الرئيسية سـياسـيات عاشوراء من الأصل إلى المسخ

عاشوراء من الأصل إلى المسخ

كتبه كتب في 20 سبتمبر 2018 - 10:31 م

جريدة البديل السياسي .كوم :  فاطمة عوام 

عاشوراء، أو العاشر من محرم، يوم يرتبط بأحداث وذكريات لدى المسلمين وأهل الكتاب، من نجاة سيدنا ابراهيم من النار التي أضرمها قومه لإحراقه، إلى نجاة سيدنا موسى من جبروت فرعون، إلى مصرع سيدنا الحسين وعدد من أهل البيت في كربلاء، أحداث منها السار، ومنها الحزين، مما يجعل إحياء هذا اليوم لا يستقيم إلا بالصوم لله تعالى، والاعتبار من تلك الأحداث كل منها بما يوحيه، ولتعدد الأساليب الشعبية لاستقبال هذا اليوم، بما تحمل من مقبول ومرفوض ومحرم ومكفر، وما تشهده عواشر محرم قبل العاشوراء من رواج، ولمواد بعينها، ولأغراض تحمل كذلك ما تختلف بشأنه الأحكام من المباح إلى المحرم، نخصص للحدث هذه الإضاءة 
**الطقوس الدينية وعاشوراء: 
يحظى اليوم العاشر من محرم بنوع من التقديس لدى المسلمين واليهود والنصارى، وفي حديث لعبد الله بن مسلمة عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها ٍقالت: >كانت قريش في الجاهلية تصوم يوم عاشوراء، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصومه، فلما قدم المدينة صامه وأمر بصيامه، فلما فُرض صوم رمضان، ترك عاشوراء، فمن شاء صامه ومن شاء تركه< رواه البخاري· وكان اليهود والنصارى يصومونه، ويعده اليهود عيدا، ولما هاجر رسول الله إلى المدينة، وجد اليهود يصومون يوم عاشوراء، فسُئلوا عن ذلك، فقالوا: هذا اليوم الذي أظهر الله فيه موسى وبني إسرائيل على فرعون، فنحن نصومه تعظيما له، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:>نحن أولى بموسى منكم< فأمر بصومه، كما ورد في حديث عن ابن عباس رضي الله عنهما في صحيح مسلم· وروى مسلم أيضا عن جابر بن سَمُرَة رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا بصيام يوم عاشوراء، ويحثنا عليه، ويتعاهدنا عنده، فلما فُرِض رمضان لم يأمرنا ولم ينهنا، ولم يتعاهدنا عنده· وفي صحيح البخاري : روى عبيد الله بن موسى عن ابن عيينة عن عبيد الله بن أبي يزيد عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: مارأيت النبي صلى الله عليه وسلم يتحرى صيام يوم فضَّله على غيره إلا هذا اليوم، يوم عاشوراء، وهذا الشهر· (يعني رمضان)، ولمخالفة ما دأب عليه اليهود، يصوم المسلمون عآشوراء مع يوم قبله أو بعده، أو يصومون يوما قبله ويوما بعده، وفي ذلك حديث رواه مسلم عن عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: حين صام رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم عاشوراء، وأمر بصيامه، قالوا : يا رسول الله، إنه يوم تعظمه اليهود والنصارى، فقال (ص):>فإذا كان العام المقبل، إن شاء الله، صمنا اليوم التاسع< قال فلم يات العام المقبل حتى مات رسول الله· وفي فضل صيام يوم عاشوراء روى مسلم حديثا عن أبي قتادة الأنصاري رضي الله عنه أن رسول الله (ص) سُئِل عن صوم يوم عاشوراء، فقال:>يكفر السنة الماضية <
يحيي المغاربة يوم عاشوراء بطقوسه المعروفة القائمة على وقائع تاريخية، وبما يذكر بتلك الوقائع ومنها السار والحزين، يحيونه بالصيام والماء والنار، يصومون اليومين التاسع والعاشر من محرم، ويصوم البعض حتى اليوم الحادي عشر، كصيامهم يوم الجمعة الذي لا يصام منفردا، وهم بذلك يحيون سنة نبوية كان الرسول صلى الله عليه وسلم يحث عليها أصحابه، وإن كان صيام عاشوراء متّبع قبل الإسلام لسبب آخر من أسباب تقديس هذا اليوم، هو أن الله تعالى أنجى فيه أبا الأنبياء ابراهيم عليه السلام من النار، عندما رماه فيها قومه لإحراقه، فجعلها الله عليه بردا وسلاما، ومع الصيام لله، إحياء لهذا الحدث، يقيمون احتفالا بإشعال النار ليلة 9/10 محرم، بما يعرف بـ > الشّعّالة<أو >تاعاشورت<، ويحيونه أيضا بالرش بالماء، وبشكل مقبول، لا كما نرى اليوم من تعدى على الناس بإغراق في الماء أو قذف بالبيض، والماء هنا له علاقة بالواقعتين السابقتين، نجاة سيدنا موسى من فرعون مرورا بين طودين من ماء البحر الذي انفلق له ولبني إسرائيل معه بأمر الله، بعد ضرب البحر بعصاه، ونجاة سيدنا ابراهيم من النار، ولذلك يرى البعض أن الرش بالماء طقس احتفالي لدى اليهود كذلك إلى جانب صيام هذا اليوم، في ما يعرف لدى اليهود ب > بياهو<، وللماء علاقة بالواقعة الثالثة التى يقيم لها الشيعة طقوسا حزينة، ويحييها معهم بعض أهل السنة، ويحييها المغاربة إلى جانب الصيام أيضا بالرش بالماء الذي كان يمنع من سيدنا الحسين بن علي وإخوته وأبنائهم وحفدتهم من أهل البيت في فاجعة كربلاء وقبلها وبعدها، و من طقوس الحزن على مصرع سيدنا الحسين بكربلاء في المغرب أيضا الاحتفاظ بكتف أضحية عيد الأضحى إلى أن تؤكل ليلة يوم عاشوراء، ويطلى عظمها بالحناء ويوضع عليه ورق نعناع ويرفع على قصبة وتتجمع حوله النساء يرددن أغاني حزينة· و امتناعهن عن تنظيف البيوت
وإذا كانت الوقائع الثلاث وربما هناك أخرى غيرها يذكرها المسلمون في هذا اليوم، فإن أفضل ما يحيونها به هو الصيام، فرحين لنجاة سيدنا ابراهيم ونجاة سيدنا موسى من بطش المتجبرين، حزينين على مقتل سيدنا الحسين مع 70 من أنصاره، منهم 23 من أهل البيت والتنكيل بهم· أما ما عدا الصيام، فهو طقوس لاخير ولا فائدة فيها، بل قد تدفع لاعتقادات خاطئة، وتقديس لما لا يصح تقديسه، نسأل الله أن يحفظنا في ديننا ودنيانا، ويحفظ في ذلك سائر المسلمين، آمين ·

 

**عاشوراء من العبادة إلى الشعوذة:


 


 

 

يتميز إحياء يوم عاشوراء عند المغاربة مثلا بتنوع الطقوس والعادات والتقاليد، حيث تختلط فيها الشعائر الدينية بالطقوس الشيطانية، لتجديد المحبة بربط الزوج أو الخطيب أو الحبيب برباط السحر من عاشوراء الحاضر إلى عاشوراء المقبل !
ويشهد الأسبوع الأول من شهر محرم الحرام حركة تجارية دؤوبة، كما تعرف بعض المواد رواجا كبيرا··· كلعب الأطفال والفواكه الجافة أو المجففة والمعروفة بـ >الفاكية < · 
يبدأ التهييء لهذه المناسبة الدينية مباشرة بعد عيد الأضحى، حيث يقدد اللحم و>الديالة< ويخزن حتى ليلة يوم العاشر من عاشوراء لتهييء الكسكس· وقبل حلول العاشر من محرم يبدأ الكبار في شراء >الفاكية< التي تشمل كل أنواع الفواكه الجافة من لوز وجوز وزبيب وتمر بكل أنواعه، خاصة >البوزكري< الذي يعرف إقبالا كثيرا في هذه المناسبة، بالإضافة إلى التين المجفف >الشريحة< والكاكاو والحمص المحمران· وكلما دخلت إلى السوق المغربي أنواع جديدة من هذه الفواكه خصوصا القادمة من البلدان الاستوائية، كلما توسع الاقتناء وتنوعت الأطباق من فستق سوداني وبندق وجوز وكاكاو بكل أنواع هذين الأخيرين المختلفة الشكل والحجم والطعم، إذ يعد اقتناء >الفاكية< لدى الأسر المغربية أحد لوازم الاحتفال بعاشوراء، واستهلاكها مظهرا من مظاهر الاحتفاء بهذا اليوم··· كما يعتبر التنويع والإكثار في موادها وكميتها نوعا من الترف والبدخ والتفاخر · 
وبينما ينغمس الكبار في التهييء للمناسبة، ينشغل الصغار في اختيار اللعب وإعداد لائحة المطالب الطويلة والمتنوعة حسب تنوع السلع التي تغزو الأسواق المغربية من آلات موسيقية تقليدية وعصرية ولعب إلكترونية ونارية··· وغيرها من اللعب التي يعرضها التجار داخل الدكاكين وخارجها، بل حتى على جنبات أرضية الأسواق والشوارع والأحياء في حصار مستفز للآباء وإغراءٍ ملٍح للأطفال باقتنائها، وهي لائحة لا تحددها وتحد من طولها إلا ميزانية الوالدين حسب إمكانياتهما المادية · 
وفي ليلة العاشر من محرم الحرام تبدأ الاحتفالات، حيث تتجمل النساء وتتزين الصبايا بالملابس التقليدية، ثم ينطلقن في جولة مسائية رفقة الأطفال وبعض الشباب لحمايتهن، يجلن الأزقة والدروب لحث باقي النسوة في الأحياء المجاورة للانضمام إلى هذه الجوقة المتحركة التي تكبر ككرة ثلج تتضخم وتتسع دائرتها كلما طالت رحلة تدحرجها··· مرددات أغاني شعبية خاصة بالمناسبة على إيقاع الطعاريج والدرابك والدفوف، ليتحلق، في النهاية، الجميع في الساحات التي تتسع لاحتواء هذه الحلقات المتعددة وُتشعل >الشعالة< التي تنتظر النساء الخبيرات في مجال الشعوذة، بشوق ولهفة، إشعالها لرمي وإحراق ما هيأن للزوج المتمرد أو الخطيب المتمنع أو الحبيب المستعصي عن المنال··· وييسود الاعتقاد لدى أغلب الناسزطديطيدسسذيششسصش رجالا ونساء على أن ليلة عاشوراء هي ليلة السحر العظيمة وهي فرصة يجب انتهازها! فتحذر الأم ابنها من خطر الكنة وأمها· كما تحذر هذه الأخيرة ابنتها من خطر الحماة وتهيء كل منهن ما يربط الابن / الزوج / الصهر بها ويخضعه لها! وقد تهيء بعض النساء ما يفرق بين الزوجين··· كما أن الرجال أيضا يتخوفون من >الباروك< الذي تهيؤه النساء أيام عاشوراء، خصوصا ليلة اليوم العاشر من شهر محرم ومن ترددهن على السحرة والمشعوذين والعشابة لتهييء بعض >الخلطات< السحرية كما يشتكي الكثير منهم من آلام الرأس خلال هذه الليلة بفعل السحر كما يقولون !
وعندما يبدأ اللعب حول النار، تحث النساء الشباب والصبايا والأطفال على الغناء والضرب على الدفوف والدرابك والطعاريج ويشعلن حماسهم، لـ >يحمى الطرح< فـ >يحمى< مفعول السحر، مرددات >باردة··· باردة اللي ماحماها تقطع يدو<··· ويحوم الجميع حول النار وقد تعالت أصوات المتحلقين بالغناء كلما تعالت نغمات الآلات الموسيقية، ثم يقفزون عليها بالتناوب وقد امتد لهيبها إلى عنان السماء··· فتتحول ساحات الدار البيضاء إلى فضاءات للاحتفال ومهرجان كبير للأهازيج والرقصات الشعبية، ومع اشتداد النيران التي تلتهم الأسلاك الكهربائية، يتحول المنظر إلى مدينة تحت وقع القنابل ونيران الحرب، فينتهي الاحتفال بتدخل رجال المطافئ لإطفاء النيران ودوريات الشرطة لفض الجوقة· وتبدأ مطاردات رجال الشرطة للمحتفلين والمحتفلات الذين لا يتفرق جمعهم حتى ساعات متأخرة من الليل · 
ومن النساء من يحيين ليلة عاشوراء في بيوتهن رفقة الأهل والأصدقاء والجيران، حيث تجتمع الأسر الصغيرة في بيت الأسرة الكبير، ويلتف الجميع حول الجدين ويحضر الأبناء والبنات والأصهار والكنات والأحفاد والحفيدات·و تستغرق النساء في تحضير الولائم لهذه المناسبة، خصوصا التقليدية منها: من الكسكس بالقديد و>الديالة< و>سبع خضاري< أو الدجاج المحمر· بينما يتوجه الرجال للصلاة· وينطلق الأطفال للعب، فتعم البيت حركة دؤوب وتشع في أرجائه أجواء البهحة والحبور··· كلُّ فَرِحُ بلعبه التي اقتناها له الجدان والوالدان والأعمام والخلان · 
وعندما تطول السهرة يهيأ الشاي وتقدم أطباق الفواكه الجافة وأنواع الحلويات الخاصة بهذه المناسبة من >كعك< و>قريشلات<· وعندما يلتف الجمع ويحلو السهر يبدأ السمر الليلي الطويل، فيحمى >الطرح< بالضرب على الدفوف والطعاريج حتى ساعات متأخرة من الليل · 
وهناك في الطرف الآخر تمارس شعائر وطقوس خاصة وشاذة مرتبطة بالسحر والشعوذة··· ففي هذا اليوم العظيم تحققت المعجزات والخوارق حيث بطل مفعول النار الملتهبة بأمر من الله تعالى، فكانت بردا وسلاما على سيدنا ابراهيم خليل الله· وفيه انشق البحر بأمر من الله أيضا ونجى موسى وأخاه وأتباعهما وأغرق فرعون الطاغية وجيشه الجبار · فلماذا لا يكون مناسبة لشق قلب الحبيب أو الزوج وإغراقه في بحر الحب وإلهاب عقله بنار الهيام حتى عاشوراء المقبل !
وفي يوم العاشر من حرم تحتفل الصبايا والصبيان كذلك بـ >بابا عيشور< وهو عبارة عن عظم كتف كبش عيد الأضحى، الذي تحتفظ الأمهات به لهذه المناسبة فيخضب بالحناء يوم عاشوراء ثم يكفن ويشيع إلى مثواه الأخير مع ترداد جمل للرثاء مع النواح والندب والبكاء: >عيشوري عيشوري دليت عليك شعوري، عيشور مات أوما مات ندبو عليه ألبنات، كمشة عكيك··· كمشة عكيك··· بابا عيشور مات في الزاوية وجاني بعيد<··· مع المطالبة بحق بابا عيشور نقدا أو قديدا كعزاء على موته· وهو رثاء وبكاء على مقتل الحسين بن علي في كربلاء الذي يرمز له بـ >بابا عيشور<· وفي النهاية تكسر الطعاريج ويدخل المجمع بين محروق ومجروح ومنهوك · 
وصبيحة اليوم العاشر، يتوجه الرجال والنساء وحتى الأطفال إلى المقابر لزيارة موتاهم والترحم عليهم لتأكيد الوفاء لذكراهم· فتزال الأعشاب اليابسة عن قبور الأحبة وتغرس أخرى يانعة وتسقى بالماء وترش بماء الزهر والورد وتتلى على الموتى آيات من الذكر الحكيم ويتصدق عليهم بتقديم قطع الخبز وحبات التمر والشريحة وبعض الدريهمات للفقراء الذين يغزون المقابر في هذه المناسبة · 
والذين لا يقصدون المقابر خصوصا النساء، يشترين صباح يوم عاشوراء آنية من الطين على شكل كأس تملأ بالماء وتقدم هدية للفقراء والمعوزين من الأطفال والعجزة مع قطع الخبز والتمر والشريحة وبعض القطع النقدية · 
وتتعدد طقوس الاحتفال بعاشوراء، حيث يمثل الماء أهم هذه الطقوس وأحبها إلى الكبار والصغار· إذ تقوم الصبايا والنساء بالاستيقاظ باكرا للتزمزم، حيث يستحمن على اعتبار أن الماء ذلك الصباح هو ماء زمزم ومن فاته ذلك فقد فاتته فرصة التطهر والتبرك بهذا الماء المبارك··· ثم يتخذ هذا الطقس مظهرا من مظاهر اللعب والمرح فتلجأ النساء رفقة الصبايا والشباب والأطفال وأحيانا يشارك فيها حتى العجائز إلى إقامة طقس >زمزم< فيزمزمون بعضهم بعضا بصب الماء من النوافذ والأسطح وعبر الأزقة والدروب والأحياء فلا يفلت من ذلك أي شخص تقع عليه أعينهم أو يكون في متناول دلائهم··· وكثيرا ما يتحول هذا الطقس إلى شغب تنتج عنه معارك قد ترهق فيها الدماء بدل الماء ·

 

 


** عاشوراء مغربيا:

 

 

سبة عاشوراء تجلب معها العديد من العادات والتقاليد والممارسات إلى بلادنا · 
فعندما تجوب مناطقه من شماله الى جنوبه، فبالتأكيد سيجذبك ذلك التنوع الثقافي الذي يحاكي ما هو عربي وما هو أمازيغي، فكل منطقة مغربية تنفرد بعاداتها وتقاليدها · 
إن أول ما يصادفك في الأسواق المغربية مع اقتراب عاشوراء هو الألعاب المختلفة، وكذا التمر والجوز والحمص والزبيب واللوز والحلويات أي ما يدعى >الفاكية< في هذه العادة تقول السيدة حبيبة: >اعتادت العديد من الأسر المغربية في عاشوراء شراء كميات لابأس بها من الفواكه الجافة >الفاكية< وتقسيمها إلى حصص متساوية حسب عدد أفراد الأسرة فتقدم لهم في هذه المناسبة، على أن الأم المغربية في عاشوراء لا تنسى بناتها المتزوجات اللواتي تبعث لهن بنصيبهن من الفواكه إلى بيوتهن أو تحتفظ به لهن عند زيارتهن لها· وكذلك على الشاب الخاطب أن يتذكر خطيبته ويهديها في هذه المناسبة بعض الحلي أو بعض الملابس التقليدية المصحوبة بالفواكه اليابسة · 
باجتماع العائلة في عاشوراء، فهذه مناسبة للتطبيل واللعب بالطعاريج وترديد بعض الأغاني الشعبية القديمة، خاصة من طرف الفتيات أشهرها >عيشوري عيشوري، دليت عليك شعوري<· أما بالنسبة للأطفال، فهذه مناسبة شراء مسدسات الماء وكذا بعض أشكال المفرقعات وكافة أنواع اللعب ولا ننسى فلوس >بابا عيشور<، أي أنك لا تمر من حي شعبي إلا ويتبعك الأطفال مرددين: >فلوس بابا عيشور<، >فلوس بابا عيشور<· إذن فهذه مناسبة للأطفال لكي يجمعوا قسطا من المال وكل ما يصرفه حسب احتياجاته · 
تشرع النساء المغربيات في تنظيف داخل المنزل وغسل الثياب والاستحمام على أساس الامتناع كليا عن تنظيف البيت وغسل الثياب واقتناء مكنسة أو استعمالها واقتناء الفحم في يوم عاشوراء، فهذا اليوم فقط من أجل التزمير والتطبيل وإيقاد النار وهذا ما يدعو بالشعيلة أو الشعيلة أو >تشعالت< باللهجة الأمازيغية وتتم عبر إحراق إطار عجلات السيارات، ولكن الغرض هنا ليس هو إظهار الغضب من طرف المعارضة اللبنانية، وإنما هو فقط الاحتفال، حيث بعد إيقاد النار يبدأ بالقفز عليها، على اعتبار أن ذلك يزيل الشر ويبعده، بل إن البعض يشعلون النار في أفنية المنازل ويأخذون في الدوران حولها وهم يطبلون ويزمرون ويغنون· وما يدور في بعض المدن كمراكش، حيث تلقى في النار بعض الدمى والصور ومنها ما يمثل قاتل الحسين، وكذا إلى ما يحدث في مناطق أخرى لاسيما في الأطلس الصغير، إذ تتحلق النساء حول النار ويأخذون في البكاء والنذب والنواح وقبل أن تخمد النار يدفئن الماء عليها ليتوضأن به أو يغتسلن تبركا به وعلاجا · 
وبالنسبة لذكر الماء، فما هو معروف ويثير الدهشة هو العادة المغربية الشائعة في عاشوراء وهي زمزم أو التزمزيم حيث يقوم الرجال والأطفال بإخراج الماء وسكبه على المارة ببذخ وتبدير، كما تقوم السيدات بسكب كميات من الماء على المارة من النوافذ، وعندما سألنا السيدة يامنة عن سر هذه العادة قالت: إن السيدات في سنوات بعيدة كن يقمن باكرا ليغتسلن بالماء البارد حتى يكون الماء مليئا بالخير والحيوية والنشاط وفي حالة عدم استيقاظ الفتيات باكرا، كانت تلجأ الأمهات الى رشهن بالماء حتى يضطررن إلى الاستيقاظ لكن هذه الظاهرة تجاوزت هذه العادات والبيوت المغربية وخرجت إلى أزقتها وشوارعها لكي يصب الماء على المارة مصحوبا بالبيض، الخرقوم، الحموم··· والابتكارات جارية في هذا المنحى · 
ومن زمزم إلى الطعام، كما تعلمون أن الأطباق المغربية شهية وحاضرة بقوة في كل المناسبات· وهذه المناسبة تخرج بتميز وهو طبق الكسكس بالذيالة وهي مؤخرة الخروف وذنبه، وغالبا ما يقدم في العشاء ويحتفظ بها من أضحية العيد مملحة لهذا الغرض ويكون معها شيء من القديد وأمعاء الكبش المجففة التي يصنع منها ما يعرف بالكرداس · 
ربما التذكر بالشيء أمر محمود بين الناس ودواليبهم التي تحيطهم، لكن أن نتذكر الشيء ونحن لا نذكره أصلا، سواء بمعايشتنا له أو تواثر صداه الصحيح عبر الأزمنة، لنجد أفكارا وأفعالا مغلوطة نتيجة لذلك· لتجد بعدها الأطفال والمراهقين يقومون بتصرفات شاذة عن الأمر وربما بتوجه مغلوط من طرف العائلة لنقول في خاتمة أحرفنا في هذه السطور عبارة شاعر وقد أصاب لب الشيء بقول :
إذا كان رب البيت بالطبل ضاربا لا تَلُمن الصبية فيه على الرقص ·

 

نسأل الله تعالى الإبتعاد عن كل خزي و خروج عن الجادة و البقاء على الجادة البيضاء لا يحيد عليها موحد .

مشاركة
تعليقات الزوار ( 0 )

أضف تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية) .