الرئيسية قضية و تعليق نضالات شعب غزة.. “مآسي” ترسم رحلة صمود…كتب: إبراهيم حسين

نضالات شعب غزة.. “مآسي” ترسم رحلة صمود…كتب: إبراهيم حسين

كتبه كتب في 7 ديسمبر 2023 - 12:51 ص

جريدة البديل السياسي

نضالات شعب غزة.. “مآسي” ترسم رحلة صمود

 

كتب: إبراهيم حسين

 

حياة صعبة وأوضاع قاسية يعيشها شعب غزة يوميًا، فما بين الموت في أي لحظة بقذيفة إسرائيلية وتضيق أفق الحياة داخل القطاع، تكمن الماسأة.

 

لا يُخفى على أحد أن سكان غزة يعيشون صعوبات شديدة لتدبير حياتهم اليومية، فبعد توقف أصوات المدافع والطائرات الحربية خلال هدنة استمرت أسبوعا، تجدد القتال بين حركة “حماس” وإسرائيل وتجددت معه العزلة وتعمقت جراح الفلسطينيين داخل القطاع، وهنا تبدأ رحلة نضال للأسر النازحة ضد الظروف المعيشية الصعبة، فالكل يحاول إعادة بناء الحياة في مخيمات الإيواء.. فهل تتركهم إسرائيل في حالهم؟!

 

واقعيًا، يخوض الفلسطينيون معركة يومية للحصول على بعض مستلزمات الحياة كالخبز والماء، واضطُر  أغلبهم إلى النزوح إلى مدارس ومناطق إيواء تابعة لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين “الأونروا” جنوب غزة من أجل البحث عن فرصة للحياة والحفاظ على الأطفال من الموت بقذائف الاحتلال.. وتتجدد هذه المأساة يوميا أمام أعيينا جميعا.. فهل من منقذ؟!

 

داخل فصول دراسية تعيش الأسر والعائلات، وتتشارك فيما بينها المعاناة والحرمان مثلما تتعاون في توفير بعض الاحتياجات، وفي الحقيقة هي تفتقر لأبسط مقومات الحياة اليومية، فالطعام والشراب والأغطية وغيرها تتوافر في حدودها الدنيا، وبشكل لا يلبي الحد الأدنى لاحتياجاتها العادية.

 

ومع بزوغ شمس كل يوم، يضطر الرجال وأرباب أسر العائلات النازحة إلى القيام برحلة للبحث عن الطعام حتى يستطيعوا سد جوع الأطفال والنساء، وهنا يتم إعطاء الأولوية للأطفال وكبار السن والمرضى والأشخاص الأكثر حاجة كجرحى الحرب أو ذوي الاحتياجات الخاصة، وقد تضطرهم الظروف القاسية إلى جلب خبر وأرز وقليل من “العدس والفاصوليا” ثم يتقاسمه الجميع حتى تستطيع كل عائلة أن تحصل على كل أنواع الطعام.

 

الحياة في المخيمات تجسد صمود الأسر التي يسيطر عليها العوز وعدم القدرة على توفير متطلبات الحياة، ليس لعدم امتلاك المال الكافي في بعض الأحيان بل لغياب القدرة على توفير هذه السلع من السوق لندرتها أو الحاجة إلى وقت وجهد للعثور عليها، لكنها واقعيًا تعيد الأسر بناء حياتها في مناطق جديدة شبه آمنة.

 

نرى في الصور المتداولة عبر الإنترنت، المدنيون الأبرياء وهم يعدون وجبات “الأرز الساخنة” على نار الحطب  أو “الكانون” العشوائي، بعد أن يحاول شباب المخيمات توفيرها بأعداد محدودة لا تغطي كل مركز الإيواء، ثم توزع الوجبات بأدوار بحيث يصل نصيب منها لكل عائلة حسب دورها في الأيام التالية، والتقسيم هنا يعتمد في البداية على الأطفال والمرضى وكبار السن في المقام الأول، أما الشباب فلديهم القدرة على تحمل الجوع وتجاوز وجبة أو اثنتين، لكنهم يحصلون بين الحين والآخر على جزء بسيط يسد رمقهم.

 

إن ما سبق لا أصفه إلا بجريمة في حق الإنسانية، فكيف في عام 2023 لا يتوافر لشعب  بل لأطفال المستلزمات الأساسية للحياة كالطعام والشراب؟.. ولكن هل يمكن لشعب غزة الصمود أمام الجوع والعطش والموت الوشيك في أي لحظة؟

 

المشقة الشديدة التي يتعرضون لهم كل يوم للحصول على المياه أيضا هي أحد أشكال النضال، فينقل النازحون من سكان غزة عبوات ثقيلة من المياه في حاويات بلاستيكية عبر شوارع موحلة، ويبحثون وسط الأنقاض عن ملابس وبقايا تربطهم بمن فقدوه من أسرهم، لكنهم يواصلون نضالاتهم اليومية من أجل الحياة، فيعتمدون على سواعدهم أو بالدراجات وعربات تسوق وعربات يدوية أو حتى باستخدام كرسي متحرك لجلب الطعام والمياه.

 

أكثر من 15 ألف شخص شهيد، 40 بالمائة منهم أطفال، و41 ألف مصاب رحلوا في الحرب الإسرائيلية على غزة منذ عملية طوفان الأقصى، وأغلب الباقين نزحوا إلى مراكز الإيواء ويعيشون ظروفًا أسوأ من ظروف التسعينات، فالنشاط الاقتصادي توقف بشكل تام، كما انهار نظام التعليم في المدارس التي تحولت إلى مراكز للإيواء.. ورغم ذلك تحولت هذه الأماكن “شبه الآمنة” إلى أخطار إنسانية كثيرة تجسد رحلة صمود لا تنتهي.

 

سكان غزة اضطروا للنزوح هربا من القصف، ورغم ذلك نضالات غزة اليومية تتزايد، وسط روايات تتجاوز الدمار وتستحوذ على صمود الأسر التي تعيد بناء حياتها.

 

الأطفال أيضًا.. هم أكثر من يعانون داخل القطاع، فسجل عدد الشهداء منهم حوالي 6 آلاف طفل شهيد، ويفتقر الرضع للألبان الصناعية وهذا بسبب تفاقم التضييق الإسرائيلي على الأراضي الزراعية، لكن يعيش العديد من السكان على مساعدات الأمم المتحدة الغذائية وهي في الأساس “غير كافية” لكنها أحيانًا تسد الرمق.

 

الموت الوشيك جراء القذائف الإسرائيلية وانقطاع الكهرباء والإنترنت وغياب أبسط وسائل الحياة من غذاء وماء هي ألوان كثيرة لمآسي الأهالي، وهذا يؤكد بالدليل القاطع أن صمود شعب غزة لم يأتي من فراغ!

مشاركة
تعليقات الزوار ( 0 )

أضف تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية) .