“خطاب ثورة الملك والشعب: خطاب أكثر واقعية ذو الإشارات القوية”

"البشير الحداد الكبير" – جريدة البديل السياسي:

كما هو معلوم أن المشرع الدستوري نص في الوثيقة الدستورية الجديدة(1) على آلية تمتلكها المؤسسة الملكية وتدخل في نطاق اختصاصاتها ألا وهي توجيه خطاب للأمة والبرلمان بموجب الفصل 52 الذي يندرج ضمن الباب الثالث المعنون ب" الملكية"،والخطاب الملكي له مكانة خاصة في النسق السياسي والدستوري المغربي نظرا للمكانة الإستراتيجية للمؤسسة الملكية،بإعتبارها الساهرة على رسم الخطوط العريضة للسياسة العامة للدولة المغربية.
بدأ جلالة الملك محمد السادس نصره الله خطاب ثورة الملك والشعب بإستحضار ذكرى ثورة الملك والشعب المجيدة لسنة 1953،والهدف من استحضار جلالته لهذه الذكرى التذكير بقيم التضامن والتضحية والولاء والوطنية الحقة والتلاحم التي أبان عنها العرش والشعب في مواجهة الإستعمار، كما أكد جلالته حفظه الله على أن جميع المحطات التاريخية التي مر منها المغرب تعزز وتؤكد مدى التلاحم القوي بين العرش والشعب لمواجهة الصعاب، وهي نفس القيم والمبادئ التي أبان عنها المغاربة في مواجهة جائحة كورونا في المرحلة الأولى التي اتسمت بالحجر الصحي،بل أكثر من ذلك أكد جلالته أن جائحة كورونا بينت الدور المحوري للدولة من خلال دعمها للفئات الإجتماعية بإحداث صندرق تدبير جائحة كورونا، وأيضا من خلال وضع خطة لإنعاش الإقتصاد المغربي وتعميم التغطية الإجتماعية لجميع المغاربة وهو ما سبق أن أعلن عنهما جلالة الملك في خطاب العرش لسنة 2020.
رغم الجهود المبذولة من طرف مختلف القوى الحية بالدولة المغربية أكد جلالته أنه لم يتم بعد كسب الحرب ضد فيروس كورونا رغم الإنجازات المبذولة من خلال إنخفاض معدل الوفيات والإصابات في المرحلة الأولى لكن بعد رفع الحجر الصحي إرتفع عدد المرضى والوفيات،وعبر جلالته أعزه الله أن السبب في ذلك أن هناك فئة واسعة تشكك في وجود الفيروس وهناك فئة اعتبرت أن كورونا انتهت بعد رفع الحجر الصحي وهناك فئة أخرى تراخت في إحترام التدابير الإحترازية كلبس الكمامات وإستعمال المعقم ، وقد أكد جلالة الملك أن فيروس كورونا موجود وأن من يدعي أنه غير موجود فهو يلحق الضرر بجميع المغاربة، وتأكيد جلالة الملك بأن الفيروس موجود ضربة قاضية لأصحاب الفتن والنوايا السيئة، بل أكثر من ذلك نبه جلالة الملك المغاربة بأنه ينبغي عليهم احترام التدابير الصحية خصوصا أن الدولة وفرت الكمامات من خلال دعم ثمنها وتشجيع تصنيعها بالمغرب، واعتبر جلالته أن الذين لا يحترمون التدابير الصحية سلوكهم غير وطني لأن الوطنية تقتضي حماية الآخرين والتضامن لا يقتصر على الجانب المادي فقط بل يشمل أيضا حتى الجانب المعنوي من خلال الإلتزام بالتدابير الصحية.
شدد جلالة الملك بإحتمال عودة الحجر الصحي من أجل حماية المواطن معتبرا أن الوضع الحالي يعرف تدهورا صحيا، وأكد جلالته أن خطاب ثورة الملك والشعب لهذه السنة ليس عتابا للشعب المغربي وإنما حرصه المولوي بصحة المواطن وقد سبق أن أكد جلالته على هذا المعطى في خطاب العرش لسنة 2020 إذ أكد جلالته أن العناية التي يوليها للشعب المغربي هي نفس العناية التي يوليها لعائلته.
وفي الأخير أكد جلالته بأنه ينبغي انخراط جميع القوى الحية لمواجهة فيروس كورونا واتخاذ ذكرى ثورة الملك والشعب كدرس في التضحية والوطنية والتضامن والإلتزام بروح المسوولية للتصدي لهذا الوباء.
إن جلالة الملك أعزه الله في خطاب ثورة الملك والشعب لهذه السنة أكد على معطى مهم وبدونه لا يمكن تجاوز التحديات والعقبات والمشاكل ألا وهو "التحلي بالوطنية الحقة"،ونلاحظ أن جلالته في الخطب الملكية السامية دائما يؤكد على هذا المعطى ففي خطاب العرش لسنة 2018 قال جلالته:"…فالمغرب هو وطننا، وهو بيتنا المشترك، ويجب علينا جميعا أن نحافظ عليه، ونساهم في تنميته وتقدمه. 
إن الوطنية الحقة تعزز الوحدة والتضامن، وخاصة في المراحل الصعبة. والمغاربة الأحرار لا تؤثر فيهم تقلبات الظروف، رغم قساوتها أحيانا. بل تزيدهم إيمانا على إيمانهم، وتقوي عزمهم على مواجهة الصعاب، ورفع التحديات… ".
وبالتالي يجب على جميع المغاربة ومختلف الفاعلين في الدولة التفاعل مع خطاب ثورة الملك والشعب لسنة 2020 لأنه يحمل إشارات قوية وهو خطاب واقعي بإمتياز، وقبل الختم سنستحضر مقتطفا من الخطاب الملكي السامي بمناسبة عيد العرش لسنة 2018 إذ قال جلالته حفظه الله :"…سنواصل السير معا، والعمل سويا، لتجاوز المعيقات الظرفية والموضوعية، وتوفير الظروف الملائمة لمواصلة تنفيذ البرامج والمشاريع التنموية، وخلق فرص الشغل، وضمان العيش الكريم…".
الهوامش :
1-ظهير شريف 1-11-91 الصادر بتنفيذ دستور 2011 بتاريخ 29 يوليوز 2011 الصادر في الجريدة الرسمية عدد 5964 مكرر بتاريخ 30 يوليوز 2011،الصفحة: 3600.