الرئيسية كتاب وآراء نوعية الفاعل السياسي في المتصّل بين جماعة الخنيشات، توغيلت، لمرابيح، وجرف الملحة بإقليم سيدي قاسم

نوعية الفاعل السياسي في المتصّل بين جماعة الخنيشات، توغيلت، لمرابيح، وجرف الملحة بإقليم سيدي قاسم

كتبه كتب في 28 نوفمبر 2022 - 6:42 م

بقلم: إسماعيل الراجي 

في زمن التحدي واللايقين؛ وزمن تزايد الضغوط على الموارد المحلية بفعل العوامل الطبيعية وغير الطبيعية، وزمن التغيرات المفاجئة وغير المفاجئة، وزمن التحولات المجالية والاجتماعية المرغوب فيها وغير المرغوب بها، وزمن التحديات والأزمات في المجال الترابي، بات في هذا الزمن المعاش والمقبل، يستدعي سياسة وتدبير يعتمد فيها بالمطلق على الاسس العلمية، والمقاربات الحديثة في تدبير شأن التنمية الترابية، لعل وعسى أن يحقق ذلك نتيجة إيجابية في كسب رهان معركة التنمية بكافة أبعادها ومستوياتها على المستوى المحلي.

وعلى ضوء هذا الاستهلال، سنحاول مناقشة موضوع تحديات ورهانات تحقيق التنمية الترابية في أربع جماعات ترابية؛ وهي جماعة الخنيشات، توغيلت، لمرابيح، وجرف الملحة بإقليم سيدي قاسم، من خلال متغير نوعية الفاعلين السياسيين في هذه الجماعات الأربع، على ضواء المستوى الدراسي للمنتخبين.

من المعلوم، يربط بين الجماعات الأربع، أكثر من متصل فبالإضافة إلى المتصل الجغرافي، والترابي والمؤسساتي، نجد المتصل الاجتماعي، والاقتصادي، والثقافي، والسياسي…إلخ. هذا من جهة. ومن جهة أخرى لا يمكن الحديث عن قضية التنمية الترابية في المجال الترابي المحلي للجماعات الأربع؛ بعيدا عن الفاعل السياسي بهذه الجماعات، فهذا الفاعل؛ فإما أنه من نقط القوة، ومن العوامل الدافعة في اتجاه تحقيق التنمية الترابية، أو يكون هذا الفاعل السياسي من نقط الضعف ومن معيقات التنمية الترابية على الصعيد المحلي سواء بشكل مباشر أو شكل عرضي.

قصارى القول، في سياق هذا الموضوع سنحاول أن نقدم ملامح عامة عن نوعية الفاعل السياسي المنتخب المتربع على مفاصيل الجماعات الأربع، في اطار نقد بعض الانزلاقات التي بات المشهد السياسي المحلي في هذا المتصل خاضعا لها بفعل عوامل عدة. وكذا الوقوف على تحليل استمرارية وصول بعض الوجوه السياسية المحلية، بالرغم من عدم توفرها على المؤهلات العلمية والمعرفية والثقافية الممكنة لتساير وتواكب التحولات المجالية والاجتماعية في الوقت الراهن. كما سنحاول أن نشير إلى ما يمكن الإشارة له من واقع تنموي واجتماعي يحاصر ساكنة الجماعات الأربع، كما سنسلط الضوء على مشهد “احتلال” واقتصار المشهد السياسي على فئات اجتماعية وعائلية دون باقي الفئات الاجتماعية الأخرى، بالرغم من البون الشاسع بين من له مؤهلات ومن لا يتوفر حتى على النزر القليل، وهذا ما يعني أننا نناقش موضوع “نخبة” المشهد السياسي المحلي.

أولا: المُتَّصَل الترابي بين جماعة الخنيشات وتوغيلت ولمرابيح وجرف الملحة

في بعض الجماعات الترابية بالمجال الترابي المغربي، موضوع التنمية الترابية هو الموضوع الأكثر حضورا في النقاشات من خلال ثرثرة بعض الفاعلين السياسيين هناك، وحاصل الأمر في الواقع التنموي بهذه الجماعات هو النقص والنقص الحاد، الملاحظ ميدانيا في بعض جوانب خدمات القرب التي تعد من أساسات التنمية الترابية؛ إذ توجد في حالة بعض الجماعات الترابية، حسب واقع الحال، جملة من الاكراهات والتحديات المتعلقة بالخدمات الأساسية؛ كخدمة الصحة، والتعليم، والتجهيزات المحيطة بالسكن…إلخ.

ونظرا لسيرورة التحولات المجالية والاجتماعية التي واكبتها، بتوازي الضغوط على الخدمات المتوفرة، وتزايد مطالب الخدمات الاساسية، في المقابل وجود اكراهات وتحديات مجالية منها ما هو خارج إمكانيات الموارد المالية والبشرية للجماعات الترابية. وعلى ضوء هذه المعادلة الحاصلة في مجموعة من الجماعات الترابية؛ أصبحت تحتاج بعض الجماعات الترابية إلى نوعية فاعلين ترابيين وعلى رأسهم الفاعلين السياسيين، تكون لهم المؤهلات العلمية والمعرفية والثقافية الممكنة من أجل مواكبة ما وصلت إليه سيرورة التحولات المجالية والاجتماعية، وقضية التنمية الترابية في المجال الترابي. ومن الجماعات الترابية التي يتباين فيها مشهد دينامية التحولات الترابية والمجالية والاجتماعية، نجد على سبيل المثال لا الحصر، كل من جماعة الخنيشات، توغيلت، لمرابيح، جرف الملحة.

لكل جماعة من الجماعة الأربع، تجربتها الخاصة في سيرورة التحولات الترابية والإدارية وحتى السكانية ودينامية المشهد العمراني. فحسب التصنيف الاداري المعمول به؛ تعد جماعة جرف الملحة بلدية (28671 نسمة و5888 أسرة)، بينما جماعة الخنيشات مركز قروي(23707 نسمة و4682 أسرة)، في حين تعد كل جماعتي توغيلت ولمرابيح من مجموعة الجماعات ذات الخصائص القروية(جماعة توغيلت14764 نسمة و2589 أسرة/ جماعة لمرابيح 20461 نسمة و3878 أسرة). تتشابك هذه الجماعات الأربع اشتباكا قويا، على أكثر من صعيد. ومن الملاحظ في هذا الامتداد؛ انتقال صدى الفعل الاجتماعي والاقتصادي والسياسي والثقافي، وتردده في جميع تراب هذه الجماعات الاربع.

من خلال حساب مسافة ما بين مراكز الجماعات الاربع؛ نجد لا يبعد مركز مدينة جرف الملحة عن المركز الخنيشات مسافة تتجاوز حوالي 20كلم، في حين لا يبعد مركز مدينة جرف الملحة عن مقر جماعة توغيلت وجماعة لمرابح سوى 6 كلم.

يتجاوز المتصل بين كل من الجماعات الأربع؛ المتصل المكاني والحدودي والقرب النسبي بين مراكز الجماعات، إذ هناك متصل سوسيولوجي وتاريخي بين ساكنة الجماعات الاربع، حيث تجد الامتداد العائلي، والعلائقي بين سكان هذه الجماعات متشابكا بفعل عوامل عدة من بينها، عامل الهجرة، والمصاهرة، والمصالح الاقتصادية لبعض الافراد المتناثرة في منطقة هناك…إلخ. وهذا النوع من المتصل أرخى بضلاله على المشهد السياسي المحلي عبر عمليات التكتل والاصطفاف في وشج تحالفات وفق مصالح النفود العائلي والاجتماعي والاقتصادي.. مما كان له خلال العقود والسنوات الماضية آثار، وتبيعات على واقع المشهد السياسي المحلي، منذ ما قبل 1992_سنة 1992 كانت سنة احداث الجماعات الترابية الجديدة من بينها جماعة توغيلت وجماعة جرف الملحة…إلخ_ ولليوم على المشهد التنموي المحلي المتعلق بكل جماعة ترابية على حِدَة.

في المتصل بين الجماعات الأربع، لا يمكن أن تتم قراءة المشهد التنموي في الجماعات هناك، بعيدا عن الفاعلين المتعاقبين على المشهد السياسي المحلي، حيث كان شأن تسيير وتدبير الشأن المحلي رهين فاعلين؛ احتل البعض منهم المشهد السياسي المحلي أزيد من 30 سنة، وما يزال هذا المجال الترابي يحافظ  في بعض وحداته الترابية كالدواوير وترأس الجماعة ونحوه على هذا الواقع بشكل من الاشكال. ومن الملفت للنظر في دهاليز المشهد السياسي المحلي على صعيد الجماعات الاربع؛ يزداد “الحبل السري” قوة واتصالا في دواليب بعض الجماعات، حيث يقدم الفاعلين المخضرمين بتغذية أفراد العائلة الجدد أو قل أفراد “العشيرة” بما يمكنه عبر ذلك الحبل أن يضمن توريث سياسي في واضح النهار في أحد دواليبه الممكنة بالجماعة والمشهد السياسي، ولو في غياب تام للغطاء التعليمي والمعرفي والثقافي، الذي من شأنه أن يضخ دما جديدا في نوعية الفاعل السياسي في المنطقة، لا سيما أن هذه المنطقة في خضم تحولات مجالية واجتماعية، في أمس الحاجة لنوعية فاعل يكون في أفق متطلبات تحديات التنموية الراهنة التي يشابك فيها كل شيء.

ثانيا: جماعات الهامش وحالة “نخبتها” ومسؤوليتهم عن المأزق التنموي  

في المجال الترابي، ونظرا لحتمية مكان تواجد الجماعة الترابية، ومسافة القرب من العاصمة الجهوية والاقليمية، وسلم التنمية الاقتصادية-الجهوية، والتنمية الاجتماعية-الاقليم، وكذا الوظيفة المجالية والترابية للجماعة في وسط منظومة الجماعات الترابية، وغيرها من الأمور المتعلقة بنوعية الفاعل، وخصوصا الفاعل السياسي. تجد بعض الجماعة من مكونات منظومة الجماعات الترابية في المشهد الإقليمي في قلب التخطيط والتفكير والرقابة.. إلخ. وفي مقابل ذلك، تجد بعض الجماعات الترابية تكون على الهامش، وتكون مغمورة، نظرا لعوامل سوسيوسياسية من بينها؛ نوعية فاعليها السياسيين الذين ساروا بالمشهد السياسي في جناح الليل، وعلى إيقاع “الدق أسكات”…وتجد أن هذه الجماعات كانت تعيش في صمت مطبق يبعث على الرهبة، بالرغم من مظاهر انحسار المشهد التنموي، وحالة المرضية التي عليها هذه الجماعات الترابية من خلال بعد الامية في حالة أمر بعض مدبري شأنها المحلي!

إن الجماعات التي في الهامش، هي جماعة تكاد لم تخرج من تحقيق ما كان يمكن تحقيقه خلال سنوات ماضية، من قبل توفير طرق ومسالك للساكنة، أي بنية تحتية تستجيب لحاجيات المجتمع ونحوه من المتطلبات البديهية والعادية. وهذا الامر نتيجة طبيعية لسياسيات التدبير غير الناجعة خلال السنوات الماضية والوقت الحاضر، يتحمل مسؤوليتها الفاعل السياسي المتعاقب على الجماعات هناك. إذ كانت النتيجة على المشهد التنموي الترابي المحلي كارثية بكل المقاييس في حالة بعينها. فإذا كان المسار الطبيعي للجماعات الترابية هو التحسن والانتقال بالتدرج من القاع إلى القمة، فهناك جماعات تمشي في غير هذا الاتجاه، حيث كانت على الهامش وما تزال على الهامش، حالة جماعة توغيلت بدرجة الأولى، وهذا لا يعني أن الجماعات الترابية التي قطعت أشواطا في شأن توفير خدمات التنمية الترابية محمية من التراجع والانتكاس، بل إن هذا من الأمور التي يمكن أن تجد لها حالة على صعيد المشهد الجماعي. وفي سياق هذا، يعد الفاعل السياسي المحلي أحد المسؤولين المباشرين عن نتيجة الوضع العام والخاص المتعلق بازدهار أو انحسار المشهد التنموي المحلي. فخلال 30 سنة الماضية، هناك جماعات بإقليم سيدي قاسم استثمرت وخططت في تحسين الوظيفة المجالية والاجتماعية للجماعة الترابية، وهناك جماعات أهدرت سنوات من تدبير المحكم والناجع في شأن قضاياها التنموية، كحالة جماعة توغيلت التي يبدو أن المقارنة بينها وبينا الجماعة المجاورة لم تعد مطلوبة؛ حيث لا مقارنة مع وجود فارق.

إن المجال الترابي الذي عليه الجماعات الاربع، لقد كان على الهامش لسنوات عدة إلى أن اشتد عضد مدينة جرف الملحة، وعليه بات المجال الترابي في اطار التفكير الإقليمي وفق مقاربة التنمية الاجتماعية وسياسة دعم نواة التحضر في هذا الامتداد الترابي-القروي. لكن هذا لا يعني أن هذه الجماعات الاربع ليست على هامش الإقليم بالمعنى التنموي، فما تزال الأوضاع التنموية في هذه الجماعات لا ترقى إلى المستوى المطلوب، إذ كيف يمكن تفسير حالة غياب بعض الخدمات الأساسية، أو النقص والنقص الحاد فيها كما هو موجود في مجال كل جماعة؟

من خلال مقاربة مفهوم التنمية الترابية، والذي هو_بدون الدخول في متاهات التعريفات_ بلغة بسيطة: استجابة لحاجيات المجتمع الأساسية بشكل ديمقراطي وعادل وناجع ودون اضرار بشيء ما في المجال الترابي. وكما هو معلوم على عاتق الجماعات الترابية تقع مسؤولية تحقيق التنمية الترابية؛ لكونها المؤسسة المخولة بصلاحيات التدبير والتخطيط والاعداد للمجال والمراقبة والتسيير. وعلى ضوء ذلك تعد الجماعات الترابية حسب الادبيات الترابية والمجالية، والدستور المغربي2011؛ رافعة التنمية في المجال الترابي. لكن، هل فعلا تستطيع الجماعات الترابية أن تحقق التنمية الترابية بأيادي فاعليها السياسيين بعيدا عن مقاربة اعداد التراب والتخطيط الاستراتيجي الذي يحتاج إلى الكفاءات العلمية والمعرفية والمقاربة التشاركية؟ ومن جهة أخرى، هل فعلا تستطيع المجالس المنتخبة التي في مفاصيلها بعض الفاعلين السياسيين الاميون والمحكومين بالجهل المركب في شأن قضية ومسألة التنمية الترابية أن يقدموا شيئا؟ وهل فعلا يستطيع مثل نوعية هذا الفاعل السياسي أن يأخذ سفينة الجماعة الترابية إلى بر الأمان، وأن يجاري أمواج التحولات الاجتماعية والمجالية وتحديات التنموية الحالية والمستقبلية مع العلم أن حالة ساكنة بعض الجماعات الترابية بإقليم سيدي قاسم، حالة يندى لها الجبين من عدة أبعاد، وخاصة في بعد التجهيزات والبنية التحتية والمشاركة في تدبير وتخطيط التنمية الترابية؟

ففي بعض الجماعات الترابية بالإقليم، مرّ أكثر من ثلاثة عقود على وجودها، وها هي حالة ساكنتها تعيش في واقع مجالي لم يعرف تحسين وظائفه الترابية والمجالية، بالشكل المطلوب والحقيقي والمتماشي مع سيرورة التحولات المجالية والاجتماعية ورؤية الدولة في المجال، ما عدا سياسة الترقيع، السياسة المنتهجة من مجلس جماعي إلى آخر؛ وهذا الحال ينطبق على جماعة الخنيشات، وجماعة توغيلت وغيرهما من الجماعات التي تكون فيها سياسية التدبير؛ خاضعة لمنطق الأحادي، وديكتاتورية الامر الواقع، والتعسف والنهج الفج المتجلي في تجاوز وإعطاء أي اعتبار حقيقيا لمنطق التخطيط الاستراتيجي، ومطالب التنمية الترابية الأساسية، والمقاربة التشاركية…إلخ، وجل ما ذكر تفوح رائحته من الجماعات الاربع.

من القواسم المشتركة على صعيد إقليم سيدي قاسم المتعلقة ببعض المجالس المنتخبة؛ نجد الأمية من حيث بعد القراءة والكتابة من الوجوه المشتركة، ليتخيل المرؤ كيف يبلي رئيسا أو نائبه أو أحد من ينوب عنه أو عضو في لجنة دائمة بمجلس الجماعة لا يجد القراءة والكتابة؟ هذا من جهة. ومن جهة أخرى، كيف يبلي منتخب مصاب بمرض الجهل المركب بالمعارف الأساسية المتعلقة بسياسة اعداد التراب، والتخطيط الاستراتيجي، والمقاربة التشاركية…التي هي سمة أو قل خصيصة ملازمة لمجموعة من أعضاء المجالس المتعاقبة على صعيد بعض الجماعات الترابية بإقليم سيدي قاسم حالة الجماعات الأربع؟ ومن أجل استنطاق هذا الواقع في الماضي والوقت الحالي؛ فيكفي طرح سؤال بسيط حول مستوى التعليمي للمنتخبين السابقين، والحاليين الذين جلسوا ويجلسون في مفاصل التدبير على صعيد الجماعات الاربع، وجواب هذا السؤال؛ قطعا، كفيل بأن يكشف حقيقة عمق الازمة في المجال الترابي هناك، ومأزقه التنموي.

جماعات ترابية تعيش حالة من الفوضى والتخبط في عملية التدبير والتخطيط لشأن التنموي المحلي، وتنزيل المشاريع، من تجلياتها الراهنة حالة مجلس جماعة توغيلت في الوقت الراهن التي يباشر مشاريع بدون مراعاة الفوارق المجالية والاجتماعية على صعيد دواويرها. وها هي المعطيات النوعية؛ تقدم ما يمكنه وصفه بالحكم غير القابل للنقض أو الشك عن مستوى الفكري والثقافي والعلمي لبعض الفاعلين السياسيين في دواليب الجماعات الأربع، من خلال متغير المستوى الدراسي الذي عليه بعض المنتخبين من هم في مفاصل المجالس الجماعية للجماعات الأربع:

  • جماعة الخنيشات: 28.57% لهم شهادة من التعليم العالي ، 35.71% من لهم شهادة من التعليم الثانوي، و28.57% من لهم شهادة من المستوى الابتدائي، و7.14% منهم دون مستوى دراسي يذكر.
  • جماعة توغيلت: 15% من لهم شهادة من التعليم العالي، 40% من لهم شهادة من التعليم الثانوي، و25% من لهم شهادة من المستوى الابتدائي، و20% منهم دون مستوى دراسي يذكر.
  • جماعة لمرابيح: 10.71% من لهم شهادة من التعليم العالي، 35.71% من لهم شهادة من التعليم الثانوي، و50% من لهم شهادة من المستوى الابتدائي، و3.58% منهم دون مستوى دراسي يذكر.
  • جماعة جرف الملحة: 23.33% من لهم شهادة من التعليم العالي، 26.67% من لهم شهادة من التعليم الثانوي، و46.67% من لهم شهادة من المستوى الابتدائي، و3.33% منهم دون مستوى دراسي يذكر.

كما هو واضح من خلال الأرقام الواردة، والمتعلقة بالمستوى الدراسي للفاعليين السياسيين المتواجدين في دواليب الجماعات الترابية وفي مفاصيلها؛ تبين مستويات المستوى الدراسي ومفارقته، حيث تسجل جماعة توغيلت الأعلى في نسبة المنتخبين من ليس عندهم مستوى دراسي يذكر، بحوالي 20 %، في حين تأتي جماعة الخنيشات في المرتبة الثانية ب7.17%، بينما جماعة لمرابيح تأتي في المرتبة الثالثة ب3.58%، وجرف الملحة، يا حسرة-المدينة؛ تسجل نسية في مؤشر المنتخبين من ليس عندهم شهادة تذكر تقدر ب 3.33%. هذا عن الوضع الحالي، أما إذا عدنا للمجالس المتعاقبة منذ سنة 1992 إلى المجلس الحالي فحدث ولا حرج. أي أنه خلال السنوات الأخيرة وعلى امتداد الترابي لإقليم سيدي قاسم، حدثت بعض التغيرات الطفيفة في مشهد المجالس، حينما بدأنا نسمع، ونقرأ عن متعلمين _حاصلون على شواهد علمية مختلفة من بينها شواهد من التعليم العالي_ توجت مشاركتهم في الاستحقاقات الانتخابية بالظفر بمقعد تمثيلي في دواليب الجماعة. لكن هذا المشهد لم يسري في عروق جميع الجماعات الترابية بالاقليم. بل إن بعض الجماعات الترابية سيرا ضد عقارب الساعة، تعيد الزمن للوراء، وتعيد انتاج نفس الوجوه بشكل من الاشكال؛ سواء من العائلة نفسها أو من الشريحة الاجتماعية نفسها مع نفس المستوى الدراسي؛ لتسلمها مقاليد التدبير في الجماعة، هل هي الديمقراطية من تأتي بهؤلاء أم شيء آخر؟

في حالة بعض الجماعات الترابية من حيث مشهد تغيير الوجوه السياسية الفاعلة في الشأن المحلي، ومن خلال متغير المستوى الدراسي، لم تجد وقتا للتغيير الكلي، ولو التغيير الشكلي من باب الحياء والتذمم وحفظ ماء الوجه، أمام مشهد التحولات المجالية والاجتماعية والثقافية، فالفاعلون السياسيون في جماعة الخنيشات وتوغيلت ولمرابيح وجرف الملحة ما يزالون يخصصون جملة من المقاعد في مفاصيل المجلس الجماعي بالجماعة الترابية، لمن ليس عندهم مستوى دراسي أو معرفي معتبرا في مستوى مسؤول بالجماعة، أي أن في هذا المتصل الترابي يتم إعادة الإنتاج لنفس البنيات للمجالس السابقة التي كانت نتاج منطق النفود العائلي والمال دون محدد ومتغير المستوى الدراسي والمعرفي.

علينا ألا نستسهل خريطة الامية والمستوى الدراسي عموما في الجماعات الترابية، إنها خريطة دالة على حقيقة منظومات وأجهزة بكاملها ومؤسسات، كالمؤسسات الحزبية. إنه من بين الأسئلة المهمة في مقومات العمل السياسي المحلي على صعيد الجماعات الترابية، والذي له دلالاته الواضحة عن مسار الممارسة السياسية المحلية، المستوى الدراسي للمنتخب، فحين يكون المجلس الجماعي يهمين عليه مستوى الامية من خلال منتخبين بدون شهادة تذكر أو في حدود المستوى الابتدائي؛ يحيل هذا الامر مباشرة إلى واقع مزري عليه المستوى العلمي والمعرفي والثقافي لمن هم في مفاصيل مجلس الجماعة الترابية.

إنه بشكل ما من الاشكال تقدم خريطة الامية لحالة المجالس المنتخبة، عدة تفاصيل عن الناخب المصوت وعن عملية الانتخابات التي تجري في دواليب الجماعات الأربع، وما لا يختلف عليه اثنان في دواليب الجماعات الأربع أن عملية التصويت الأكثر نسبة مرتبطة إلى النخاع الشوكي بالنفود العائلي والوجاهة المالية كما تقول خريطة المنتخبين في مجالس الجماعات الأربع. فماذا يمكن أن يجعل ناخب أن يصوت على مترشح لا يجد القراءة والكتابة ومنهم من لا سمعة له؟ وعليه، فسؤال “النخبة” السياسية “المحتلة” للمشهد في الجماعات الترابية على صعيد الإقليم، جزء لا يتجزأ من إشكالات وعوائق التنمية الترابية خلال العقود الماضية والسنوات الجارية.

ولليوم ما يزال هذا المسلسل سيء سيناريو في مجموعة من الجماعات الترابية، يستمر بشكل ما من الاشكال في دواليب هذه الجماعات الاربع. بعض المسؤولين من “النخبة” المحلية، الذين مارسوا لعبتهم السياسية بالجماعات الاربع في حدود مجالهم الترابي، يتنصلون اليوم في واضح النهار من مسؤوليتهم التاريخية، والحالية عن ما آلت له أوضاع مشهد التنمية الترابية من إشكالات وتحديات؛ تشوه المجال الترابي للجماعات هناك. بل إن هذه “النخبة” التي تحكمت في دواليب الجماعة، تقوم اليوم، بتحوير النقاش لصالحها في اطار عملية مكشوفة؛ وتدعي في ترويجها السياسي، أنها لها عصى سيدنا موسى عليه السلام من أجل اخراج المجال الترابي من مأزقه التنموي؟ مفارقات عجيبة من “نخبة” تقول جل التحاليل المنطقية والعقلية عن حالة بعض الفاعلين السياسيين في دواليبها؛ أن البعض منهم متأخر ربما بقرون عدة عن الثقافة والمعرفة والعلم بالمجال وتدبيره، فهل مثل هذه “النخبة” المحلية ستجاري التحولات الاجتماعية والمجالية والثقافية في جماعتها الترابية؟ وهل فعلا مثل هذه “النخبة” يمكنها أن تقوم بتنزيل مقتضيات ومضامين القوانين التنظيمية وتشارك فعلا في بناء برنامج تنموي يستجيب لمنطق الأولويات والتخطيط الاستراتيجي والتنافس بين الجماعات؟!

ثالثا: انحدار المعترك السياسي المحلي 

من يتتبع المشهد السياسي المحلي داخل الجماعات الأربع، يلاحظ منذ عقود ومنطق القبيلة والغنيمة يرخي بضلاله على المشهد الانتخابي، وعلى بعض برامج ومشاريع التنمية المحلية. فلا يمكن حسب ما يدور من حكايات وسرود من هنا وهناك عن “بطولات” فرض مشاريع في دوار أو حي أو شارع _والعكس_ أن يكون خارج حسب محدد القبيلة والغنيمة، فحسب هذا المنطق الذي تجاريه أسئلة من قبيل: ما مكاسبي من المشروع؟ وما نصيب فيه؟ وما نفعه علي؟ هذا الواقع الذي سار عليه بعض من تربعوا على مفاصل التدبير في مجالس الجماعات، ما يزال يلقى فضاء رحبا في دواليب بعض هذه الجماعات، بل إن هذا الامر هو ما يسيل لعاب بعض الفاعلين “السياسويين” من أجل الوصول لسدة الرئاسة، أو ترأس أحد اللجان في دهاليز الجماعة الترابية؛ إذ تجد البعض منهم على استعداد تام، لشراء أصوات سواء الناخبين أثناء عملية الاقتراع أو شراء الأعضاء المنتخبين في عملية تصويت لتشكيل مجلس جماعي بمقابل يكبده ربما الملايين! وهذا ما يردده صوت بعض الناس في المنطقة، وهناك من السياسيين “المحنكين” من تجد تدعمه جهات بعينها من أجل أن يكون هو “سيد” الجماعة الترابية من أجل أن يمرر لها المشاريع البنية التحتية ونحوها من المشاريع التي تتم على صعيد الجماعة؟!

لقد تجاوز الانحدار في بعض الجماعات الاربع ومن شابهها من حالات، مستوى تواجد في أحد دواليب مجلس الجماعة بعامل النفود العائلي، والمال السائب، بل إن بعض الجماعات الترابية، أصبح وضع مشهد التدافع السياسي فيها أثناء الاستحقاقات الانتخابية، تتربص به بعض الشخصيات الموسومة أو الملقبة في المجتمع بأوصاف خطيرة جدا؛ فحسب ما يسمع ويتداول، هناك بعض الشخصيات “الوازنة” أصبحت تنافس على المشهد السياسي المحلي، من قبيل الألقاب التي يطلقها المجتمع المحلي خفية على بعض الفاعلين السياسيين؛(….) حيث تتضمن تلك الألقاب ما مضمونه مجموعة من الايحاءات والشبهات المتعلقة بأنشطتهم الاقتصادية غير المشروعة_ لا داعي لذكر الألقاب هاته فيمكن النزول وسؤال عن ألقاب بعض المنتخبين والمتربصين بالمشهد السياسي_ وهلم جرا من الألقاب الوازنة للشخصيات الوازنة التي فجأة أرادت أن تكون في قلب مشهد المجال العام-المحلي والإقليمي. وما كانت لتتردد هذه الالقاب على ألسنة الناس لول وجود ما يثيرها في المجال الاجتماعي. ومن المعلوم أن الجماعات الترابية في الوقت الراهن؛ أصبحت أكثر من أي وقت مضى سلم وإحدى الوسائل التي تخلق الوجاهة وتداري ما يمكن مدارته _كتبيض الوجه_ على الصعيد المحلي والإقليمي والجهوي من أجل تغطية، ناهيك عن كونها جسر قديم جديد لخلق الأغنياء الجدد؛ فيكفي الإشارة وكما يقال محليا: “لم نر رئيس جماعة ترابية دخل فقيرا وخرج فقيرا”، ويضاف لهذا القول الذي يتردد على لسان الساكنة القول الجديد: “لا يمكن أن يترأس مجلس جماعة منتخب فقير”.. وقس على ذلك، مجموعة من العبارات والاشارات والايحاءات من وحي قريحة المجتمع المحلي الذي يمكن أن يفهم منها تمثلات عامة، ومستويات عديدة تتعلق بنوعية الفاعل السياسي المحلي، والانحدار الذي وصلنا له. هذا الانحدار جزء لا يتجزأ من تأخر المنطقة وضياعها في متاهات التخلف عن قطار التنمية على الصعيد المحلي والإقليمي والجهوي، فالوطني؛ وعليه تحتاج هذه الجماعات اليوم إلى جهد مضني من أجل تجاوز أزمتها التنموية، لكن فهل مثل هذا الفاعل السياسي المتربص بالمشهد السياسي سيسمح بتغيير؟

ثالثا: نوعية الفاعل السياسي والتدبير التشاركي والتخطيط الاستراتيجي لشأن التنمية الترابية  

من المفارقات في شأن الجماعات الترابية على صعيد المجال الترابي المغربي، أن مثل نوعية الفاعل السياسي المشبوه أو الامي أو الذي يحكمه الجهل المركب بعلوم التدبير والتسيير والتنمية، الذي هو اجمالا؛ يأتي به النفود العائلي أو الوجاهة المالية، لا يتواجد إلا في الجماعات الترابية التي تكون على الهامش، أو في الجماعات الترابية ذات الخصائص والثقافة القروية. نظرا لأن المجال في هذه الجماعات طارد للنخبة المثقفة والمتعلمة والحاصلة على الشواهد العلمية العالية، إن الفئات المتعلمة، والمثقفة من أبناء الجماعات الترابية المنكوبة -بمجالس يدبرها الجهل المركب، ففي مثل هذه الجماعات الترابية تعيش هذه الفئات حالة الاغتراب نظرا لصدمة المشهد السياسي، وواقع الفساد الذي عليه تدبير الشأن المحلي؛ وهذا ما يجعل العديد من أبناء وبنات متعلمي المنطقة في حالة هذه الجماعات، أن يقوموا بعزل أنفسهم على الشأن المحلي وترفع عن الانخراط فيه، ويهتموا بغير ذلك، وهذا الاختيار له ما يبرره حسب رأي البعض منهم؛ حيث يحاجج البعض منهم بسؤال التالي: كيف يمكن احداث تغيير في بنية أصبحت جد صلبة بفعل الجهل المركب وانتشار “الحكّرا” نعم هذا واقع ملموس في الميدان؟

كل غياب يوازيه حضور ما؛ ومنه، يوجد أمثال بعض الفاعلين السياسيين والذين رأس مالهم فقط المال ثم المال _كما تقول العبارة السوسيولوجية “وراء كل ثروة جريمة”_ يجدون الساحة على طبق من ذهب، ومنه يتحكمون في شأن التنمية الترابية خلال مدة انتدابهم. بل إن بعض الممارسات المشبوهة تترسخ في المنظومة المحيطة بالجماعة الترابية، سواء كسلوك، أو كأثر رجعي من سنوات التدخل خلال المجالس السابقة. وهذا حال المشهد السياسي المحلي، وحالة بعض معضلات مشاريع التدخل؛ فللمزيد حول الموضوع أنظر، لحالة بعض المشاريع التي تم تدخل بها على صعيد بعض الجماعات الأربع تتعلق بالبنية التحتية أو تتعلق باختيار مركز محدد للجماعة، أو عمليات المقايضة في تنزيل المشاريع وكذا توجيه بوصلة برنامج العمل الجماعي، وفق هوى الفاعل السياسي وليس وفق متطلبات أولويات الساكنة واحتياجاتها…إلخ.

السؤال الذي يطرح نفسه باستمرار على أكثر من صعيد؛ ما الغاية من وجود مجالس منتخبة إذا كان بعض الفاعلين فيها مصابين بلوثة الجهل المركب والامية، وليست عندهم القدرات الذاتية والمؤهلات العلمية، من أجل أن يسهروا على تدبير مؤسسة ترابية بحجم وقدر جماعة ترابية التي تتشابك فيها الصلاحيات، والقرارات والمسؤوليات التي تتعلق بالتنمية وبالمسؤولية والشفافية؟ ألا يعلم من هم في مفاصيل المسؤولية ممن لا يجدون القراءة والكتابة، ومن يحكمهم الجهل المركب، وهم من لا يفقهون شيئا في التدبير التشاركي؛ أن الغاية من وجود جماعة ترابية، هي التمثيلية الديمقراطية، والمشاركة في تحقيق التنمية الترابية بشروط عدة من بينها الالتزام، والمشاركة، والتشاور والتنسيق بين جميع الفاعلين؟ أو لا يعلم هؤلاء أن الجماعة الترابية لها وظائف جد حيوية في حدودها الترابية، إذ عليها أن تعمل جاهدة على تحقيقها والسهر عليها؛ ومن بينها وظيفية التخطيط الاستراتيجي التي تلزم المنتخبين أن يقوموا بالتخطيط الاستراتيجي على مستوى ثلاثة أزمنة: المدى البعيد والقريب والمتوسط، وذلك من أجل صياغة السياسات التنموية والهدافة إلى تحقيق التنمية الترابية. كما على مسؤولي الجماعة الترابية، وظيفية الاجتهاد في ابتكار أنجع الطرق الممكنة من أجل انجاز البرامج، وتدبيرها وفق معادلة الإمكانيات، والموارد المتاحة-وهي جد محدودة في حالة بعض الجماعات؟ أو لا يعلم من تسلطوا على بعض مفاصيل المجالس الجماعية أن تمثيلية في المجالس الترابية أو التواجد في أحد مفاصيلها الحيوية ليست “نزهة المشتاق في اختراق الآفاق” بل هي مسؤولية كبيرة، تلزم لزوم ما يلزم من جهد وفن وحكمة ومناورات في جمع المتناقضات، وتدبير القلة، وتحقيق المساواة في توفير خدمات القرب، وتجهيز البنيات التحتية وفق مراعاة الفوارق المجالية والاجتماعية. ووفق رؤية واضحة المعالم في برنامج عمل الجماعة؟ أو لا يعلم هؤلاء أن برنامج عمل الجماعة عليه أن يكون اعرابا تاما لمجمل القضايا التنموية، وجوابا شافيا لسؤال الاختلالات المجالية والفوارق الاجتماعية بين مركز الجماعة وهوامشها، وبين دواويرها، وبين مركز المدينة وأحياءها وشوارعها المهمشة، وعلى هذا البرنامج أن يرعي التحولات المجالية التي تمت، ويسعى إلى تحقيق غاية الدولة في تهيئ المجال، وتأهليه تنمويا وفق ما يتماشى مع رؤية الاستشرافية للدولة من خلال بعد الجهوية وانخراطها الدولي في شأن التنمية المستدامة؟

خاتمة

إن كانت الجماعات الأربع تخضع لنفس البراديغم الذي يحكم خط الممارسة السياسية في الملعب السياسي المحلي والتي هي لم تتجاوز بعد، عامل متغير العائلة الذي يتصارع معه عامل متغير الوجاهة المالية، في حين يبقى عامل الفعل السياسي كخطاب وكإديولوجية، يستند على الحس العلمي والمعرفي والثقافي والنضالي والنقدي مجرد “لغو” غريب عن المشهد السياسي المحلي في اعتبار بعض الرّويبضة من “النخبة” المحلية. وهذا يجعل مشهد التخطيط الترابي واعداد مشاريع وبرامج التنمية في اطار جماعة توغيلت والخنيشات ولمرابيح، وجرف الملحة من منظور المقاربة التشاركية في التدبير حديث ذو شجون، ويعود هذا الامر إلى مسؤولية الفاعل السياسي القديم والجديد الذي يتواجد في مفاصيل الجماعة منذ سنوات لليوم، إذ ما يزال هذا الفاعل لا يعي الفرق بين التدبير والتسيير والحق السياسي للمواطن وفاعلو المجتمع المدني في مسألة سياسات الجماعة الترابية. وهذا الفاعل هو نفسه أو نسخة طبقة الاصل من كان في الماضي لا يستوعب إشكالات التنمية المحلية، ما يزال بعيد كل البعد عن الفهم الحقيقي لمسألة التنمية الترابية. وهذا راجع إلى بالأساس إلى المستوى المدرسي والتكوين والثقافة وغايته من دخول المعترك السياسي. كما يجعل المجال الترابي ببعض الجماعات الأربع ما يزال محاصرا، بتحديات واشكاليات عدة تقوّض حياة الموطنين في تفاصيل عيشهم بمجالهم السكني. سبب ذلك هو نوعية الفاعل السياسي المحلي على صعيد هاته الجماعات الذي ما يزال البعض منهم يسبح ضد تيار الماء ويظن أنه لن يغرق؟ هذا الفاعل لا يستوعب أن نهجه يزيد من اهدار وقت التنمية الترابية، مع العلم أن هذه الجماعات في سيرورة من التحولات الترابية والمجالية والاجتماعية التي جرت وتجري على قدم وساق؛ فهذه جماعة جرف الملحة التي أصبحت مدينة صاعدة في إقليم سيدي قاسم، ما يزال الفاعل السياسي بعيد كل البعد عن برمجة مشروع تنموي شامل ومندمج، يخرج المدينة الصاعدة من مطبات النقص وغياب بعض الخدمات الأساسية المسجلة في المدينة وهوامشها. وما يزال هذا الفاعل لا يربط بين حالة أمن المدينة والفقر والهشاشة والتعليم، ويظن أن الأمور مفصولة عن بعضها البعض، مع العلم أن متغير الفقر والهشاشة والثقافة والتعليم ومرافق الرياضة والتنشيط التربوي هي متغيرات فاعلة في حالة الامن ونحوها من الظواهر السلبية المرتبطة بالمدن.

في حالة جماعة الخنيشات ما يزال “عقل” الفاعلين السياسيون لم يستيقظ من دوخته بعد، ولم يستوعب أمر أن هذه الجماعة هي من أقدم المراكز التي كانت من الممكن أن تكون؛ أكثر جذبا للسكان والاستثمار، وأن تكون هذه الجماعة دخلت في خانة المدن الصاعدة بإقليم سيدي قاسم منذ سنوات، لو لم يتم اهدار زمن العمل التنموي فيها خلال السنوات والمجالس المتعاقبة. وها هي الخنيشات التي كانت قبلة ساكنة المنطقة للتبضع ونحوه من الأمور التي تخص المسائل الاقتصادية للساكنة المتاخمة والمجاورة لجماعتها، ما تزال اليوم تفقد نقاط الجذب لصالح مدينة جرف الملحة التي أصبحت قبلة ساكنة المنطقة من أجل متطلبات الاقتصادية والاسرية، بل إن ساكنة من مركز الخنيشات تهاجر نحو جرف الملحة في مشهد يعبر ويدل عن انحصار هذا المركز، الذي كان في يوم من الأيام مركزا حيويا في عدة ميادين من بينها، وجود عمل جمعوي وثقافي نشيط.

أما حالت جماعة توغيلت فهي حالة استثنائية، فحدث ولا حرج عن مأساتها المتعلقة بالفوارق المجالية بين دواويرها، وعن سياسة تدبير فيها التي يتحكم فيها الجهل المركب منذ سنوات، وعن صرف مالية الجماعة  في مشاريع منذ سنوات لليوم، لم تستطع أن تؤهل مركزا أو تهيكل دوارا واحدا. لم تتجاوز جماعة توغيلت منذ المجالس السابقة إلى مجلس الحالي توزيع ميزانية التجهيز وفق أغراض وأجندة ما هو سياسيوي.

أما جماعة لمرابيح، المعروفة بانبثاق مدينة الجرف الملحة في وسط حدودها الترابي، والمعروفة بمقالع الرمال التي تعود على مالية الجماعة بعائد مالي يميزها هناك، فهي من بين الجماعات الترابية في المنطقة التي ما تزال تحتل فيها نسبة المنتخبين أكثر من 50 بالمئة منهم من لم يزد مستواهم عن المستوى الابتدائي، وناهيك قرابة 4 بالمئة من هم دون مستوى دراسي يذكر.

إسماعيل الراجي

طالب حاصل على شهادة الماستر في تخصص سوسيولوجيا المجال وقضايا التنمية الجهوية

المراجع

  • مونوغرافية جماعة الخنيشات
  • مونوغرافية جماعة توغيلت
  • مونوغرافية جماعة لمرابيح
  • مونوغرافية جماعة حرف الملحة
  • نتائج الإحصاء السكان والسكنى2014(RGPH2014) على موقع المندوبية http://rgphencartes.hcp.ma/#
  • موقع بوابة الانتخابات الجماعية: http://www.elections.ma/
  • القانون التنظيمي 113.14

 

تعليقات الزوار ( 0 )

أضف تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية) .