الرئيسية البديل الوطني مسرحية “سوق لكلام” قراءة أولية عبد الرزاق بنعيسى يهدم قواعد المسرح التقليدي عبد المجيد طعام .

مسرحية “سوق لكلام” قراءة أولية عبد الرزاق بنعيسى يهدم قواعد المسرح التقليدي عبد المجيد طعام .

كتبه كتب في 14 يونيو 2024 - 8:10 م

جريدة البديل السياسي 

مسرحية “سوق لكلام” /

قراءة أولية عبد الرزاق بنعيسى يهدم قواعد المسرح التقليدي عبد المجيد طعام .

كان لجمهور مدينة وجدة موعد مع مسرحية ” سوق لكلام ” يوم الأربعاء 12 يونيو 2024 بالنسيج الجمعوي ، للفنان المسرحي السي عبد الرزاق بنعيسى. كعادته يبهرنا السي عبد الرزاق برؤية فنية ، تروم الابداع والخلق والتجديد ، والخروج عن المألوف والتمرد على القواعد ، فيتحول الجمهور من مجرد كائن ساكن يتموقع ويتخندق خارج الركح ، الى امتداد للرؤية الفنية ، يحمل المخرج مسؤولية المشاركة الفعلية في المسرحية .

في هذا العمل المسرحي ، عمل السي عبد الرزاق على هدم القواعد المسرحية الموروثة ، ألغى الحدود الفاصلة بين الجمهور والفضاء المسرحي ، حيث تجاوز طموح الممثلين مجرد التشخيص الجيد والتحرك المقنن على الخشبة، ليتحركوا داخل الذهن ، يختبرون تفاعل الجمهور وذوقه الفني .

. في ” سوق لكلام” انهارت القوانين والأبعاد والحدود المتعارف عليها ، أصبح الجمهور امتدادا للرؤية المسرحية ، فاتسعت الخشبة واتاحت للممثلين فرصة أكبر للتحرك في فضاء واسع بكل حرية ، كما أتاحت لهم التألق في الارتجال l’improvisation ، دون أن تلغي الدور الجبار الذي قام به كل من السي عبد الرزاق مخرج المسرحية والسي بنقدورالسينوغراف , تصنف مسرحية ” سوق لكلام” في مسرح الكولاج ، وهو نوع تجريبي متجدد ، لا يشتغل على النص بالمفهوم التقليدي ،إنه مسرح يكسر الجاهز ويتمرد على كل البنيات النصية الثابتة ،. يمكن القول إن مسرح الكولاج بدأ في الظهور بوضوح في منتصف القرن العشرين مع تجارب المسرحيين الطليعيين الذين سعوا لكسر التقاليد المسرحية التقليدية واستكشاف أشكال جديدة من التعبير الفني. أحد الرواد في هذا المجال كان المسرحي الأمريكي روبرت ويلسون في الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي، حيث استخدم تقنية الكولاج في دمج النصوص، الموسيقى، والحركة لإنشاء أعمال مسرحية مبتكرة ومعقدة ، بشكل عام، يمكن القول إن مسرح الكولاج هو تطور طبيعي لتقنيات الكولاج في الفنون البصرية والرسم مع ظهور السريالية والتكعيبية والحركات الفنية الطليعية على المسرح في القرن العشرين. إنه مسرح يستخدم تقنية الكولاج في تشكيل العمل الفني، يعمل فيها المخرج على الجمع بين عناصر متفرقة أو مختلفة لإنشاء عمل فني متكامل، يتم تحقيق ذلك من خلال دمج مشاهد مختلفة، نصوص متنوعة، أساليب أدائية متعددة، وأحيانا حتى دمج أنواع فنية مختلفة مثل الرقص، الموسيقى، والفيديو.

. يمكن أن نحدد أهم خصائص الكولاج المسرحي في ما يلي :

  1. التنوع والتعددية: يجمع بين عناصر من مصادر متعددة، مما يعكس تعددية الأصوات والثقافات..
  2. الابتكار والتجريب: يشجع على التجريب بأشكال جديدة وتقديم تجارب غير تقليدية..
  3. التفاعل مع الجمهور: أحيانا يستخدم أساليب تفاعلية تجذب الجمهور وتجعله جزءا من العرض..
  4. تكسير الحدود التقليدية: يعمل على كسر القواعد التقليدية للمسرح ويقدم شكلًا جديدًا من الأداء الفني. بعد أن عرضنا لأهم خصائص هذا النوع من المسرح يمكن أن نظرح السؤال التالي :
  5. هل توفرت هذه الخصائص في مسرحية “سوق لكلام “؟ فعلا ، توفرت في مسرحية ” سوق لكلام” كل التقتيات والمواصفات التي تميز هذا النوع من المسرح الحداثي المتمرد ، وقد أشرنا سابقا كيف أن الفنان السي عبد الرزاق استطاع أن يكسر كل القواعد والحدود المميزة للمسرح التقليدي ، ألغى الفواصل بين الممثلين والجمهور، وقدم لعشاق المسرح طبقا فنيا رائعا ، تتناسق فيه كل الخصائص الفنية المعتمدة :
  6. المواضيع ، الصراع الدرامي، الصراع النفسي ، صراع القيم ، الموسيقى ، الملابس ، الديكور ، الرموز، الإنارة ..
  7. والجمهور الذي وظفه الفنان السي بنعيسى بطريقة ذكية ، حيث نظم مجلسه على شكل حلقة ، تذكرنا بحلقات جامع لفنا وباب سيدي عبد الوهاب ، وهكذا يؤكد الفنان المتمرد أن دخوله مجال الكولاج والتجريب ، لا يلغي أصوله المسرحية الفرجوية ، ذلك أن روح الحلقة باحتفاليتها تحضر بقوة في هذه المسرحية ، ما يدفعنا إلى القول بأن السي عبد الرزاق يمنح للحلقة كهوية مسرحية مغربية بعدها الحداثي لتساهم في بلورة رؤية فنية إبداعية ، تجعل من التغيير قيمة حتمية ، يؤسسها المثقف والفنان الطلائعي.
  8. . تستحضر مسرحية ” سوق لكلام ” ديوان ” سوق لهبال” للفقيد الزجال اليزيد خرباش ، عبر لوحات فنية تمزج بين الحركة والرقص والموسيقى والفيديو والإنارة ، دون سابق إعلان ، ودون دقات عصا مسؤول الكواليس Le brigadier تقتحم خلوة الجمهور مجموعة من” الكوالات” والمغنيات والراقصات ، يمسرحن بعض القصائد الزجلية للفقيد اليزيد خرباش ، تتكلم وتصرخ الحروف على لسان الكوالات للتعبير عن إشكالات وجودية محضة ، وفي تناسق مثير ، تتوالى المشاهد وتطرح قضايا الكولاج :الاسئلة والإشكالات الوجودية ، انتفاضة الماء ، نساء فجيج بالحايك ودورهن في هذه الانتفاضة ، غزة العزة وكل القضية الفلسطينية في بعدها الإنساني ، وأخيرا الحب كتجربة إنسانية ، ودوره في التغيير ، ينتهي العرض المسرحي بدعوة إلى الحب يلقيها بنعيسى على شكل صرخة مدوية داخل الحلقة.
  9. . استغل السي بنعيسى كل الإمكانيات التي توفرت له لخلق كولاج متناسق ومتميز ، عمل كمعد ومخرج للمسرحية إلى جانب السي بنقدور السينوغراف ومساعد المخرج بكل جدية ومسؤولية ، ليقدما لنا عملا فنيا راقيا قل مثيله في هذا الزمن الأغبر ، في مدينة الفراغ والغبار. أخيرا ننوه بالممثلين ، هم مجموعة من الشباب أناث وذكور يؤمنون بالتغيير ويعملون على إرساء قواعده ، لهم ذوق فني راق ، يحبون المسرح ويحون من أجله ، أبانوا عن قدرة هائلة في التشخيص واستفواو الجمهور ليبقى حاضرا بذهنه وذوقه وانفعالاته.
  10. رغم ضعف أوغياب الإمكانات المادية استطعتم كلكم ، أن تبرهنوا على أن قوة الإرادة تخلق المعدزة ، دمت رائعا السي بنعيسى إلى جانب السي بنقدور وكل فريق العمل

تعليقات الزوار ( 0 )

أضف تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية) .