الرئيسية ضيف البديل على هامش الورشة التكوينية حول التراث والتنمية السياحية بإقليم الناظور

على هامش الورشة التكوينية حول التراث والتنمية السياحية بإقليم الناظور

كتبه كتب في 16 مارس 2019 - 5:44 م

 

جريدة البديل السياسي.كوم  / ذ:  محمادي راسي  /

  /   على هامش الورشة التكوينية حول التراث والتنمية السياحية/

بإقليم الناظور .

التاريخ ؛ الخميس 14مارس 2019 م .

 الزمن :الثالثة والنصف .

المكان :فضاء الذاكرة التاريخية ببني انصار

الورشة من تنظيم المندوبية السامية لقدماء المحاربين وأعضاء جيش التحرير بالناظور بشراكة مع نادي"إناكتوس "الناظور وجمعية شعاع الأمل للتربية والتنمية الرياضية بفضاء الذاكرة التاريخية للمقاومة والتحرير ببني انصار.

       &&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&

 / تــــوطـــئة

لبيت الدعوة كما العادة ولا بد من تلبيتها إذا لم يكن هناك مانع قاهر أو ظرف طارئ ، توجهت وصديقي الأستاذ الجليل الطاهر الحموتي لأجل الحضور.. وفي طريقنا إلى فضاء الذاكرة لاحظنا أن مؤسسة الجمارك أو الكمرك  أو "الديوانة" كما يقول أهل المدينة ،والكلمة واردة في المنجد الإسباني ، لم يعد لها أثر ولا نشر ،أما بنك المغرب فأصبح عبارة عن أنقاض وبقايا أطلال ، يقع في الشارع الرئيسي وفي عقر المدينة ،تسفيه الرياح ،وتحفر الأمطار جدرانه وسطحه ، وتخربه اللصوص كأنه في فلاة وفيف ، تسكنه الحشرات الضارة والكلاب الضالة ، وأهل الشأن المحلي  يمرون به يوميا ، لا يعيرون أي اهتمام بل؛ يغضون الطرف ، يهملون التراث والمآثر ،لا تهمهم جمالية المدينة وواجهتها ، جيوبهم بادية الإنفاض، وعقولهم خاوية الوفاض من التربية الجمالية ، والتربية على المدنية وسلوك التمدن ، والمحافظة على التراث والثقافة السياحية وقيمتها الاقتصادية ، واحترام الطبيعة والبيئة …إن كل موقع أثري أو معلمة ؛ ورقة /درس /برواز لوحة /كراسة / كتاب طافح بالمعلومات والأحداث التاريخية / ذاكرة اجتماعية ، فالبنك منذ نشأته في عهد الاستعمار أدى دوره الاقتصادي والتجاري والاجتماعي  …هذا مثل بسيط على سبيل المثال لا الحصر وغيض من فيض وبرض من عد .

/على أسكفّـــــة الفــــضاء /

ولجنا إلى فضاء الذاكرة الذي كان حافلا بالصور والأدوات، وجدنا حضورا بمختلف الشرائح والمشارب والأعمار ، ينتظر انطلاق الورشة التكوينية التي كانت من تدبير وتقرير السيد المندوب ، ومن تأطير السيد علال قيشوح ابن هذه المدينة المنسية المهمشة ثقافيا /فنيا / فكريا / تاريخيا / سياحيا / رياضيا / وهلم جرا وقولا ونعتا ووصفا وردفا  ونسيا وتهميشا وفرارا وإدبارا وإحجاما وعجرفة فارغة، وأنانية خاوية رعناء، وجهالة جهلاء ،وضلالة عمياء …المؤطر علال قيشوح ليس بمؤرخ ولا عالم آثار…وإنما هو رجل متواضع، ومهندس دولة ،رئيس مصلحة التخطيط ببلدية بني انصار، وشاعر ريفي مولع بالطبيعة، مفتون بجمالها ، مسكون بسحرها وطيورها ،لم يكتف بمسحها طوبوغرافيا ،ودراستها دراسة مستقبلية  ؛ تصميما وتخطيطا وجغرافيا ؛ من حيث النمو الديموغرافي والعمراني ،ولم يكتف بوصفها بالقلم كتابة وبالريشة رسما ، وإنما وصفها بعدسة آلة التصوير، لتكون أوضح وأبين وأفصح، فالرسم هو أيضا شعر صامت ،والشعر رسم ناطق ..لقد أجاد وأفاض واستفاض ، وليس في الإمكان أبدع مما كان ، وطار كالطائرة، وحلق وحام كالطائر مرفرفا باحثا عن صيد ثمين وكنز دفين، من الشمال ؛ من جبل أكركور أو أشرشور؛ الجبل الصامد في وجه الأعداء والرياح العاتية، والحافظ للوهاد والنجاد  من الزلازل والظواهر الطبيعية ، يشبه جبل ابن خفاجة في الوقار والثبات والصبر والتجلد والتحمل والتجمل، رغم مرور القرون والعصور، وثبير امرئ القيس الذي وصفه بسيد كبير،وبكساء مخطط بعد أثر المطر…وإلى الجنوب حيث البحيرة الصغيرة الهادئة ، والبحر المتوسط القديم ،القاموس المحيط الطبيعي العتيق ،المعجم المانع الجامع لجميع الحيتان ،عرف جميع الأقوام المارين والفارين والداخلين والماكثين ،وشاهد مختلف المعارك البحرية والبرية ، وعاين مختلف الهجرات والتحولات والمجاعات ….. وما زال في أحشائه جثث وبقايا السفن …ومن الشرق؛ من غساسة وبني بوغافر وقصبة فرخانة إلى الغرب حيث قصبة سلوان ، فقد عاج على جميع الجهات خوفا من أن يعاتب بقولهم:

تمرون الديار ولم تعوجوا/// كلامكم عليّ ، إذا، حرام .

/انطباعات وارتسامات /

لقد كانت الورشة ناجحة والعرض شيقا مغريا معززا  بتلك الصور النادرة لأماكن نائية ، مسالك وعرة ، طرق لزبة،  في جنباتها صلادح وشقيف في أرض صلداء، منازل قديمة من حجر وطين ، كهوف متفرقة بين الهضاب والجبال ، غابات مترامية الأطراف بدغيلة كثيفة ، مجاهل يصعب الاهتداء فيها ، صور للقلاع والحصون والقصبات والأبراج في أماكن متباعدة متفرقة  ، مخيمات /مضارب /معسكرات /سرادقات أدت دورها في الحراسة ،والدفاع والمراقبة أثناء الحروب والطوارئ في تلك الحقب القديمة ،وفي عهد الاستعمار الغاشم .

جير ، نجحت الورشة  بفضل المداخلات الجادة ، والنقاشات الحادة ، والانتقادات البنّاءة ، فكانت مفيدة مجدية  ناجعة نافعة هادفة ،وخصوصا مداخلات الشباب التي كانت صائبة ووجيهة، تناقش مسألة غياب الثقافة السياحية في إقليم الناظور ،لأن للسياحة  دورا في الرواج التجاري والازدهار الاقتصادي ، لا بد من الدعم والتشجيع من طرف المسؤولين عن طريق خلق مناصب الشغل ، وعلى وزارة الثقافة من واجبها ودورها ؛ المحافظة  على التراث بالترميم والصيانة والرعاية للمآثر والمعلمات التاريخية المنسية في هذه الجهة المهمشة فكريا/ ثقافيا / سياحيا /رياضيا /فنيا ….

/استنتــــاجــات /

  1) لقد قام السيد المؤطر بمجهود جبار،وبجهد جهيد  ،وبعزم شديد كالحديد ، إلى أن بلغ الجهيدى ، إن لم أقل إلى سدرة المنتهى ، وقف على عين المكان، نقل إلينا بعض الصور لم نشاهدها قط ، تلك الصور يجب قراءتها وتحليلها بالسؤال والتسآل والاستفهام والاستفسار والنقد، لا بالنظر والتعجب ،كأننا نشاهد شريطا سينمائيا عابرا .  

2) تلك الصور يجب أن توضع في جناح خاص تابع  لفضاء الذاكرة ببني انصار..

3)فضاء الذاكرة يجب تزويده أكثر  بالصور والأدوات التي لها وزنها التاريخي والمعرفي …      

4) لا بد من توجيه الشكر للفريق الذي يشتغل مع علال قيشوح  بهدوء وتواضع ويرافقه في الزيارات والاستطلاعات ؛ أمثال؛أولحسن محمد العارف بأماكن غساسة وغيرها ، الأستاذ سعيد أزواغ الذي أتحفنا سابقا بنفس المكان ــ أي؛ بفضاء الذاكرةـــ  بصور للطيور القواطع المهاجرة والأوابد الماكثة ،وسلوكياتها وطريقة عيشها ، وذكر الدول التي تهجر إليها ، والأعداد والأنواع المتواجدة بأشكالها واختلاف ألوانها وأحجامها بالإقليم ،وأشار أيضا إلى المتواجدة  بحوض ملوية ومصب النهر ، يذكرني الأستاذ أزواغ بالإسباني فيليكس روذريغث دي لافونتي ، الدكتوراة أسماء أفناك تهتم ببحيرة مار تشيكا وبكل ما يحيط بها ،وبما فيها من كميات الملح ، وأسماك ونبات وأعشاب ، الأستاذة فاطمة المرابط النشيطة المهتمة بالعمل الجمعوي وتساهم إلى جانب الفريق المذكور آنفا ،الأستاذ الهادي الورتي المهتم أيضا بالتراث والبيئة ، الأستاذ عبد الكريم سومع  أستاذ التاريخ والجغرافية ؛أستاذ نشيط متواضع متفتح متقبل لآراء الآخرين ، يميل في مساره المهني إلى البحث والتنقيب والنبش في خبايا الأمور ، يهتم أيضا بالآثار والبيئة ، الأستاذ لحبيب محمودي يرافق علال قيشوح في الرحلات الاستكشافية ــ تصويرا وكتابة ــ إلى ثيزرث وبوعارك وأكركور وبوغافر وتشارانا وثيبوذ وغيرها من الأماكن ذات المآثر التاريخية ، والأماكن ذات المناظر الخلابة .

5) هذا الفريق يتحتم عليه أن يبحث جيدا جماعيا للوصول إلى وضع نصب تذكاري يؤرخ  لسقوط الجنرال بنتو في ثراغت يوعارن،معركة "إغزرانوشن" في قلب بني انصار وبالقرب من مليلة أو أمريتش  ، لأن الإسبان أقاموا له صليبا من خشب ولكنه لم يبق، كانوا يزورونه بين آونة وأخرى في الخمسينيات والستينيات ،ثم لا بد من وضع نصب تذكاري يؤرخ لمعركة سيدي ورياش بفرخانة .

6) معركتان مشهورتان منسيتان من طرف بعض  المؤرخين لا يعرفون مكانهما بالضبط .وقعتا ببني انصار ــ فرخانة

7) في ندوة علمية وطنية نظمت ببني انصار  2009م تحت عنوان "معركة إغزار انوشن" فصل من فصول مواجهة الأطماع الاستعمارية لاحتلال الوطن وذلك يومي 9و10دجمبر 2009م بقاعة الحفلات "أهمار"بني انصار، شارك فيها مجموعة من الأساتذة والدكاترة والباحثين والمختصين ، وفي مداخلتي مستفسرا عن المكان الذي وقعت فيه المعركة، لم أجد جوابا  كافيا شافيا، وهناك أيضا "إغزن أنتوشنت " ، حتى ترجمة معركة "برنكو"لا تعني الوادي أو" إغزار" ،وإنما تعني مهواة بين جبلين منجد الحمراء 1974 ، وفي منجد إسباني ــ عربي لفيديركو كورينتس تعني؛ وهد /مهواة /هود /لهب / بكسر اللام وسكون الهاء ،لقد مرت عشر سنوات تقريبا وما زلنا ننتظر النصب التذكاري الذي وعدنا به من طرف المسؤولين  في تلك الندوة للقيام به في مدار" باصو" ،ولكن مكان المعركة بعيد جدا يوجد في ثراغت يوعارن كما في علم أهل بني انصار القدماء .

8)على الباحث  لابد من المشي وطرح الأسئلة على الساكنة المتواجدة بعين المكان لمعرفة الأماكن التاريخية ،مصحوبا بالقلم والورق وآلة التصوير التي  أصبحت من وسائل التثقيف … ، وألا يكتفي بالقراءة فقط دون تصحيح المعلومات ،نعم هناك ألغاز تاريخية قديمة ؛ كلكاميش أنكيدو نيفرتيتي….ولكن المكان الذي وقعت فيه معركة "إغزن انوشن" معروف عند أغلب الساكنة ،وكذلك معركة" سيدي ورياش" ، والزمن قريب؛ القرن التاسع عشر والقرن العشرون ،لذا  يلزم العمل والبحث والتصحيح ، من اجتهد فأصاب فله أجران ، ومن اجتهد فأخطأ فله أجر واحد .وفيه روايات إذا حكم حاكم …..

9) لازدهار السياحة الجبلية لا بد من فتح الطرق والمسالك الوعرة ،للوصول إلى أماكن جميلة قصد  التمتع والاستفادة والاستراحة والترويح ، والابتعاد عن ضوضاء المدينة، والتمعن والتدبر فيما خلقة الله بديع السموات والأرض .

10)لابد من تشجيع الشباب ماديا ومعنويا ،للقيام بمشاريع سياحية  متوسطة في الجبال والهضاب ،وعلى شاطئ البحيرة الصغيرة ،والبحر المتوسط من بني انصار إلى قرية أركمان ، لأن  الولوج إلى الشاطئ سهل .

11) لابد من تشجيع الفريق المذكور والباحثين المهتمين بالآثار  ماديا ،لشراء الأدوات والأحذية وهم يقطعون الجبال ذات الشقيف

الصلب والأراضي والغابات ذات المسالك الوعرة .

12) لابد من تشجيع البحث ماديا ومعنويا ومعلوماتيا وأرشيفيا

13) لابد من ترميم المآثر التاريخية والأضرحة كضريح سيدي علي الحساني بالقرب من سلوان  ، وباقي الأضرحة والأماكن والأبراج والقصبات والقلوع، و المآثر التاريخية والمعلمات بالريف والمتواجدة بالقرب من المناظر الخلابة ،ومن الوديان الجارية ، والينابيع المتدفقة ، والسواحل ذات الولوج السهل .

14) على المؤرخين أن يهتموا بتاريخ هذه المنطقة ميدانيا والابتعاد عن التكرار والاجترار ،وعدم الاعتماد على   المراجع الأجنبية ، ولا بد من الاستماع إلى رواة الشعر الريفي لأنه يؤرخ ويشير إلى الأحداث كالشعر الذي قيل في أظهار أوبرران وفي بوعارك على سبيل المثال  ؛

الله اتاهنك أبوعارك أرومي

أخمي ورذنخرق أخمي ورذنجمي

أخمي ورذ نحثيش أربيع أكذمندي

أخمي ورذ نزي ثفونسين أوغي

والله حمثقمذ ذربيع أومسوشي

إوذن ورشتكسن أرمار ورشهدي

15)الاهتمام بالآثار واجب وضروري فالإنسان يفنى والأعمال تبقى كما يقول المثل اللاتيني ،وقد ردد البعض  :

هذه آثارنا تدل علينا //فانظروا بعدنا إلى الآثار

وفي راوية تلك آثارنا ….

/خــــاتمــــــــــــة/

مزيدا من مثل هذه اللقاءات والندوات والمحاضرات وعلى المحاضر أو القائم بعرض ما؛ عليه أن يتسلح بالعلم.والثقافة …  فعنوان العرض أو المحاضرة قد يسألك عنه إنسان بسيط وأنت لا علم  لك به ، وبالتجربة وقع البعض في حيص بيص، فاختلط الحابل بالنابل، ودار حابله على نابله ، وحول حابله على نابله، حول قضية ظهور الشعر الريفي وهو يتحدث عن الشعر الريفي كعنوان ، وعن كلمة الريف وهو يتحدث عن الريف ، وكذلك البعض يسارع إلى الطبع للظهور فقط  ومؤلفه طافح بالأخطاء الإملائية والنحوية والصرفية ،ففي العجلة الندامة وفي التأني السلامة ،بجل ؛ لكل عالم هفوة ،ولكل جواد كبوة، ولكل صارم نبوة ،ولكل خطيب زلة لسان ،ولكل كاتب زلة قلم ،…

وختاما ختمت الورشة بتقديم الشهادات التقديرية تكريما وتشجيعا للمهتمين المجدين المجتهدين  ، ولكن في نظري أن تشجع الجمعيات بالدعم المالي، لأنها تقوم بأعمال نبيلة إنسانية ،وتساهم في تكوين الشباب جسميا /عقليا / تربويا /صحيا /نفسيا ..،و تعمل على  تفادي إقبال الشباب على تناول السموم الفتاكة المدمرة للعقول والجسوم ولا علاج لها، وبالتالي تؤدي إلى ارتكاب الجرائم، وتفضي بالمدمن إلى السجن ومستشفى الأمراض العقلية .

ومسك الختام أشكر جميع المنظمين والمشاركين والمساهمين  والمتدخلين ـــ ففي الاختلاف ائتلاف ـــ و الحاضرين والوافدين من الناظور وسلوان والدرويش وغيرها من الأماكن ،وأقول لهم أهلا وسهلا أي نزلتم سهلا فوجدتم أهلا  ،وشكرا ثانية للجميع وإلى فرصة أخرى بحول الله .

مشاركة
تعليقات الزوار ( 0 )

أضف تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية) .