الرئيسية البديل الثقافي نجمة الضابط / قصة قصيرة

نجمة الضابط / قصة قصيرة

كتبه كتب في 17 أبريل 2018 - 12:39 م


عبد المجيد طعام
والمدينة تستعد لاستقبال الوفود الأجنبية المشاركة في مؤتمر التنمية الاجتماعية :" ألفية الخيار الانساني " أحدث المسؤولون خلية اطلقوا عليها اسم "مدينة بدون مشردين"
كان الضابط أشرف يشرف على الخلية الجديدة …. أشرف ضابط شاب حصل على ترقية استثنائية منذ شهرين وأصبح يحمل على قميصه الرسمي نجمة صغيرة ذهبية اللون فكبر فيه الطموح واستأثرت به أحلام اليقظة فكان يرى النجمة الصغيرة وقد تحولت إلى نجمتين كبيرتين توشحان كتفيه العريضين … لم يكن اشرف يدخر جهدا في سبيل الظفر بالنجمتين الكبيرتين ،كان يخرج مع موكب الخلية المحدثة للقيام بدوريات ليلية….
كانت تتكون كل دورية من سيارتي شرطة و شاحنة لجمع الأزبال تنطلق مباشرة بعد صلاة العشاء من المركز لتجوب الشوارع والساحات والحدائق القريبة من الفنادق الفخمة والمطاعم المصنفة واقتصرت مهمتها على جمع المشردين وتكديسهم في شاحنة الأزبال وترحيلهم إلى خارج المدينة ووضعهم في اصطبلات في انتظار أن ينتهي المؤتمر وتخلو المدينة من الأجانب .
رغم حداثته في سلك الشرطة حذق أشرف لعبة المطاردة وتميز بحدسه غير العادي في اكتشاف أماكن اختفاء المجرمين واللصوص وغيرهم من الشاذين الذين يتهمونهم بإفساد الأمن و الأمان . قرر في تلك الليلة أن يقود الدورية إلى حديقة البنك المركزي ..حديقة شاسعة تجلب الكثير من الزوار نهارا ويأوي إليها المشردون ليلا أراد أن ينصب كمينا يمكنه من جمع أكبر عدد من المشردين لكنه وقبل أن تلج الدورية باب الحديقة لمح مشردا وقد استلقى على العشب قرب كرسي خشبي طلبا للنوم فأمر السائق بالتوجه نحوه والتوقف بالقرب منه … نزل الضابط أشرف من السيارة وفورة الغضب تتقاطر من حذائه الغليظ ،اقترب منه وأيقظه بعنف وهو يضربه برأس حذائه المرعب ثم انهال عليه بالسب والشتم متهما إياه بأنه سبب كل مصائب البشرية وفساد المدينة …
صب أشرف كل جام غضبه على الشيخ المشرد وأمر رجلي الشرطة بأن يوقفوه على رجليه ويلقوا به في شاحنة الأزبال حيث تتراكم الأجساد المنهكة.
لم يفهم المشرد ما يحدث حوله لكنه تمالك نفسه وقبل أن يرفع رجله ليلقي بجسده في شاحنة الأزبال حدق في لباس الضابط وانتبه الى النجمة الذهبية الصغيرة التي تزين كتفه فابتسم وقال له بهدوء صوفي :" أيها الضابط الشاب أنت لا تملك إلا نجمة واحدة لكنك أيقظتني بعنف ،شتمتني وضربتني ارفع عينيك إلى السماء …أنظر إلى السماء ..كم نجمة توجد هناك ؟ لا يمكن أن تعد النجوم هي كثيرة جدا …الله هو من يملك كل تلك النجوم التي ترى بعضها ولا ترى أغلبها … الله مالك كل النجوم لم يوقظني يوما بعنف ولم يشتمني و لم يضربني إنما يمنحني يوميا رزقي … أنت لا تملك إلا نجمة واحدة صغيرة جدا لا نور فيها ولا ضياء… "

مشاركة
تعليقات الزوار ( 0 )

أضف تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية) .