الرئيسية البديل الدولي استقبال الجزائر لمتمردين ماليين يشعل أزمة مع مالي.. والأخيرة تلوح بورقة “القبايل”

استقبال الجزائر لمتمردين ماليين يشعل أزمة مع مالي.. والأخيرة تلوح بورقة “القبايل”

كتبه كتب في 26 يناير 2024 - 9:44 م

جريدة البديل السياسي 

لوحت الحكومة الانتقالية في مالي بورقة “تقرير مصير منطقة القبائل” في الجزائر، في ظل أزمة ديبلوماسية غير مسبوقة تمر منها علاقة البلدين، إثر اتهام بماكاو لنظام تبون بمس السيادة الوطنية لمالي عقب استقبال السلطات الجزائرية لعناصر تعتبرها مالي إرهابية ومطلوبة للعدالة.

وقالت الحكومة الانتقالية في مالي، إن “الفضول يساورها لمعرفة كيف سيكون شعور السلطات الجزائرية لو استقبلت مالي، على أعلى مستوى في هرم الدولة، ممثلين عن حركة تقرير مصير منطقة القبائل”.

و”حركة تقرير مصير منطقة القبائل” المعروفة باسم “حركة الماك”، هي حركة أمازيغية قومية تسعى للحكم الذاتي بإقليم القبائل بالجزائر، تأسست عام 2001 على يد فرحات مهني، الرئيس الحالي لما يُسمى “الحكومة المؤقتة لمنطقة القبائل في المنفى”، فيما صنفتها الجزائر كمنظمة إرهابية منذ 2020.

وأدانت حكومة مالي، أمس الخميس، ما أسمتها بـ”الأعمال غير الودية والوقائع التي تنم عن العداء والتدخل في الشؤون الداخلية للبلد من قبل السلطات الجزائرية، والتي تمس بالأمن الوطني وسيادة مالي”.

وأوضحت الحكومة الانتقالية في بيان لها، أن من بين هذه الأفعال “فرض فترة انتقالية على السلطات المالية من جانب واحد، واستقبال عناصر تخريبية مالية ومواطنين مطلوبين للعدالة المالية بتهم الإرهاب، على أعلى مستوى في الدولة الجزائرية دون تشاور أو إخطار مسبق”.

وأشار البيان إلى “التواجد على التراب الجزائري، لمكاتب تمثيلية لبعض المجموعات الموقعة على اتفاق السلام والمصالحة بمالي، المنبثق عن مسلسل الجزائر، والتي أصبحت اليوم ضمن الحركات الإرهابية”.

ونددت الحكومة المالية “برغبة السلطات الجزائرية في الإبقاء على نظام العقوبات الأممية على مالي، في وقت عارضته حركة عدم الانحياز والاتحاد الروسي لصالح مالي وطالبت برفعه”.

وأشارت إلى “اليد الخفية للسلطات الجزائرية في مناورة تسعى إلى فرض فقرة حول مالي في الوثيقة الختامية لقمة حركة عدم الانحياز في كمبالا بأوغندا دون موافقة السلطات المالية”.

إقرأ أيضا: هل ينسف التقارب المغربي المالي مصالح النظام الجزائري في غرب إفريقيا؟

وردا على نفي السلطات الجزائرية “وقوفها خلف هذه الفقرة ضد مالي”، تساءلت الحكومة المالية عن السبب الذي جعل من الجزائر، البلد الوحيد الذي عارض، على مستوى الخبراء، التعديل الذي اقترحته مالي.

وتابع البيان المالي أنه “بعد تحليل هذه الوقائع، يبدو أن هناك تصورا خاطئا لدى السلطات الجزائرية التي تنظر لمالي بنظرة “ازدرائية واستعلائية”.

كما دعت الحكومة الانتقالية الرأي العام الوطني والدولي إلى “ملاحظة الهوة بين المناورات العدائية للسلطات الجزائرية من جهة، والمسؤولية الملقاة على عاتقها باعتبارها عضوا في مجلس الأمن الدولي، الهيئة المسؤولة في المقام الأول عن حفظ السلم والأمن الدوليين”.

وطالبت الحكومة المالية، السلطات الجزائرية بـ”وضع حد لأعمالها العدائية بشكل فوري”، مشددة على أن “علاقات حسن الجوار تقتضي تصرفات وسلوكيات مسؤولة، تسترشد بحس التعاطف والاحترام المتبادل”.

كما دعت الجزائر إلى “استحضار مسؤوليتها عن تدهور الوضع الأمني في منطقة الساحل”، معتبرة أن “استقرار الجماعة السلفية للدعوة والقتال الجزائرية في الصحراء ومبايعتها عقب ذلك لتنظيم القاعدة، أشر على بروز الإرهاب الدولي في المنطقة”.

وجددت مالي التأكيد على “تشبثها بتعزيز علاقات ودية مع كافة دول العالم، شريطة مراعاة المبادئ التي تحكم عمل السلطات العمومية في البلاد”.

وأشارت إلى أن تلك المبادئ حددها العقيد أسيمي غويتا، الرئيس الانتقالي للبلاد، في “احترام سيادة مالي، واحترام خيارات الشراكة والخيارات الاستراتيجية للبلاد، مع مراعاة المصالح الحيوية للشعب المالي في جميع القرارات”.

تدخل خارجي

وكانت الحكومة الانتقالية المالية قد اتهمت الحكومة الانتقالية في مالي، النظام الجزائري بالتدخل في شؤونها الداخلية، معلنة إنهاء اتفاق السلم والمصالحة مع الانفصاليين في مالي، والمعروف بـ”اتفاق الجزائر السلام”.

وقال المتحدث باسم الحكومة الانتقالية في مالي، العقيد عبد الله مايغا، في بيان تلاه عبر التلفزيون الرسمي، أمس الخميس، إن بلاده قررت إنهاء اتفاق السلم والمصالحة بأثر فوري، منددا بـ”استغلال السلطات الجزائرية لهذا الاتفاق”.

وأرجع المسؤول المالي سبب هذا القرار إلى “تغير مواقف بعض الجماعات الموقعة على الاتفاق، والتي أصبحت جماعات إرهابية متابعة من طرف السلطات المالية”.

كما أشار إلى أن من بين أسباب تعليق الاتفاق، هي “الأعمال العدائية، واستغلال الاتفاق من قبل السلطات الجزائرية التي تولت بلادها قيادة الوساطة”.

ولفتت مالي إلى “عدم قدرة الوساطة الدولية على ضمان الوفاء بالالتزامات الملقاة على عاتق الجماعات المسلحة الموقعة، بالرغم من الشكاوى التي تقدمت بها الحكومة الانتقالية، عبر رسالة وزير المصالحة والسلم والتماسك الوطني، المكلف باتفاق السلم والمصالحة الوطنية بتاريخ 24 فبراير 2023، والموجهة إلى السلطات الجزائرية التي تولت قيادت الوساطة”.

إقرأ أيضا: صفعة جديدة لنظام تبون.. روسيا تفسد خطة الجزائر في إقامة منطقة عازلة بمالي

ويأتي قرار مالي بإنهاء “اتفاق الجزائر للسلام” مع المتمردين الانفصاليين الطوارق الذي توسطت فيه الأمم المتحدة سنة 2015، بعد أيام من نفي الجزائر الأخبار حول تقديمها مبادرة بشأن مالي خلال قمة عدم الانحياز بكامبالا.

وقالت الجزائر في بيان رسمي، يوم السبت الماضي، إن موقعا إلكترونيا “يزعم أنه تابع لتحالف دول الساحل، نشر ادعاءات لا أساس لها من الصحة تفيد كذباً بأن الجزائر قدمت مبادرة بشأن مالي خلال قمة بلدان عدم الانحياز المنعقدة بكامبالا”.

وتعرف العلاقات المالية الجزائرية، توترا غير مسبوق، خاصة بعد استقبال النظام الجزائري لممثلين عن حركات الطوارق التي تعتبرها السلطات في باماكو “حركات انفصالية”، نهاية العام المنصرم

وتطورت الأزمة الدبلوماسية إلى حد استدعاء مالي سفير الجزائر لديها للتشاور، يوم 22 دجنبر، احتجاجًا على ما اعتبرته تدخلًا في الشأن الداخلي المالي، قبل أن ترد الجزائر بالمثل وتستدعي سفير مالي لديها.

“منطقة عازلة”

وفي سياق متصل، أفادت صحيفة “مغرب أنتلجنس”، بأن السلطات المالية رفضت خطة كان النظام الجزائري فرضها عليها تهدف إلى ضمان الأمن الوطني للجزائر وحماية سلامتها الإقليمية من تداعيات القتال بين مختلف الجماعات المسلحة والقوات العسكرية المالية.

وتتمثل هذه الخطة التي وضعتها الحزائر بشكل سري منذ صيف 2023، في إنشاء منطقة عازلة تمتد على طول حوالي 100 كلم على الحدود الجزائرية مع شمال مالي يبلغ طولها أكثر من 1300 كلم.

وتفترض الخطة أن تقع هذه المنطقة العازلة في شمال مالي وأن تكون سلمية بالكامل، وهذا يعني استبعاد وجود أي قوة مسلحة مهما كان وضعها الشكلي أو المؤسسي، وفق ما أوردته الصحيفة.

واعتبرت السلطات المالية المقترحات الجزائرية “انتهاكا مباشرا للسيادة الوطنية لمالي، وإهانة لا توصف”، وفق ما ذكرته الصحيفة نقلا عن أسيمي غويتا العسكري القوي في باماكو.

وقالت الصحيفة إن “العسكر الحاكم في مالي لا يفكر في أي خيار آخر سوى إعادة الاستيلاء المسلح على كامل الأراضي، بفضل الدعم الكبير من القوات شبه العسكرية التي أرسلتها موسكو إلى باماكو، ولم تعد باماكو ترغب في الحديث عن أي عملية تفاوض مع أي جماعة مسلحة، سواء كانت إرهابية أو انفصالية من الطوارق”.

وأضاف المصدر ذاته أنه بالنسبة للجيش المالي، يعد الدعم العسكري الروسي، في الوقت الحالي، كافيا جدا لضمان استعادة النظام السيادي في جميع أنحاء شمال البلاد.

وتابعت: “لذلك، فضلت باماكو ازدراء الجزائر والقطع نهائيا عن هذا الاعتماد السياسي والأمني على الجزائر الذي يشكل تقليدا سياسيا طويلا بين البلدين الحدوديين”.

وبحسب مصادر “مغرب أنتلجنس”، فإن رد الفعل المالي هذا فاجأ بشكل كبير القادة الجزائريين الذين لم يتوقعوا مثل هذه الطفرة السيادية من المجلس العسكري الحاكم في باماكو، في الوقت الذي قللوا من تقدير مدى التدخل الروسي اللوجستي والعسكري في الجارة الجنوبية.

واعتبرت المصادر ذاتها أن أخطاء النظام الجزائري في التقدير كلفته غاليا، حيث أصبح تنفيذ خطة مواجهة التهديدات القادمة من شمال مالي تدريجيا، حلما بعيد المنال.

ويأتي تأزم العلاقات المالية الجزائرية، في وقت تشهد فيه علاقات الرباط وباماكو ديناميكية إيجابية متسارعة، نتيجة لرغبة المملكة في تحقيق مزيد من الانفتاح على عمقها الإفريقي، عن طريق مبادرة لربط دول الساحل بالمحيط الأطلسي.

وأضحى التقارب بين المغرب ومختلف دول الساحل، وعلى رأسها دولة مالي، يشكل قلقا بالنسبة للجارة الشرقية للمملكة، بل تعتبره تهديدا لأمنها واستقرارها، حسب ما كشف عنه تقرير مخابراتي جزائري.

وحسب تقرير للجهاز المخابراتي الجزائري نشرته صحيفة “مغرب إنتلجنس”، فإن قصر المرادية يحذر من التقارب المغربي المالي، مشيرا إلى أن مبادرة الأطلسي تغذي المخاوف أكثر لدى الأجهزة الجزائرية.

 

تعليقات الزوار ( 0 )

أضف تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية) .