الرئيسية روبورتاج و تحقيق عاشوراء عاشوراء أو ((تاعشورت))

عاشوراء عاشوراء أو ((تاعشورت))

كتبه كتب في 21 سبتمبر 2019 - 12:26 ص

جريدة البديل السياسي محمد_قشتو / المغرب

باللسان الأمازيغي، لا أكاد أسمع بهذه المناسبة حتى تتهلل نفسي فرحا وسرورا لما لها من ذكريات بهذا اليوم الجميل البهيج. لا يختلف إثنان في عاشوراء أنها ذكرى ليوم نجى الله فيها سيدنا موسى من بطش فرعون وزبانيته، وأن مجمل ما ورد فيها دينيا أن الله تعالى خصها بالصيام . أما كل ما يروج فيها من عادات وتقاليد فهو من جنس الثقافة المجتمعية المستهلكة، ومع إقراري بذلك إقرارا تاما إلا أنه أجد في نفسي ذكريات جميلة لا تتجاوز قيم الدين والمجتمع على حد سواء، لذلك أثرت الكتابة عنها تخليدا لتلك الذكريات التي ولت بجمالها وبهجتها وسرورها.

في ذلك الزمن الأغر حين كنا لا نعرف هما ولا أصحابه، كنا نستعد لعاشوراء نحن الأطفال دون السادسة عشر عاما قبل حلولها بأسبوع على أقل تقدير، وتجتمع كل طائفة على حدة، وكان الناس دائما ما يرشدونا لنكون طائفة واحدة متحدة، وكان السائد في الغالب كل موسم طائفتين، تختلفان بإختلاف السن.. قبل حلول زوال ليلة عاشوراء يكون الأطفال قد أعدوا العدة وحددوا الزمن، وعادة ما تكون البداية قبل أذان صلاة المغرب، فإذا كانت الطائفة الأولى عازمة على البدء من يمين القرية كانت بداية الأخرى من شمالها. ومن العادة في إنطلاقة البداية أنه توقد النار فيطؤها كل واحد فيبدؤون بأول دار من ذلك الجانب المبدوء به، ولا يدقون ولا يقرعون بابا ولا دفا ولا طبلا، إعلان وجودهم هو تلاوتهم بأصواتهم الجميلة ذلك النشيد الجميل باللغة الأمازيغية، وتختلف عباراته من بلد إلى آخر ومن قبيلة إلى أخرى.. ونشيدنا بايموزار كالتالي: ((تاعشورت .. تامباركت.. لا إله إلا الله، إلا كرا منزا كرا إگان وين ربي زوراتاغ أيزوور ربي أسقمو نون -س- الجنت نكني ولا كني، كردلاس..

كردلاس ألالة، أرتيد ألالة إنويت نغ أورينوي، إگيت إفنزي ن ؤغيول حشاكم)) وعبارة ((حشاكم)) من زيادة أقراننا الصغار تأدبا من ذكرهم لكلمة ((حمار)) أمام بيوت الناس.. ولازال هذا النشيد يتردد في كل موسم عاشوراء على أفواه الصغار، رغم ما اعترى هذه الذكرى من الوهن وسيرها نحو الإنقراض، ولم تعد كما كانت من ذي قبل، هذا ما رأيته بأم عيناي قبل ذكرى حلولها هذا الموسم، وسرني كثيرا مشاركتي إياهم لعزف ذات النشيد معهم.

ويتلى النشيد ذاته أمام كل باب من أبواب البيوت كلها، فيجمعون من السكر وحبوب الشاي وبيض الدجاج والقديد وغير ذلك ما هو كثير، ولا يفلتون بيتا ولا حانوتا ولا متجولا حتى يقفوا على آخر دار من الدور، فإذا إنتهوا عدو ما جمعو عدا، بما في ذلك الدراهم، ووضعوا ذلك كله عند واحد منهم يعتبرونه قائدهم ومسيرهم وهو موضع ثقتهم جميعا، وحددوا بعدها مكان لقياهم في الغذ الباكر، سواء كان منتزها جميلا أو بيتا مهجورا أو حوشا قديما.

فإذا كان الغذ إلتقى الجمع البريئ وتعاونوا فيما بينهم، بعضهم يوقد النار لتدفئة الماء وإعداد الشاي وطبخ ما لذ وطاب، للفطور أولا ثم للغذاء ثانيا، وغالبا ما يفترق الجمع عند زوال اليوم، ما بين الظهر والعصر، وإذا كان شيئا مما جمع قد بقي يوزع أو يظفر به من كانت داره قريبة من موضع ((تاعشورت)).

أما بالنسبة للطرائف في يوم عاشوراء، فهي كثيرة لا حصر لها، منها الرش بالمياه، أو أداء لعبة قشقاش أو ((دينفري)) وذلك فرحا وسرورا بتلك الذكرى الجميلة التي لا يعرف ذوقها وحلاوتها إلا بعد مضيها، وهي من حسنات الطفولة التي لا تنسى، أما الآن رغم إقامة ذكراها إلا أن التكنولوجيا الحديثة مرت مرور العواصف على كل ذكريات الطفولة فتركتها واهنة ضعيفة إن لم تكن أفنتها فناء تاما. 

مشاركة
تعليقات الزوار ( 0 )

أضف تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية) .