علامات التوتر فبادرنا بسؤالها عن سبب زيارتها، فردت متلعثمة إنه العشق، قبل أن تضيف إنها واقعة في حب ابن الجيران الذي جمعتها به علاقة غرامية لسبع سنوات.
تحكي بفخر أنها كانت تتسلل إلى بيته ليلا دون علم عائلتها، وتقضي معه مدة من الزمن ثم تعود دون أن ينكشف أمرها، تقول وعلامات الحب تلمع من عينيها «أحبه بجنون»، قبل أن تنهار وتفيض عيناها بالدموع، قائلة إنه تركها وبحث عن ضحية أخرى، بعدما بعثر حياتها وسرق شرفها فلم يعد لها حل سوى استرجاعه عن طريق السحر، تضيف باكية.

فجأة طلت علينا سيدة في الخمسينات من عمرها، قيل إنها زوجة الفقيه وأمرتنا بوجه صارم بالتزام الصمت داخل الغرفة، حتى لا نزعج “الفقيه” المنشغل مع إحدى زبائنه.
بعد ساعتين من الانتظار والاستماع إلى مشاكل المراهقات التي لا تنتهي، حان دورنا ودخلنا عند «الفقيه» بمعية زوجته التي وقفت بجانبنا كحارس شخصي، بينما زوجها لم ينتبه لوجودنا إذ كان منشغلا بمكالمة هاتفية فهمنا منها أن المتصل طبيب أسنان، طلب منه عمل «قبول» له من أجل جلب الزبائن لعيادته الحديثة.

نظر إلينا وسألنا عن سبب زيارتنا، فردت نادية بأنها تريد إحكام قبضتها على حبيبها الدركي وجعله يهيم في حبها، فطلب منها اسمه واسم والدته وبدأ يرسم جدولا وضع عليه تمائم غير مفهومه، ورشه بسائل أسود رائحته غير محببة وقام بثني الورقة ووضعها في تعليقة ثم سلمها لها، وطلب منها نقعها في الماء قبل صلاة العشاء، وأخذ بضع حبات من اللوز ورشها بالماء المنقوع وتجفيفها قبل أن تسليمها لحبيبها من أجل أكله. فهذا كاف لأن يهيم الدركي بحب نادية، بحسب “الفقيه”، ثم سلمته مئة درهم شاكرة إياه ووعدته بالمزيد إن تحقق مرادها.

في طريقنا إلى المحطة، قالت سعاد  إن فكرة السحر باللوز لا تروقها، مما جعلها تفكر في الذهاب إلى إحدى المشعوذات بحي لعري الشيخ بالناظور  لم نعارضها وتوجهنا وإياها نحو المنطقة المذكورة عند سيدة تعد من أشهر المشعوذات بالناظور .
داخل غرفة مبعثرة تفوح منها رائحة البخور، انتظرنا دورنا رفقة سيدة مرفوقة بفتاتين مراهقتين، علمنا بعد الحديث معها أنهما ابنتاها. سألناها عن سبب مجيئها فردت بأنها تريد تزويج ابنتها الكبرى التي «بارت»، حسب قولها، مضيفة أن جميع قريناتها تزوجن وكون أسرة إلا هي رغم أنها «حادكة» وفق قولها.

وتضيف الأم أن بنتها الصغرى تقدم لخطبتها شاب ولم توافق عليه لأنها لا تريد أن تزوج الصغرى قبل الكبرى، ورجحت سبب عدم خطبة ابنتها الكبرى إلى وجود «الثقاف» أو«العكس».
حين حل دورها اوقفت حديثها معنا، وبعد ربع ساعة خرجت بمعية ابنتيها وودعتنا بابتسامة عريضة طالبة منا الدخول عند»الشوافة».

وسط غرفة صغيرة مبعثرة، استقبلتنا بوجه بشوش المشعوذة حورية ، ثم أخذت لعبة الورق وسلمتها للمعنية بالأمر وطلبت منها وضعها على قلبها قبل أن تعيدها إليها ووزعتها إلى ثلاثة أجزاء وطلبت منها ترديد «قلبي، تخمامي، باش يأتيني الله» واعادت توزيعها على الطاولة واشعلت عود الند وقالت «اش جابك»؟
بدأت سعاد  بسرد قصتها مع المحامي، وكشفت خصوماتهما المتكررة بعدما اكتشفت أنه كان على علاقة بصديقة، وذكرت أنها في كل مرة تزوره في بيته، تطلب منه أن يفتض بكارتها، حتى يقع الحمل ويسهل عليها الارتباط به، لكنه يرفض مكتفيا بممارسة الجنس السطحي معها، كما تقول.

المشعوذة، وهي تنظر إلى «الكارطة» باحثة عن جواب، بدأت بنعت المحامي بولد الحرام وأنه يفكر في العودة الى صديقته الأولى، حتى يثأر من خيانتها له، تضيف حانقة.
بعدها أمرتها بجلب سائله المنوي بعد الجماع، من أجل جعله كالخاتم في أصبعها، وأنهت حديثها معنا بقولها، إنها لا تطيق الرجال ومن وقع في قبضتها لا ترحمه.

عبارة المشعوذة كانت مصدر أمل للفتاة التي وعدتها بإحضار المني. حديثها عن الجنس الآخر بقسوة جعلنا نطمع في معرفة نهاية القصة التي شاهدنا أطوارها من البداية، وانتظرنا بفارغ الصبر اتصال الفتاة التي حولها الحب إلى لعبة في أيدي تجار الأوهام.
بعد يومين وصلنا اتصال من الفتاة، بعدما تمكنت من سرقة «المني» فرافقناها لتسلمه لـ«الشوافة» ملفوفا في منديل ورقي تفوح منه رائحة كريهة، وطلبت منها هذه الأخيرة مبلغ الف درهم، من أجل شراء مقادير ستحتاجها في التعويذة.
فجأة دخلت زوجة ابنها وطلبت منها خمسون درهما  لتسلمها لزوجها، فقلنا في تساؤل للفتاة، بما انها شوافة لم لم تبحث لابنها العاطل عن عمل؟ فابتسمت في صمت وطلبت منا التزامه أيضا، لكن فضولنا كان أقوى مما جعلنا نسائل المشعوذة عن حقيقة وجود السحر، فردت أنه موجود ومذكور في القرآن، فأجبناها بأن حتى السحرة مذكورين في الآية التي تقول »لا يفلح الساحر حيث أتى».
ثم كشفنا عن صفتنا وطلبنا منها كشف خبايا المهنة، لكنها رفضت واستشاطت غضبا، قائلة «تريدين أن يقع لك مثل الصحفي الذي حاول البحث عن عيشة قنديشة؟» ثم أردفت بنظرات قاسية «عيناك جميلتان وسيضربهما جن، بسبب فضولك وقلة إيمانك». لم نأبه وسألناها عن سبب كرهها للرجال، فردت بتأفف أن الجن الذي يسكنها لا يطيق رائحة الرجال حتى لو كانوا أقرب الناس إليها.

ثم نظرت إلى زبونتها وطلبت منها العودة بعد يومين وبمفردها، من أجل أخذ «التعويذة» التي ستعلقها في غصن شجرة، بعيدة عن أعين الناس حتى يبقى عقل المحامي  تائها في كل مرة تحرك الرياح أغصان الشجرة.

فور مغادرتنا بيت «المشعوذة» حاولنا إقناع الفتاة بأن المشعوذات يتلاعبن بأحلامهن ويستغلن سذاجتهن، فردت بحسرة أن الحب يجعل صاحبه يفعل المستحيل، ولن ترتاح حتى يتزوجها وإن أبى ستجعله يفقد عقله، وإن لم يكن لها فلن يكون لغيرها، تقول بثقة عالية.

 

تعليقات الزوار ( 0 )

أضف تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية) .