الرئيسية كتاب وآراء يُشاعُ عنِّي أني أكتبُ بقسوة، وبحدَّةٍ، وبغضبٍ في كثيرٍ من الأحيان.. بقلم الأستاذ الخضر الورياشي

يُشاعُ عنِّي أني أكتبُ بقسوة، وبحدَّةٍ، وبغضبٍ في كثيرٍ من الأحيان.. بقلم الأستاذ الخضر الورياشي

كتبه كتب في 21 مارس 2023 - 11:16 م

الأستاذ الخضر الورياشي – جريدة البديل السياسي

يُشاعُ عنِّي أني أكتبُ بقسوة، وبحدَّةٍ، وبغضبٍ في كثيرٍ من الأحيان، حتى أنَّ قارئاً كتبَ تعليقاً إثْرَ نشري لمقالٍ لم أكن فيه قاسياً ولا غاضباً، بل تحدثت فيه عن الكاتب الكبير “عباس محمود العقاد” وخيبته في حُبِّ الفنانة الجميلة “مديحة يسري”، ومع ذلك علَّقَ القارئُ بهذه العبارة: (الآن عرفتُ سرَّ عصبيتك)…!

دهشتُ قليلاً من هذه العبارة، أو قولوا الفكرة، وخمنتُ أن القارئ ربما أسقط تجربة “العقاد” في الحب عليَّ، وتوهَّمَ أني ذقْتُ خيبةً مع حبيبةٍ، فجعلتني عصبياً في نظره!

والحق أنَّ خيبتي ليست مع حبيبة أنثى، ولكن مع واقعنا الفحْلِ الذي يغتصبُ أحلامَنا وأمانينا، ويسلب منا حقوقنا كلَّها.

ولطالما دخلتُ معارك في هذا الفضاء الافتراضي، ولو كان واقعياً لحالَ لونُه الأزرقُ إلى لون أحمر، وسالت فيه دماءٌ إلى الرَّكَبِ، وغالباً ستكون دمائي، فأنا لا أحسن الملاكمة ولا الكاراتيه، وحتى صديقي البطل “رشيد العالم” ليس قريباً مني فأستقوي به، لقد رحل إلى فرنسا، وهو يخوض المعارك هناك ببطولة وانتصارٍ.

وعلى ذكر معاركي، فهي أدبية، وليست جسدية، وآخرها كانت بسبب المغفور له “محمد شكري”، وقد خضْتُها وحدي، ولم ينصرني فيها إلا قليلون، أما الأكثرون فكانوا عليَّ، حتى أني فقدت في هذه المعركة حسابي القديم، وألفيتُ نفسي في بياضٍ، ذلك أنَّ فيلاً أزرق وجَّه لي ضربَةً قاضيةً في الخفاء، وحول صفحتي الزرقاء إلى صفحة بيضاء بسوءٍ!

لم تؤثر فيَّ الضربةُ كما تمنَّى الفيلُ الأزرقُ، ولم أسقطْ كل السقوط، ففي العالم الافتراضي يمكن أن يُبْعثَ الأمواتُ أنفسهم، فما بالكم بالأحياء، وفتحْتُ لنفسي حساباً جديداً، وأنشأتُ صفحة زرقاء أخرى مرة أخرى.. وما زالت محاولات الفيل الأزرق تتواصلُ في الخفاء!

ولا يفوتُني في هذا البَوْحِ أنْ أُحَيِّي صديقي الرائع “علي أزحاف”، وأشهدُ أنه من أحسن الأصدقاء الذين يختلفون معي من حين إلى حينٍ، لكنه لا يسمح للاختلاف أن يفسد ما بيننا منْ وُدٍّ، ذلك أنه من أولائك الذين يؤمنون بالاختلاف، وبالمناقشات الأدبية، ويدخلون المعارك الأدبية بأخلاق النبلاء وليس بأخلاق الخبثاء، وهو يعي تماما أنَّ من مظاهر الحيوية في الحياةِ الأدبية، والحياة الفكرية أيضاً، الحوارُ والصراعُ وتعدد وجهات النظر واختلاف الآراء، وهذه الأمورُ هي التي تساهمُ في تدفق التيارات في الحياة، ولا تجعلُها بركةً آسنةً، وليس أن نصنع حواجز للتيارات، ونمنع المياه أن تجري هنا وهناك، فمثل هذه الحواجز تُسَمِّمُ المياه أكثر مما تُحافظُ على حيويتها، وبالأحرى أن نعمل على تجفيفها وطمْرِها.

“علي أزحاف” يختلف معي من حينٍ إلى حينٍ، لكنه كلما قرَّرَ أن يأتي من العاصمة إلى مدينتنا يتصلُ بي ويسألني ما أحتاجُ إليه من كتبٍ، وأطلبُ منه أنواعاً منها، فيحملُها إليَّ، وهو دائما يحملُ إليَّ كتباً، ولا يحملُ أحقاداً، ويترك خلافاتنا الأدبية في العالم الافتراضي، أما في عالمنا الواقعي فهو صديق.. وصديقٌ محبوب.

مشاركة
تعليقات الزوار ( 0 )

أضف تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية) .