الرئيسية قضية و تعليق حرب غزة …من يحاصر من؟؟؟؟

حرب غزة …من يحاصر من؟؟؟؟

كتبه كتب في 28 أكتوبر 2023 - 9:48 م

فادي حمدان الصاوى- جريدة البديل السياسي 

حرب غزة …من يحاصر من

 

بدأت الأعداد الكبيرة من الفلسطينيين في غزة يعيشون في ظروف إنسانية مأساوية. تزامن ذلك مع ارتفاع عدد القتلى والجرحى الفلسطينيين، وتدمير البنية التحتية والمنشآت الحيوية. لقد تسبب الحصار والقصف المتكرر في انعدام الأمن والاستقرار في المنطقة، وفقدان الثقة بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي. من المهم التأكيد على أن حقوق الإنسان يجب أن تحترم وتحمى، وأن الحل السلمي والعادل هو المفتاح لإنهاء هذا الصراع المستمر

عادةً ما تتولى المنظمات الإنسانية الدولية مثل الصليب الأحمر الدولي مهمة نقل المساعدات الإنسانية وإخلاء المصابين والمرضى. تلتزم اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 الدول بضمان حرية تدفق المساعدات الإنسانية، بما في ذلك الأدوية، والمعدات الطبية، والطعام، والملابس إلى المدنيين

هنا يثور التساؤل عن حجم التداعيات الإنسانية لهذا الحصار المفروض من قبل حكومة إسرائيل اليمينية المتشددة وبمباركة وتأييد الولايات المتحدة.

يواجهنا سؤال آخر في ظل هذه الأحداث الهامة: هل فرض الحصار على هذا العدد الكبير من المدنيين، وخاصة الأطفال، قانوني؟ وهذا يُعقّد بصعوبة خروجهم كنازحين أو لاجئين، ما هو الحال الذي يواجه مواطني الدول المتورّطة في صراعات مسلحة. وتُعزى هذه الصعوبات إلى طبيعة القضية الفلسطينية المميزة، والتي يقدم الفلسطينيون المقيمون في قطاع غزة والضفة الغربية والمدن الفلسطينية المحتلة تمثيلًا لها ودفاعًا عنها. في النهاية، ما هي السيناريوهات الممكنة لرفع هذا الحصار حتى ولو جزئيًا؟

غزة أصبحت اليوم تواجه كارثة إنسانية هائلة، ولكنها ليست نتيجة لكوارث طبيعية أو بيئية، بل هي كارثة إنسانية ناتجة عن استمرار العدوان العسكري الإسرائيلي.

وفقًا للمعلومات من مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة في 16 أكتوبر 2023، عدد القتلى الفلسطينيين من التداعيات الإنسانية في العشرة أيام الأولى بلغ أكثر من 2670 شخصاً بسبب الهجمات الإسرائيلية. ومن بين الضحايا، كانت هناك 600 طفلاً وأصيب حوالي 9600 شخص.

تسببت الغارات الجوية الإسرائيلية التي بدأت منذ الاشتعال في العديد من المنشآت المائية والصرف الصحي والنظافة في شمال غزة. وقد كانت تلك المنشآت تزود خدمات المياه والصرف الصحي لأكثر من 1,100,000 شخص، وبالتالي يعاني نحو نصف السكان بلا مياه صالحة للشرب أو خدمات صرف صحي. وفي الوقت نفسه، يتمتع رؤساء البلديات داخل القطاع بكافة سبل الرفاهية بما في ذلك الماء والكهرباء. في منطقة بيت لاهيا والمناطق الشمالية الأخرى، تتكدس مياه الصرف الصحي والنفايات على الشوارع بسبب الأضرار التي لحقت بشبكات الصرف الصحي والبنية التحتية. وهناك تقارير منظمة الصحة العالمية عن 48 هجومًا على منشآت صحية داخل القطاع، وتم توثيقها في نظام مراقبة الهجمات على منشآت الرعاية الصحية التابع للمنظمة. وقد أسفرت تلك الهجمات عن مقتل 12 عاملًا في الرعاية الصحية وإصابة 20 آخرين، وتضرر ما لا يقل عن 18 منشأة للرعاية الصحية و20 سيارة إسعاف.

تُعَدّ الحصار وممارسات التجويع من الأعمال الشرعية في حالات النزاعات المسلحة والتي تستهدف العسكريين فقط، ومع ذلك، يمنع القانون الدولي الإنساني ممارسات التجويع ضد المدنيين. وعلى الرغم من أهمية أن يتم تضمين هذا المبدأ في معاهدة جنيف، إلا أن صياغته كانت غامضة ما أتاح للأطراف المفروضة للحصار استغلال هذه الفجوة، حيث يحظر النص القانوني التجويع ولكنه لا يمنع الحصار نفسه، كما أنه لا يشمل أيضاً التجويع المستقبلي -والذي ليس مقصوداً- خاصةً عندما يتزامن مع قصف المناطق المحاصرة وأسواق تجارية وبنية تحتية ضرورية لاستمرار الحياة وانقطاع المياه.

وفتحت هذه الفتحة القانونية الباب أمام تفسيرات تشير إلى أن الهدف هو السماح للبعثات الإنسانية بالدخول دون مواجهة ملاحقة قانونية لفعل الحصار نفسه، وذلك لتسهيل اتخاذ أي إجراء عسكري دولي لكسر الحصار. وخصوصًا أن أي دولة تتعرض للحصار يدعي دائمًا أنها تواجه تهديدات عسكرية، ولا يكون هدفها تجويع المدنيين.

وبناءً على ذلك، فإن ذلك يفرض مسؤولية إضافية على القوانين الدولية الإنسانية، حيث يجب الحصول على إذن من أي طرف معني للسماح بإدخال البعثات الإنسانية للمساعدة. إلى جانب ذلك، يصف “دليل أكسفورد” للمساعدة الإنسانية في حالات النزاع المسلح رفض إدخال المساعدات الإنسانية بأنه تصرف سلطوي، في حالة أن الدولة تنتهك التزاماتها تجاه المدنيين أمام القانون الدولي.

في حالة حصار غزة الحالي، نواجه وضوحًا متطرفًا بسبب تصريحات المسئولين الإسرائيليين الصريحة والمتناقضة في نفس الوقت والمستهدفة للمدنيين بدون أي لبس أو اضطراب. وبالتالي، تدين إسرائيل بشكل مباشر ارتكاب جريمة استخدام سلاح الجوع ضد المدنيين بدون تمييز. فالحصار المشروع عسكريًا وقانونيًا وفقًا للقانون الدولي الإنساني، يجب أن يتجه نحو المسلحين في موقع محدد لإجبارهم على الاستسلام، وهذا يختلف تمامًا عن مفهوم جوع المدنيين الذي لا يميز بينهم وبين المسلحين ويهدف إلى القضاء على البشر تمامًا. وهذا ما يتضح بوضوح من تهديدات وتحذيرات المسئولين وتنفيذ هذه التهديدات. لذلك، ما تقوم به إسرائيل في الوقت الحاضر، ووفقًا للقانون الدولي، يشكل بلا أدنى شك إبادة جماعية ضد غزة.

تصر حركة حماس، بعد أن ألقت بالشعب الفلسطيني في خمس حروب في قطاع غزة ضد عدو فاشي متطرف، على السيطرة الكاملة في اتخاذ قرارات السلام والحرب تبعاً لأجندات إقليمية لا تهتم بمصالح الشعب الفلسطيني على الإطلاق. وللتوضيح في موقفي السياسي، أقول إن هذه المعركة هي معركة وكالة بين إسرائيل وإيران، فكلاهما يقاتل بدماء الشعب الفلسطيني، دون أي تفكير في أن دماء الفلسطينيين هي الأغلى في المنطقة وحتى في العالم بأسره، وأنها تنساب دون جدوى أمام المصالح السياسية الإيرانية والإسرائيلية والأميركية.

تسعى حركة حماس من خلال تكبير حجمها وقدراتها المحدودة، وعن طريق الترويج الإعلامي الإخواني الخارجي، إلى تصوير الحرب بين كيانين متساويين، في تحليلات سياسية وعسكرية مبالغ فيها، وهذا لا يعبر عن الرواية الفلسطينية الحقيقية – وهي أننا شعب مضطهد نعاني تحت وطأة الاحتلال الاستيطاني المستبد والعنيف – بسبب الدعاية الإسرائيلية، فقد تحولت الصورة من شعب مظلوم إلى شعب إرهابي لا يستحق الإنسانية، حيث تدينه دول العالم وتدعم الجاني الحقيقي بأقوى الأسلحة وأحدث التقنيات العسكرية.

حركة حماس قدمت فرصة لإسرائيل للتوحيد مرة أخرى خلف قضية قومية؛ بعد انقسام سياسي في المجتمع الإسرائيلي بسبب سياسات بنيامين نتنياهو المتطرفة، استغل نتنياهو هجمات عناصر حماس التي أسفرت عن قتل واختطاف داخل المستوطنات والمعسكرات الإسرائيلية، ليقود حملة دولية للقضاء على حماس في غزة، وبذلك حصل على الدعم السياسي والعسكري الذي سيستخدمه لإنقاذ نفسه سياسيا عبر متابعة ارتكابه لجرائمه وحروبه العنيفة ضد السكان الأبرياء في القطاع الذي تركتهم حماس دون أدنى وسائل الدفاع، وهذا يوصلني إلى النقطة التالية.

حماس تعلن بكبر وجرأة أن “طوفان الأقصى” لم يحدث فجأة، بل هو نتيجة لسنوات من العمل والتخطيط، ولم يكن لديهم أي جهود لإعانة الشعب وتأمين احتياجاته الأساسية. فأين هي مكونات الصمود للشعب المعزول من الأدوية والطعام والشراب؟ لماذا لم يتم بناء وتخزين ما يكفي للشعب لشهر أو شهرين؟ ولا يوجد أي عذر لكسرة الحصار المفتوحة. فمن استطاع إدخال المواد لبناء آلاته العسكرية والصاروخية، يستطيع كذلك إدخال الأدوية والمواد الغذائية وتخزينها في مكان متعدد لتقوية صمود الشعب الذي تركته قيادة حماس بمفرده يعاني من ويلات الحرب حاليًا، كما تعاني في الماضي.

أين يتواجد يحيى السنوار، قائد حماس في غزة؟ لماذا لم يظهر ويعلن عن العملية بنفسه؟ لماذا لا توجد تصريحات صادرة منه حول ما فعلته حركة حماس؟ قد سمعنا عن الخلافات بين تيارات حماس وتوجهاتها نحو الأجندات الإيرانية في المنطقة، هل تم اغتيال يحيى السنوار قبل العملية لضمان تنفيذها، ليتم الإعلان عن اغتياله بعد انتهاء الحرب؟ هل يتم اغتيال القادة المقربين منه عن طريق تسريب مواقعهم وأماكن تواجدهم لضمان القضاء على تياره في غزة خلال النزاع

كاتب وصحفي فلسطيني مقيم في لندن

مشاركة
تعليقات الزوار ( 0 )

أضف تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية) .