الرئيسية منبر البديل السياسي العلامة الفقيه الزاهد الحاج عبد الرحمان أبناي أربعة عقود داخل المدرسة القرآنية بايموزار

العلامة الفقيه الزاهد الحاج عبد الرحمان أبناي أربعة عقود داخل المدرسة القرآنية بايموزار

كتبه كتب في 15 أكتوبر 2019 - 1:27 ص

جريدة البديل السياسي /   محمد_قشتو /

 

سأخذكم معي بين هاته السطور المتواضعة مع سيرة رجل لا كالرجال وشيخ لا كالشيوخ، -وبالمناسبة فهي النبذة التي ألقيت أمام جمع كبير من حملة كتاب الله وحفظته بايموزار مساء يوم 11/10/2019 حفظهم الله ورعاهم جميعا- ولنذرة ما توصلنا به خوفا من حرق هذه المفاجئة المتواضعة، سنجوز بكم ومعكم لزيارة رياض أفيح أخضر مسيرته في الحياة سبعين سنة، لكن دعونا نستكشفه إيجازا واختصارا وإيثارا وتبيانا، عبر ثلاث محطات أو أربع على أكثر تقدير، فتعالوا معي بقلوبكم تفطنا واتقادا، وبأسماعكم صائغين سامعين..

في يوم من أيام سنة 1949 من القرن الماضي إزدان فراش آل أبناي بمولود صغير فوسموه عبد الرحمان لتشمله الرحمة التي أشتق منها إسمه، ولتكون له أخا صالحا في حله وترحاله، وكعادة أهل البوادي في ذلك الزمن الذي ليست فيه مدرسة ولا معهد ينذرون أبناءهم إلى الكتاب لحفظ كتاب الله تعالى، فكان سيدي الحسن -رحمه الله- والد الولد الصغير غاية مناه ومنى غايته أن يكون نجله من أهل الله وخاصته، فدفعه إلى أخيه سيدي بن حجوب الذي كان حينها شيخا بالمدرسة، فحرص عليه حرصا شديدا، فحفظ القرآن صغيرا بالمدرسة القرآنية لإيموزار، فلما قوي ساعده شابا، ولاحت إرادته في الأفق حزم أمتعته ولوحه على ظهره متجها إلى قبيلة ((السور)) حيث كان العالم الزاهد سيدي الحسن الباشق المعروف ب ((الكرط))، فتتلمذ على يديه ونال منه تربية وتزكية جعلته عابدا زاهدا طول حياته، فأخذ ما شاء الله عليه أن يأخذ مدة لزومه إياه. ثم بعد ذلك إنبرى بنفسه إلى الإمامة والخطابة والتدريس بغير موضع، فكان أولها سنة 1969 بقبيلة (تازولات) بنواحي تديلي إقليم ورزازات، فمكث هنالك برهة من الزمن حتى شاءت الأقدار أن تعرج به إلى دوار ((تماست)) بإسرس قبيلة غدات، ثم بعدها متجها إلى قبيلة مسفيوة بدوار ((أيت ويكسان))، فكان ذلك كله إستعدادا للمسيرة الجهادية التي خاضها بمسقط رأسه والمدرسة التي حفظ بها القرآن أولا، حيث شاء الله أن يتولى مهام الإمامة والخطابة والإقراء بهذه المدرسة منذ مطلع سنة 1981.

فتخرج على يديه ما لا يعد ولا يحصى من الأئمة النابهين منهم من صار أستاذا ومن صارا مرشدا ومن صار دكتورا وغيرهم كثير، فكانت هذه المسيرة التي قضاها الشيخ بالمدرسة القرآنية بايموزار السبب الأول والبارز لأن يكون لهذه القرية صدى قويا ودويا مسموعا، فحيث ذكرت إيموزار فالقرآن وأهله.

وما يذكر على هذه المعلمة في زماننا هذا ونحن على مشارف إستقبال 2020 لشيء عظيم، وكل ذلك مقرون بهذا الشيخ الجليل، من ذلك ما حدثني به أحد أعمامي الذي حفظ القرآن على يديه حيث كان تلميذا له في تلك السنون الخالية، من أن فضيلة الشيخ يأتي للمدرسة من بيته قبيل الفجر بزمن، -فنحن إذا تصورنا الآن قوة الإرادة نقول ساعتان قبل الفجر لكن الله أعلم إن لم تكن ثلاث وزيادة- فإذا ولج المدرسة أيقظ الطلبة من سباتهم للمراجعة والحفظ، ويظل معهم أحيانا إلى العاشرة ليلا وطول اليوم كله جهاد واجتهاد في نيل البغية في التقرب إلى الله تعالى والإزدلاف إليه في تعليم كتابه تأسيا بقول النبي صلى الله عليه وسلم: (خيركم من تعلم القرآن وعلمه)..

ومما يذكر في سيرته داخل هذه المدرسة لشيء كثير لا يدركه الإستقصاء، وإنا نأمل أن يوقظ الله نبيها فاطنا همته لا تدنوا شعفات الجبال فيتكلف ويتكفل بجمع ما شاء الله أن يجمع من صدور الأقران من الشيوخ والأهل والأحباب ليفرد لنا مصنفا في الشيخ باعتباره الرمز القوي والعضد الشديد في تألق المدرسة القرآنية بايموزار. هكذا مرت أربعين سنة من حياة الشيخ مكافحا مجاهدا داخل المدرسة الإيموزارية المتفردة بالإصطفاء حتى ذاع صيتها، والسابقة بالفضل والنبل حتى حوت بطون الذكريات، ففي كتاب (ذكريات نائب) للمناضل الشامخ عبد العزيز المسيوي عند الصفحة 266 تعرض للحديث عن المدرسة باعتبارها المدرسة الوحيدة التي تزخر بها جماعة زرقطن إلى جانب ذكره لموسم اللمة، وإني لأعتبر العنصر الأساسي لمعرفة أهل ايموزار بالقرآن هي هذه المدرسة، ولولا هذا الشيخ لما قامت المدرسة..

إنه الشيخ العلامة الفقية سيدي الحاج عبد الرحمان أبناي الإيموزاري -حفظه الله وأبقاه عمرا مديدا فينا جميعا- هذا ما شاء الله تعالى أن نورده هنا، ونأمل معه إن شاء الله المجالسة ليفرد لنا جزئيات حياته من ملح نواذرها في طلب العلم وطرف لذاتها في تبليغه. 

مشاركة
تعليقات الزوار ( 0 )

أضف تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية) .