الرئيسية نقطة نظام وداعا أمي لوكان بكائي يجدي لبكيت دهرا وأجريت من دمعي نهرا

وداعا أمي لوكان بكائي يجدي لبكيت دهرا وأجريت من دمعي نهرا

كتبه كتب في 19 مايو 2019 - 2:09 ص

جريدة البديل السياسي.كوم  / نقطة نظام يكتبها محمد أعبوز :

احتلت أمي – يرحمها الله- وستظل تحتل إلى الأبد مكان الصدارة في قلبي ما حييت، فقد كانت- يرحمها الله- سندي وعوني ونبع الحنان، الذي استقي منه ما يعينني على تحمل مشقات الحياة، فكل العقبات كانت تُذلل بسبب دعائها الذي كان يصطحبني كل صباح مع بدء يوم جديد، ويودعني إلى فراشي في ختام جلستي معها للاطمئنان عليها وعلى أحوالها، وتجاذب أطراف الحديث عن يومي وأحوالي وحياتي وأسرتي.

 

أمي- يرحمها الله- كانت نهر عطاء، شاء الله- تعالى- لي أن أنهل منه ما شاء لي أن أنهل، حبا وحنانا ودعاء ونصيحة وحكمة، كانت لا تبخل عليّ بشيء غمرتني بحبها، ولم أستطع أن أرد إليها ولو جزءًا بسيطًا من عطائها وبذلها معي رغم كل ما حاولته لإسعادها.

 

 

ودعتنا الأم الغالية أكثر من سبعة أشهر ولا يزال طيفها في كل أركان المنزل، تتراءى أمامي الذكريات وأشعر أن روحها الطاهرة تحيطني في كل حين، أستذكر كل لحظاتي معها، أوقات الأفراح والأتراح، لحظات تعبها وراحتها، لحظات سعادتها عندما تعلو البسمة وجهها الوضاء أو تملا ضحكاتها المتعبة أرجاء المنزل  وتحيله فرحا وألقا، فكانت كلما  ابتسمت أشعر وكأن الدنيا تضحك معها ولها، وعندما تحزن لشيء ما، أو يشتد عليها التعب تتحول حياتي إلى كائن حزين، يشاركها لحظات الألم. 

 



مضت كل سنوات حياتي وأنا أنتظر دعواتها أجلس بين يديها لأتزود من حنانها ودعائها لي بالصحة والستر والنجاح، أسمع منها عذب ذكرياتي معها ومع الوالد يرحمه الله .. الآن رحلت أمي الغالية وانقطع دعاؤها لي، ونادى على منادٍ من السماء: «يا ابن آدم ماتت التي كنا نكرمك لأجلها فاعمل صالحًا نكرمك لأجله».. لقد أكرمني الله- تعالى- من أجل أمي، التي لم تكل ولم تمل ولم تبخل علي بشيء.

 

في اليوم  لرحيلها عن دنيانا الفانية أحسست بأن كل شيء تغير وكسا الحزن المنزل على فراقها.. ولم يعد للحياة طعم بدونها فقد كانت يرحمها الله الترياق الذي يخفف آلامي ويُذهب أحزاني، وكانت الأمل الذي يعينني على مصاعب الدنيا، وكان يوم فراقها أكبر مما أحتمل، فقد زاد ألمه عن الحد لفقد أعز الأحباب وأعز الناس. 

أمي .. أندم أشد الندم على كل لحظة انشغلت عنك بأُمور لا تساوي بسمة في ثغرك، ونظرة رضا في عينيك، وذرة مما كنت تتمنين، كم أتمنى أن تعود أيامي معك، لأبذل أضعاف ما بذلت لترضي عني، يا والدتي الحبيبة يا من ضحيت براحتك من أجل راحة أسرتك، وأخذت من سعادتك من أجل سعادتنا، وأفنيت سنوات عمرك من أجل حياة كريمة لأبنائك. 

أمي بعد رحيلك أيقنت أنك نموذج فريد غير قابل للتكرار، وأغلى ما افتقدت في حياتي، حنانك وعطفك لن يتكرر في جميع مراحل العمر، ذكرياتي معك شريط مستمر أمام ناظري، كم افتقدك وافتقد دعواتك وعطفك، كنت دوما ساحة حب بذورها العطف وأغصانها الحنان وأوراقها مظلة تقينا شرور الحياة.

إليك يا من سهرت الليالي تعملين دون كلل أو ملل، دون تعب أو عجز، لتلبي احتياجاتنا، إليك يا معنى الوفاء والإخلاص، يا صاحبة القلب الكبير الذي لا يذبل ولا ينقص عطاؤه بل يزداد، إليك يا أمي   مني ومن جميع إخوتي وأخواتي خالص الدعوات بأن يتغمدك الله- تعالى- بواسع رحمته ويجزيك عنا خير الجزاء وسنظل أوفياء لك نسير على نهج البر بك .  

تجف الأقلام من طول ما أرغب في الكتابة عنك؛ ولكن مهما سطرت من مجلدات فلن أوفيك ولو جزءا يسيرا مما قدمته لي .. وداعا يا أمي يا نبع الحنان إلى أن نلتقي في مستقر رحمته تعالى.

مشاركة
تعليقات الزوار ( 0 )

أضف تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية) .