الرئيسية سـياسـيات نظام العسكر ومتلازمة ستوكهولم

نظام العسكر ومتلازمة ستوكهولم

كتبه كتب في 21 مارس 2024 - 4:54 ص

جريدة البديل السياسي 

نورالدين زاوش

عضو الأمانة العامة لحزب النهضة والفضيلة

نظام العسكر ومتلازمة ستوكهولم

خرجت تبشرنا، كالعادة، جريدة الشروق الجزائرية بمقال تحت عنوان: “النظام المغربي المنافق بدون ماكياج؛ أقام الدنيا على جنوب إفريقيا لكن خضع لروسيا”، في إشارة إلى الضجة التي أقامها المغرب على دي مستورا حينما زار جنوب إفريقيا؛ في حين أنه لم يحتج حينما زار روسيا.

من قرأ سطرين من مبادئ الدبلوماسية، أو درس يومين في كلية العلوم السياسية، يعي جيدا الفرق بين موقف روسيا وجنوب إفريقيا من الصحراء المغربية، وعلى رأسها أن قرارات مجلس الأمن في قضية الصحراء منذ 2007م، والتي أغضبت الجزائر إلى حد إصابتها بأعلى مراتب الجنون ودرجات السُّعار، لم تكن لترى النور لولا أن روسيا لم تؤشر عليها، صحيح أنها في كل مرة كانت تلتزم الحياد؛ لكنه حياد من يطعن الجزائر في الظهر ثم يواسيها بقصيدة رثاء.

لقد أمعنت روسيا في إذلال الجزائر وإهانتها وتمريغ أنفها في التراب؛ فمرة تمنعها من الدخول إلى منظمة “البريكس” واصفة إياها بالدولة التي لا هيبة لها ولا وزن، ومرة تعترض على حضور البوليساريو في القمة الإفريقية الروسية؛ على الرغم من أن الجزائر قد اشترت لمنظمتها الإرهابية مقعدا في الاتحاد الإفريقي بمليارات الدولات، ومرة تعقد اتفاقيات للصيد البحري على سواحل الصحراء المغربية، كما تنصح مستثمريها بالاستثمار في المغرب في مجالات الصناعة والسياحة والطاقة النووية، متجاهلة تماما دويلة الجزائر التي تُغدق عليها بما تشتهيه صناديقها مقابل خردة عسكرية، لم تنفع حتى روسيا في حربها على أوكرانيا لتنفع الجزائر، وتظل قائمة الإهانات الروسية طويلة وعريضة لا يتسع لها المقال.

ليس العجيب في الأمر أن نظام العسكر لم يحتج على روسيا ولو مرة، ولم يعارضها ولو قليلا، ولم يُبْدِ نحوها حتى مجرد الاستياء عبر منابره الإعلامية المقززة؛ بل العجيب أن دويلة الجزائر تفتخر بهذا الإذلال، وتتلذذ بهذه الإهانات، وتجد العلقم المر الذي تناوله روسيا إياه عسلا مصفى، وكأن هذه الأخيرة تمارس عليها حصصا من التنويم المغناطيسي، أو طقوسا غريبة من السحر الأسود؛ هذا ما يبدو جليا حينما زار “تبون” قصر “الكرملين”، وصرّح للرئيس “بوتين” بأن روسيا من تحفظ سيادة الجزائر؛ في مشهد درامي يدعو للشفقة والاشمئزاز، خاصة وأن الجميع يعلم بأن روسيا تدعم “حفتر” في ليبيا وهو ألذ أعداء الجزائر، كما أنها تناكف الجزائر في مالي وبوركينافاسو ودول الساحل.

الحقيقة أن الأمر لا يرتبط بالتنويم أو بالسحر؛ وإنما بسيكولوجية معقدة اكتسبها الجزائريون على مر العقود الماضية والقرون الفائتة، والتي يسميها علماء النفس: “متلازمة ستوكهولم”؛ حيث إن الضحية يقع في حب جلاده، وكلما أمعن الجلاد في الأذية والتعذيب، وبالغ في الركل والرفس، أمعن الضحية في العشق والغرام؛ هذا ما يفسر أيضا العلاقة المرَضية المحيرة التي تجمع فرنسا بدويلة الجزائر؛ فرغم أن هذه الأخيرة تدَّعي بأن فرنسا قتلت منها مليون شهيد ويزيد؛ واحتلت أرضها واستغلت ثرواتها قرنا ويزيد؛ وحبست جماجم شهدائها في قفص من حديد؛ إلا أنها لا تكتمها عشقا وهياما؛ إلى دجة أن الرئيس “تبون”، منذ عام أو يزيد، وهو ينتظر بفارغ الصبر أن يزور جلاده “ماكرون”؛ لكن أجندة هذا الأخير لا تسمح.

لقد بات واضحا أنه استشرى في أركان نظام الكبرانات أعراض هذه المتلازمة اللعينة، فأورثها لأبواق إعلامه حتى صار ينهل من قاموس هذا الداء الخبيث، من قبيل مصطلح “خضع”، الذي عَنْوَنت به جريدة الشروق مقالها المبشر، لا بشرها الله.

نورالدين زاوش

عضو الأمانة العامة لحزب النهضة والفضيلة

مشاركة
تعليقات الزوار ( 0 )

أضف تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية) .