آه ….وأوه..

كتبه كتب في 23 يونيو 2020 - 1:03 ص

بقلم ذ.محمادي راسي                                

  كي لا ننسى 18/10/2012م

  آه ….وأوه ..

             لم أعثر على عنوان ليق لائق ، و شيق  شائق، لمقالتي وأنا أتحدث عن بني انصار ،  فوجدت إلا التوجع والشكوى والتظلم ، وتارة أقول في نفسي إيه بكسر الهاء ،أي زد في الحديث ،أو العمل أوالكتابة ،وتارة إيه بالسكون للزجر والكف والتحسب ،وأخرى إيها بالتنوين للسكوت عن الأمر …. لأن هناك عناوين عدة ترجع إلى القرن الماضي والحالي ،مضامينها تتحدث عن هم وشأن بني انصار وحالتها وسلبياتها وفضائها ومجالها  ووضعيتها ، وغياب مرافق لا تلبي حاجيات السكان ـــ كانت عبارة عن صيحة في واد ــــ وما علة تقهقرها وتضعضعها بسبب الضعاضع الذين تولوا تسييرها وتدبيرها  ،حتى  أصبحنا متضعضعين مليئين بالظغائن والحضج  ،نسبح ضد التيار البحري  ،والمجرى النهري  ،ندحض  المسار الصحيح ،نبدأ من الأعلى وننسى الحضيض والأساس ، نثق في اللهاذمة والدجالين والأميين .والحسافة والملاق والملغ ….ماذا تنتظر من أبي مالك ،وفاقد الشيء ….؟؟هؤلاء يتوددون إليك في وقت قصير ،يلهفون إليك كاللهفان ،ويكرمونك مأربة لا حفاوة …. ثم بعد ذلك لا يعرفونك ينقلبون لك  ظهر المجن ّ، يتصرفون كأم سقتك الغيل من غير حبل بفتح الباء .

               مرت عقود كثيرة ،وما زالت بني انصار تعاني من معضل الصرف الصحي ،وتشكو من بنيتها التحتية التي كانت وما زالت هشة ، بسبب الأشغال الترقيعية ،والأعمال الحربائية ، الأنابيب تختنق  كأنها أصابها الكريسترول ،لأن الميزانية المفردة للتطهير أو الوادي الحار، أو للمياه العادمة ، ذهبت مع أدراج الرياح بين الكأس والناس والرقص ،وشعار: "الدنيا حلوى واياك " مع أغاني فريد الأطرش  وفريدة ، والحانات والمواخير في شارع ما رتشيكا بمليلة السليبة …..والاستثمارات الخاصة ……أين المداخيل الدخيسة  المستخلصة من بوقانا صيفا ؛من بداية أوائل الستينات إلى سنة  2005م من نصف درهم إلى عشرة دراهم ،أزيد من أربعين سنة ؟؟…ااا  من العار والعيب والسخافة أن يتبجح ويتكبر الشخص بأموال الغير، أو المال العام،أو المال الحرام ،أو مال أراضي اليتامى كسبه عن طريق الترامي …

                      اليوم أرى أرضيتها أي بني انصار عبارة عن لوحات ـــ بين الحفر والحرث  ـــــ كأن فلاحا رسمها بمحراثه ، عبارة عن أرض نزة فيها أتربة وأوحال ،تنبعث منها روائح عطنة … إن كل عمل، أو حينما نعزم على إنجاز شيء، يستوجب التصميم والتفكير والروية  والدقة والإتقان والمتانة  ،فإذا كان العكس، فإننا سنظل بين الحفر والنقش والبناء والهدم والردم ،وعملنا سيكون سيزيفيا ،ودائما ناقصا ، وستظهر عيوبه مستقبلا ،إذا كان مغشوشا كما هو ملاحظ اليوم في الوادي الحار ، "كور وأعط لعور " وهذه قاعدة نرددها في معاملاتنا وتصرفاتنا ، لهذا نرجع القهقرى ونتأخر ونستغرق الوقت أكثر فيما أنجز بالرجوع  إليه ثانية وثالثة بسبب الغش والترقيع ….بهذه المنهجية  الانتهازية الفاشلة السلبية ،والعقلية السخيفة المتعفنة النفعية ،لا نستطيع تحقيق مدينة حديثة من   حيث عمرانها وحدائقها ، وتبليط ساحاتها وأرصفتها ،والمحافظة على نظافة شوارعها ،وتزيين واجهتها التي تمنح مسحة جمالية للسائح الزائر.

            آن الأوان لأصحاب الدراسات المستقبلية والتصاميم الهندسية والعمرانية والمشاريع ،أن يبحثوا عن إنشاء مدينة جديدة ،بمقومات ومواصفات المدن الحديثة ، لأن ما يلاحظ اليوم في عقر بني انصار  هو الحفر والنقش والحرث والهشم والرتق والرقع ،إذ لابد من أنابيب جديدة متينة ،والبحث عن موقع لا تمر به الأودية ّ،لأن مدينة بني انصار بنيتها معرضة  لفيضانات بسبب الأودية التي  تخترقها ،حتى القنوات المنجزة ضيقة لا تقدر على تحمل قوة تدفق مياه الأمطار….

             إن الطامة الكبرى التي تقف في طريقنا دون تحقيق جمالية المدينة هي النظافة ،رغم المجهودات التي تبذل من طرف الشركة الجديدة ،فإن الأزبال تبقى منتشرة متفرقة في بعض الأحياء والشوارع، والسبب يرجع إلى عدم الوعي، وغياب الضمير والأخلاق والجزاء الذاتي ، وثقافة احترام الشارع والحي ،ووضع الأزبال في المكان المخصص لها ،لذا يجب إفراد قمامات للزجاج ، ولا بد من غسل أماكن الأزبال بالماء ،لإزالة ما يعلق بها من الأدران التي  تبقى عالقة  كالقار أو الزفت .

                    إن سمات وعلامات حضارة مدينة ما ،هي مدى توفرها على المراحيض في بعض أماكنها وحدائقها ،لأنه يلاحظ سلوكات غير أخلاقية ،ويندى لها الجبين ،إن القط أكثر نظافة …ااا ،فبني إنصار تعيش في  أزمات تفضي بها إلى التأخر.

أولا : موقعها وما يحيط بها ، تحتاج إلى هيكلة جديدة ،وعقول مبدعة في المعمار والهندسة والتخطيط والتصميم ،لها غيرة على المدينة .

ثانيا :أزمة الإنسان المفتقر إلى ثقافة التمدن والتحضر، والأخلاق والوعي  والثقافة الجمالية ،واحترام الغير والملك العام ، لا يفكر في شأن وحالة مدينته ،يفكر بفكر انتهازي متصيدا مترقبا الفرص ،وطابعه محاربة كل ما هو جدي ونافع وصالح لمدينته ،ومعاكسة الذين ينافحون عن المصلحة العامة .

ثالثا :أزمة تسيير المدينة، إن ما آلت إليه مدينتنا ناتج عن  طريقة الاختيار ، وغياب الطبقة المثقفة الواعية في المشاركة   

لإنقاذ ما يمكن إنقاذه ،ونساهم نحن جميعا في وضعية مدينتنا ،بسبب سوء الاختيار ، ثم السكوت وعدم الاحتجاج بسبب الوجل والوجم …

                   هذه الأزمات أدت بمدينتنا إلى مرض الكولستيرول في أنابيبها ،لأن البنية مغشوشة فقدت المناعة ،ومرض الروماتيزم لغياب المرافق الرياضية ،ومرض النسيان أوالزهايمر لغياب الأنشطة الذهنية ،والدليل على ذلك  ليس هناك توثيق لاستحضار تاريخها ،ثم أصابها مرض نفسي ،أدى بها إلى عقد وأحقاد وإحن ونفور، فغاب الخلق والابتكار والإبداع ،لغياب المركب الثقافي، قصد عقد لقاءات لمناقشة مختلف الأفكار، ولجمع الشمل والقضاء على صراع الأجيال ، وفي غياب السوق، يصيبك القلق الذي يقودك إلى الشجار مع  بعض الباعة  المحتلين للشوارع العمومية  والذين يحتاجون إلى مدرسة لإعادة التربية ،ثم الطمع ،والعامة تقول :"الطمع طاعون "،  والجهالة الجهلاء ،والضلالة العمياء ،والتيه والاستعلاء والخيلاء، كل هذه العوامل أدت بنا إلى الهاوية والحافة والحرف ،ثم إلى الحرفة بضم الحاء ،ومن أطاع هواه باع دينه ودنياه وزاد عليه بلده ومدينته ، وأخيرا عدم الاكتراث بما يقع في شوارعنا وأزقتنا وحدائقنا وهضابنا وجبالنا ،" كوركو" ،فقد  ظهرت ثقافات  جديدة ،يشجعها أصحاب المصالح والربح  الحرام ،دحرت الأنشطة الثقافية والفنية ،وعارضت بناء الملاعب الرياضية والمكتبة العامة ودار الشباب وغيرها ،وصفقت لثقافة المحرمات بنشرها وبيعها للشباب الأبرياء واستغلالهم في المناسبات "جوع كلبك يتبعك " ، هم ينجزون مشاريعهم ،يقضون أوطارهم وأغراضهم ،ثم يرسلون بعض الشباب  إلى مستشفيات الأمراض العقلية والسجون، بواسطة السموم المقدمة لهم  والتي تنخر جسومهم ،وتذهب بعقولهم ،وهم دائما في غيبوبة لا يشعرون ولا يعقلون ، إن أصحاب المصالح الشخصية يستغلونهم كيفما يريدون وكما يحلو لهم …. فالشباب المغلوب على أمرهم ،جسور للعبور والوصول إلى ما يريده الانتهازيون الذين يدعون الديمقراطية والنزاهة والوطنية والاستقامة ،ويدعون إلى الحداثة ،وإصلاح المدينة شكلا ومضمونا وعمرانيا وثقافيا  واجتماعيا وصحيا …وإيجاد العمل وهلم كذبا وخداعا ومراوغة ومداهنة ……

               إن المواطن لا يسعد في هذه المدينة التي سميتها في مقالات سابقة بالمدينة المنسية واليتيمة ،واليوم ؛أراها مريضة ،بسبب الظلم والاستبداد والفساد والبرطلة والميز والانتقام ــ والانتقام ضعف في الشخصية ــ وغياب المراقبة والمحاسبة والمعاقبة، فما علينا إلا أن نقول  ما جاء في عنوان المقال : آه ،أو، أوه ،أو….

تعليقات الزوار ( 0 )

أضف تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية) .