الرئيسية قضايا المجتمع مدينة تارودانت ……بدون عدالة ولا تنمية

مدينة تارودانت ……بدون عدالة ولا تنمية

كتبه كتب في 12 فبراير 2020 - 7:10 م

مدينة تارودانت … بدون عدالة ولا تنمية

جريدة البديل السياسي م.م محمد هلال 

إن من يتتبع  واقع حال مدن الجنوب المغربي وخاصة مدينة تارودانت  سيعجب لحالة الجمود التي تسود المنطقة على كافة الأصعدة،  ووسط أبناء المنطقة منذ مدة طويلة. فقد نالت المدينة أكثر من نصيبها من التهميش والإقصاء في ظل انتشار واسع للفساد وغياب المساءلة، ومؤسسات غير مسؤولة، ومشاريع تنموية متوقفة إلى أجل غير مسمى.

كل ذلك وغيره كثير جعل تارودانت مدينة للأشباح تعيش خارج الزمن وبدون أبسط الضروريات وصمت رهيب من أبناء المنطقة وكأنهم ينتظرون غد يأتي أو لا يأتي أو أنهم تعرضوا بفعل فاعل لتنويم مغناطيسي شعاره التنمية، الجهوية، والديموقراطية، ووو… لكي يتناسو هموم هذه المدينة.

تتعدد إذن الإشكالات وتتداخل المسؤوليات ومعها يصعب حصر ما يدور في المدينة وفي محيطها ومن يتحمل المسؤولية عن الوضع الكارثي التي تعيشه، إلا أننا ورغم ذلك سنتحدث عن بعض هذه الإختلالات الخطيرة التي تعاني منها ولو بشكل وجيز. فالمستشفى على سبيل المثال لا الحصر، عبارة عن عيادة طبية موظفوها في إجازة رغم قلتهم ومن تبقى يتكلف بإرشاد المرضى وتوجيههم للعلاج في مناطق أخرى  وهما ليستا أفضل حالا للمرضى باعتبار التكاليف وبعد المسافة ومشاكل أخرى هم في غنى عنها.

لذلك وفي ظل عدم استجابة المستشفى لأبسط حاجيات السكان لابد من التساؤل: هل هو قدر مشؤوم أن يتحمل ساكنة إقليم تارودانت حمل وعبء تكاليف السفر للعلاج في مدن أخرى؟؟

إلى متى ستبقى هذه البناية المسماة بمستشفى لا تؤدي دورها بالكامل وذلك بعلاج المرضى وتقديم الخدمات اللازمة لهم؟؟

أليست وزارة الصحة "الله إعطيها الصحة" على علم بالنقص الحاصل في الأطر والتجهيزات التي بإمكانها رفع الظلم عن الساكنة وتضميد جراحاتهم؟؟…

   تلكم أسئلة نطرحها راجين جوابا يشفي غليلنا ويدفع الهم عن المنطقة وعن مرضاها، أما حالة الطرق والبنية التحتية فحدث ولا حرج، وهما ليستا أفضل حالا من المستشفى، ولا من حالة الطرق في حمص وحلب اللتين تعيشان على وقع الحرب في سوريا. فجل الطرق في تارودانت  إن لم تقل كلها رغم قلتها "محفرة، مدقدقة" ورديئة وكأنها تتعرض بشكل مستمر لقصف بالهاون والتوماهوك. والحقيقة أنها بمجرد هطول زخات مطرية ولو بنسب قليلة ترى الطرق مليئة بالمياه وقنوات الصرف الصحي لا تؤدي أدوارها، وهي في عطلة دائمة كبعض المسؤولين في مقاطعات المدينة، لتعم الفوضى كل الطرق وفي كل الاتجاهات. كما تجدر الإشارة هنا إلى أن هناك بؤرا سوداء وقنوات لتصريف المياه العادمة معطلة كمعظم شباب المدينة وسرعان ما تتحول حال هطول الأمطار إلى منابيع للأوساخ و"الواد الحار" يروي الأخضر واليابس وينعش المكان برائحته العطرة التي لا تصل لسوء الحظ إلى بيوت المسؤولين.

 وغاية في الإيجاز، تتعدد المشاكل التي تعاني منها مدينة تارودانت  كما يعاني سكانها وتعتبر "بالعرام" ولا يسعنا المجال للخوض فيها جملة واحدة إلا أننا نؤكد أننا سنفعل حتما إن شاء الرحمان.

 وقبل الختام فإن ما شد انتباهي ودفعني للاستغراب هو كون أبناء المنطقة على علم بهذه المشاكل وهذا التهميش العلني والمقصود دون أي تعليق عليه ولا تنديد بهذا الوضع القائم. لماذا يعم الصمت من حولنا ولا تثار كل هذه القضايا مع العلم أن دستورنا يضمن لنا الحق في الدفاع عنه وما خلق إلا ليحقق العدالة ويحارب الفساد والمفسدين.

وسرعان ما تأكد لي فعلا أن بنية المجتمع لم تعد قوية كما كانت في الماضي وبنية هذا المجتمع تفككت وصار أفرادها قطيعا كل يسبح على شاكلته، فلقد أفرز لنا المجتمع بكل أسف شاكلة من الناس يتسمون بحب الذات وينكفون عليها في ظل إستمرار التهميش وهذه المهزلة.

فنجد العديد من الأفراد يتخذون الصمت جوابا وردا سلميا على قهر السلطة وتعنتها في وجههم، ويعتبرون ذلك نوعا من القدر المشؤوم ابتلي به أبناء المنطقة ولا سبيل للتحرر منه. هذا إنما يؤكد على الرضوخ والرضى التام بشكل أو بآخر بالواقع المر، لأنه في مثل هذه الحالات لا مجال للحياد، والصامت على الحق شيطان أخرس. فعوض المجابهة والدفاع عن أبسط الحقوق ترى الناس يتقوقعون وينكفون على ذواتهم، وهي من شيم الضعفاء والانهزاميين الذين لا حول لهم ولا قوة.

لكن الحقيقة المرة التي على أبناء المنطقة أن يعلموها، هي لماذا نحد من طموحاتنا وذلك بتقبل مصيرنا السيئ هذا؟؟ ولماذا نحاول إيهام ذواتنا على أننا بخير ونرغم أنفسنا على تقبل هذا المصير؟؟ إننا بذلك نحكم على المدينة وعلى أنفسنا ومستقبلنا بالبؤس ونترك الآخرين يسيرون حياتنا في كل إتجاه ودون أي إتجاه.       

مشاركة
تعليقات الزوار ( 0 )

أضف تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية) .