الرئيسية كتاب وآراء بمناسبة اليوم العالمي للمسرح بقلم ذ.محمادي راسي/

بمناسبة اليوم العالمي للمسرح بقلم ذ.محمادي راسي/

كتبه كتب في 11 أبريل 2019 - 11:02 م

 

جريدة البديل السياسي.كوم /               من الأرشيف / بمناسبة اليوم العالمي للمسرح بقلم ذ.محمادي راسي/

 

 

المسرح فناء الدار، المسرح: المرعى، المكان الذي تمثل فيه رواية شعرية أو نثرية باللاتينية THEATRUM، وتعني الكلمة المكان المخصص للألعاب والملاهي العامة، مكان ينظر إليه جميع المتفرجين، مكان للعمليات العسكرية.

المسرح تاريخ وتراث وديوان البشرية، هناك حفريات كشفت عن كثير من دور المسرح والنصوص المسرحية، وعثر على تفاصيل العرض المسرحي مسجلة في التصاوير الحائطية وفي النقوش وأعمال النحت.

إذا فالمسرح قديم قدم الإنسان، والشعر أبو المسرح والمسرح أبو الفنون، والشعر يرقص والنثر يمشي ، والمسرح جمع بين الاثنين، الرقص والمشي وزاد عليهما الحركة، والجمهور بلا مسرح مأساة ،ومسرح بلا جمهور مهزلة ،وهو يعتمد على الممثل والمؤلف والمخرج والجمهور، في القديم كان هو الوسيلة الوحيدة للتعبير والتسلية والترفيه والتطهير… وهو أقدم الفنون ،هيمنت عليه الكلاسيكية لأنها أقدم المذاهب الفنية ،إلا أنه ظهرت تيارات ومذاهب ومدارس فنية وأدبية جديدة ،فأخذ يتطور تدريجيا ، وقيل إن  القرن الخامس قبل لميلاد هو العصر الذهبي للمسرح اليوناني ،فكان هناك بعض المؤلفين لهم مسرحيات والبعض منها اندثرت ؛كسوفوكليس ويوربيديس واريسطوفانيس وغيرهم.

إن الحديث عن المسرح طويل وعريض ،غائر وعميق ،والغوص فيه أمر صعب عص، لا تعرف من أين تبدأ وأنت تدرسه ومتى ستنتهي ؟؟ ،نظرا لقدمه وعدم معرفة جذوره وقواعده ،لأن ما كان شفويا اندثر ،ويضاف إلى ذلك ضخامة تراثه ،لا يمكن الإحاطة به ، لأن ما نقرأه اليوم هو غيض من فيض ،لعدم الإلمام باللغة  اللاتينية والإغريقية.

وقد عرف أرسطو المسرحية بقوله: المسرحية قصة ممسرحة ذات هدف ،أي القصة التي تهدف إلى تقديم الحدث عن طريق الحركة في شكل فني خالص ،يخرج منه القارئ أو المتفرج وفي نفسه شيء ما هو ما رمى إليه كاتب المسرحية.

والمسرحية نشأت في اليونان نظرا لروح الديمقراطية واهتمام الدولة بالفكر، وأرسطو هو الذي قسم أنواع المسرحيات إلى قسمين ؛ملهاة ومأساة ،كما اشترط في المسرحية المأساة الوحدة العضوية: وحدة الموضوع أي أن يشتمل الفعل على بداية ووسط ونهاية إلى جانب وحدة الزمان والمكان ،والزمان يجب أن يكون محصورا في أربع وعشرين ساعة ،ووحدة المكان في مدينة واحدة، وهذه الوحدات الثلاث ؛التزمت بها المدرسة الكلاسيكية كما التزمت شرطا رابعا هو ما يسمى بفصل الأنواع ،ونظرا لتطور المذاهب الأدبية وخضوعها لفلسفات معينة ظهر لون آخر يسمى بالدراما.

إن الثورة على المسرح جاءت على يد الرومانسيين ،وخير من يمثل هذه الثورة ؛مسرحية كرومويل لفكتور هيجو الذي قام بترجمة بعض مسرحيات شكسبير. كما ثار الرومانسيون على الشرط الرابع وهو فصل الأنواع ، ولكنها حافظت على الفصل بين التراجيديا والكوميديا ،ومع شيوع الأنظمة الاشتراكية ظهر نوع جديد من المسرح يسمى الدراما الحديثة.

أما المسرح عند العرب فلم يعرفوه عن طريق الأدب الفصيح ، وإنما عن طريق الأدب الشعبي كخيال الظل ،وبعد حملة نابليون عرف العرب المسرح ،وقد بدأ بالترجمة على يد مارون النقاش /جورج أبيض / يوسف وهبي وغيرهم، وأول إنتاج عربي تمثيلي كان شعرا على يد أحمد شوقي وجاء بعده الفريد فرج/ محمود تيمور/ وتوفيق الحكيم الذي اشتهر ببعض مسرحياته كالمسرح الذهني واللامعقول ،كما أن شوقي كتب مسرحية نثرية: أميرة الأندلس، وختم نشاطه باللهجة العامية: الست هدى، وقد انقسم الباحثون في قضية الفصحى والعامية في الفنون الأدبية كالمسرح والرواية والقصة.

وفي المغرب يرى بعض الباحثين أن المسرح المغربي عرف منذ القديم ،وفريق آخر لم يبدأ إلا بعد مجيء الفرقة الشرقية التي زارت المغرب في بداية القرن الماضي، وفريق ثالث: إن المسرح المغربي لا يعتبر مسرحا مغربيا إلا في سنة 1958 ، وبعض الباحثين المغاربة يرى البداية في 1947 وآخرون يرجعون البداية إلى سنة 1912 خاصة حين دشن مسرح سرفانتيس بطنجة…..آراء مختلفة حول بداية  المسرح في المغرب والسبب غياب التدوين والاهتمام ….؟؟.

والمسرح أنواع، مسرح الحلقة، البساط، سلطان الطلبة، سيد الكتفي، المولودية، عريفات، إزلان… المسرح الدائري التقليدي، مسرح الشارع، المسرح السياسي الاجتماعي، المسرح الذهني، مسرح اللامعقول، مسرح الصغار…

وبمناسبة اليوم العالمي للمسرح ، يجدر بنا جميعا أن ننوه ونفتخر بالممثلين والمخرجين والمؤلفين المسرحيين المغاربة طرا  دون استثناء ، فقد افنوا عمرهم وزهرة شبابهم في خدمة المسرح والجمهور، من أجل تسليته وإسعاده وتشخيص همومه اليومية ومشاكله الاجتماعية والاقتصادية والعاطفية والسياسية ،وقد عانوا العنت منذ عهد الحماية من أجل حركة مسرحية مغربية ، واستطاعوا الصمود والسير قدما في ميدان المسرح والرقي به من المسرح التقليدي والفرجة إلى المسرح الحديث ،وفق متطلبات الحداثة المسرحية ،ويجب تكريمهم وتحسين وضعيتهم المادية ،لأن البعض منهم يعاني من العوز والفاقة ،وكذلك بعض الرياضيين الذين كانوا نجوما في مختلف الرياضات، ومن بعض المسرحيات التي قدمت في عهد الحماية: بالعلم ينتهي الفساد، أين الإحسان، في سبيل المجد والرشد بعد الغي، وفي عهد الاستقلال: الأكباش يتمرنون، عمي الزلط، التبعبيعة، الدجاجة…، وهناك بعض المسرحيات المنثورة أو المكتوبة بالفصحى: مأساة المعتمد، نار تحت الجلد، الكأس الأخيرة، موت اسمه التمرد.. وهناك دراسات في المسرح المغربي لكتاب مرموقين، كقضايا المسرح المغربي لعبد الرحمان زيدان، المسرح المغربي لمحمد أديب السلاوي، أبحاث في المسرح المغربي للدكتور حسن المنيعي …الخ

وبعد؛ هذه إشارة وجيزة ، ولمحة قصيرة عن المسرح بمناسبة يومه  العالمي ،وقد عالج قضايا إنسانية كبرى ؛من ملاحم وأساطير، والصراع وهو أصل المفهوم عند اليونان، يتجلى في ثلاثة أشكال ؛الصراع العمودي، الصراع الأفقي، والصراع الديناميكي، والحب والزمان والمكان وغموض الكون ،وسر الأشياء وقضايا سياسية ووطنية واجتماعية ،وأحداث وكل ما يتصل بالإنسان ومحيطه… وهو أبو الفنون قديما إلا أنه اليوم يشيخ ويعرف تقهقرا إنتاجا ومشاهدة ، نظرا لظهور السينما وغيرها ،لكن يظل المسرح أفضل من السينما ،لأننا نشاهد الممثلين وهم أمامنا بجسومهم مباشرة ،ونسمع أصواتهم ونتأثر أكثر ، بينما السينما نرى صورا فقط ، وما تحطيم الجدار الرابع في المسرح إلا لمشاركة واحتكاك الممثلين بالمتفرجين ، ولا ننسى مسرح الطفل، ولا يمكن فصله عن مسرح الكبار ،لأنهما يسيران في اتجاه واحد وهو خدمة الثقافة والإنسان، وعلى المهتمين بالمسرح والمربين أن يشجعوا الأطفال على مشاهدة المسرح والقيام بالتمثيل ،لأن فيه يملكون الشجاعة الأدبية ،ومواجهة الجمهور ،وطلاقة اللسان والفصاحة بواسطة الحوار والتدريب على الارتجال ، كما يجب زرع المسرح في المدرسة ،وإنشاء المعاهد التعليمية المسرحية ،لأن أغلب كليات الآداب في الجامعات الأمريكية ،تشتمل على قسم للدراما أو المسرح أو الآداب الدرامية ،والجامعيون المتخرجون منها يذهبون للتدريس لينشروا بين تلامذتهم حب المسرح وسحره، لأن بعض المدارس كانت تمنع المسرح كما في مسرحية الراهب المتنكر ؛ لكاتب متنكر تمتاز بالتكامل الفني ،وكانت بداية وصدى لحركة جورج أبيض في المسرح ،يقول الناقد محمود مندور: … وكان من أنجح التمثيليات التي قدمتها فيما تقول جريدة الأهرام المصرية رواية الراهب المتنكر ، لكاتب متنكر عرضت على مسرح الأوبرا ثلاث مرات في عام 1916 ،وكان كاتبها المتنكر هو أمين الخولي ،أول شيخ من علماء الدين الذي كان عندئذ تلميذا بمدرسة القضاء الشرعي ،ولم تكن المدرسة تسمح لطلابها بان يكتبوا للمسرح.

ومما يندى له الجبين أن مدينتنا بني أنصار ؛لا نرى مرفقا فنيا يدفع شبابنا إلى الإبداع والابتكار، ليتشبع أطفالنا وشبابنا بروح الذوق الفني والجمالي ،وتنمية قدراتهم العقلية ومواهبهم الفنية ،وتربية جسومهم لتكون سليمة في عقول سليمة.

وأخيرا يعتبر المسرح فنا صعبا ، فالمسرح الذهني يكتب للقراءة لا للتمثيل ،رغم وجود الحركة إلا أنها حركة عقلية ،والمسرح صعب لأنه محدود بزمن العرض ،وبمكان ضيق هو الخشبة ،ويعتمد على عدد محدود من الفصول من ثلاثة إلى خمسة… ثم لا بد من الجمهور، فإذا انعدم الجمهور فلمن ستعرض المسرحية…؟؟

وفي هذا الشهر نظم أسبوع الفرانكفونية بالمغرب ،واشتمل برنامج الأسبوع الفرانكفوني على تظاهرة أدبية تحت عنوان ؛الفرنسية في جميع أشكالها "نظمها المعهد الفرنسي بالرباط ، إذ ركزت على الكتابة المسرحية المعاصرة بالنسبة إلى التلاميذ والطلبة المغاربة ،وفي هذا تشجيع للفن المسرحي.

وترسيخا للثقافة المسرحية والاهتمام بالمسرح، نظم أيضا الملتقى الأول للمسرح بفاس في هذا الشهر، وأقيمت مائدة مستديرة حول: المسرح المغربي بين النص والعرض ،بالمقهى الأدبي التابع للمركب الثقافي للمدينة.

ونود من المعهد الثقافي للأمازيغية ومن الباحثين الدارسين الاهتمام بالتراث الأمازيغي بجميع فنونه ،والعمل على جمعه وتوثيقه وتسجيله بالإذاعات والقنوات الوطنية وبالخصوص القناة الأمازيغية. لأن هذا المسرح لا نعرف عليه كثيرا ،إلا ما يقال عن الريف بأن مسرحه كان احتفاليا وموسميا ؛كثاسريث انوانزار/ العنصرة/ أسموم أضير/  نونجا وثامزا/ نونجا وعكشا/ مارغيغذا/ بركشوط/ أقلوز/ باشيخ / ، ثم كان هناك حكايات وخرافات ،وخصوصا التي تحكيها النساء والجدات، ويقول فون ديرلاين: إن الحكاية الخرافية ترجع بنا إلى عصور تسبق كل تاريخ مدون.

إن الحكايات الشعبية احتفظت بنماذج هائلة من معتقدات الإنسان قبل أن تظهر الديانة السماوية، وقد فطن إلى ذلك علماء الأنتربولوجيا وأولوها عناية فائقة، وقد استقرأوا من خلالها كثيرا من الدقائق في العادات والنظم الاجتماعية التي كانت سائدة في المراحل الأولى للبشرية  ، فمن بعض الحكايات استطاعوا أن يستدلوا على وجود نظام الزواج الاغترابي exogamy والأقاريبي endogamy ،وآثار الديانة الطوطمية وقواعد الإرث، ويوجد معتقد بدائي ساذج هو أن قوة الإنسان وقدرته على الحركة والحرية تكمن في شعره، وأقدم نص ديني مدون يذكر هذه العقيدة قصة "شمشون "التي وردت في التوراة ،وثمة أفلام حول شمشون ودليلة .ومسرحيات كمسرحية ّشمشون الجبار" ….

وفي الأطلس هناك أيضا بالنسبة للمسرح الاحتفالي: المواسم والأعياد الدينية، "إزلان " ؛ قطعة درامية تعود أصولها إلى العهد الروماني ،يختلط فيها الشعر بالرقص والموسيقى، وهذه الحفلات تقام في فصل الربيع، "تكمذيازن" ينتمون إلى الأطلس ، يقيمون حفلات غنائية وتمثيلية والرقص.

إن التراث الأمازيغي غني وزاخر، ولكنه ضاع منه الشيء الكثير، لأنه شفوي ويتغير من راو إلى آخر ،ونرجو من الباحثين البحث عن جذوره وقواعده وأسس بنيته لأن الأمازيغ لهم تاريخ قديم عريق مجيد .

مشاركة
تعليقات الزوار ( 0 )

أضف تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية) .