بقلم ذ.محمادي راسي- جريدة البديل السياسي
لولا لطف الله ورفقه ورحمته لابتلع اليم شبه جزيرة بوقانا
&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&
(فاض البحر الأبيض المتوسط بعد المغرب من يوم 4أبريل ،وبعد الفجر من يوم 5 أبريل 2022م، حسب مد البحر وجزره ودواره و موجانه وارتفاعه وانخفاضه وتراجعه واضطراب غواربه ، ونحن في فصل الربيع المتصف بالاعتدال والسكون، نعم ؛يعرف فصل الربيع بعض المرابيع والمربع والعهادة ،ثم هو يرمز إلى العنفوان والريعان والشرخ ، ويقول المثل الإسباني ؛”en abril agua a mil ” ،يعني في شهر أبريل تكثر فيه الأمطار أحيانا….. ، وهذه السنة سنة 2022م امتازت بالتقلبات الجوية والمناخية ،ففصل الشتاء في بداية هذا العام صار ربيعا ، إن لم أقل صيفا ،لأنه عرف ارتفاع الحرارة والجفاف ، الناس عاموا في البحر، ولبسوا اللباس الصيفيّ من حيث ارتفاع درجة الحرارة ،وصلوا صلاة الاستسقاء بعلة الجفاف الذي حل في فصل الشتاء ، والفلاحون يئسوا وقنطوا من عدم نزول الغيث الذي يغيث العام لذلك قيل فيه :غيث مغيث ،ويسقي العباد والبلاد والبهيمة والنجم والشجر وجميع الكائنات الحية ، بل يغسل حتى الجماد والشوارع من الأدران ….اا، ويجعل البسيطة نشيطة بعد أن كانت أرضا مواتا ، أجل ،فالماء أصل الكون من العناصر الأربعة التي قال بها العلماء والفلاسفة ـــ وإن كان من يردها إلى خمسة ــــ بل هو الحياة بدليل قوله تعالى “وجعلنا من الماء كل شيء حي ” صدق الله العظيم .)
&&&&&&&&&&&&&
تعرضت بوقانا بعد المغرب لفيضان البحر، فوصلت المياه إلى منازل ساكنة حي” إعمرانن “بشكل فجائي ، لأن الساكنة كانت منزوية في منازلها بعد وجبة الإفطار ثم بعدها انتظار العشاء ــــ ونحن في شهر رمضان ـــ ثم الاستعداد لأداء صلاة التراويح أو صلاة القيام في شهر رمضان المعظم .
إن غياب الحاجز الرملي ساعد على وصول مياه البحر إلى المنازل ، ومهد لانسياب الماء وجريانه بسهولة بدون مانع ورادع، وقد تدخلت السلطات المحلية وموظفو المكتب الوطني للكهرباء ورجال الوقاية المدنية ليلا ؛ لتفقد الساكنة بوضع حواجز رملية لصد المياه بواسطة المجارف والمحافر ، وفي الفجر وقع المد مرة ثانية ، فوصلت المياه إلى الحي القريب من المسجد وحي “إقيشاح “،وبعض المنازل نفذ إليها الماء ، وبادرت بلدية بني انصار برئاسة رئيس المجلس البلدي وأعوانه في مختلف المصالح إلى حفر ترعة في الطريق بآلة الحفر والمجرفة ،لإخراج مياه البحر المتوسط إلى مياه البحيرة ، لا شك أن بعض الأسر أصابها الهلع وربما فكرت في الرحيل إلى بني انصار، بل بعضها رحلت إلى حيث أهلها ، وسبق لي أن كتبت عشرات من المقالات حول بوقانا ، وكنت أشير في بعضها إلى فيضان البحر وقت هيجانه ،منبها إلى أنه لابد من وضع حاجز متين أو سد عال لرد مياه البحر ؛من ميناء بني أنصار إلى حيث الساكنة وذلك أضعف الإيمان ، ولكن ليس هناك آذان صاغية ، وقد سبق لنشرات تلفزية إسبانية أن تحدثت عن ارتفاع مياه البحر الأبيض المتوسط في منطقة البوران أو البرهان ، استبعد فيها بعض المهتمين بالمناخ والأرصاد الجوية حدوث التسونامي …أشارت تلك النشرات إلى ارتفاع مياه البحر إلى خمسة أمتار ،ليرتفع منسوب المياه إلى 30سنتم في الساحل ،وذلك قبل عشرة أيام، قبل وقوع فيضان البحر في بوقانا في الرابع من الشهر الجاري ،كما أن البحر كبد خسائر مادية في المدن الإسبانية القريبة من الساحل ،وفي إحدى المقالات كتبت عن البحيرة أشرت ؛”جغرافيا هذه البحيرة حدث جغرافي طبيعي ـــ وكذلك ثيزرث ــ هي ابنة البحر الأبيض المتوسط ، ظهرت في القرن السادس عشر ثم في السابع عشر جراء “تسونامي”/مد بحري / عن طريق زلزال في 1522م وزلزال 1680م وقد غمرت المياه “ثيزرث ” فغرق كل القاطنين الذين كانوا قلة عبارة عن دواوير ،ثم بعد ثلاث سنوات أو أكثر رجعت مياه البحر فظهرت” ثيزرث ” من جديد كما تذكر بعض الروايات والله أعلم ….؟؟ ،”وفي مقالة من وحي الحي الحومات والمداشر رقم 19″ بوقانا ” كتبت ؛”عرف الشاطئ هيجان البحر وفيضانه في الخمسينات والثمانينات والتسعينات وفي بداية هذا القرن خسائر في الدواجن والماشية وما غرس في العرصات ، وفي إحدى فيضانات الأربعينات اختلطت مياه البحر مع مياه الأمطار إذ يصعب الخروج والمشي ، والبعض أصابهم العطش، وقد شربوا من ماء المطر الذي ينزل من السطح عبر “ثجّست” الشبيهة بالحلفاء أو الدوم، كانت تستعمل في سقف سطوح البيوت التي كانت من طين ووحل وخشب وأعمدة الباهرة وغيرها ،لانعدام المياه العذبة التي كانت في آبار لا يتعدى عمقها مترين تصفيها الرمال ،ولكن غمرتها مياه البحر بسبب الفيضان ….”، …….وكان هناك فيضان في نهاية فبراير 1990م ،وصلت المياه أيضا إلى المنازل ، فهيئت القوارب لأجل الرحيل ، والسلطات المحلية غائبة لا تقوم بزيارات تفقدية للاطلاع على أحوال الساكنة ،كما لفظ البحر في القرن الماضي بعض البواخر كالباخرة المليئة بالتفاح الذي وصل إلى السكة الحديدية الفرنسية أسفل البلدية وحتى النساء تغنين بذلك :
أميمونت نعويشة موقبوز نتفاح / أمنع ذيس أميمون غرك أذشرح.
ولفظ باخرة مليئة بالقمح ،وسفينة “سانت أنا ” قذفتها الرياح إلى ساحل بني انصار ، وباخرة مليئة بالتبغ .
الساكنة دائما حينما تحس بالخطر تقوم باحتياطات واستعدادات للرحيل إلى بني انصار، لأنها أخذت العبرة من الفيضانات السابقة وتقول الرّاوية ؛
لويزة نعمار ،
أعدس انتمروشت ،
أمنع ذيس أقدور ،
ربحر أقيوشت ،
الرايس محند ،
عرقبد أشتخسي ،
ربحار أقيسفيد ،
يوض سيذي أعري . = أي سيدي علي تمكارت /أطلايون /
خاتمة واستنتاج
ــــــــــــــــــــــــــ
بداية هذه السنة لاحظنا تناقضا واضحا من حيث المناخ ، وتداخلا جليا بين الفصول الأربعة ،فالشتاء تحول إلى ربيع ، والربيع تحول إلى شتاء ، ولا ندري ماذا سيأتي مستقبلا ؟؟ ،في بداية الربيع هطلت أمطار غزيرة إلى أن تسببت في فيضانات عارمة ،أدت إلى خسائر مادية ، وسقطت ثلوج كثيفة، لم تسقط في فصل الشتاء ، هبت رياح قوية غربية وشرقية ونكباء ،السماء تلبدت بالغيوم الكثيفة وبلون أغبر ، ونزلت الأمطار ممزوجة بالتراب ، الناس اعتمدوا على الإنارة في المنازل نهارا للاستضاءة ،والبعض من التجار أغلقوا الدكاكين نهارا أيضا بسبب الغبار،وكانت عواصف مثل “دانا” و”إيبلين ” و”سيريل” هي التي تسببت في سقوط أمطار غزيرة ،فوقعت فيضانات قوية ، ألحقت خسائر مادية فادحة ،وأتلفت المزروعات والمغروسات ، وغيرت بنية الضيعات .
هل أصبحت الفصول الأربعة تتغير لا تسير وفق دوران الأرض ؟هل هناك خلل في دوران الأرض ؟….لا أدري ، المناخ يتغير ويتقلب ،المزروعات والمغروسات لها أوقاتها ومواسمها، وكذلك المحاصيل والغلات تكون لذيذة في وقتها وفصلها ، حتى الأسماك لها مواسم ظهورها …ولكن الإنسان يعمل على إيجاد الغلات في غير وقتها لأجل الربح …ويساهم في تغيير المناخ وتلويث البيئة …… العالم اليوم يواجه التغير المناخي الذي يهدد الإنسانية ، يراه بعض المفكرين المهتمين بالبيئة والكون والدراسات المستقبلية ؛ من أنه يشكل خطرا كبيرا أكبر من القنبلة النووية.
الظواهر الطبيعية من أعاصير وزوابع وعواصف وزلازل و”تسوناميات ” وغيرها من التقلبات الجوية، وما يترتب عنها من خسائر فادحة ،هل يمكن منع حدوثها ؟ ، وهل يستطيع الإنسان محاربتها بمختلف القنابل والأسلحة التي يصنعها ؟؟؟ ، على دول العالم أن تصرف أموالها في دراسة التغير المناخي والظواهر الطبيعية ،وتعمل على بناء الإنسان والمجتمع والدولة ، وربط العلاقات الإنسانية البناءة ،وصرف الأموال في التربية والتعليم والصحة ،وتشجيع البحث العلمي ، والتعاون اقتصاديا /اجتماعيا /ثقافيا/ سياسيا /صحيا / إداريا /أمنيا …….وكل ما يخدم المجتمع ،وعليها أن تبتعد عن الأطماع والتوسع والحزازات والحقد والإحن والغزو بالاعتماد على الحروب ، ونحن في القرن الواحد والعشرين ،فالمسؤول اليوم أو الحاكم يلزم أن يكون؛ مثقفا واعيا متواضعا ،وسياسيا متسامحا متريثا متزنا مبادرا إلى حفظ السلام والأمن ،معتمدا على الحوار والتفاهم لنشر السلم ،وربط علاقات أخوية من أجل بناء الإنسان والمجتمع والوطن ، لا من أجل الهدم والتخريب والدمار والهلاك ، ورفع شعار ” أنا ومن بعدي الطوفان “.
تعليقات الزوار ( 0 )