الرئيسية كتاب وآراء بمناسبــة يــــوم الأرض بقلم: ذ. محمادي راسي

بمناسبــة يــــوم الأرض بقلم: ذ. محمادي راسي

كتبه كتب في 5 أبريل 2019 - 1:27 ص

 

جريدة البديل السياسي.كوم /                     بمناسبــة يــــوم الأرض/

بقلم: ذ. محمادي راسي:

 

من الأرشيف:

"""""""""""" تـــــوطــــئة:

&&&&&

لا براح أن الحديث عن الأرض شأن صعب المراس ،لا يمكن الإحاطة بعظمتها وما في جوفها، وهي تدور ولا نحس بها ، ولا نرى دورانها ولا كيف تسبح في الفضاء ، وشكلها نراه في الخرائط ، وتعرفنا عنه أكثر بالصورة التي التقطها نايل ارمسترونغ وهو في القمر،  وقد تعجب واندهش حينما رأى الأرض ، فأشاد بعظمة الله وقال :أومن بالله ولعل هذا هو بيت القصيد ، وواسطة العقد ، ونتاج البحث الذي توصل إليه الإنسان ــ لأن لا حياة في القمرــ فكان كالذي ينحت من صخر ويستنبط الماء منه ،أو، كما قال الشاعر ؛"كناطح صخرة  يوما ليوهنها /// / فلم يضرها ، وأوهى قرنه الوعل "، على العلماء أن يبحثوا في الأرض وما في جوفها وأعماق البحار والمحيطات وما في قعورها ، والعمل على القضاء على الثالوث الخطير؛ الفقر والجهل والمرض، وأن يعمل القادة على نشر الحرية والسلم والعدل والتسامح ، لا بإشعال فتيل الحروب التي تعمل على تدمير النساء والشيوخ والأطفال الأبرياء ، وبالتالي تدمير طبيعة الأرض فتصبح قاحلة،  ففي هذا حرب اقتصادية ثانية ثم تنتشر الأوبئة وهي حرب ثالثة ، لذا فإن أنصار منظمة السلام الأخضر يدافعون عن الطبيعة ،لأنهم يعرفون قيمتها وفعاليتها في حياة الإنسان والكائنات الأخرى .

&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&

مادام الحديث عن يوم الأرض،  يليق بنا قدر المستطاع أن نورد بعض المعلومات عن كوكبنا الذي نعيش فيه لأننا نجهل الكثير عنه:

رأى القدماء أن مركز الكون هو الأرض ، وظنوا الشمس كوكبا، والعالم كوبيرنيك جعل الشمس مركز الكون ،تدور حولها الكواكب الأخرى ومن بينها الأرض ،والقمر تابع لها ويدور حولها،  الشاعر عمر الخيام خال زحل الحد الأقصى للكون، وأبو العلاء المعري جعل زحل أبعد الكواكب في إحدى مرثياته المشهورة.

وأحمد زكي رحمه الله صاحب مجلة العربي عميدها ورئيسها ، كان له ركن خاص به بعنوان ؛"مع الله في الأرض "،  يتحدث فيه عن أصناف المخلوقات ووظائفها ودورها ، وأعلى المقال دائما يحمل مقولة: وحدة الله تتراءى في وحدة خلقه وقدرة الله تتراءى في بديع صنعه، قال رحمه الله في إحدى مقالاته: < الناس تحيا ثم تموت ،والحيوان يحيا ثم يموت ، وحتى النبات يحيا ثم يموت والموت فناء، والموت لسطح الأرض فراغ والفراغ خراب ويباب، وما يشاء رب الكون أن يكون لسطح الأرض خراب ويباب. إذن لابد من ذاهب عن الأرض أن يترك عليها نسخة منه لتمتلئ الأرض>.

وفي منجد اللغة ؛ أرض أرضا وأرض أراضة المكان كثر عشبه وازدهى،  استأرض السحاب ثبت وانبسط ودنا من الأرض، الأرض جمع أرضون وأروض وأراض وآراض: الكرة السيارة التي نحن عليها، والبرضة أرض لا ينبت فيها الشجر.

وهناك الأرض الجديدة: هي جزيرة كبيرة في أمريكا الشمالية. وأرض النار: هي مجموعة من الجزر تقع جنوبي أمريكا الجنوبية، كانت تعرف باسم أرخبيل ماجلان.

وللأرض أسماء كثيرة من حيث الاستواء والبعد والصلابة والحزونة والارتفاع. إن ما ارتفع من الأرض يسمى النبكة إلى القهب وهو الجبل العظيم مع الطول ثم الخشام.

قال تعالي: <له ما في السموات وما في الأرض وما بينهما وما تحت الثرى> طه آية 5.

وما بينهما أي من المخلوقات وما تحت الثرى: التراب الندي والمراد الأرضون السبع لأنها تحته.

الأرض هو الكوكب الثالث المهم في المجموعة الشمسية ،وهي مجرة "غلاكسي" التي نحن فيها، وفيها شمسنا وأرضنا. وهي أربع كرات؛ قشرة خارجية بسمك 48 كلم ، ثم معطف واق صلب بقطر 2300كلم ، ثم لب سائل يدور حول لب صلب. وتقدر حياة الأرض بأربعة بلايين من السنين، والله أعلم. تدور حول نفسها فينتج الليل والنهار، وحول الشمس فتحدث الفصول الأربعة ؛سببها هو ميل محور الأرض عن الوضع العمودي أمام الشمس بزاوية 23.5 من الدرجات ،وتدور حول الشمس بسرعة 19 ميلا في الثانية ،وفي فلك يقدر طوله بحوالي 580 مليون ميل بسرعة معدلها 66 ألف ميل في الساعة، وبعدها عن الشمس يقدر ب 155 مليون كلم.

المساحة اليابسة 57 مليون و656 ألف ميل مربع والمائية 139 مليون و294 ألف ميل مربع والمجموع 196مليون و950 ألف ميل مربع.

إن الأرض عجيبة بتضاريسها من وهاد ونجاد ،وبحارها ومحيطاتها وكيفية تماسكها ومناخها من حار إلى قار إلى معتدل ، وما فيها من مخلوقات بشرية وحيوانية، من حشرات ودواب وحيتان،  وحتى الفلاسفة فكروا في أصل الكون ـ وأرجعوه إلى التراب وآخرون قالوا الماء، الهواء والنار. كما حار الفلكيون والفيزيائيون في كيفية خلق الأرض وهي تسبح في فضاء شاسع ،وتدور ونحن لا نشعر بها، والجيولوجيون قالوا بأن الأرض كانت عبارة عن قطعة ملتهبة ، انفصلت عن الشمس ثم سارت تدور وتدور في السماء الى أن أخذت شكلها الكروي ، ويستدلون على ذلك وجود البراكين التي تخرج الحمم وتبقى هذه مجرد آراء وتخمينات، وكوبرنيك برهن على دوران الكرة الأرضية على ذاتها وحول الشمس ،وغاليليو قال بدوران الأرض حول الشمس ، كما ناقش الفلكيون أيضا هل الأرض كروية أم مسطحة؟ ولكن شكل الأرض تعرفنا عنه أكثر عندما وصل الإنسان إلى القمر،  وللأنهار دور مهم في نقل مياه الأمطار إلى البحار ،ولولاها لحدث الطوفان بسبب الفيضان ، والبحار أيضا عبارة عن خزان لمياه الأمطار التي تنقلها الأنهار.

إن العلماء ذهبوا مذاهب  وتفرقوا شذر مذر وشغر بغر ، وقدروا تقديرات فعجزوا عن فهم الكون وأصله وبدايته ، لأن علم الله قوي (وما أوتيتم من العلم إلا قليلا) ، لذا فمن الأفضل أن يقال للإنسان العالم، عارف، لأن العلم من صفات الله تعالى ، والمعرفة صفة في الإنسان ، قال تعالى: (منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى) طه آية 54. منها أي الأرض وخلقنا أباكم آدم ،ونعيدكم مقبورين بعد الموت ، وسنخرجكم عند البعث مرة أخرى كما أخرجناكم عند ابتداء خلقكم. وقوله: (بديع السماوات والأرض) البقرة أية 116 أي مبدع وموجد وخالق السموات والأرض لا على مثال سبق والبديع من أسماء الله الحسنى.

وهناك آيات تدعو الإنسان إلى تدبر الكون والأرض وما خلقه الله قوله: (أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت وإلى السماء كيف رفعت وإلى الجبال كيف نصبت وإلى الأرض كيف سطحت) الغاشية آيات 17 18 19. وقوله أيضا: (يوم ترجف الأرض والجبال وكانت الجبال كثيبا مهيلا) المزمل أية 13، يوم تزلزل الأرض وتصبح الجبال رملا مجتمعا سائلا بعد اجتماعه ، وقوله أيضا: (إذا زلزلت الأرض زلزالها وأخرجت الأرض أثقالها) الزلزلة آية 1 2 أي أخرجت كنوزها وموتاها وألقتها على ظهرها ،ناهيك عن هيجان البحر وحدوث الزلازل فيه كالتسونامي الذي حدث أخيرا في اليابان وغيره سابقا ،وفي 24/3/2011 وقع زلزال بعد تسونامي اليابان في برمانيا وتايلانديا.

إن القران الكريم معجزة  بلغته وعلمه وبلاغته ببيانها وبديعها ،وإنه جامع مانع صالح لكل زمان ومكان قوله تعالى: (إني أعلم ما لا تعلمون) البقرة أية 29، وقوله: (ألم اقل لكم إني أعلم غيب السموات والأرض) البقرة اية32، وفعلا إن الإنسان لا علم له بالغيب ، ولا يستطيع مقاومة الزلازل، وقال الشاعر الجاهلي القديم الحكيم  زهير بن أبي سلمى في حكمه:

وأعلم ما في اليوم والأمس قبله ====== ولكنني عن علم ما في غد عم .

وسورة "يس"  تتحدث عن الأرض والشمس والقمر والليل والنهار وما أنزل الله من السماء من ماء فأحيا به الأرض وبث فيها من كل دابة وتصريف الرياح وهي لواقح والسحب واختلاف الليل والنهار بالذهاب والمجيء  والزيادة والنقصان… كل ما ذكره الله يدفعنا الى التفكير والتأمل فيه.

وقد ذهب بعض المنجمين والفلكيين إلى نهاية العالم ،وقدره البعض في 21/12/2012 م ، ويرى البعض أن صخرة كبيرة ستصطدم بالأرض في ابريل من سنة 2036 م، كما قال منجم سابقا بأن في سنة 1990 م سيصطدم كوكب مع الأرض ، ولكن العلماء حسب رأيه ، سيعملون على تشتيته بواسطة الذرة ، وأن أجزاء منه ستقع في المحيط الهادئ، ولكن لم يحصل شيء من ذلك، وهناك من يقول بانقلاب مغناطيسية الأرض… فهذه تخمينات وافتراضات وتوقعات عابرة واهية، لأن الآيات التي ذكرتها سابقا دليل قاطع على أن الإنسان لا علم له بالغيب ، والله وحده هو الذي يعلم غيب السموات والأرض ، وعلمه واسع أما معرفة الإنسان فهي موهونة وضيقة الأفق.

إن السور القرآنية حافلة بذكر الأرض وهي أمنا كما نقول جميعا ، وفي الأسطورة: الأرض رمز للأمومة ، فهي فراش وبساط لنا ، والسماء بناء وسقف محفوظ ، ومناخها هو الذي يساعدنا على العيش فيها وهو مرتبط بالحضارة ، لأنه يساعد على إنشاء البوادي والمدن وغيرها من المؤسسات،  إنها أي الأرض ؛مصدر رزق وخيرات للعمال والفلاحين، وإلهام للكتاب والشعراء والأدباء ،واختراع للعلماء ، وتأمل للفلكيين والمفكرين، فالسيارة مصنوعة من حديد ، والحديد من المعادن ، والمعادن موجودة في الأرض، كما أن طبيعتها دفعت الإنسان الى الاختراع، والحاجة أم الاختراع، فالبرد دفع الإنسان الى صنع الألبسة والاختباء في الكهوف وقت الأمطار، لأنها لا تكلف شيئا ،وأقل تكلفة من بناء الكوخ وقتا وجهدا ، وكما اعتمد على الدواب في نقل أمتعته وقت الترحال.

إننا لا نقدر الأرض نلوثها بالتجاريب الكيميائية والنووية ، نملأها بالأزبال والقاذورات ، ندمرها بالحروب ؛ لا نحترم أشجارها ونباتاتها رغم أننا نقتات منها ،ونصنع الأدوية من أعشابها ، وخلقنا فيها وسنعود إليها. إن للأرض صدرا رحبا تستر جثثنا وعيوبنا. إن غريزة حب التملك هي التي دفعت بالإنسان إلى حب تملك الأرض وغيرها ،وهذه الغريزة هي التي دفعت بالشعوب إلى تكوين دول ، ورسم حدود إقليمية وسياسية، لقد أقيمت المدن والبوادي ، وتمت السيطرة على الأراضي الفلاحية الخصبة والتي فيها كنوز ومعادن ونفط… والبابليون هم أول من عرف الخرائط الكاداسترالية وذلك لتثبيت حدود الأراضي الزراعية والملكيات الخاصة والعامة.

وفي الختام ؛إن الشعراء الفلسطينيين قصائدهم الشعرية حافلة بذكر أرضهم فلسطين المغتصبة  والتغني بها والحنين إليها ، وفي هذا اليوم يوم الأرض يتذكرون ذلك الوعد الغاشم ،والحيف والظلم والعدوان من طرف الصهاينة الذين لا يريدون إلا الحروب ، وتشريد الفلسطينيين وإبعادهم عن وطنهم وأرضهم، قال تعالى ( ولا تعثوا في الأرض مفسدين) البقرة أية 59، بغض النظر عن اليوم العالمي للمحافظة على التراث الفلسطيني ، واليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني لنصرة الدفاع عن القضية الفلسطينية.

ونحن بدورنا كمغاربة ؛أن نحافظ على أرضنا وهي وطننا المغرب الذي يجمعنا ، وهو من المقدسات العظمى بعد الدين. والإنسان لا يمكن أن ينسى وطنه الذي ولد فيه ، وأكل من خيراته ، وعاش فيه  مع أسرته الصغيرة والكبيرة ، واستظل بأشجاره الفواحة ، وجال في ربوعه المعطاء الفيحاء. إن الأفراد على اختلاف أمصارهم يغارون على وطنهم ، ولا يرضون أن يمس بسوء ، والأدب العربي حافل بذكر الوطن والتغني به قال ابن الرومي:

ولي وطن آليت ألا أبيعه ====== وألا أرى غيري له الدهر مالكا

وبني أنصار هي جزء من وطننا المغرب الذي ينتمي إلى كوكبنا الأرض ، علينا أن نحافظ على فضائها الأخضر ونحن في فصل الربيع الذي تغنى به  كبار الشعراء، كأبي تمام القائل:

يا صاحبي تقصيا نظريكما ====== تريا وجوه الأرض كيف تصور

والبحتري القائل:

أتاك الربيع الطلق يختال ضاحكا ====== من الحسن حتى كاد أن يتكلما

كما علينا أن نحترم الرصيف الذي نمشي فيه ، والحديقة التي نجلس فيها ، والحي الذي نسكنه ، وعلى الجمعيات المدنية توعية المجتمع المدني،  بالقيام بحملات تحسيسية من أجل تربية الناشئة على التشبث بروح النظافة والقيم الأخلاقية والمحافظة على البيئة ، واحترام الأماكن العمومية والممتلكات وحب الوطن، وحب الأوطان من الإيمان، ولا بد من توجيه الشكر الجزيل للمشاركين أفرادا وجمعيات قاطبة في حملة تنظيف مقبرة سيدي يحيى جزاهم الله خير جزاء.

وما تخصيص يوم الأرض إلا تنبيه وتذكير بدورها في حياة الإنسان ، والدول اليوم تهتم أكثر بها ، فقد خصصت أياما عالمية لما هو تابع لها ؛ كالماء والغابة والملاحة الكونية ، والمحافظة على البيئة وطبقة الأزون والأرصاد الجوية وأسبوع البحر… وفي كوبنهاغن عاصمة الدانمرك أقيم مؤتمر عالمي حمل اسم "الأرض" ، استمرت أشغاله بضعة أسابيع ، للنظر ومناقشة وضعية الأرض،  وما قد يعتريها من تقلبات مناخية كالحرارة والبرودة ، والقيام بدراسات مستقبلية لأجل حمايتها من الأخطار، فالوقاية خير من العلاج.

مشاركة
تعليقات الزوار ( 0 )

أضف تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية) .