الرئيسية الوقائع و الحوادث توقيف دجال خطير يوهم ضحاياه ببركة الولي الصالح

توقيف دجال خطير يوهم ضحاياه ببركة الولي الصالح

كتبه كتب في 29 أبريل 2019 - 12:34 ص

جريدة البديل السياسي.كوم / بتصرف /

تبت ابتدائية فاس، الاثنين المقبل، في ملف يتابع فيه دجال خمسيني معتقل بسجن بوركايز، بتهم جنحية مختلفة بينها النصب، بعدما أوقف قبل نحو شهرين، من داخل شقة بحي الأدارسة بناء على شكاية إلى النيابة العامة، تقدم بها متزوجان عثرا على تمائم وطلاسم في فراشي نومهما واعترفت زوجتاهما بمصدرها.

المتهم حول الشقة فضاء لاستقبال راغبين في الرقية الشرعية والعلاج من الأمراض النفسية والطامحين للمحبة والحميمية في أسرة باردة، وراكم ثروة هامة، والأمن حجز بحوزته صورا مخطوطة بعبارات غير مفهومة ووثائق تخص ضحايا نصب عليهم، وقنينة غاز مسيل للدموع ومدية ووسائل الدفاع غير الشرعي عن النفس.

عيادة دجال

9 أشخاص 7 منهم نساء، كانوا بصالون شقة مفروشة بحي الأدارسة، ذاك المساء، في انتظار دورهم لدخول غرفة اتخذها قاعة لعلاج الوافدين. إقبال مكثف، على “فقيه” يدعي قدرته الفائقة على علاج كل الأمراض والمشاكل الجنسية والعاطفية، بتمائم وطلاسم فقط، مستغلا جهل زبنائه من مختلف المدن.
جالسا بغرفة مجهزة على شكل مكتب، لاحت صورة هذا الخمسيني ابن أحد مجاط بشيشاوة، الأب لابنين. وأمامه جلست فتاتان إحداهما تلميذة من حي أحداف بأزرو، في انتظار الاستفادة من “بركة” لا وجود لها إلا في مخيلتهما، فيما اصطف خارجا آخرون أغلبهم من فاس، حالمين بعلاج يدعيه هذا الدجال.
شياطينه وعفاريته التي يدعي تسخيرها، لم تخبره بقدوم عناصر الشرطة، فوجد نفسه وجها لوجه أمامهم بعدما حاصروه وصدوا أي محاولة لفراره المستحيل أمام تجمهر شباب غاضب بالباب الخارجي، بعدما ضاقوا ذرعا بتصرفاته وإزعاجه المستمر للجيران بعد أن حول الشقة إلى فضاء حاضن لكل الموبقات.

محجوزات كثيرة

23 صورة فوتوغرافية لأشخاص مجهولين، مكتوبة عليها عبارات، وملفات بها صور أخرى وتمائم وسير ذاتية بأسماء معينة وطلبات عمل وشهادات مختلفة ورسم طوبوغرافي وبحث صحي واستدعاء لحضور مباراة عمداء الشرطة. بعض من عدة محجوزات وضعت الشرطة يدها عليها أثناء مداهمة هذه الشقة المشبوهة.
وحجزت عناصر الشرطة 5 أوراق مكتوب عليها عبارات غير مفهومة، وقلم قصبي حبري وآخر عاد وقنينة حبر حاوية صمغا، وعلبة بها أعشاب يابسة وكمية من الملح الخشن وأدوات مستعملة في إنجاز تمائم تساوي غاليا لزبناء يغرر بهم وهرولوا إلى حيث يوجد، بعد سماعهم الكثير عن بركاته يروج لها بوسائله الخاصة.
ولم يقتصر الأمر على تلك المحجوزات التي احتفظ بها لفائدة البحث، بل وضعت يدها بعد تفتيشه الوقائي على قنينة غاز مسيل للدموع، ادعى استعمالها للدفاع عن نفسه، من أي هجوم محتمل لأزواج زبوناته، كما مدية من الحجم المتوسط عليها آثار سائل أحمر ومخبأة في غشاء خشبي، قال إنها وسيلة لاتقاء شر الغير.

بيع الوهم

28 سنة قضاها هذا الدجال في النصب على زبنائه منذ استقر بفاس، قبل أن يسقط في قبضة الأمن. بدأ بمحل اكتراه بباب الكيسة بالمدينة القديمة، قبل أن يوسع نشاطه بعد شرائه الشقة المعتقل من داخلها، بنحو 32 مليون سنتيم، التي حولها إلى فضاء لاستقبال زبنائه طيلة 12 ساعة بدءا من التاسعة صباحا.
مدخوله الكبير الذي يصل أحيانا إلى 700 درهم يوميا، حفزه على مواصلة “حرفة” كسب منها كثيرا، بعدما اكتسب شهرة وإيهام الناس بنفوذه على الجن وعلاقاته الوطيدة بنافذين، لتسهيل الإيقاع براغبين في الحصول على عمل ووظائف أو الطامحين في جلب المحبة أو الزواج بعد عنوسة طويلة، وحتى المرضى نفسيا.
جميع الكتابات التي يخطها فوق أوراق يناولها زبناءه، لا معنى لها، إنما هي وسيلة للنصب عليهم نظير أموال متفاوتة، مستغلا جهلهم وسذاجتهم وإيمانهم بخرافات وأوهام عادة ما لا تتحقق، لكنه يجيد طريقة الإقناع كلما عاتبه زبون على فشل “بركته” في تذويب مشاكله، إلا ما قد يقع من صدف غريبة ومفاجآت.

غضب زوجين

ما كان لهذا الدجال أن يسقط في قبضة الأمن، لولا غضب زوجين اشتكياه إلى النيابة العامة بابتدائية فاس، بعد أن عثرا على طلاسم بمنزليهما. أحدهما ذكر خطيبته ضمن المنصوب عليهم، بعدما وجد أشياء غريبة مرمية في باب منزله، ملتمسا التحقيق في “الأعمال الشيطانية لهذا الدجال الذي كان يمارس عمله بحي العشابين”. الخطيب اكتشف أيضا طلاسم بالأفرشة، قبل اعتراف خطيبته بوضعها لزرع المحبة بينهما وتسهيل زواجهما وإزالة “العكس” من طريقهما. هذه الحقيقة دفعته إلى البحث عن مصدر ذلك، ليكتشف حقائق صادمة لما زار الشقة المشبوهة، تزامنا مع انتظار عدة نساء دورهن للدخول إلى غرفته، قبل لجوئه إلى النيابة العامة.
الأمر نفسه وقع للمشتكي الثاني، فيما لم يتذكر المتهم ما إذا كانت زوجتاهما زارتاه لمساعدتهما في جلب المحبة التي كانت سببا في زيارة نسبة كبيرة من الفتيات والنساء اللائي أوقفن من داخل الشقة تزامنا مع مداهمتها من قبل الأمن بناء على أوامر قضائية، قبل وضع الجميع رهن الحراسة النظرية وإحالتهم على المحكمة.

علل وأمراض

أغلب الموقوفات بتلك الشقة المشبوهة، راغبات في الرقية الشرعية، ممن سمعن ب”فتوحاته” في هذا المجال من زميلات جربن “بركته” وتهيأ لهن العلاج مما يعانينه من أمراض نفسية وعصبية، ومنهن أجيرة بإيطاليا ترددت عليه في دجنبر الماضي وتزودت منه ببعض “الحجابات”، وكانت من بين الموقوفين في مارس.
كان المتهم بصدد تلاوة تعاويذ على ماء كان مفترضا أن يزود به هذه المهاجرة القاطنة بأزرو، لاستعماله في الاستحمام وعلاجها من مرضها النفسي، لما داهمت عناصر الشرطة، المنزل، بعدما أكرمته ب50 درهما وقميص صيفي وصابون، عقب زيارتها الأولى، كما زوجة من ظهر الخميس بالمرينيين، زارته للسبب نفسه.
في تلك الزيارة الثالثة لها لشقة هذا المشعوذ، كانت هذه المرأة مرفوقة بزوجها الذي برر تردده عليه بمرضها واستحالة نومها لكوابيس أثرت على صحتها الجسدية والنفسية، بعد أن رافق ابنه مرتين للسبب نفسه، كما امرأة أرشدتها زميلتها إليه بعدما التقتها صدفة في سوق بحي زواغة، طمعت في ماء “الفقيه” علاجا.

لكن هذا العلاج تأخر لها ولغيرها بعدما وجدوا أنفسهم في قبضة عناصر أمنية باغتتهم أثناء انتظارهم دورهم للدخول، قبل اقتيادهم إلى ولاية الأمن للتحقيق معهم، على إيقاع هتاف واحتجاج أبناء الحي الذين تناقلوا عملية الإيقاف في أشرطة فيديو وثقت للحظة إيقاف دجال كان مصدر إزعاج يومي لهم.

مشاركة
تعليقات الزوار ( 0 )

أضف تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية) .