الرئيسية منبر البديل السياسي أستاذ جامعي يكشف تاريخ الغدر الأسود ونكران الجميل لرؤساء جزائريين من أصول مغربية

أستاذ جامعي يكشف تاريخ الغدر الأسود ونكران الجميل لرؤساء جزائريين من أصول مغربية

كتبه كتب في 20 أكتوبر 2022 - 2:22 ص

بقلم الأستاذ فؤاد زعيم-الشرقاوي – جريدة البديل السياسي :

“الاعتراف له ذاكرة قصيرة”. هذه المقولة المريرة للغاية من قبل بنيامين كونستانت، كاتب مقالات فرنسي (1767-1830)،فى محلها دون شك. آه، لو استطاعت أسوار وجدة والناظور وبركان وكذا تمارة وبوزنيقة والمحمدية أن تتكلم ! كانوا يخبرونك بمرح عن الولادة الشاقة والمؤلمة للجزائر المستقلة. سوف يتحدثون مطولاً عن نجاحات الانتفاضة الجزائرية ضد الاحتلال الفرنسي، التي قامت من المغرب، مع الدعم اليومي الدائم والشامل الذي لم يُنكر أبدًا من طرف المغاربة وسلاطينهم، محمد الخامس والراحل الحسن الثاني. سيذكرونك بالحقائق والإيماءات التي يتظاهر الكثيرون، شرقي حدودنا، بأنهم قد نسيوها.

يجب أن نبدأ بالتذكير، لجميع المقاصد والأغراض، بأن أحمد بن بلا، أول رئيس للجمهورية الجزائرية المستقلة (1963-1965)، من أصل مغربي. كان والداه من الفلاحين الصغار بضواحي مدينة مراكش، من قبيلة بني حسان، وهي جزء من بني مقويل، وهو نفسه من مواليد للا مغنية، على الحدود الجزائرية المغربية، في وقت كانت فيه الجزائر لا تزال فرنسية. للا مغنية، قرية صغيرة مشهورة للأسف.. بها تم التوقيع على اتفاقية شريرة.. معاهدة للا مغنية، التي فرضها ملك فرنسا لويس فيليب على السلطان مولاي عبد الرحمن، في 18 مارس 1845، في اليوم الموالي للهزيمة المغربية بمعركة “ايسلي” المؤرخة في 14 أغسطس 1844.. التي ترتب عنها بتر جزء كبير من الأراضي الشرقية المغربية.

خلال الحرب العالمية الثانية، حارب أحمد بن بيلا أيضًا في الفوج الخامس من الرماة المغاربة من فرقة المشاة المغربية الثانية، وشارك في معركة “مونتي كاسينو” في إيطاليا، ضمن أفواج الغومير المغاربة الأسطوريين. أحمد بن بيلا هو أول رئيس للجزائر المستقلة، ولد من أبوين مغربيين، وأصبح جزائري الجنسية بإحدى الطرق التي لا يعلمها إلا التاريخ.

لا يمكننا حذف هواري بومدين، واسمه الحقيقي محمد بن إبراهيم بوخروبة، رئيس أركان جيش التحرير الوطني الجزائري، ثم رئيس الجمهورية الجزائرية، بعد انقلاب 19 يونيو 1965 ضد “صديقه” أحمد بن بيلا. كيف يمكن نسيان رجل ضربات اسفل الحزام وقاتل رفاقه في السلاح. حتى الاسم الذي أطلقه على نفسه كان “مستعارًا” من الصوفي الشهير سيدي بومدين، القديس والباحث، الذي تم تخليد ذكراه بمزار في تلمسان.

محمد بوخروبة، الملقب بهواري بومدين، كان الرجل الرئيسي في عصابة وجدة الشهيرة، التي نظمت تحت إشراف العقيد بوسوف، رئيس أركان جيش الحدود، ومساعدة أربع رجال وهم : شريف بلقاسم ، قايد أحمد ، أحمد مدغري وعبد العزيز بوتفليقة. قبل الاستقلال بوقت طويل، كانت عصابة وجدة وراء اغتيال عباس رمضان في المغرب عام 1957 والعقيد أميروش عام 1957.

كانوا جميعًا هناك، في المثلث الذي شكلته بركان والناظور ووجدة، فانسحبو منذ بدء معركتهم عام 1954، في هذه الحافة الشرقية من المغرب، والتي كانت القاعدة الخلفية اللوجستية الرئيسية لمقاومتهم. ومن الطبيعي أن نشأت بالمغرب أولى ورش تصنيع الأسلحة التابعة لجيش التحرير الوطني الجزائري، في مصانع زراعية سرية أقيمت في بوزنيقة وتمارة وسوق الأربعاء والصخيرات والمحمدية، على مرأى الشرطة المغربية، الذين “أغمضوا أعينهم”.

ومن وجدة والناظور، تم تنظيم قوافل السلاح والذخيرة لتزويد المقاومة الجزائرية من داخل المغرب. ففي صيف عام 1962، دخل العقيد بومدين الجزائر من وجدة على رأس “جيش الحدود”. حيث كتب فرحات عباس مؤلف كتاب “L’indépendance confisquée” لاحقًا: “بذراً الجثث في طريقه.. غزا بومدين الجزائر”. وأضاف محقًا:” إنها الحرب الوحيدة التي قام بها “.

هواري بومدين، الملقب بمحمد بوخروبة، بدء سلسلة من الإغتيالات بدءًا من رفاقه في السلاح. محمد خضر في مدريد عام 1967 وكريم بلقاسم في فرانكفورت عام 1970، من بين كثيرين آخرين، قبل أن يستقر على إنهاء الصداقة الجزائرية المغربية، بمحض ارادته.

عبد العزيز بوتفليقة، من جهته، المعروف باسم بوتف، ولد في مدينة وجدة يوم 2 مارس 1937 في رقم 6 شارع ندرومة، فيما يسمى الحي الجزائري. والده، أحمد بوتفليقة كان مجرد خياط قبل أن يصبح وكيلاً في سوق وجدة، ووالدته، منصورية غزلاوي، مديرة حمام جردة. هو الابن الأول لوالدته والثاني لأبيه ولديه أربعة أشقاء وشقيقتان. اسم بوتفليقة يعني “من يفجر كل شيء”. أجرى بوتفليقة فصوله الأولى في سيدي زيان، وهي مدرسة في وجدة شهدت مرور مزيان بلفقيه وعزيز بلال وأحمد عثمان وعلال سيناسور.

ثم التحق بوتفليقة بالمدرسة الحسنية للكشافة واستكمل تعليمه في مدرسة عبد المؤمن في وجدة بشارع جاكرتا. في المدرسة الثانوية، قاد خلية حزب الاستقلال الذي انضم إليه. التحق بعد ذلك بجيش الحدود وخضع لتدريب عسكري في مدرسة جيش التحرير الوطني الجزائري التنفيذية في دار الكبداني، بين وجدة والناظور.

محمد بوضياف، رحمه الله، كان أحد الشخصيات الرئيسية في حرب الاستقلال الجزائرية. دخل في معارضة مبكرة جدًا ضد الأنظمة الأولى القائمة وذهب إلى المنفى لما يقرب من 28 عامًا في المغرب، في القنيطرة بشكل أكثر دقة، حيث كان يدير مصنعًا للطوب. استدعى إلى الجزائر عام 1992 كرئيس للدولة، واغتيل بطريقة جبانة في عنابة، من قبل المخابرات الجزائرية، في 29 يونيو من نفس العام.

حسب مصادر في حرب الاستقلال الجزائرية، كان هناك المغرب والمغاربة. شرق المغرب، من وجدة إلى بركان عبر الناظور. بل في الواقع، كان هناك كل المغرب. اذهب وافهم إذن كيف أن هؤلاء الأشخاص الذين يدينون بالكثير لبلد استضاف معاركهم يوميًا لسنوات أصبح أكثر خصومها.

كيف نفسر هذا؟ نكران الجميل. حسب الفرنسي جان بابتيست بلانشارد (1731-1797)، نكران الجميل رذيلة شائعة بقدر ما هي مخزية. فكيف لا يمكننا حتى رؤية هذه الثعابين البغيضة التي، بعد أن تلقت يد المساعدة حاولت أن تخترق الثدي الذي دفئها ! ”

كان جوته أيضًا محقًا بلا شك:” نكران الجميل دائمًا ما كان نوعاً من الضعف. لم أر أبدًا رجالًا بمعنى الكلمة يظهرون عدم الامتنان “. لحسن الحظ، من نكر جميله، علي شأنه.

بقلم الأستاذ فؤاد زعيم-الشرقاوي

 

تعليقات الزوار ( 0 )

أضف تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية) .