الكاتبة :حليمة صومعي- جريدة البديل السياسي
الانتخابات في المغرب، إرادة شعب وحكومات فقدت كثيرا من مقومات الصلاح والرشد.
تعتبر الانتخابات عملية مؤسسية ذات أبعاد واسعة على نظام الدولة، فهي الآلية التي يستطيع بها شعب معين اختيار من يقوده ويوجهه، ويصيغ له سياسات ناجحة تستطيع أن تجعل الوطن ينعم بأسس قانونية وديمقراطية وتحقيق مجموعة من الغايات الاجتماعية والاقتصادية تتيح للشعب العيش بأمان وبرفاه. لكن للأسف فكثير من المقومات أصبحت مفقودة في معظم انتخابات كثير من الدول، فمن أهم الأشياء التي تجعل الانتخابات غير نزيهة في كثير من الدول خصوصا العربية منها هو الشفافية والمصداقية، بحيث تعتبر الشفافية عامل مهم من عوامل النزاهة وصدق العملية الانتخابية والنظام السياسي بلا شفافية يصبح مجالا للعبث والفساد والشفافية هي التي تكشف كل التلاعبات التي يمارسها الفاسدون ولا تترك مجالا للخداع أو التضليل.
فهي إرادة شعب ليختار من يمثله من السياسيين ليشقوا للوطن طرقا آمنة وصحيحة:
“فهي إرادة الشعب هي مصدر سلطة الحكومة، ويعبّر عن هذه الإرادة بانتخابات نزيهة وشفافة تجري على أساس الاقتراع السري وبشكل دوري وعلى قدم المساواة بين الجميع أو حسب أي إجراء مماثل يضمن حرية التصويت” .
فمن أهم مقومات الانتخابات النزيهة هي المصداقية والشفافية اللتان يعتبران الأسس الكبرى لها، وبغيرهما يستحيل تحقيق لأي اختيار صحيح بل فالعملية تتهدم من أساسها، وهذه الشفافية تمكن من كشف كل التلاعبات كما أن المساءلة تجعل كل منتخب يحرص على النزاهة مخافة العقاب.
“فالنظام الذي يتمتع بالنزاهة هو نظام يتمتع بالشفافية وهي تجعل من الهياكل التنظيمية وفعالياتها وقراراتها متاحة أمام الجميع وسهلة الفهم وسيكون من الصعب العمل بموجب نظم تتيح المجال أمام سوء استخدام الصلاحيات أو الفساد ، أو الدفاع عن تلك النظم. وعليه يجب أن يكون القائمون على إدارة الانتخابات مسؤولين عن قراراتهم المتعلقة بإدارة الانتخابات، بحيث يمكن محاسبتهم عليها وفي الوقت ذاته، يجب أن يخضع المشرعون المنتخبون للمحاسبة بشأن مضمون القوانين التي يقرونها ومستويات التمويل التي يعتمدونها للانتخابات”.
فعلى مستوى المغرب نجد كثيرا من المنتخبين يخوضون الانتخابات من أجل مصالحهم وليس لصالح شعبهم، ليحققوا مكاسب ويغتنوا على حساب الكادحين والفقراء. فهم إلى جانب الأموال التي يوفرها لهم الكرسي من حكومتهم، يضيفون إلى ذلك مكاسب من اختلاسات وتجاوزات مالية، لا يسعون بأي شكل من الأشكال لخدمة الوطن، لأن مصلحة الوطن ليست ضمن خياراتهم. فيستولون على كرسي ليسوا أهلا له ثم يبدؤون بتخطيطات الفساد وعيونهم على المال العام، فيقيمون علاقات مع مختلف الرؤوس الفاسدة ويكونون خلايا كبرى للنصب والاختلاس سواء بطرق مباشرة أو عن طريق تمرير المشاريع وبيع المناصب. ويقول يحيى طربي:
“لا حديث في الشارع المغربي وفي المحاكم والصحافة الورقية والإلكترونية وعلى قنوات يوتوب ومنصات التواصل الإجتماعي وداخل الجمعيات الحقوقية إلا عن اختلاس المال العام، تبذير المال العام، تبييض الأموال، غسيل الأموال، تهريب الأموال، الإرشاء، الاستيلاء على أراضي الدولة … و أغلب المتورطين من المنتخبين. متهم، يدل على وعي جماعي بمصير ومستقبل المال العام الوطني، خاصة الميزانيات التي تخصصها الدولة لتنزيل السياسات والبرامج التنموية. كما أنه يدل كذلك على رغبة جماعية في حماية أموال الشعب والدولة القطع مع الفساد وسياسة الريع اللذان يعيقان التنمية ويضران بمصالح الوطن وسمعة البلاد”.
وهذا يعود إلى وجود ثغرات على مستوى العملية الانتخابية، لعدم وجود هيئات تباشر هذه العملية ترقى لمستوى التطلعات، فمن الواجب على الأطر السياسية بالمغرب أن تبدأ في تطوير الهيئات الاستشارية التي تعمل على مستوى قرارات الانتخابات وتفعيل الشفافية بشكل واسع وأيضا يجب أن يلتزم السياسيون ببعض السلوكيات الأخلاقية وعدم المساس بالضوابط القانونية.
فالمغرب لن يستقيم حاله إلا بإصلاح النظام الانتخابي، حتى يستطيع أن يتحصل على منتخبين يخدمون الوطن ولا ينهبونه، لأن المغرب يحتوي على مؤهلات وموارد كبرى تضيع بين نهب وسلب منتخبين عديمي الضمير، ويضيف يحيى طربي بهذا الصدد:
إن المغرب مؤهل، اليوم، للتفوق ديمقراطيا و اقتصاديا على كل الدول الإفريقية والعربية خاصة إذا تم القضاء نهائيا على الريع و الفساد… ولقطع الطريق على مثل هؤلاء وإعادة الثقة في الذين يسيرون الشأن العام والمحلي إما أن يعين الملك شخصيا النواب البرلمانيين والجماعيين كي يكونوا عند حسن ظن جلالته
تعليقات الزوار ( 0 )